مواطن الالتقاء والافتراق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي
د. إسماعيل عبد عباس
إن بيان الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي، يوضِّح لنا حدود القاعدة الفقهية، ويبعد عنها ما يرادفها من المصطلحات التي ربما تُستعمل فيها من باب التسامح، وإن عدم اهتمام الأولين ببيان الفرق، هو أنهم كانوا مهتمين بتقعيد المسائل وتأصيلها، وبيان الفروق الدقيقة بينها أكثر من اهتمامهم بالتفريعات الاصطلاحية، وجاء من بعدهم فوجدوا كمًّا هائلًا من القواعد والضوابط ما حملهم على بيان الفرق بينهما[1].
يضاف إلى ذلك أن المصطلحات العلمية لا تستقر على نمط معين إلا بكثرة استعمالها في المواضع المختلفة وترددها على الألسنة، وهي دائمًا تنتقل من طور إلى طور، وتتغير مع تعاقب العصور، فقد يكون الاصطلاح عامًّا في فترة من الزمن، فيتطور إلى أخص مما كان، وهذا ما جرى بالنسبة للقواعد والضوابط، فإنه لم يتميز الفرق بينهما تمامًا إلا في العصور المتأخرة[2].
ويمكن إيجاز الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط فيما يأتي:
1- إن القاعدة الفقهية تجمع فروعًا من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد، مثال ذلك: قاعدة الأمور بمقاصدها نأخذ منها: في البيع أن المقاصد معتبرة، ونأخذ منها في الجنايات الفرق بين القتل العمد والقتل الخطأ، وغير ذلك، بينما الضوابط الفقهية تكون خاصة بباب واحد؛ مثال ذلك: قاعدة أن ما جاز في الفريضة من الصلوات جاز في النفل، فهذا ضابط فقهي متعلق بالأبواب: أبواب النوافل، نوافل الصلوات، ومثله ضابط كل زوج يلاعن، فهذا ضابط فقهي يختص بباب واحد.
2- إن مساحة الاستثناءات الواردة على القواعد أوسع من مساحة الاستثناءات الواردة على الضوابط؛ لأن الضوابط تضبط موضوعًا واحدًا، فلا تكثر فيها الاستثناءات[3].
3- إن القواعد الفقهية مصاغة بإيجاز تدل على العموم والاستغراق، أما الضوابط فتصاغ في جمل، أو أكثر، ولا تستوعب جميع الفروع.
4- إن القاعدة الفقهية فيها إشارة لمأخذ الحكم ودليل الحكم، فقولنا: الأمور بمقاصدها فيه إشارة لمأخذ الحكم، وهو الدليل الوارد في ذلك إنما الأعمال بالنيات، كما رواه الشيخان من حديث عمر بن الخطاب، بينما الضابط الفقهي لا يشير إلى مأخذ المسألة ودليلها[4].
[1] ينظر: محمد بكر إسماعيل، القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه: 10.
[2] ينظر: الندوي، القواعد الفقهية : 51 - 52.
[3] السيوطي، الأشباه والنظائر: 49، الشثري شرح منظومة القواعد الفقهية 7.
[4] ينظر: الروكي، محمد، نظرية التقعيد الفقهي وأثرها في اختلاف الفقهاء، ط1، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية - الرباط - مطبعة النجاح - الدار البيضاء - 1414هـ - 1994م، 51، علي جمعة محمد، المدخل لدراسة المذاهب الإسلامية، ط2، دار السلام القاهرة - مصر - 1428هـ - 2007م، 33، عبدالعزيز محمد عزام، القواعد الفقهية: 29، الشثري شرح منظومة القواعد الفقهية 7.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك