التجارة الإلكترونية
محمد هادفي
إن التطرُّق إلى هذه المسألة هو من زاوية حلولها في حياتنا العملية واقتلاعها لمكان لابأس به، جعلها فعلاً مسألة تستحق الملاحظة والدرس حتى نَخلص إلى ما يجب أن يكون علينا اتباعه في التعامل معها؛ حيث أرى أن المبادلات والتجارة الإلكترونية في تعريفها لا بد أن نقسمها إلى جزأين اثنين:
الأول يتمثَّل في المبادلات الإلكترونية، وهي ببساطة عبارة عن إرسال وتبليغ وثائق إلكترونية عن بعد؛ أي: من مسافة إلى مسافة، ومن شخص إلى شخص آخر، أو من مجموعة أشخاص إلى مجموعة أشخاص؛ وذلك بناءً أو استنادًا إلى مقدم تلك الخدمة، من باب أن جميع الأشخاص المستعملين لها يكونون مسجلين لديه وفق آلية شهادة المصادقة الإلكترونية أو الإمضاء الإلكتروني الذي يؤكد أن الوثائق الإلكترونية المتداوَلة صادرة عن شخص معيَّن وليس شخصًا افتراضيًّا وهميًّا.
ومن هذا المنحى تأخذ هذه المسألة عمقها وجديتها؛ حيث إن سرعة تداول المعلومات أو الوثائق الإلكترونية وفق هذه الآلية جعلتها أرضية مُناسبة لممارسة صنوف التجارة؛ أي: التجارة الإلكترونية، وهذا ما يمهد للتعريف بهذا المصطلح وهو الجزء الثاني من هذه المسألة؛ حيث إنها ببساطة تتمثل في القيام بعمليات تجارية؛ أي: بيع وشراء إلكتروني - أي: عن بعد - وذلك بتمام وكل أجزاء أو جزئيات عقد البيع من ثمن ومبيع وبائع ومشتري واستلام وتسليم.
إن المتأمل في عقود البيع الكتابية الأصلية يلاحظ أن تمام البيع كما يجب أن يكون - أي: دون نزاعات أو تعطيل - يبقى خاضعًا إلى جملة من المقاييس، لعل أهمها هو البيع وفق آلية التسليم الآني للمبيع والثمن وفق آلية اختبار المبيع وضمان سلامته من العيوب، من هنا نلاحظ أن التجارة الإلكترونية هي أداة ووسيلة قد تُساعد وتُيسِّر عمليات التبادل والعرض والطلب، وقد تؤدي إلى إبرام عمليات تجارية صحيحة وواقعية وفاعلة، خاصة إذا كان التجار لهم شهادة المصادقة الإلكترونية ومنظومة الإمضاء الإلكتروني التي تدقِّق هوياتهم، وتضمن مسؤوليتاهم عن كل تقصير في نجاح إبرام العقد، لكن تبقى هذه المنظومة قابلة للاختراق، وشديدة التعقيد في إجراءات التتبع والتعويض في صورة طلب الفسخ أو البطلان.
المبادلات والتجارة الإلكترونية مبدأ صحتها وفاعليتها وثيقة إلكترونية مشهود بمصداقيتها مع إمضاء إلكتروني مشفَّر، لكن تبقى محدودية فاعليتها وصحتها في قابليتها للاختراق والتجاوز، وهذا ما يدفع إلى ضرورة توخي أسلوب تقصي المصداقية في أعلى درجاته.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك