تعجَّلوا الفريضة
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر
من القواعد المقررة عند أهل العلم أن الأصل في الأوامر الشرعية المبادرة في الامتثال – من المكلفين – متى استطاعوا، ويحرم التأخير إلا لعذر يقتضيه في ميزان الشرع.
فإن الله تعالى قد أمر باستباق الخيرات، والمسارعة إلى المغفرة والجنات، وشهد للمتسابقين بالسبق والفوز بالقرب والثواب، وذم – سبحانه – المسوفين والمماطلين، وعد ذلك من صفات المنافقين المتوعدين بالدرك الأسفل من النار، ولن تجد لهم نصيرا.
إذا تقرر ذلك فإن الحج من أعظم فرائض الله تعالى على المستطيعين من عباده، والركن الخامس من أركان الإسلام، وكان فرضه – على الصحيح – في السنة التاسعة من الهجرة، ولقد بادر النبي - صلى الله عليه وسلم - لأدائه لكن لم يتمكن من السفر إليه في تلك السنة لعوارض معروفة عند أهل العلم بسيرته - صلى الله عليه وسلم -، منها: وجود من أهل الشرك في الحج، ومنها: كون بعض الناس يطوفون بالبيت عراة، عادة أهل الجاهلية، فأمر - صلى الله عليه وسلم - الصديق على الحج تلك السنة، وأردف من ورائه علياً - رضي الله عنه - يؤذن الناس ببراءة، وأن لا يحج البيت مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وذلك تهيئة لمقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة العاشرة، وحتى يتسامع الناس بذلك فيتهيأوا للائتمام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ليأخذوا عنه المناسك وغيرها من مهمات الدين.
فتبين من ذلك أن الواجب على المستطيع السالم من الموانع أن يبادر لأداء فريضته ليكون من:
أ– المبادرين إلى امتثال أوامر الله تعالى، المثني عليهم في التنزيل، والموعودين بالسبق في الآخرة والثواب العظيم.
ب– المتأسين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - المستمسكين بسنته - صلى الله عليه وسلم - قولاً وفعلاً.
جـ– وليكون خارجاً عن طائلة الوعيد في قوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ}.
د– وحذر من سوء الخاتمة بسبب التفريط والتسويق، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((تعجلوا الحج – يعني الفريضة – فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له))، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أراد الحج فليتعجل فقد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة))، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - التحذير لمن لم يتعجل الحج بأن يموت يهودياً أو نصرانياً إلى غير ذلك، مما هو من شؤم المماطلة والتسويف.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك