الطَّرِيقَة البُرْهَانِيَّة الدُّسُوقيَّة: في مِيزانِ النَّقْدِ العِلْمِي

[ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران]

الطَّرِيقَة البُرْهَانِيَّة الدُّسُوقيَّة: في مِيزانِ النَّقْدِ العِلْمِي




كتبها:
د. عارف بن عوض بن عبدالحليم الركابي

(1/5)
الطريقة البرهانية هي إحدى الطرق التي لها نشاط بمصر وبالسودان ، ولها انتشار في بلاد عربية وإفريقية وأوربية وغيرها ، ولها كغيرها من الطرق الصّوفية معتقدات وأوراد وموالد وحوليّات ، ولها مركز كبير في عاصمة بلادنا الخرطوم ، وإن منهج النقد الصحيح السليم يقتضي المناقشة العلمية لما نشرته هذه الطريقة في الآفاق - عبر كتبها ورسائلها - على الميزان الذي يجب أن توزن به كل الدعوات والطرق والجماعات والأحزاب والقيادات والشيوخ وغيرهم ، وهو ميزان الكتاب والسنة ؛ إذ "كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم" لأنه لا ينطق عن الهوى وإنما هو ما جاء به هو وحي أوحى له به الله تعالى.
وقد رغبتُ في عرض بعض ما نُشِر في كتب هذه الطريقة لننظر في مدى موافقته أو مخالفته لدين الله تعالى الذي ختم به الأديان ، وإن ما أورده في هذه الحلقات هو عبارة عن نماذج وأمثلة - إذ الإحصاء والاستقصاء في مثل هذه الأمور من الأمور والقضايا مما يصعب - ، وأحاول أن أحصر ما أعرضه مما ورد عن شيخ الطريقة إبراهيم الدسوقي وتلميذه محمد عثمان عبده البرهاني ، وكذلك مما تنشره هذه الطريقة من الأوراد والأذكار التي يلتزم بها أتباعها ؛ فقد شرّع الدسوقي ثم تبعه البرهاني لأتباع هذه الطريقة معتقدات وشعائر وطقوس محدّدة ، وإنّي أنشر ذلك عبر عمودي اليومي بهذه الصحيفة "الانتباهة" والذي اخترت عنوانه (الحق الواضح) فإني أجتهد – مستعيناً بالله تعالى – لأن يكون ما أكتبه وأنشره حقّاً واضحاً ؛ وكالعادة فإني أرحّبُ بأي تعقيب علمي يلتزم صاحبه المناقشة الموضوعية ، فالمحاورة العلمية التي يحيطها أدب الحوار ، وهدفها الوصول إلى الحق هي الطريق الوحيد الذي يجب أن يسلكه المختلفون في معتقداتهم ومناهجهم وطرائقهم.
إن مما نشرته الطريقة البرهانية مما قاله شيخهم الدسوقي ، في (ديوان ابتسام المدامع طبع الطريقة البرهانية ص 295 -297) :
وكل نعيم إنني منعـــــــم بـه ***هــو لــي ملك ومن ثم راضـــــع
وكل هدى في العالمين فإنه *** هداي ومالـي في الوجود منازع
أصور مهما شئت من عدم كمـــــا أقـدر مهما شئت فهو مطـاوع
وأفني إذا شئت الأنـــام بلمعة *** وأحيي بلفظي ما حوته البلائع
وفي البحر لو نادى باسمي حوتُه *** أجبت وإني للمنادين سامع
قلتُ : إنّ ما ادعاه شيخُ البرهانية إبراهيم الدسوقي هو مما اختص الله تعالى به ، وإنّ منازعة الله الخالق فيه من إدعاء المشاركة في الربوبية ، فالمالك المُدبّر المتصرّف هو الله تعالى وليس الدسوقي (له ملك السماوات والأرض) والمصوّر من العدم هو الله تعالى (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذي من دونه) والذي يقدّر مهما شاء ويكون له مطيعاً هو الله تعالى الذي (إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) ، ولا يستطيع الدسوقي أن يفني شيئاً ، ولا يملك ذلك فضلاً عن أن يفني الأنام جميعاً كما ادّعى في نظمه أعلاه ، ومحيي الموتى هو الله تعالى (ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير) ، وأما الحوت في البحر فلم يناده ولن يناديه فهو يسبح ربه كما أخبر الله تعالى عن مخلوقاته بقوله تعالى : (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) ، والذي يَسْمَعُ المنادين هو الله سبحانه وتعالى ، فما أضل وأفجر دعاوى شيخ البرهانية ، فإن ما ادّعاه هو أعظم الظلم وأفسد الاعتقاد إذ ادّعى كذباً وزوراً ما اختص الله الخالق الرازق القادر المصوّر به نفسه.
إلى أن يقول :
وإن طباق العرش تحت قوائمي *** ورجلي على الكـــرسي ثَمَّ تَــــرَفّعُ
وبيتي سقف العرش هناك فليكن*** مكاني ومن فيضي خلقت المواضع
وأجري على اللوح المقادير ما أشأ*** وبالقلم الأعلى فكفي بـــــــــارع
وكل معاش الخليقة تجريه راحتي***لراحتهم جوداً ولست بصــــــــانع
وأمحو لما قد كان في اللوح ثابتاً *** وأثبت إذا وقــــــعت هناك وقـائع
تأمّلوا هذه الجرأة العجيبة !!! أين وصل بها شيخُ البرهانية ، وإن تعجب من جرأة كاتبها فلك أن تعجب من جرأة من أعانوا على طباعتها وتوزيعها !!! وتعجب من ضلال من أذعنوا تصديقاً لها !! فما هذه الخرافات والضلالات التي قالها شيخكم معشر أتباع الطريقة البرهانية ؟! سبحان الله وتعالى عما يقول الدسوقي علواً كبيراً!!
كيف يدّعي أن طباق العرش تحت قوائمه وأن رجله على الكرسي ؟!
وما موقفكم يا أتباع الطريقة البرهانية من هذه الدعاوى؟!
ثم تأملوا قوله : وبيتي سقف العرش هناك !! وأن من فيضه خلقت المواضع !!! هل هذا الكلام يقوله عاقل؟! فضلاً عن شخص يدّعي قيادة طريقة دينية ودلالة أتباع؟! وإن هذا العرض الموجز ليبين مدى اتباع هذه الطريقة للحق أم بعدها عنه.
ثم يزيد في افتراءاته ويدّعي أنه يجري على اللوح المقادير ما يشاء !! إذاً هو لوح ليس بمحفوظ في دعوى شيخ البرهانية الكاذب !! سبحان الله وتعالى عن قول شيخ البرهانية علواً كبيراً !! ويفتخر على طريقة كثيرين من شيوخ التصوف بأن قلمه بذلك بارعٌ !! فتباً لهذا القول من قول كفري ظالم جائر مفتر على الله الكذب .. بل ادّعى قائلاً : وكل معاش الخلق تجريه راحتُه !! ثم ادّعى أنه يمحو ما كان في اللوح ثابتاً ويضيف إليه بعض الوقائع !! فشيخ البرهانية إذاً حسب دعواه أنه يطلع على اللوح ثم يحذف منه ثم يضيف !! وإن هذا لهو من الكفر بالله تعالى ، وفيه ادّعاء قصور علم الله تعالى باستدراك الدسوقي المُدّعى.
أتوقّع أن بعض من يقرأ هذا الكلام لا يصدّق !! من شدة ضلاله وجرأته ، فأقـــول : صدِّق يا أخي وقل إنّا لله وإنا إليه راجعون ، فقد تلاعب هؤلاء الشيوخ على كثير من الناس وخدعوهم باسم الولاية وضمان الجنة والشفاعة وغير ذلك من أساليب الترغيب والدعاوى الكاذبة – وما يعدونهم إلا غروراً - وأحياناً يرهبونهم ويخيفونهم بأساليب ماكرة سأعرض بعضها لاحقاً في هذه الحلقات - إن شاء الله تعالى - ، فإن من المؤسف جداً وجود أتباع كثُر لمن كان قوله ومعتقده كهذا الذي عرضت شيئاً من أقواله أعلاه.
وإن الكتب التي ينشر فيها هذا الكلام لهي أشد خطراً على الناس من الأسلحة الفتّاكة والأمراض المعدية والمخدرات وما شابهها ؛ فإن غاية تلك ومنتهاها إفساد الأبدان وموتها ، وإن هذه الكتب يفسد بها الدين والمعتقد ، ويُضَلُّ بها عن صراط الله المستقيم ، وإن ودين المرء هو رأس ماله وأعز ما يملك ولا قيمة له في الدنيا والآخرة إن فقده ..

اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك