من آداب الصيام: تبييت النية من الليل في صوم الفريضة
الشيخ ندا أبو أحمد
أخرج أبو داود والنسائي من حديث حفصة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له"؛ (صحيح الجامع:6535)، وفي رواية: "لا صوم لمَن لم يبيت الصيام من الليل"؛ (أبو داود والترمذي).
وعند النسائي بلفظ: "مَن لم يبيت الصيام من الليل، فلا صيام له".
ملاحظات وتنبيهات:
1- الحديث السابق أعل بالوقف: والذي يظهر أنه مما لا يقال من قبل الرأي، فله حكم الرفع.
2- يشترط تجديد النية لكل يوم: وهذا قول الجمهور أبو حنيفة، والشافعي، ورواية عن أحمد؛ وذلك لحديث حفصة المتقدم، ولأن كل يوم عبادة مستقلة لا يرتبط بعضه ببعض، ولا يفسد بفساد بعضه، بينما ذهب الإمام مالك وزفر، ورواية عن أحمد إلى أنه تكفي نية واحدة عن الشهر كله في أوله، والراجح وهو قول الجمهور، وتناول السحور يعتبر تبييت وتجديد للنية.
3- لا يشترط تبييت النية في صيام التطوع:
وذلك لما أخرجه الإمام مسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخل عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذًا صائم، ثم أتانا يومًا آخر، فقلنا: يا رسول الله، أُهدِي لنا حيس([1])، فقال: أرينيه فلقد أصبحت صائمًا، فأكل".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما في "شرح العمدة":1/ 186": "وهذا يدل على أنه أنشأ الصوم في النهار؛ لأنه قال: "فإني صائم"، وهذه الفاء تفيد السبب والعلة، فيصير المعنى: إني صائم؛ لأنه لا شيء عندكم، وقوله: "فإني إذًا صائم"، و"إذًا" أصرح في التعليل من الفاء؛ اهـ.
وهذا ما فَهِمه الصحابة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت إنشاء نية صوم التطوع من النهار عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فقد جاء في "شرح معاني الآثار" للطحاوي بسند صحيح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يصبح حتى يظهر، ثم يقول: والله لقد أصبحت وما أريد الصوم، وما أكلت من طعام ولا شراب منذ اليوم، ولأصُومنَّ يومي هذا".
وثبت هذا أيضًا عن أبي الدرداء رضي الله عنه، فقد أخرج البخاري معلقًا بصيغة الجزم ووصله عبدالرزاق في "مصنفه" عن أم الدرداء - رضي الله عنها - قالت: "إن أبا الدرداء كان يجيء بعدما يُصبح، فيقول: أعندكم غداء؟ فإن لم يجده، قال: فأنا إذا صائم".
وثبت هذا أيضًا عن ابن مسعود، وأبي أيوب، وحذيفة، وأبي طلحة - رضي الله عنهم.
[1] الحيس: طعام يصنع من التمر مع اللبن الجامد، وهو الأقط مع السمن، كما قال ابن الأثير في "النهاية": وقد يستبدل اللبن الجامد بالدقيق.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك