من هو الوصي

[ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران]

من هو الوصي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
يزعم الرافضة ان الوصي هو عليوثا وشركاه، مع ان النص الجلي والواضح والذي لا يحتاج بعده الى مزيد شرح هو ابو بكر رضي الله عنه وعمر وعثمان والوصية هذه كانت في غدير خم قال الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الاحاديث الدالة على هذه الوصية حديث زَيد بن أرقمَ رضي الله عنه: ((إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي - أحدُهما أعظمُ من الآخَر -: كتاب الله، حبْلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ، فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما)) ( [13]).

و هذا الحديث من اهم الاحاديث التي يحتج بها الرافضة مع انهم يعلمون يقينا ووالله انهم يعلمون علم اليقين بل حق اليقين اكثر من الكثير من اهل السنة ان المقصود بهؤلاء العترة اهل البيت هم الخلفاء الثلاثة والوصف من الرسول صل الله عليه وسلم لهم في قوله : ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ هم والقرآن الكريم اي ان الخلفاء الثلاثة والقرآن لن يتفرقا حتى يرِدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوصف هذا يُبرز ويؤكد علاقة وطيدة بينهم وبين القرآن الكريم من حيث كونهم جمعوه وجعلوه في مصحف وكان اول من جمعه ابو بكر بأمره وبمشورة من عمر رضي الله عنهما ثم اكمل عثمان الجمع وهذه الميزة لا يشترك فيها علي معهم فلا يوجد رابط بينه وبين القرآن الكريم ولكن دعنا في قصة جمع ابو بكر للقرآن الكريم : فقد روى البخاري في "صحيحه" عن زيد رضي الله عنه أنه قال: « أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ -أي اشتد وكثر- يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا إن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمر كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري، ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَتَبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال…وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر» (رواه البخاري).

ولاحظ هنا ان جمع ابو بكر للقرآن الكريم لا يعني انه لا يوجد حفاظ له ولكن في معركة اليمامة التي حصلت بين المسلمين واهل الردة (وتعرف ان علي لم يكن معهم) استشهد فيها كثير من الحفاظ فلما انتهت المعارك هذه اشار عمر على ابو بكر بجمع القرآن الكريم في مصحف واقتنع ابو بكر بهذا وتم اختيار زيد لكونه ممن حضر العرض الاخير للقرآن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وجبريل وهذا العرض لم يشهده علي أيضا.

والرافضي يعلم هذا لهذا اتجه الى تحريف الروايات وقال ان ابو بكر حرف القرآن الكريم ومعه عمر وان علي جمع هذا القرآن وعرضه على ابو بكر وعمر فرفضاه وهذا النص يعتقد به الرافضة او يقوله الرافضة مع انه لا يصدق ولكن ليقنع نفسه ان الحديث : ((إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي - أحدُهما أعظمُ من الآخَر -:كتاب الله، حبْلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ، فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما)) ينطبق على علي فقط للإقناع وليس للحجة فهو لا يستطيع ان يثبت هذه الروايات التي اخترعها ليدلل على ان علي جمع القرآن الكريم واخفاه ليظهره المهدي بعد هذا وانظر كمثال هذه الرواية من كتاب الكافي المدمس - الشيخ الكليني لعنه الله - ج ٢ - الصفحة ٦٣٣
23 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم (عليه السلام) قرأ كتاب الله عز وجل على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي (عليه السلام) وقال: أخرجه علي (عليه السلام) إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله [الله] على محمد (صلى الله عليه وآله) وقد جمعته من اللوحين فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه، فقال أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا، إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه.

هذه الرواية يحتج بها الرافضي مع انه لا يصدقها ولكنه يحتج بها فقط لإقناع نفسه بان العترة الذين يعتقد بعصمتهم هم من تنطبق عليهم صفة الحديث بانهم لن يفترقوا عن القرآن ولو حكمت عقلك قليلا لقلت حين اتى علي بهذا القرآن الكريم هل كان هو الوحيد الحافظ او الذي لديه مصحف، مع انه كرافضي يحتج بمصحف ابن مسعود في الاستدلال على التحريف وهذا يعني ان هناك من كان له مصحف قبل ان يكتب علي هذا المصحف، اضافة الى هذا هنا علي يتكلم مع ابو بكر وعمر ويقول له هذا القران خذه ، وكأن الذين اسلموا بالرسول هم ابو بكر وعمر وعلي ولا يوجد غير هؤلاء الثلاثة ، وفي نفس الوقت الذي يتناسى فيه هذا الرافضي ان هناك الكثير من الناس كان يمكن ان يعرض عليهم هذا القران ويكتب منه عشرات النسخ ولكونه من اهل البيت فمصحف علي سينتشر اكثر من مصحف ابو بكر واخيرا وهذا طامة من طوام الرافضة اذا كان علي اخفى هذا المصحف فكيف يصبح الحديث منطبق عليه وعلى الائمة من بعده ، انظر : ((إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي - أحدُهما أعظمُ من الآخَر -:كتاب الله، حبْلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ، فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما)) هذه صيغة الحديث تدل على الترابط بين اهل البيت والقرآن وفي نفس الوقت الائمة من علي ومن اتى بعده لم يعد لديهم قرآن يتمسكون به وهذا قول علي لابي بكر وعمر : أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا، إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه، فاذا كان علي اخفاه ولن يراه ابو بكر وعمر فهل سيراه بقية الائمة.

مع ان هذه الرواية وغيرها لا تتفق مع ارادة الله الذي تكفل بحفظ القرآن الكريم ووعده لرسوله بهذا وخلوه من التحريف والزيادة و النقصان الا ان الرافضي يترك كلام الله ويسلم عقله لهذه الروايات للحاجة الماسة لتطبيق الحديث على علي والائمة من بعده وهذا محال بل يحتج بروايات اهل السنة أيضا بتحريف معناها ليقنع نفسه فقط فمثلا حديث عائشة : "لقد نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ وَرَضَاعَةُ الْكَبِيرِ عَشْرًا وَلَقَدْ كان في صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي، فلما مَاتَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَشَاغَلْنَا بِمَوْتِهِ؛ دخل دَاجِنٌ فَأَكَلَهَا". مع علة الحديث الا ان له شاهد عن عمر "إن الله قد بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالحق، وأنزل عليه الكتاب؛ فكان مما أنزل عليه آية الرجم؛ قرأناها ووعيناها وعقلناها؛ فرجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده..." وايضا مذهب عائشة في رضاعة الكبير ، يحتج الرافضي بهذا القول من عائشة ويدعي تحريف القرآن الذي كتبه ابو بكر مع ان قول عائشة وعمر يوجه الى ان الله حفظ كتابه وما تم كتابته في المصحف هو الذي عارض جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم واذا علمت ان جبريل عارض رسول الله قبل مرضه مرتين وهذا الحديث من مروياتهم ايضا انظر كتاب الأمالي - الشيخ الصدوق لعنه الله - الصفحة ٦٩٢
948 / 2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن علوية الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل ابن دكين، قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، قال: حدثنا فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: أقبلت فاطمة (عليها السلام) تمشي، كأن مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال النبي: مرحبا بابنتي، فأجلسها عن يمينه، أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا فبكت، ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت لها: حدثك رسول الله بحديث فبكيت، ثم حدثك بحديث فضحكت، فما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن من فرحك؟ وسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى إذا قبض سألتها فقالت: إنه أسر إلي، فقال: إن جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة واحدة، وإنه عارضني به العام مرتين، ولا أراني إلا وقد حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي، ونعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، ثم قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة؟ أو نساء المؤمنين، فضحكت لذلك (2).

فهذا معنى قول عائشة عن الداجن انها اكلت الآيات هذه التي لم يرد الله لها ان تكتب في القرآن الكريم لكونها نسخت منه، فهل بعد هذه الرواية قول لقائل ان علي كتب القرآن واخفاه.

من هو الوصي: هل هم الخلفاء ام علي واهل البيت؟
الحقيقة بما مر معنا في الحديث ((إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي - أحدُهما أعظمُ من الآخَر -:كتاب الله، حبْلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ، فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما)) يتضح لنا ان من أوصى الناس بهم هنا لهم صفات لا تنطبق الا على الخلفاء الثلاثة، ولكن هذا الحديث لا يفيد بتنصيب الخلفاء الثلاثة او الوصية لهم بالخلافة، ولا يوجد فيه دلالة على النص عليهم وحتى لدى الرافضة أيضا لا يمكنهم ان يحتجوا به لعدم انطباق صفات الحديث على الائمة، انما الذي يفهم منه بصورة اكيدة ان الرسول أوصى الناس باتباع هؤلاء العترة بما وصفهم به صلى الله عليه وسلم بمعنى اخر ان الرسول صلى الله عليه وسلم اعطانا صفة مميزة لمن سيخلفه وأوصى الناس باتباع هؤلاء العترة ، بمختصر القول الوصية هنا للناس في قوله صلى الله عليه وسلم :(فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما) باتباع العترة التي صفتها المميزة: (ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ)، وهذا القول منه وان كان مخصص للصحابة لكن يلزم من اتى بعدهم أيضا.

وهذا المعنى للحديث السابق يمكن الاستدلال عليه بجملة أحاديث منها حديث الرزية الذي يحتج به الرافضة وهذا الحديث أيضا كغيره يعلم الرافضي انه يفيد الوصية لابي بكر لكنه يتجه لتحريفه ليقنع نفسه فقط، وهو من الأحاديث الدالة على الوصية لابي بكر بصورة جلية وواضحة بخلاف زعمهم ان الوصية لعلي ونجد في مروياتنا ان ال البيت طردهم الرسول صلى الله عليه وسلم حين مرضه بقوله: قوموا عني، كما في الحديث الذي رواه البخاريُّ في كتاب العلم، باب كتابة العلم، بسنده عن عبيدالله بن عبدالله [أي ابن عتبة بن مسعود] عن ابن عباس قال: لما اشتدَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وجَعُه قال: ائتوني بكتاب أكتبْ لكم كتابًا لا تضلوا بعده.
قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتابُ الله حسبنا. فاختلفوا، وكثر اللغط. قال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع. فخرج ابنُ عباس يقول: إنَّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه".

فلا يوجد نص هنا ولكن الرافضي يتجه للتحريف والتشنيع بهذا الحديث ليصرف النظر عن الوصية لابي بكر، ومن الوصايا لابي بكر ذكر بعضها ابن عباس نفسه كما في حديث الرزية ورواه مسلم : عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: يوم الخميس، وما يوم الخميس! ثم بكى حتى بلَّ دمعه الحصى، فقلت: يا ابن عباس، وما يوم الخميس؟! قال: اشتدَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فقال: «ائتوني أكتب لكم كتابًا لا تضلُّوا بعدي»، فتنازعوا وما ينبغي عند نبي تنازع، وقالوا: ما شأنه؟ أهجر([6])؟ استفهَموه، قال: «دعوني، فالّذي أنا فيه خير، أوصيكم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفدَ بنحو ما كنت أجيزهم»، قال: وسكتّ عن الثالثة، أو قالها فأنسيتها([7]).

فهذه الوصية منه صلى الله عليه وسلم لمن سيكون بعده خليفة على الناس بعده وهو الوصي أبو بكر رضي الله عنه وأيضا من الاحاديث الدالة على ان أبو بكر هو الوصي والخليفة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ما ورد: عن أبي عبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنه قال : آخرُ ما تكلَّم به النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ( أخرجوا يهودَ أهل الحجاز ، وأهل نجران من جزيرة العرب ، واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) رواه أحمد (3/221) وصححه ابن عبد البر في "التمهيد"(1/169) ، ومحققو المسند ، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (1132) .

فالمخاطب بهذا هو الوصي وليس علي او الائمة ولو كان المخاطب او الوصي علي لقال له الرسول يا علي اخرج المشركين من ارض العرب وبهذا نكون قد وضحنا من هو الوصي هنا والحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه

اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك