العشر من ذي الحجة كيف نعيشها؟
عبد الوهاب عمارة
فما أصعَبَ على قلب المؤمن أنْ يُودِّع وفدَ الحجيج وقد حُرِمَ هو من هذه الرِّحلة والحزن بادٍ على قسمات وجهِه، ودُموع الأَسَى تهطل من مُقلتَيْه! فهل لك أنْ تحجَّ وأنت في بيتك؟
إنْ أردت ذلك فاقرأ منِّى تلك البشرى، إنها لأمثالك ممَّن حبَسَهم عذرُ ضِيق ذات اليد، ومنَعَهم عدَم الاستِطاعة من رفقة الوافِدين على الرحمن - تبارك وتعالى.
يَا سَائِرِينَ إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ لَقَدْ *** سِرْتُمْ جُسُومًا وَسِرْنَا نَحْنُ أَرْوَاحَا
إِنَّا أَقَمْنَا عَلَى عُذْرٍ وَقَدْ رَحَلُوا *** وَمَنْ أَقَامَ عَلَى عُذْرٍ فَقَدْ رَاحَا
يَا رَاحِلِينَ إِلَى مِنًى بِقِيَادِي *** هَيَّجْتُمُ يَوْمَ الرَّحِيلِ فُؤَادِي
سِرْتُمْ وَسَارَ دَلِيلُكُمْ يَا وَحْشَتِي *** الشَّوْقُ أَقْلَقَنِي وَصَوْتُ الْحَادِي
إنَّ من فضل الله على عباده أنْ جعَلَ لهم فُرَصًا حتى يتقرَّبوا إليه بالطاعات، ومن مَزِيدِ فضله أنْ أعلَمَهم بهذه الفُرَص، ومنها العشر من ذي الحجَّة، والله - سبحانه وتعالى - فضَّل بعضَ الأماكن على بعضٍ؛ ففضَّل مكَّة على سائر البِلاد، وفضَّل بعض المساجد على بعض؛ ففضَّل المسجد الحرام، وأعدَّ الثواب العظيم لِمَن حجَّ بيتَه الحرام، ومن رحمته لم يُكلِّف بهذه الفريضةِ غيرَ المُستَطِيع، ومن مزيد فضله لم يحرم الله غيرَ المستطيع الذي حبَسَه العذرُ من مشاركة حُجَّاج بيته الحرام من الأجر والثَّواب ومشاركتهم في مَناسِكهم، وإذا كان الحجَّاج يَعِيشون كلَّ معاني التقوى والإيمان وينقلونها إلى بقيَّة الأمَّة، فإنَّ الله - عز وجل - أراد لِمَن لم يُكتَب له الحجُّ أنْ يعيشَ هذه المعاني التي يعيشها الحاجُّ، وليس هذا عن طريق السَّماع فحسب، بل شرَع الله - عز وجل - لنا وسائل تجعَلُنا نَعِيشُ نفسَ مَشاعِر الحجَّاج، وفي نفس الوقت الذي يؤدُّون فيه مَناسِكهم.
فقد شرَع الله - عز وجل - لنا أعمالَ خيرٍ وبِرٍّ، وطاعةٍ وعبادة، خاصَّة في أيَّام الحجِّ؛ ففي نفس الوقت الذي يكون فيه الحاجُّ في مكَّة يؤدِّي المناسك تكون أنت في بلدك بعيدًا عن مكة بمئات أو آلاف الأميال، ومع هذا تُحصِّل من الأجرِ الكثيرَ والكثيرَ، لدرجةٍ تعلو فيها على المجاهد، إلاَّ أنْ تبذل النفس بكاملها والمال بكامله في سبيل الله، فهذه أعظَمُ عشرة أيَّام في العام كله، وهذه الأيَّام ليست للحجَّاج فقط، بل إنها لعموم الأمَّة؛ حتى يعيش المسلِمون مع إخوانهم الحجاج الجوَّ الإيماني الذي يَعِيشونه.
تعظيم المكان والزمان:
فمع تَعظِيم أماكن الحج عظَّم الله زمانَ الحجِّ؛ ففضَّل أيَّام الحج على غيرها من الأيَّام حتى تتنزَّل الرحمةُ على الحاجِّ المستَطِيع، وكذلك على مَن حبَسَه العذرُ وصدَق في نيَّته فحجَّ بقلبِه.
فكما نهى عن الظُّلم بارتِكاب المحرَّم في المكان فقال - تعالى -: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )[الحج: 25].
كذلك نهى عن الظُّلم بارتِكاب المحرَّم في زَمان الحجِّ؛ فقال - تعالى -: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) [التوبة: 36].
وكما كان مكان الحج مقدَّسًا وهو بلدٌ حَرام؛ أي: حَرام فيه القتال، والذَّنب فيه أشد عقوبَة، كذلك زمان الحج فهو شهر حَرام؛ أي: حَرام فيه القتال، والذَّنب فيه أشد عقوبة، ففي الشهور الحرم تُغلَّظ فيها الآثام كما تُغلَّظ فيها الدِّية عند الإمام الشافعي وغيره.
ومعنى (حَرام)؛ أي: إنَّ المعصية فيها أشد عقوبة والطاعة فيها أكثر ثَوابًا؛ "تفسير الفخر الرازي" "الشيء بالشيء يُذكَر فقال الرازي: قال أهل العلم: الواجب على المسلمين بحكم هذه الآية أنْ يعتَبِروا في بيوعهم ومُدَد ديونهم وأحوال زَكواتهم وسائر أحكامهم السَّنة العربيَّة بالأهلَّة، ولا يجوز لهم اعتِبار السَّنة العجميَّة والروميَّة".
( فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) [التوبة: 36] بفعل المعاصي وترك الطاعات؛ فتركُ الطاعات وفعلُ المعاصِي في هذه الأيَّام ظلمٌ للنَّفس.
وقد أقسَمَ الله - عز وجل - بهذه الأيَّام كما جاء في قول الحق - تبارك وتعالى-: ( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [الفجر: 1 - 2].
وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية: ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [الفجر: 2] قال: والصواب من القول في ذلك عندنا: أنها عشر الأضحى؛ لإجماع الحجَّة من أهل التأويل عليه؛ "جامع البيان في تأويل القرآن"؛ للطبري.
وقال الرازي: اعلَم أنَّ هذه الأشياء التي أقسَمَ الله - تعالى - بها لا بُدَّ وأنْ يكون فيها إمَّا فائدة دينيَّة؛ مثل كونها دلائل باهرة على التوحيد، أو فائدة دنيويَّة تُوجِب بعثًا على الشُّكر، أو مجموعهما؛ تفسير الفخر الرازي، المشتهر بـ"التفسير الكبير" و"مفاتيح الغيب".
وأكَّد ذلك ابنُ كثيرٍ في تفسيره لهذه الآية بقوله: والليالي العشر: المراد بها عشر ذي الحجة، كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغيرُ واحد من السَّلَف والخَلَف، وهذا هو الصَّحيح عنده.
وهنا يُمكِن القول: إنَّ فضلَ الأيَّام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحًا في القرآن الكريم الذي سمَّاها بالأيَّام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها؛ ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) [الحج: 28].
قال ابن كثيرٍ في تفسيره لهذه الآية: " وقوله: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) [الحج: 28] قال شُعبة وهُشَيْم عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس: الأيَّام المعلومات: أيَّام العشر، وعلَّقَه البخاريُّ عنه بصيغة الجزم به، ويُروَى مثله عن أبي موسى الأشعري، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والضحَّاك، وعطاء الخراساني، وإبراهيم النَّخعي، وهو مذهب الشافعي، والمشهور عن أحمد بن حنبل.
قال الرازي: أكثر العُلَماء صارُوا إلى أنَّ الأيَّام المعلومات عشر ذي الحجَّة، والمعدودات أيَّام التشريق، وهذا قول مجاهد وعطاء وقتادة والحسن، ورواية سعيد بن جبير عن ابن عباس، واختيار الشافعي وأبي حنيفة - رحمهم الله - واحتجُّوا بأنَّها معلومةٌ عند الناس لحِرصِهم على علمها من أجل أنَّ وقتَ الحج في آخِرها.
ثم للمَنافِع أوقاتٌ من العشر معروفة؛ كيوم عرفة، والمشعر الحرام وكذلك الذبائح لها وقتٌ منها؛ وهو يوم النحر؛ تفسير الفخر الرازي، المشتهر بـ"التفسير الكبير"، و"مفاتيح الغيب".
ذكْر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لها:
روى البخاري عن ابن عباسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((ما العملُ في أيَّام العشر أفضل من العمل في هذه))، قالوا: ولا الجهادُ؟ قال: ((ولا الجهادُ، إلاَّ رجلٌ خرَج يُخاطِر بنفسه وماله فلم يَرجِع بشيءٍ)).
ولفظ الترمذيِّ عن ابن عباسٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من أيَّامٍ العملُ الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيَّام العشر))، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا الجهادُ في سبيل الله، إلاَّ رجلٌ خرَج بنفسه وماله فلم يَرجِع من ذلك بشيءٍ)).
وفى الباب عن ابن عمر وأبى هُرَيرة وعبد الله بن عمرو وجابر.
قال أبو عيسى: حديثُ ابن عباسٍ حديثٌ حسن صحيح غريب.
فالجهاد أفضَلُ الأعمال، ويتَّضِح هذا جليًّا من سؤال الصحابة للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقد حُرِمنا من الجهاد في بلادنا، والعمل الصالح في هذه الأيَّام العشر أفضل من الجهاد في سبيل الله، خلا مَن خرَج بنَفسِه وماله ولم يَرجِع بشيءٍ منهما.
كيف نعيش هذه الأيَّام العشر؟
أوَلستَ تَزعُم أنَّك تُرِيد أنْ تحجَّ؟ فإنْ كنتَ صادِقًا فعِشْ وكأنَّك في الحج، وكأنَّك في مكَّة عند الكعبة، حجَّ بقلبك، فلو صَدقَتِ النيَّة لَعِشتَها بقلبك، ولأُجِرتَ عليها من الله.
أوَما عَلِمتَ أنَّ الطريق إلى الله - تعالى - تُقطَع بالقُلُوب لا بالأبدان؟! فيبلغ المرء بنيَّته ما لا يَبلُغه بعمله؛ فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك حَثَّ الصَّحابة على الإنفاق في سبيل الله وعلى الجهاد، فجاءه الضُّعَفاء والفُقَراء من المسلمين ليَحمِلهم معه، فاعتَذَر لأنَّه لا يجد ما يَحمِلهم عليه، فماذا كان شعورُهم؟ هل قالوا في أنفسهم: عَمِلنا ما علَيْنا، ورجَعُوا وهم فَرِحُون، أو أنَّ قلوبهم تمزَّقت حزنًا وألَمًا لأنهم لا يَجِدون ما يُنفِقون؟
اسمَع كيف وصَف القرآنُ مشاعرَهم: ( وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ) [التوبة: 92]، فكان جَزاء صِدقِ نيَّتِهم أنْ أشرَكَهم في الأجر والثَّواب مع مَن غزَوْا وجاهَدُوا في سبيله؛ فعن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجَع من غزوة تبوك فدَنَا من المدينة فقال: ((إنَّ بالمدينة أقوامًا ما سِرتُم مَسِيرًا ولا قطعتُم واديًا إلاَّ كانوا معكم))، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: ((وهم بالمدينة، حبَسَهم العُذْرُ))؛ رواه البخاري واللفظ له، ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
فمَن حبَسَه العذرُ عن الذَّهاب إلى مكَّة لحجِّ بيت الله الحرام وهو صادِقٌ في نيَّته فليَعِش كما يَعِيش الحاجُّ، وليتمثَّل أخلاقَ الحجَّاج ومَشاعِرهم، وعلى الله الأجرُ والثَّواب، وهل سأَلتَ نفسك سؤالاً: كيف عاشَ الصحابة الذين رجَعُوا ولم يَغزوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ هل كانوا في عِصيانٍ؟ أم على طاعةٍ ودُعاء لنُصرَة النبيِّ وصحبه؟ كيف حال مَن سمَّاهم القرآن بالبكَّائين؟ كذلك لا بُدَّ أنْ يكون حالُك كحال البكَّائين حتى تكون مثلَهم في الأجر والثَّواب وتَنال بنيَّتك مالم تنَلْه بعملك، ولئن حُبِستَ هذا العام عن الحجِّ فارجِع إلى جِهاد نفسك لا يحبسنَّك عنه الشَّيطان، ولئن كان البيت الحرام بعيدًا عنك فاقصد ربَّ البيت الحرام؛ فهو أقرَبُ إليك من حبل الوَرِيد، وعِشْ مع الحجيج بقلبك وروحك في كلِّ منسكٍ من مناسك الحج؛ فإذا ركب السائرون سفينة الذَّهاب إلى بيت الله الحرام فاركَبْ أنت سفينةَ الطاعة إلى جنَّة الفردوس، وكما أنَّ الحجَّاج لا يُضيِّعون وقتًا ولا يَصرِفونه إلاَّ في طاعةٍ، فكن مثلَهم في طاعةٍ دائمًا، وإذا كانوا يَخافُون من الله أنْ يعصوه في بلده الحرام فخَفْ من الله أنْ تعصيه في الشهر الحرام.
وإذا أحرَمَ الحجيج من المِيقات فليُحرِم قلبك عن كلِّ ما يُغضِب الله - تعالى - من حقدٍ وغلٍّ وكراهية، واخلَع مع الحجيج ثِياب المعصية والزُّور والبُهتان، وتحلَّ بلباس التقوى والإيمان؛ ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) [الأعراف: 26].
وإذا طافُوا حولَ الكَعبة هناك فليَعرُج قلبك وروحك لتَطُوف مع الملائكة الكِرام حولَ البيت المَعمُور في السَّماء مُستَعلِية على الدُّنيا وحَقارتها وسفاسف الأمور، وطُفْ أنت هنا معهم في مِحراب الصَّلاة.
وإذا سعَوْا بين الصفا والمروة فاسعَ أنتَ هنا لقَضاء حَوائِج النَّاس؛ عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أحَبُّ الناس إلى الله أنفَعُهم، وأحَبُّ الأعمال إلى الله - عز وجل - سرُورٌ تُدخِلُه على مُسلِم أو تَكشِف عنه كُربةً، أو تَقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُد عنه جُوعًا، ولَأَنْ أَمشِي مع أخي المُسلِم في حاجةٍ أحبُّ إلَيَّ من أنْ أعتَكِفَ في هذا المسجد شهرًا، ومَن كفَّ غضَبَه ستَرَ الله عَوْرتَه، ومَن كظَم غيظًا ولو شاءَ أنْ يُمضِيه أمضاه مَلَأَ الله قلبَه رضًا يوم القيامة، ومَن مشَى مع أخيه المسلم في حاجَتِه حتى يُثبتها له أثبَت الله - تعالى - قدَمَه يوم تزلُّ الأقدام، وإنَّ سوء الخلق ليُفسِد العملَ كما يُفسِد الخل العسل))؛ أخرجه الطبراني وابن عساكر وابن أبي الدنيا، وحسَّنه الألباني.
وإذا كانوا يُقبِّلونَ الحجرَ الأسودَ فقَبِّل يدَيْ والدَيْك وبرَّهما؛ فهما باب الجنَّة، وإذا كانُوا يشرَبُون ويغتَسِلون من زمزم فاغسِل وجهَك وطهِّر قلبك بدموع التوبة.
وحين يَقِفُ الحجيج على عرفات رافِعِين أكفَّ الضَّراعة إلى الله - عز وجل - فليَصعَد قلبُك على أبواب السَّماء، ويخر ساجدًّا لله سجدةَ انكسارٍ وفقرٍ وتذلُّلٍ لا يرفَع منها إلى يوم القِيامة، وقِفْ أنت هنا على حُدودِ الله، واجعَل بينك وبين المعصية حِجابًا.
وحين يتَزاحَم الحجيج لرَمْي الجمرات، فليَرْمِ قلبُك كلَّ ما علق به من شَهوات الدُّنيا وملذَّاتها، وتطرد روحك كلَّ ما يُطارِدها من وَساوِس الشيطان.
وإذا قدَّمُوا الهديَ فقَدِّم الأُضحِيَة طيِّبةً بها نفسُك وبِعْ نفسَك لله؛ ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [التوبة: 111].
يتبع
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك