أهلاً رمضان شهر الخير والتغيير
راشد عبدالرحمن العسيري
أهلاً بشهر الخير، شهر اختصَّه اللهُ بفضائلَ عظيمةٍ، ومكارمَ جليلة، فهو كنزُ المتقين، ومطيَّةُ السالكين، قال المولى - عز وجل -: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].
شهر اختصه اللهُ بتنزُّل الرَّحَمات والبركات، من ربِّ الأرض والسموات، يقول النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((أتاكم رمضانُ شهرٌ مباركٌ، فرض الله - عز وجل - عليكم صيامَه، تُفتح فيه أبوابُ السماء، وتُغلق فيه أبوابُ الجحيم، وتُغلُّ فيه مرَدة الشياطين، لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِم خيرَها فقد حُرِم)).
فالحمد لله أنْ بلَّغنا شهر رمضان بنعمةٍ منه وفضل، ونحن في صحةٍ وعافية وأمن وإيمان، فهو أهلُ الحمد والفضل.
فرِحنا برؤية هلاله، فهلالُه ليس كبقية الأهلَّة، هلالُ خير وبركة، عمَّ ببركتِه أرجاءَ العالَم، ونشر في النفوس رُوحَ التسامح والأُلفة والمحبة والرحمة، صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قولُه عند رؤية الهلال: ((اللهم أهلَّه علينا بالأمنِ والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربُّك الله، هلال رشدٍ وخيرٍ)).
ما أشبهَ الليلةَ بالبارحة، وما أسرعَ مرورَ الأيام والليالي! كنا نعتصر ألَمًا لوداع أيامه ولياليه، وها هي الأيام والليالي قد مرتْ بنا ونحن في استقباله من جديد، بفرحةِ العازمين على نيلِ أجره وفضله.
فلنجدِّد النية والعزم على استغلال أيامه ولياليه؛ لاغتنام فُرصِه، وجَنْي ثماره، وليرى اللهُ منَّا خيرًا في شهرنا، ولتكن التقوى هي هدفَنا وشعارنا، ولنتسابق للخيرات من أول أيامه، فالنفوس مهيَّأة لذلك، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كانت أول ليلةٍ من رمضان، فُتحت أبوابُ الجنة، فلم يُغلق منها بابٌ، وغلِّقت أبوابُ جهنم، فلم يُفتح منها بابٌ، وصفِّدت الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير، أقبِلْ، ويا باغي الشرِّ، أقصِرْ، ولله عتقاءُ من النار، وذلك في كل ليلةٍ)).
ومن بين أسمى الغايات التي يجب أن يسعى المسلمُ لتحقيقها في هذا الشهرِ الكريم إصلاحُ النفس، وتغييرُها نحو الأفضل، فرمضان فرصةٌ عظيمة للتغيير، فكل ما في رمضان يتغير، سلوكٌ وعبادة وخُلق، فهو يمضي بنا، وتتغير فيه بعضُ أحوالنا، ونسعى جاهدين إلى تغيير أنفسنا، وما أن نودِّع آخرَ لياليه إلا ونرجع إلى ما كنا عليه قبل رمضان، إلا من رحم الله، ندخل رمضانَ بعزمٍ وجِدٍّ على تغيير أنفسنا وأحوالنا وعلاقاتنا، ولكننا نفشل في الاستمرار بعد رمضان.
فلكَي نبقِيَ صلتَنا بخالقنا ممتدةً، غيرَ محصورة بزمان ولا مكان، فلا بد من وسائلَ وطُرقٍ لحصوله، فالتغيير لا يحصل بالتمني، فلا بد من أن يتحرَّك دافعُ التغيير الكامن في النفس من خلال الإرادة والعزيمة والعمل الجادِّ على التغيير، ليس للتغيير فحسب، بل لتكون نتيجتُه هي الباقية حتى بعد رمضان، وهذا هو التغيير الحقيقي.
فلنغتنم شهرَ التغيير من أول أيامه، ولْنستغلَّ ساعاتِه ولحظاته؛ لننعمَ برضا خالقنا، ولنفوز بخيرَي الدنيا والآخرة.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك