هل النصيرية مسلمون أو كفار؟
د. عبدالله بن الحسن بن صالح العلوي
للجواب عن هذا السؤال نكتفي بنقولات من كتاب "الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية"، تأليف سليمان أفندي الأَذَني، المولود في أنطاكية سنة 1250هـ، وقد كان من الطائفة النصيرية، ثم تبين له بطلان عقائدهم، فصار يهوديًّا، ثم صار نصرانيًّا على يد أحد المبشرين، وهرب إلى بيروت، وأصدر كتابه "الباكورة السليمانية"، الذي كشف فيه أسرار الطائفة النصيرية، وبعد ذلك استدرجه النصيريون وطمأنوه، فلما وصل إليهم وثبوا عليه وخنقوه، وأحرقوا جثته في إحدى ساحات اللاذقية في سوريا في حدود سنة 1280 هجرية الموافق 1863م.
والكتاب قيم جدًّا في كشف أسرار الديانة النصيرية؛ فقد نقل عنهم من كتبهم ما يبين أنهم كفار زنادقة، وهذه بعض النقولات من هذا الكتاب:
ذكر سليمان أفندي ص 2، 3 أنه حين أراد النصيرية إعلامه بحقيقة مذهبهم وعمره 18 عامًا، اجتمعوا به في مكان خاص، وسقَوه كأس خمر، وأمره إمامهم أن يقول: سر ع م س، فالعين عليُّ بن أبي طالب، ويسمونه المعنى، والميم محمد، ويسمونه الحجاب، والسين سلمان الفارسي، ويسمونه الباب، وأمروه أن يتلوَ هذه الجملة، وهي (سر عمس) كل يوم خمسمائة مرة، ثم اجتمعوا به مرة أخرى بعد سبعة أشهر ليسروا إليه مذهبهم بعد أخذ العهود عليه ألَّا يكشف سرهم، فإن كشف سرهم فقد حلَّ دمه لهم، وكفله اثنا عشر رجلًا من الحاضرين، ثم أطلعوه على صلواتهم المشهورة التي فيها عبادة علي بن أبي طالب؛ وهي ستة عشر سورة، ومن ذلك ما ذكره ص 8 من قولهم في السورة الأولى؛ واسمها الأول: "أنت يا أمير النحل، يا علي بن أبي طالب، الدليل عليه والكل، أنت هو يا هو يا هو، يا من لا يعلم ما هو إلا هو".
وذكر ص 10 السورة الثانية؛ واسمها تقديسة، وفيها: "لبيك لبيك يا أمير النحل، يا علي بن أبي طالب، يا رغبة كل راغب، يا قديم باللاهوت، يا معدن الملكوت، أنت إلهنا باطنًا، وإمامنا ظاهرًا".
وذكر ص 11 السورة الثالثة؛ واسمها تقديسة أبي سعيد، وفيها: "أسألك يا مالك الملك، يا أمير النحل، يا علي يا وهاب، يا أزل يا تواب... يا من أنت الأحد، واسمك الواحد، وبابك الوحدانية".
وذكر ص 14 السورة الرابعة؛ واسمها النسبة، وفيها: "شهادة أن لا إله إلا علي بن أبي طالب الأصلع الأنزع المعبود، ولا حجاب إلا السيد محمد المحمود، ولا باب إلا السيد سلمان الفارسي المقصود".
وذكر ص 18 السورة الخامسة؛ واسمها الفتح، وفيها: "أشهد بأن مولاي أمير النحل عليًّا اخترع السيد محمدًا من نور ذاته، وسماه اسمه ونفسه وعرشه وكرسيه... فإن شاء علي بن أبي طالب بالظهور أظهره، وإن شاء بالمغيب غيبه تحت تلالي نوره، وأشهد بأن السيد محمدًا خلق السيد سلمان من نور نوره، وجعله بابه، وحامل كتابه، فهو سلسل وسلسبيل، وهو جابر وجبرائيل، وهو الهدى واليقين، وهو بالحقيقة رب العالمين".
وذكر ص 20 السورة السادسة؛ واسمها السجود، وفيها: "سجد وجهي البالي الفاني لوجه علي الحي الدايم الباقي، يا علي، يا كبير، يا علي، يا كبير، يا علي، يا كبير، يا أكبر من كل كبير... أمانك يا علي، أمانك من سخطك وعذابك من بعد رضوانك... يا حاضر يا موجود، يا غيبًا لا يُدرك، يا أمير النحل، يا علي يا عظيم".
وذكر ص 25 السورة العاشرة؛ واسمها العقد، وفيها: "أشهد أن الله حق، وقوله حق، وأن الحق المبين علي بن أبي طالب الأنزع البطين".
وذكر ص 26، 27 السورة الحادية عشرة؛ واسمها الشهادة، وفيها: "اشهدوا عليَّ يا أهل المراقب ويا عالم الصفا أجمعين أني أشهد بأن ليس إله إلا علي بن أبي طالب الأصلع المعبود، ولا حجاب إلا السيد محمد المحمود، ولا باب إلا السيد سلمان الفارسي المقصود، ولا رأيَ إلا رأي شيخنا الحسين بن حمدان الخصيبي الذي شرع الأديان في سائر البلدان، أشهد بأن الصورة المرئية التي ظهرت في البشرية هي الغاية الكلية، وهي الظاهرة بالنورانية، وليس إله سواها، وهي علي بن أبي طالب، أشهد بأني نُصيري الدين، خُصيبي المذهب... والسيد محمد ينادي ويقول: هذا مولاكم علي بن أبي طالب فاعرفوه، وسبِّحوه وعظِّموه وكبِّروه، هذا خالقكم ورازقكم فلا تنكروه، اشهدوا عليَّ يا أسيادي أن هذا ديني واعتقادي، وعليه اعتمادي، وبه أحيا وعليه أموت، وعلي بن أبي طالب حي لا يموت، بيده القدرة والجبروت".
والحسين بن حمدان الخصيبي الذي يذكره النصيريون في هذه السورة هو زعيم طائفة العلويين النصيرية في عصره، مصري الأصل، كان من الشيعة الإمامية، ورحل إلى فارس مع كبير دعاة النصيرية عبدالله بن محمد الجنبلاني الصوفي، ثم خلفه الخصيبي في رئاسة العلويين الدينية، وانتقل إلى بغداد، واستقر في حلب، وكان له وجاهة عند سيف الدولة الحمداني، وغلا في التشيع حتى كان يقول بتناسخ الأرواح والحلول، وألَّف كتبًا في المذهب النصيري، تُوفِّيَ الحسين بن حمدان الخصيبي سنة 358 هـجرية في حلب، وقبره في شمال حلب معروف إلى الآن، وقد أخذ الخصيبي المذهب النصيري عن الصوفي عبدالله بن محمد الجنبلاني المتوفى سنة 287 هـجرية، وأخذه الجنبلاني عن محمد بن جندب أحد أصحاب محمد بن نُصير المؤسس الحقيقي لدين النصيرية، المتوفى سنة 270 هـجرية؛ [يُنظر: لسان الميزان لابن حجر (3/ 158)، الأعلام للزركلي (2/ 236)، فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها للدكتور غالب عواجي (2/ 533 - 587)].
وذكر سليمان أفندي في كتاب الباكورة السليمانية ص 38 قداس الطيب، وفيه يقول إمام النصيرية للحاضرين: "اعلموا أن علي بن أبي طالب قائم معكم، وحاضر بينكم، ويسمع ويرى، ويعلم ما فوق السماوات السبع وما تحت الثرى، وهو عليم بذات الصدور، العزيز الغفور".
وذكر ص 44، 45 من دعائهم في مجامعهم: "اللهم العن فئة أسست الظلم والطغيان، أولهم أبو بكر اللعين، وعمر بن الخطاب الضد الأثيم، وعثمان بن عفان الشيطان الرجيم... والعن المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي... والعن كل من يعتقد في علي بن أبي طالب آكلًا أو شاربًا أو مولودًا أو ناكحًا، لعنهم الله، لعنهم الله".
وذكر ص 46 قولهم: "الحمد لله على التمام، علي نور الأنام، علي رب العزة، علي فالق الحبة، علي باري النسمة، علي ينبوع الحكمة، علي مفتاح الرحمة، علي صاحب المعجزات، علي داحي الأرض، علي حبه فرض، علي عالم الغيب، علي مالك الدنيا، علي صاحب الآخرة".
وذكر خرافة عجيبة ص 59 - 62، فيها قصة بداية خلق علي بن أبي طالب للناس قبل آلاف السنين.
الحمد لله على نعمة الإسلام والسنة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك