02-16-2016, 08:47 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 359,472
|
|
إيثار الحق على الخلق
يتوفر هذا الكتاب في رواق مركز نجيبويه بمعرض الدار البيضاء للنشر والكتاب لهذا العام؛ وهو بتحقيق الأستاذ الدكتور أحمد بن عبد الكريم نجيب الشريف الذي قدم له بمقدمة قال فيها:
قبل قرابة ربع قرن كنت أبحث عن مخطوط -أبدأ به مسيرة التحقيق- في مكتبة الأسد (الهالك) في دمشق فوقعت عَيْنَيّ -في فهرس المخطوطات والكتب النادرة- على كتاب (إيثار الحق على الخلق) فسارعت في طلبه حتى جيء إليَّ به فألفيته مطبوعًا (لا مخطوطًا) قبل نحو قرن من ذلك التاريخ في دار المؤيد طبعةً قديمةً كُتب على أول صفحة منها أنه اعتُمِدَ في إخراجها على مخطوط يحفظ أصله في مكتبة الجامع الأموي في دمشق، فقصدت الجامع من فوري، وسألت عن المخطوط أمينَ مكتبة الجامع – وكان شيخًا كبيرًا يناهز عمره ثمانين حولاً يوم ذاك- ففاجأني جوابه بأن المكتبة خلت ممّا كان فيها من المخطوطات النادرة قبل نصف قرن أو يزيد، وأن بعض الأتراك والمستشرقين الألمان ظفروا بها بأبخس الأثمان، فبحثتُ بعدها عن أية خيوط توصلني إلى تلك النسخة فوجدت للكتاب ذكرًا في فهرس المكتبة السليمانية بإسطنبول التي شددت رحلي إليها -على وجه السرعة- فلم أجد فيها إلا نسخة من طبعة دار المؤيد، كتلك التي وَقَفْتُ عليها أول الأمر في دمشق ، وراسلت قريبًا لي كان يقيم في ألمانيا يوم ذاك، وسألته تصويرَ النسخةِ المخطوطة التي يحفظ أصلها في برلين، فمكث غير بعيد حتى بعث إليّ بصورتها؛ فقابلتها بما بين يديّ، وشرعت في العمل على تحقيقها حتى قطعت في ذلك شوطًا طويلاً قبل أن يبعث إليّ أخي الأكبر: الدكتور محمود نجيب من مكة المكرمة بصورة نسخة يحفظ أصلها في مكتبة الحرم المكي، وحصّلت –بالمراسلة- من مكتبة الجامع الكبير بصنعاء على صورة نسخة خطية للكتاب هي أجود النسخ الثلاث التي قابلته عليها.
وكنت قبل عقد من الزمن قد فرغت من مقابلة نسخ الكتاب -بعضها ببعض- وعلّقت في حواشي عملي بعض الفوائد، ثم بعثت به وصور المخطوطات إلى فضيلة أخي الشيخ أحمد مزيد ولد عبد الحق البوني الشنقيطي في انواكشوط؛ ليعينني على مراجعة عملي في الكتاب، ثم البناء عليه بما يُصْلِحُهُ وَيَصْلَحُ لَهُ ففعل -مشكوراً- وقطع في ذلك شوطاً كنت يُعوّل عليه، لولا أن لصّاً سرق حاسوبه بما فيه من عمل «الإيثار» وغيره، فاسترجعَ واسترجعتُ وحوقلَ وحوقلتُ.
واليومَ -بعد مرور نحو ربع قرن على وضع اللبنة الأولى للعمل في تحقيق «الإيثار»- نهض مني العزم الكامن على إكمال العمل ونشره؛ فأعدت عملي فيه كرةً أخرى، ورفعتُه ثانية إلى أخي الشيخ أحمد مزيد؛ لعله يتفضل بمراجعته والتقديم له بما يفتح الله به عليه؛ فأجاب سؤلي، وحقَّقَ أملي -كعهدي به- مشكوراً جزاه الله عمَّن يؤثر الحق على الخلق-وجعلني وإياه منهم- أفضل الجزاء وأجزله.
وقد جاء عملنا في الكتاب وِفقَ مسلكنا المعتاد في التحقيق والتخريج والتوثيق – مع تعديلٍ يسيرٍ فيه- وأهم معالمه:
* نسخُ «الإيثار» من النسخة الخطية المرموز لها بالرمز (ص) التي يحفظ أصلها في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، ثم مطابقة ما تم نسخُه بالأصل المنسوخ منه؛ حرفاً حرفاً، وكلمةً كلمةً.
* التقيُّدُ في النَّسْخ بقواعد الرَّسم الإملائي المعاصر في الكتابة، وتحليةُ النص بما يَحتاجُهُ من علامات الوقف والترقيم، وضبط المتن كاملاً وما قد يُشكِل من ألفاظ وعبارات الشرح بالشَّكل.
* مقابلة النص المنسوخ على نُسختَيْ مكتبة الحرم المكي و المكتبة الملكية ببرلين؛ مع اعتماد منهج النص المختار في التحقيق؛ حيث اخترنا مما اختلفت فيه النسخ الخطية ما بدا لنا أرجَحَ من غيره، وأقرب إلى مراد المؤلف رحمه الله، وأثبتنا في الحواشي السفليَّة ما يفيد القارئَ الوقوفُ عليه من اختلاف عبارات وألفاظ النسخ، علماً بأننا ضربنا صفحاً عن كثير من الفروق التي لا تؤثر في المعنى، ولا تُعكّر على سياق الكلام.
* إثباتُ أرقام لوحات المخطوط بحسب نسخة «الإيثار» المرموز لها بالرمز (ص)، وجعلُ الأرقامِ في أوائل اللوحات لا في أواخرها، مع التمييز بين وجوهِها وظهورِها بالإشارة إلى الأولى بالحرف (أ)، وإلى الثانية بالحرف (ب).
* تمييزُ الآيات القرآنية عن باقي نصّ الكتاب بكتابتها برسم المصحف العثمانيّ، ووَضْعِ كلٍّ منها ضِمنَ قوسَين مزهَّرَين، وتخريجها من المصحف الشريف؛ بذِكر رقمها مسبوقاً باسم السورة، وجعلنا ذلك محصوراً ضمن معكوفتين في صُلب الكتاب.
* تخريجُ الأحاديث النبوية الواردةِ في الكتاب وفقَ قواعد التخريج المعتمدة عند أهل التخريج ودراسة الأسانيد.
* عزوُ ما تيسَّر عزوُه من النُّقول والأقوال التي أوردها المؤلفُ إلى مظانِّها، بالرجوع إلى ما أتيحَ لنا الرجوعُ إليه من المصادر.
* تعليقُ ما تيسَّرَ - ممَّا يخدم النَّص المحقَّق، ويقرِّب مراد مصنِّفه من مُنْصفي قُرائه- من تعريفاتٍ وحدودٍ وفوائد في هوامش التحقيق.
* تصدير الكتاب بمقدمة أخينا الشيخ أحمد مزيد ولد عبد الحق -التي بيَّن فيها جانباً من ملامحه ومكانته بين كتب فنِّيه ومنهج ابن الوزير في تصنيفه- وتذييله بثَبْتٍ فيه جملة ما اعتمدنا عليه من مصادر التوثيق ومراجع التخريج والتحقيق، وإردافُه بفهرست للكتاب يقرِّبُ فحواه ممَّن رآه.
وإننا إذ نقدمه لمن يلتمس الحق ويدعو إليه ويعتصم به؛ لَنْسأل الله تعالى أن يتقبل ما بذلناه فيه وهو غاية الوُسع والطَّاقَة-وحاشا لله أن يُكلِّفَ مُكَلَّفاً فَوْقَ ما أَطاقَه- بقبول حسَن, وأن يشملنا ومؤلفه ومن اعتنى به, أو نظر فيه بالمغفرة والنعماء والمِنَن.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|