سرعة الموافقة على فسخ الخطبة
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
السؤال:
♦ الملخص:
فتاة فسَخت خِطبتها وتفاجأتْ بأن خطيبها لم يراجعها في موقفها، بل وافق بسرعة ولم يتردَّد في الفسخ، وكأنه كان ينتظر هذا الأمر.
♦ التفاصيل:
منذ فترة تَمَّت خِطبتي، ولكن حدث خلاف على أثره اتخذتُ قراري بالاعتذار عن استكمال الخِطبة، ولكن أصابني ألَمٌ شديد لم أستطع تجاوزه، لم أستطع تجاوز إحساس أن هذا الشخص لم يتمسك بي مطلقًا، لم يراجعني، لم يسألني عن أسبابي، بدا وكأنه كان ينتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر، مع العلم أنه كان يقنعني أنه يحبني، وكان هو مَن يسأل عنى دائمًا ويتصل بي ويتحدث معي، دائمًا كان هو المبادر، فلماذا كان يفعل هذا وهو لا يحبني ولا يريد استمراري؟ وبمجرد أن طلبتُ الابتعاد، بدا كأنه واتتْه فرصةٌ لا ينبغي أن تَضيع.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فيبدو واضحًا أنكِ حساسة وعندكِ شيء من الغضب والعَجَلة في اتخاذ قراراتكِ، وإلا فليس من الحكمة إلغاء الزواج لمجرد مشكلة طارئة؛ فالحلول لمن يتروى كثيرة، وهذا ليس من باب التأنيب، ولكني أقوله للتروي مستقبلًا، ولكي تتريَّثي في اتخاذ قراراتكِ، وتستخيري الله، وتستشيري أهل الرأي والحكمة قبل الإقدام، وعمومًا عليك الآن أن تتذكري الآتي:
أولًا: أن ما حصل قضاء وقدر كتبه الله؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].
ثانيًا: أن ما حصل قد يكون خيرًا لك؛ قال سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
ثالثًا: أن انصراف هذا الزوج ليس مصيبة، بل لأنه لم يُكتب لكِ، وأن الزوج المكتوب لن يرده أحد مهما كان.
رابعًا: سرعة مبادرته لترككِ دون استفسار أو محاولة، تدل على أنه قد يكون حساسًا مثلكِ، أو عجولًا وسريع الغضب، وغير مناسب لكِ.
خامسًا: تذكَّري أهمية الاسترجاع في هذه المواقف بإيمان وصدق، وتأملي حديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها، إلا أجره الله تعالى في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها، قالت: فلما مات أبو سلمة، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن أبا سلمة قد مات، قال: قولي: اللهم اغفِر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة، فقلت، فأعقبني الله من هو خير لي منه: محمدًا صلى الله عليه وسلم))؛ [رواه مسلم]. وبعض الناس يظنون أن الاسترجاع لا يُقال إلا في مصيبة الموت، وهذا غير صحيح، بل يُقال ولو في أصغر مصيبة.
سادسًا: لا تستسلمي للحزن والأفكار المقلقة، وبدلًا منها أكثري من أهم ما ينفعكِ، ويكون سببًا لتسليتكِ وتفريج كربكِ؛ وهو الآتي:
♦ الصلاة.
♦ الدعاء.
♦ والاستغفار.
♦ والاسترجاع.
♦ والصدقة.
♦ والإكثار من تلاوة القرآن.
سابعًا: لا أنصحكِ بالتعلق برجل انصرف عنكِ، بل أنصحكِ بنسيانه، فليس من الحكمة التعلق برجل ترككِ ونسيكِ، فهذا التعلق مجرد تعذيب للنفس، وكآبة وركض وراء السراب.
ثامنًا: قلتِ أنكِ لا تدرين: هل كان ينتظر هذه الفرصة ليترككِ؟ أقول: نعم، هذا محتمل، وإن صدق ذلك، فهو يدل على ضَعف ارتياحه لكِ، ونعمة من الله أنه تم الافتراق قبل إتمام الزواج، وتعقد الأمور.
تاسعًا: الاستسلام للتحليلات والتوقعات، والانتظار لعودته، لن يزيدكِ إلا غمًّا وهمًّا، واستبدلي ذلك كله بذكر الله سبحانه، والحلول الشرعية التي ذكرتها قبل قليل.
حفظكِ الله وعوضكِ خيرًا وثبتكِ، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك