لم أتزوج وأشعر بفراغ عاطفي
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
السؤال:
♦ الملخص:
فتاة غير متزوجة، تشعُر بفراغ عاطفي، وهي تحادِث شابًّا، وتريد الزواجَ منه، لكنه يرفُض، وتسأل عن حل.
♦ التفاصيل:
أنا عزبةٌ أبلغ من العمر الثالثة والثلاثين، تقدم لخِطبتي كثيرون، وكنت عقدتُ قراني على أحدهم قبل ثماني سنوات، ولكن تمَّ الطلاق قبل الدخول لعدم التوافق، ومن بعدها أصبحتُ حذِرَةً كلَّ الحذر مع مَن يتقدمون لخِطبتي، وللأسف لم يأتِني من أظنَّه خيرًا لي، تزوَّجتْ أخواتي خلال السنوات الخمس الماضيات، وأصبحتُ وحيدةً في المنزل مع والديَّ؛ ما سبَّب لي الاكتئاب، ثم إنني قابلتُ شابًّا يعمل معي في الشركة منذ ثلاث سنوات، يصغُرُني بست سنوات، وبدأت العلاقة بيننا كزملاءِ عملٍ لا أكثر، وبعدها ترك الشركة وبقيَ على تواصلٍ معي بداعي الصداقة، وقد كان واضحًا منذ اليوم الأول بأنه لا ينوي الزواج وليس هذا بمقدوره أساسًا، وسرعان ما تحولت العلاقة إلى حب، المشكلة أنه خلال السنوات الثلاث الماضيات لم يتبقَّ لي أي صديقة؛ فالكل قد انشغل في حياته المهنية والزوجية، لدرجة أنني أتكلم مع صديقاتي مدة عشر دقائق في الأسبوع بصعوبة بالغة، أُحِسُّ بوحدة شديدة ومؤلمة، حياتي باتت تدور بين العمل والنوم، لا شيء آخر يُذكر، وأبي لا يسمح لي بالخروج بعد الدوام إلى أي مكان بحجة أن الوقت تأخر، أحس دائمًا أن لديَّ فراغًا داخليًّا يسكنني ولا يذهب عني، كنتُ قد قررتُ عشرات المرات أن أقطعَ علاقتي بهذا الشاب؛ لأنها حرامٌ، ولأني أعرف أن لا فائدةَ تُرجَى منها، ثم لا يمر يومان أو أسبوع على الأكثر ونعود ويكلم أحدنا الآخر، وقد حاولت أن أعرضَ على الشاب خِطبتي، لكنه يبدو مصرًّا على موقفه من الزواج، ومعارضًا للفكرة نهائيًّا، لا أدري ما السبب؟ وأنا أدعو الله أن يكون هذا الشخص من نصيبي، وأن يأتيَ اليوم الذي يتقدم فيه لخطبتي، ولكن يبدو لي أن هذا الشيء صعبُ المنال، فماذا أفعل؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فواضحٌ جدًّا أنكِ تعيشين فراغًا عاطفيًّا كبيرًا، واتجهتِ لملْئِهِ بصداقة مع شابٍّ لا يريد الزواج منكِ أبدًا، إذًا ماذا يريد؟ وتقولين إنكِ لا تستطيعين تركه، فماذا تفعلين؟ فأقول ومن الله التوفيق:
أولًا: ليس في ديننا أبدًا شيءٌ اسمُهُ صداقة بين ذكر وأنثى أجنبيَّيْنِ عن بعضهما.
ثانيًا: الله سبحانه عندما حرَّم الزنا، لم يحرمه فقط، بل حرَّم قبله كلَّ ما قد يؤدي إليه من صداقة أو خلوة أو تبرج؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ﴾ [الإسراء: 32]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ ﴾ [الأنعام: 151]؛ ليعمَّ النهي كل ما قد يُقرِّب إليه.
ثالثًا: المؤمن وقَّافٌ عند حدود الله ومعظِّمٌ لها، ولا يستسلم لهواه ولا يقدمه أبدًا على أوامره سبحانه؛ قال عز وجل: ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾ [الحج: 30]، وقال عز وجل:﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
رابعًا: هذه الصداقة المحرَّمة أنتِ تتوهمين أنها تُدخِل السرور على قلبكِ أو تعطيكِ شيئًا مما تفتقدينه من العواطف، بينما هي في الحقيقة تحرق قلبكِ وتزيده كآبة وبؤسًا، لماذا؟ لأسبابٍ؛ منها:
١- أنها بُنيَتْ على منكرٍ ومعصية، فلا خيرَ فيها أبدًا.
٢- لأن هذا الشاب ليس محبًّا صادقًا. هذا وهم، والدليل عدم رغبته في الزواج منكِ، أو أنه متزوِّج ويخفي ذلك عنكِ للتسلية.
٣- أغلب الرجال لا يثقون فيمن تقيم معهم صداقة أيًّا كان نوعها، ولا يثقون بها زوجةً ومربية لأولادهم.
خامسًا: ولِما سبق فأنصحك بأن تكوني حازمةً مع نفسكِ معظِّمة لشعائر الله ولحرماته، وأن تتوبي وتتركي نهائيًّا كل علاقات الصداقة مع الرجال الأجانب.
سادسًا: أعظم ما يدخل السكينة والطمأنينة على قلبكِ هو ما يأتي:
١- الأنس بالقرب من الله سبحانه بطاعته واجتناب معاصيه.
٢- وكثرة ذكره وشكره.
٣- والإكثار من الصلاة وتلاوة القرآن.
٤- وتقوية الإيمان بالله سبحانه والخوف منه والرجاء فيه والإيمان بالقدر في قلبكِ؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].
٥- ومجالسة الصالحات.
٦- كثرة الدعاء.
٧- كثرة الاستغفار.
٨- كثرة الاسترجاع.
٩- عدم اليأس من رحمة الله سبحانه.
١٠- العلم اليقيني بأن الله سبحانه يبتلي لحكمة ويمنع لحكمة ويعطي لحكمة.
١١- اليقين الجازم بأن الزوج الذي كتبه الله سيأتيكِ في الوقت المحدد ولن يمنعه أحدٌ.
حفِظكِ الله ورزقكِ قوة الإيمان والزوج الصالح، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك