01-21-2023, 12:40 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 361,175
|
|
من الفوائد الحديثية: قصة عتق بريرة رضي الله عنها وما ترتب على هذا العتق من أحكام شرعية
من الفوائد الحديثية: قصة عتق بريرة رضي الله عنها وما ترتب على هذا العتق من أحكام شرعية
وحيد بن عبدالله أبوالمجد
قُرئ علينا ونحن نستمع بالإسناد المتصل لشيخنا أبي عبدالرحمن العربي زغلول إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، من حديث عائشة رضي الله عنها، أن بريرة أتتها تستعينها وكانت مكاتبة، فقالت لها عائشة: أيبيعك أهلك؟ فأتت أهلها، فذكرت ذلك لهم، فقالوا: لا، إلا أن تشترط لنا ولاءها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اشتريها فأعتقيها؛ فإنما الولاء لمن أعتق)).
بريرة رضي الله عنها كانت مملوكة، ثم اشترت نفسها من أهلها، وكان باقي قيمة العتق لم يدفع بعد، فذهبت بريرة رضي الله عنها إلى السيدة عائشة رضي الله عنها لتطلب المعونة، فقالت عائشة رضي الله عنها: (إنْ أحَبَّ أهلُكِ أن أعد لهم هذه الدراهم، أنقدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلتُ)؛ ولكن أهلها أبَوَا ذلك، فجاءت بريرة تخبر عائشة رضي الله عنها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حاضرًا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((خذيها واشترطي لهم الولاء؛ فإنما الولاء لمن أعتق))؛ يعني: وإن اشترطوا أن الولاء لهم، فالولاء لك؛ لأنك أنت المُعْتِقة، فاشترتها عائشة واشترطت لهم الولاء، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وأبطل هذا الشرط، وقال: ((ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحَقُّ، وشرطُه أوثقُ؛ وإنَّما الولاء لمن أعتق)).
ولما عتقت رضي الله عنها وزوجها ما زال مملوكًا على الصحيح وليس حُرًّا، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما واختاره النووي رحمه الله، وكان يُسمَّى مغيثًا، وكانت لا تطيقه كزوجٍ، وهنا خيَّرَها النبي صلى الله عليه وسلم أن تبقى مع زوجها أو أن تفسخ النكاح، فاختارَتْ رضي الله عنها أن تفسخ نكاحها، وكان زوجها يُحِبُّها، وكان يُتابعها في الأسواق يريد أن تبقى معه، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع له عندها، فشفع له صلى الله عليه وسلم عندها، فقالت: يا رسول الله، إن كنت تأمرني فسمعًا وطاعةً، وإن كنت تشير عليَّ، فليس لي حاجة فيه، قال: ((بل أُشِير))، قالت: لا حاجة لي فيه، ففسخت النكاح، بقيت بريرة عند عائشة رضي الله عنها في البيت.
ومن الأحكام المُتعلِّقة في هذا الحديث نقول بفضل الله وهو قول العلماء، فإذا عتقت الأمة تحت عبد، فالخيار لها، نعم، وإذا عتقت تحت حُرٍّ فلا خيار لها؛ لأن غاية ما حصل أنها ارتقت إلى مرتبة توازِن مرتبة الزوج، فلا خيار لها، وهذا هو الراجح بإذن الله تعالى.
ثبوت الولاء في سائر وجوه العتق؛ كالكتابة، والتعليق بالصفة، وغير ذلك.
فالولاء لمن أعتق نعم، فيدخل عتق المسلم للمسلم، وللكافر، وبالعكس، وأنه ليس للعبد المتزوِّج منع السيد مِن عتق أَمَتِه التي تحته، وإن أدَّى ذلك إلى بطلان نكاحها، وليس عليها خدمته.
نسأل الله أن يُعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمَنا.
مسند الإمام أحمد/صحيحا البخاري ومسلم/ فتح الباري شرح ابن حجر العسقلاني.
__________________
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|