حديث: لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلبسوا الحرير، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة".
اللباس من النعم التي أنعم الله بها على عباده، قال الله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ [الأعراف: 26]، وقال عز وجل: ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 31، 32].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كُلوا واشربوا والبسوا، وتصدَّقوا في غير إسراف ولا مَخيلة"؛ رواه البخاري تعليقًا.
قوله: (لا تلبسوا الحرير)؛ يعني: الرجال دون النساء؛ لما روى أحمد والنسائي وصححه الترمذي عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرِّم على ذكورها".
قوله: (فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)، وفي حديث أنس: "من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة"، وللنسائي قال ابن الزبير: "من لم يلبس الحرير في الآخرة لم يدخل الجنة"، قال الله تعالى: ﴿ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ [الحج: 23]، وأخرج أحمد والنسائي عن أبي سعيد رفعه: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة"، وزاد: "وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو".
قال الحافظ: وأعدل الأقوال أن الفعل المذكور مقتضٍ للعقوبة المذكورة، وقد يتخلف ذلك لمانع كالتوبة والحسنة التي توازن والمصائب التي تكفر، وكدعاء الولد بشرائط، وكذا شفاعة من يؤذن له في الشفاعة، وأعم من ذلك كله عفو أرحم الراحمين[1].
قوله: (لا تلبسوا الحرير): يعم النهي لُبسه وافتراشه، قال البخاري: وقال عبيدة: هو كلبسه، وعن حذيفة قال: "نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه"؛ رواه البخاري.
واختلف في علة تحريم الحرير على رأيين مشهورين:
أحدهما: الفخر والخُيلاء.
والثاني: لكونه ثوب رفاهية وزينة، فيليق بزي النساء دون شهامة الرجال[2].
[1] فتح الباري: (10/ 290).
[2] فتح الباري: (10/ 285).
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك