08-17-2015, 04:12 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 359,116
|
|
الرد على أخيك المسلم وجواب رسالته.
بسم الله الرحمن الرحيم
* قال ابن عباس رضي الله عنه: إني لأرى لجواب الكتاب حقا كرد السلام. "1"
* قال ابن مفلح: (قول صحابي، لايصح خلافه عن صحابي معمول به).
الآداب الشرعية1/438
* لابن هنان:
إذا كتب الخليل إلى خليل ** فحق واجب رد الجواب
إذا الإخوان فاتهم التلاقي ** فما صلة بأحسن من كتاب
- وقد ذكر المنتجالي في كتابه"التعديل والتجريح" أن إسحاق بن راهويه كتب لقتيبة بن سعيد مرارا، فلم يجبه، فأنشده هذين البيتين، فأجابه قتيبةفي الحال.
* وقد روي مثل أثر ابن عباس هذا عن ابن عمر رضي الله عنه أيضا.
رواه المقرئ في معجمه وحرب في مسائله، لكنه لايثبت عنه.
*وروي مثله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولايثبت، بل عده ابن الجوزي والألباني وغيرهما في الموضوعات.
*والمراد بالكتاب هنا= الرسالة المكتوبة.[ويشبهها الآن من بعض الوجوه= الرسالة الصوتية]
* ذكر العلامة الفقيه ابن مفلح احتمال وجوب رد جواب الكتاب أو استحبابه، ثم قال:
(أما إن أفضى ترك ذلك إلى سوء ظن وإيقاع عداوة ونحو ذلك= توجه الوجوب.
ولابد من رد جواب ما قصده الكاتب وإلا كان الرد كعدمه؛ شرعا وعرفا). 1/439
وما ألطف هذا التقرير وأحسن هذا التفصيل ممه رحمه الله، وإنك لاتكاد تجد مثله عند غيره ممن تكلموا في هذا الباب.
- ومما يدخل في الرد الذي يقصده الكاتب= أن يكون رد الكتاب-في الجملة- مناسبا لما في الكتاب؛ فلايكون أقل من الكتاب تحية وترحيبا وغير ذلك.
وكما يقول ابن أبي الحجاج الصويتي:
ورد الجواب كرد السلام ** بمثل التحية أو أحسن
* قال ابن عاشور رحمه الله في"التحرير والتنوير":
(لم أقف على حكم فيه[أي:جواب الكتاب] من مذاهب الفقهاء). انتهى
- وهذا كلام غريب؛ فكلام الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم فيه مبثوث مشهور حتى في كتب بعض فقهاء مذهبه المالكي، بل هو محكي عن مالك نفسه-كما سيأتي-.
* ممن نصوا على حق رد جواب الكتاب:-
- من الحنفية: أبوالليث السمرقندي"2"، والحصكفي"الدر المختار"6/415.
- ومن المالكية: نسب إلى الإمام مالك في رسالته إلى هارون الرشيد"3"، وذكره ابن يونس في جامعه-نقلا-"4"، والقرطبي في تفسيره13/193.
-ومن الشافعية: النووي في المجموع وشرح مسلم وغيرهما"5"، والهيتمي في فتاويه، وبدر الدين الغزي في الآداب.
- ومن الحنابلة: ابن تيمية وابن مفلح في الآداب الشرعية.
* وبعض هؤلاء-كالنووي والهيتمي- يذكرون حق الرد هنا ووجوبه في سياق الكلام على كتاب تضمن سلاما أو في سياق الكلام على رد السلام، وهذا يرجع إلى باب آخر؛وهو حكم رد السلام،في فرع: حكم رد السلام مكاتبة، ومسألتنا هنا أعم؛ فهي في رد جواب الكتاب مطلقا حتى إن لم يتضمن الكتاب السلام، حتى رد بقية ما في الكتاب-غير السلام- إن تضمن سلاما، وهذا هو مقتضى كلام ابن عباس وغيره؛ فإنهم قرروا أن رد جواب الكتاب كرد السلام؛ فقاسوا الأول على الثاني، ولايقاس أمر على آخر تضمنه تضمنه أصليا، بل الجادة هنا المغايرة، وإلا فلو كان معنى أثر ابن عباس وغيره أن رد جواب الكتاب كرد السلام إن تضمن الكتاب سلاما أو على السلام الذي في الكتاب فحسب= كانت العلة في وجوب رد الكتاب= هي السلام، فصار السلام هو مقصود الحكم، وصار معنى أثر ابن عباس وغيره= رد السلام كرد السلام !
وهذا عي وركاكة ينزه ابن عباس وغيره من السلف والأئمة عن مثله. والله أعلم
* وقد ذكر جماعة من الشافعية أن رد جواب الكتاب واجب على الفور.
* ورد جواب الرسالة له أحوال يختلف الحكم باختلافها؛
كتضمنه السلام،
أو كونه من ذي فضل وحق عليك أو والد أو ذي رحم،
أو كون صاحبه قد تكلفه،
أو كونه خصك به تخصيصا ظاهرا مقصودا وليس كمالكاتبات التي توزع مكررة على متعددين،
أو كون كاتبه ممن تعرف منه شدة التحري في دفع ما يمس عزة نفسه أو تعرف أنه ممن يتكدر عند أدنى إهمال أو هجر"6" وليس هو ممن لايهتمون ولايتشوفون للرد عليهم"7"،
أو كون الرسالة المكتوبة في موضوع هام.
* والاعتدال في هذا الباب بين تطرفين من الجهتين[؛المرسل والمرسل إليه]؛ فبعضهم يريد رد كل رسالة وربما أراد ردا بهيئة معينة وتطويل، دون اعتبار قيمة الموضوع وحال المرسل إليه في ذلك الوقت من جهة الانشغال والقدرة الحسية أو النفسية على مثل ذلك الرد"8"، وبعضم يتكبر ويتصنع السمت فلايكاد يرد على كتاب، وربما كان بعض هؤلاء ممن يقرؤون كل ما ما يكتب إليهم أو جله، لكن يحجزهم عن الرد التكلف، وقد نهينا عن التكلف"9"، وقبل ذلك نهينا عن احتقار المسلم"10" وأمرنا برد التحية بمثلها أو أحسن.
والله أعلم والحمدلله
----------------------------------------
"1" رواه ابن سعد وابن أبي شيبة وغيرهما، وله طرق عن ابن عباس، وقد أثبته الألباني في صحيح الأدب وغيره.
"2" ونصه في كتابه"بستان العارفين"ص380:
(كما أن رد السلام واجب فكذلك رد الجواب واجب).
"3" ونصه:(اردد جواب الكتاب على كل أحد كتب إليك؛ فإنما هو كرد السلام).
- لكن الرسالة المنسوبة لمالك إلى هارون الرشيد= لاتثبت عنه، وقد أنكرها جماعة من علماء المالكية وغيرهم. انظر: ترتيب المدارك لعياض2/92
"4" وانظر: خاتمة الذخيرة للقرافي13/361.
- وجامع ابن يونس كالشرح لمدونة مالك، بل عنوانه في مخطوطته الموجودة في القرويين= "شرح المدونة".
"5" ونصه في المجموع4/594:
(أو كتب كتابا وسلم فيه عليه...وجب عليه رد الجواب على الفور، صرح به أصحابنا، منهم أبو الحسن الواحدي في كتابه البسيط والمتولي والرافعي وغيرهم).
"6" كما في نحو قول الخليفة الأديب ابن المعتز:
لقد بُلِيَتْ نفسي بمن لايجيبني ** وذاك عذاب فوق كل عذاب
وقلت له: رد الجواب، فقال لي: ** جوابك: لا، واترك جواب جوابي
"7" كتب حسين بن منصور مرة إلى ابن عطاء كتابا فيه هذا الشعر:-
كتبت ولم أكتب إليك وإنما ** كتبت إلى روحي بغير كتاب
وذاك لأن الروح لافرق بينها ** وبين محبيها بفصل خطاب
فكل كتاب صادر منك وارد ** إليك بلا رد الجواب= جوابي
"8" وفي أبيات للأمير المنجكي يرد فيها على كتاب فيه شعر كتب إليه:
تكلفني رد الجواب وإنني ** أبيت بفكر في الزمان مشرد
وليس يجيد الشعر منطق عاجز ** ضئيل على فرش السهاد موسد
"9" كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(نهينا عن التكلف). رواه البخاري في صحيحه
"10" وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم). رواه مسلم في صحيحه
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|