09-07-2015, 07:27 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 359,472
|
|
نسختان من رسالة في أنه لا مخافة من الموت
رأيت عندنا نسختان من هذه المخطوطة ضمن مجاميع منسوبة على طرة الرسالة لابن سينا (ت 428هـ) وطبعت على أنها له تحت اسم (رسالة في عدم الخوف من الموت) أو نحوا من ذلك، وهي أيضا بحروفها منسوبة لابن مسكويه (ت 421هـ) طبعت تحت اسم (تهذيب الأخلاق) أو (رسالة الروح والراحة ضد الخوف من الموت).
وأنا هنا لست بصدد تحرير النسبة لمن، بل أعجبتني فكرتها كما أعجبت غيري؛ فرأيت بعد أن لفقت بين النسختين التي عندنا وقابلت على ما طبع مما هو منشور في الشاملة، رأيت أن أنشرها هنا عسى أن يكون فيها نفع وفائدة فإن الفكرة لطيفة.
والرسالة في علم الفلسفة مع علم النفس، وإليك بيانات نسخنا بعد ذلك الرسالة مفرغة:
رقم الحفظ: 3134(11)
الفن: فلسفة
العنوان: رسالة دفع خوف الموت(ضمن مجموع )
عنوان آخر: دفع الغم من الموت
المؤلف: الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي البلخي ثم البخاري أبو علي ابن سينا
تاريخ وفاته: 428هـ / 1037م
شهرته: ابن سينا
لغة المخطوط: عربي
اسم الناسخ: محمد صالح بن نعمت الله
تاريخ النسخ: 1101هـ
نوع الخط: نسخ
عدد الأوراق: 5 ق(57ب - 61ب )
عدد الأسطر: 15 س
بداية المخطوط:
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، لما كان أعظم ما يلحق الإنسان من الخوف هو الخوف من الموت ...
نهاية المخطوط:
وذلك أن النفس إذا كانت واحدة كما زعم جماعة والمتصدق نفسه وذلك النفس الأخروي وسائرها شيء واحد ، وإن كانت غير واحد فلا يفصل المصدق ذلك الفضل إلا أن تشاكله تلك النفس ، وعلى هذا أيضاً شبه بشيء واحد . تمت الرسالة .
المراجع:
معجم المطبوعات 1/ 129 .
بيانات الطبع والنشر:
مطبوع
بيانات أخرى:
نسخة كاملة ، كتب النص بالمداد الأسود .
رقم الحفظ: 3921(26)
الفن: فلسفة
العنوان: رسالة في أن لا مخافة من الموت (ضمن مجموع)
المؤلف: الحسين بن عبد الله بن الحسن ابن سيناء (الشيخ الرئيس)
تاريخ وفاته: 428هـ/ 1036م
شهرته: ابن سينا
لغة المخطوط: عربي
تاريخ النسخ: ق 12هـ/ 18م
نوع الخط: نسخ
عدد الأوراق: 3ق (234ب ـ 236أ)
المقاس: 22×½16سم
عدد الأسطر: 17س
بداية المخطوط:
لما كان أعظم ما يخاف منه الإنسان هو الموت وكان هذا الخوف عاماً وهو مع عمومه أشد وأبلغ من جميع المخاوف وجب أن أقول إن الخوف من الموت ليس ...
نهاية المخطوط:
وإن كانت كثيرة ولا يفعل المتصدق ذلك الفعل إلا بمشاكلة بتلك النفس وعلى هذا شبيه بشيء واحد تمت .
المراجع:
الأعلام 2/ 241؛مركز الملك فيصل (خزانة التراث)
بيانات أخرى:
نسخة تامة، كتبت بمداد أسود فيها تعقيبات وعليها تعاليق وأختام. ويليها رسالة العشق للمؤلف باللغة الفارسية من الورقة (236أ ـ 249أ).
رسالة في أنه لا مخافة من الموت
بسم الله الرحمن الرحيم
لما كان أعظم ما يخاف منه الإنسان هو الموت، وكان هذا الخوف عاما وهو مع عمومه أشد وأبلغ من جميع المخاوف؛ وجب أن أقول: إن الخوف من الموت ليس يعرض إلا لمن لا يدري بالموت على الحقيقة، أو لا يعلم إلى أين تصير نفسه، أو لأنه يظن إذا انحل وبطل تركيبه فقد انحل ذاته وبطلت نفسه بطلان عدم ودثور، وأن العالم سيبقى بعده موجودا وليس هو موجود كما يظنه من جهل بقاء النفس وكيفية معادها، أو لأنه يظن أن للموت ألما عظيما غير ألم الأمراض التي ربما تقدمته وأدت إليه وكانت سبب حلوله، أو لأنه يعتقد عقوبة تحل به بعد الموت، أو لأنه متحير لا يدري إلى أي شيء يقدم بعد الموت، أو لأنه يأسف على ما يتخلفه من الأهل والمال والقنيات، وهذه كلها ظنون باطلة لا حقيقة لها، أما من جهل الموت ولم يدر ما هو فأنا أبين أن الموت ليس بشيء أكثر من ترك النفس آلاتها وهي الأعضاء التي مجموعها يسمى بدنا، كما يترك الصانع استعمال آلته، فإن النفس جوهر غير جسماني، وليست عرضا، وإنها غير قابلة للفساد، وهذا البيان يحتاج إلى علوم تتقدمه، وذلك مبين مشروح في موضعه فإذا فارق هذا الجوهر البدن، يبقى البقاء الذي يخصه، ونقى من كدر الطبيعة وسعد السعادة التامة، ولا سبيل إلى فنائه وعدمه؛ فإن الجوهر لا يفنى من حيث أنه جوهر ولا يبطل ذاته، وإنما تبطل الأعراض والخواص والنسب والإضافات التي بينه وبين الأجسام بأضدادها، فأما الجوهر فلا ضد له وكل شيء يفسد من ضد، وأنت إن تأملت الجوهر الجسماني الذي أخس من الجوهر الكريم، واستقرأت حاله؛ وجدته غير فان ولا متلاشئ من حيث هو جوهر[1/ب]، وإنما يستحيل بعضه إلى بعض فيبطل خواص شيء منه وأعراضه، فأما الجوهر نفسه فهو باق ولا سبيل إلى عدمه وبطلانه، فأما الجوهر الروحاني الذي لا يقبل استحالة ولا تغيرا في ذاته وإنما يقبل كمالاته وتمامات صورته، فكيف يتوهم فيه العدم والتلاشي، وأما من كان الموت لا يعلم إلى أين يصير نفسه، أو لأنه يظن أن بدنه إذا انحل وبطل تركيبه فقد انحل ذاته وبطلت نفسه، وجهل بقاء النفس وكيفية المعاد، فليس يخاف من الموت على الحقيقة، وإنما يجهل ما ينبغي أن يعلمه، فالجهل إذا هو المخوف إذ هو سب الخوف، وهنا الجهل هو الذي حمل الحكماء على طلب العلم والتعب فيه، وتركوا لأجله لذات الجسم وراحات البدن، واختاروا عليه النصب والسهر، ورأوا أن الراحة التي يستراح بها من الجهل هي الراحة بالحقيقة، فإن التعب الحقيقي هو تعب الجهل لأنه مرض مزمن للنفس، والبرء منه خلاص لها وراحة سرمدية ولذة أبدية، فلما تيقن الحكماء ذلك واستبصروا فيه وهجموا على حقيقته ووصلوا إلى الروح والراحة؛ هانت عليهم أمور الدنيا كلها واستحقروا جميع ما يستعظمه الجمهور من المال والثروة واللذات الحسية والمطالب التي تؤدي إليها إذا كانت قليلة الثبات والبقاء سريعة الزوال والفناء كثيرة الهموم إذا وجدت عظيمة الغموم إذا فقدت، فاقتصروا منها على مقدار الضروري في الحياة، وتسلوا عن فضول العيش الذي [فيه] ما ذكرت من العيوب وما لم أذكره، ولأنها مع ذلك بلا نهاية، وذلك أن الإنسان إذا بلغ منها إلى غاية تداعت إلى غاية أخرى من غير وقوف على حد ولا انتهاء إلى أمد، وهذا هو الموت لا مخافة منه، والحرص عليه هو الحرص على الزائل والشغل به هو الشغل على الباطل، ولذلك جزم الحكماء الحكم بأن الموت موتان؛ موت إرادي وموت طبيعي، وكذلك الحياة حياتان؛ حياة إرادية وحياة طبيعية، وعنوا بالموت الإرادي إماتة [2/أ] الشهوات وترك التعرض لها، وعنوا بالحياة الإرادية ما يسعى له الإنسان في الحياة الدنيا من المآكل والمشارب والشهوات، وبالحياة الطبيعية بقاء النفس السرمدي في الغبطة الأبدية بما تستفيده من العلوم وبراءتها من الجهل، ولذلك وصى أفلاطون الحكيم طالب الحكمة بأن قال له (مت بالإرادة تحيى بالطبيعة)، على أن من خاف الموت الطبيعي من الإنسان، فقد خاف ما ينبغي أن يرجوه وذلك أن هذا الموت هو تمام حد الإنسان، لأنه حي ناطق مائت، والموت تمامه وكماله، وبه يصير إلى أفقه الأعلى، ومن علم أن كل شيء هو مركب من حده، وحده مركب من جنسه وفصوله، وأن جنس الإنسان هو حي، وفصوله هو الناطق والمائت؛ علم أنه يستحيل إلى جنسه وفصوله، لأن كل مركب لا محالة يستحيل إلى الشيء الذي منه تركب، فمن أجهل من يخاف تمام ذاته، ومن أسوء حالا ممن يظن أن فنائه بحياته، ونقصانه بتمامه، وذلك أن الناقص إذا خاف أن يتم فقد حل من نفسه على غاية الجهل، فإذن يجب على العاقل أن يستوحش من النقصان، ويأنس بالتمام، ويطلب كل ما يتممه ويكمله ويشرفه ويعلي منزلته ويحل رباطه من الوجه الذي يأمن به الوقوع في الأسر، لا من وجه الذي يشد وثاقه ويزيده تركيبا وتعقيدا، ويثق بأن الجوهر الشريف الإلهي إذا تخلص من الجوهر الكثيف الجسماني خلاص نقاء وصفو لا خلاص مزاج وكدر؛ فقد سعد وعاد إلى ملكوته وقرب من بارئه وفاز بجوار رب العالمين وخالط الأرواح الطبيعية من أشكاله وأشباهه ونجا من أضداده وأغياره، ومن ههنا يعلم أن من فارقت نفسه بدنه وهي مشتاقة إليه مشفقة عليه خائفة من فراقه؛ فهي في غاية الشقاء والبعد من ذاتها وجوهرها، سالكة إلى أبعد جهاتها من مستقرها طالبة قرارها ولا قرار لها، وأما من يظن أن للموت ألما عظيما غير ألم الأمراض التي ربما تقدمته وأدت إليه فقد ظن ظنا كاذبا، بأن الألم إنما يكون للحي والحي هو القابل أثر النفس، فأما الجسم الذي ليس فيه أثر[2/ب] النفس فإنه لا يألم ولا يحس، فإذن الموت الذي هو مفارقة النفس البدن لا ألم له، لأن البدن إنما كان يألم ويحس بالنفس، وحصول أثرها فيه، فإذا صار جسما؛ لا أثر فيه للنفس، فلا حس له ولا ألم، فقد تبين أن الموت حال للبدن غير محسوس عنده ولا مؤلم فراق ما به كان يحس ويتألم، وأما من خاف الموت من أجل العقاب؛ فليس يخاف الموت بل يخاف العقاب، والعقاب إنما يكون على شيء باق منه بعد الموت، فهو لا محالة سيعترف بذنوب له وأفعال سيئة يستحق عليها العقاب، وهو مع ذلك معترف بحاكم عدل يعاقب على السيئات لا على الحسنات فهو إذن خائف من ذنوبه لا من الموت، ومن خاف عقوبته على ذنب وجب عليه أن يحترز ذلك الذنب ويجتنبه، والأفعال الرديئة التي تسمى ذنوبا إنما تصدر عن هيئات رديئة، والهيئة الرديئة التي هي للنفس؛ هي الرذائل التي أحصيناها وذكرنا أضدادها من الفضائل، فإذن الخائف من الموت على هذا الوجه ومن هذه الجهة؛ هو جاهل بما ينبغي أن يخاف منه، وخائف مما لا أثر له، ولا خوف منه، وعلاج الجهل العلم، ومن علم فقد وثق ومن وثق فقد عرف سبيل السعادة، فهو يسلكها ومن سلك طريقا مستقيما إلى غرض أفضى إليه لا محالة، وهذه الثقة التي تكون بالعلم هي اليقين، وهو حال المستبصر في ذنبه المتمسك بحكمته، وأما من زعم أنه ليس يخاف الموت وإنما يحزن على ما يتخلف من أهل وولد ومال ونشب( )، ويأسف على ما يفوته من ملاذ الدنيا وشهواتها؛ فينبغي أن يبين له أن الحزن تعجل ألم ومكروه على ما يجدي الحزن عليه طائلا، والإنسان من جملة الأمور الكائنة وكل كائن فاسد لا محالة، فمن أحب أن لا يفسد فقد أحب أن لا يكون، ومن أحب أن لا يكون فقد أحب فساد نفسه، وكأنه يحب أن يكون ويحب أن لا يكون، ويحب أن يفسد ويحب أن لا يفسد، وهذا محال لا يخطر ببال عاقل، وأيضا فلو جاز أن يبقى الإنسان لبقي من قبلنا، فلو بقي الناس على ما هم عليه من التناسل[3/أ] ولم يموتوا؛ لما وسعتهم الأرض وأنت تبين ذلك مما أقول، لو أن رجلا واحدا ممن كان منذ أربعمائة سنة موجود الآن، وليكن من مشاهير الناس حتى يمكن أن يحصى أولاده موجودين معروفين كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم ولد له أولاد ولأولاده أولاد وبقوا كذلك يتناسلون ولا يموت منهم أحد، كم مقدار من يجمع منهم في وقتنا هذا؟ فإنك تجده أكثر من ألف ألف رجل، وذلك أن بقيتهم الآن مع ما قدر فيهم الموت والقتل الذريع أكثر من مائة ألف رجل، واحسب كل من كان في ذلك العصر من الناس في بسيط الأرض شرقها وغربها مثل هذا الحساب؛ فإنهم إذا تضاعفوا هذا التضاعف لم يضبطهم كثرة ولم يحصيهم عدد، ثم امسح بسيط الأرض فإنه محدود معروف المساحة ليعلم أن الأرض حينئذ لا تسعهم قياما ومتراصين فكيف قعودا ومنصرفين، ولا يبقى موضع لعمارة، ولا يفضل مكان لزراعة ولا مسير، لا حد ولا حركة، فضلا عن غيرها، وهذا مدة يسيرة من الزمان، فكيف إذا امتد الزمان وتضاعف الناس على هذه النسب؛ فهذه حال من يتمنى الحياة الأبدية ويكره الموت، وظن أن ذلك ممكن من الجهل والغباوة.
فإذن الحكمة البالغة والعد المبسوط بالتدبير الإلهي؛ هو الصواب الذي لا معدل له، وهو غاية الجود الذي ليس وراءه غاية أخرى لطالب مستزيد وراغب مستفيد، والخائف منه هو الخائف من عدل الله وحكمته، بل هو الخائف من جوده وعطائه، فالموت إذن ليس رديء وإنما الرديء هو الخوف منه، وأن الذي خاف منه هو الجاهل به وبذاته، وحقيقة الموت هي مفارقة النفس للبدن، وهذه المفارقة ليست فسادا للنفس، وإنما هي فسادا لتركيب، فأما جوهر النفس الذي هو ذات الإنسان ولبه وخلاصته فهو باق وليس بجسم فيلزم فيه ما يلزم في الأجسام، بل لا يلزمه شيء من أعراض الأجسام[3/ب]، أي لا يتزاحم في المكان لأنه لا يحتاج إلى مكان، ولا يحرص على البقاء الزماني لاستغنائه عن الزمان، وإنما استفاد بالحواس والأجسام كمالا، وإذا كمل بها ثم خلص منها؛ صار إلى عالمه الشريف القريب إلى بارئه ومنشئه عز وجل، والرجل الذي يتصدق عن أخيه الميت أو يقضي عنه الدين؛ يسعد بذلك الميت، وذلك أن النفس إن كانت واحدة، فالمتصدق نفسه وتلك الأخرى وسائرها شيء واحد، وإن كانت كثيرة ولا يفعل المتصدق ذلك الفعل إلا بمشاكلة بتلك النفس، وعلى هذا شبيه بشيء واحد تمت.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|