07-14-2015, 05:43 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 360,081
|
|
منهج المتقدمين و المتأخرين في الاعتبار بالشواهد والمتابعات واحد متحد
منهج المتقدمين و المتأخرين في الاعتبار بالشواهد والمتابعات واحد متحد
قلنا في مشاركات سابقة أن المحدثين من المتأخرين ساروا على ما سار عليه أئمتهم المتقدمون
واقتفوا آثارهم شبرا بشبر وذراعا بذراع وسلموا لهم الأ مر في معرفة الرجال ونقدهم وتفحص الأسانيد وتمحيصها وسبر المتون وتعليلها
وانما كان اجتهاد المتأخرين بعد المتفدمين في الترجيح فيما اختلفت فيه عباراتهم وفك ما أشكل على الأفهام من اشاراتهم وتيسير ما عسر على ذوي الألباب من ابهاماتهم
ومهدوا الطريق لمن بعدهم وكانوا الجسر الذي لولاه ما وصلنا شيء من الحديث بل من كل العلوم
وانما ظهر الخلل واستحكم الزلل في هذا العصر
فظهرت طائفة تنادي بالتفريق بين المنهجين و ترفع الى أعلى الدرجات الأولين وتنزل الى أسفل الدركات الآخرين , وقالوا ليس لنا في الحديث قول ولا حكم الا ما قاله المتقدمون وحكم به الأولون
وطائفة عكس الأولى خاضت في التصحيح والتضعيف والتعليل وقالوا كم ترك الأول للآخر , وكم وكم فات الأولين مما قد يدركه ويسبق اليه أمثالنا المعاصرون , فصححوا وضعفوا و أنكروا وعرفوا وتوسعوا و تساهلوا حتى شذوا و خرجوا الى أقوال لم يسبقهم اليها أحد من السابقين
وبين الطرفين طائفة وسطى أعطت كل ذي حق حقه وأنزلت كل واحد منزلته وعرفت قبل كل هذا قدرها وأبصرت بين منازل القوم حقيقة منزلتها وموضع أقدامها , فتقدمت حيث كان التقدم وتأخرت حين ينبغي التأخر وسلمت الأمر لما رأت السلامة في ذلك
ومن الأمور التي تعزز توحدمنهج المتقدمين والمتأخرين وتلغي كل الفوارق المدعاة بالحق وبالباطل بينهما هو عمل المتقدمين في الترجيح بين الروايات المتعالية في الصحة اذا تعارضت بالشواهد والمتابعات
فلم يقتصروا عليها في تدعيم وتقوية الروايات الضعيفة فقط كما سبق تقريره وتفصيله بل كانوا يعتمدونها في الترجيح بين الثقات اذا تعارضت أقولهم
مثاله مارواه امام الصنعة البخاري في الصحيح باب الرفع اذا قام من الركعتين قال
حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ " إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ "، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخْتَصَرًا
وقبل هذا الباب أورد الرفع في المواطن الثلاثة لكن من رواية سالم عن ابن عمر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ,,,,الحديث ففيه التصريح بالرفع وقدمه على رواية نافع لذلك وأيضا لأنه من رواية مالك ويونس وشعيب عن الزهري عن سالم
والبخاري لا يقدم على مالك أحدا وبخاصة أنه أردفه برواية أبي قلابة عن مالك بن الحويرث في اثبات الرفع في تلك المواضع
أما نافع فقد خالف سالما في هذا واختلف عليه في هذا الحديث في رفعه ووقفه (وهومن الأحاديث الأربعة التي وقفها هو ورفعها سالم وهو أثبث منه كما صرح غير واحد من الحفاظ) فأكثر الرواة وقفوه على ابن عمر قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ الثَّقَفِيُّ يَعْنِي عَبْدَ الْوَهَّابِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد وبن جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ يَعْنِي عَنْ نَافِعٍ مَوْقُوفًا
فقد اتفق مالك والليث وابن جريج على وقفه واختلف على عبيد الله فرواه موقوفا كرواية الجماعة كل من عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَالْمُعْتَمِرُ ثلاثتهم عن عبيد الله بالوقف وخالفهم عبد الأعلى عن عبيد الله فرفعه كما قال البخاري
وموضع الختلاف الثاني هو زيادة الرفع عند القيام من الركعتين
معناه أن عبد الأعلى خالف كل الحفاظ في أمرين
الأول أنه نسب هده التكبيرات ورفع اليدين فيها الى النبي عليه السلام وغيره وقفها على ابن عمر
الثاني زيادته على المواطن الثلاثة برفع رابع وما ذكره البخاري من متابعة حماد و ابن طهمان فليست بخصوص هده الزيادة بل لرواية الرفع الى النبي عليه والسلام كما رواها عبد الأعلى عن عبيد الله
قال ابن حجر في الفتح (قَوْله وَرَوَاهُ بن طَهْمَانَ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَهَذَا وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ بِهَذَا السَّنَدِ مَوْقُوفًا نَحْوَ حَدِيثِ حَمَّادٍ وَقَالَ فِي آخِرِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ حَمَّادٍ وَلَا بن طَهْمَانَ الرَّفْعُ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الْمَعْقُودُ لِأَجْلِهِ الْبَابُ قَالَ فَلَعَلَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ دَخَلَ لَهُ بَابٌ فِي بَابٍ يَعْنِي أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ يَلِيقُ بِحَدِيثِ سَالِمٍ الَّذِي فِي الْبَابِ الْمَاضِي وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ قَصَدَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ جَزَمَ بِأَنَّ رِوَايَةَ نَافِعٍ لِأَصْلِ الْحَدِيثِ مَوْقُوفَةٌ وَأَنَّهُ خَالف فِي ذَلِك سالما كَمَا نَقله بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى نَافِعٍ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ لَا خُصُوصِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ أَنَّ نَافِعًا كَانَ يَرْوِيهِ مَوْقُوفًا ثُمَّ يُعْقِبُهُ بِالرَّفْعِ فَكَأَنَّهُ كَانَ أَحْيَانًا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَوْقُوفِ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ بعض الروَاة عَنهُ)انتهى
لذلك فقد رد الجمهور الرفع الا في المواطن الثلاثة ومنهم من ادعى الاجماع عليه لكن رد ذلك وثبث القول بالرفع عند القيام من الركعتين عن ابن عمر وابن عباس وعطاء ونافع وطاوس و ابن خزيمة وابن المندر و البغوي والبيهقي (وهم من الشافعية) وهي احدى الروايات عن أحمد
لكن وهذا هو موضوعنا كيف رجح البخاري تلك الرواية مع كثرة وقوة من خالفها ؟
فأولا قد ذكر من تابع عبد الأعلى في رفعها وبذلك تزول أول مخالفة بين نافع وسالم
وأيضا وهذا موضع الشاهد أن البخاري قوى تلك الرواية بروايات أخرى تعضدها وتقويها
ثانياقد ذكر البخاري في رسالته (رفع اليدين) شواهد لتلك الرواية و فيها بعض الضعف وهي تقصر عن درجة الصحيح لذلك لم يخرجها في جامعه الصحيح
فمنها متابعة نافع رواها أبو داود والبخاري مِنْ طَرِيقِ مُحَارِبِ بن دثار عَن بن عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ
وله شاهدان من حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ في عشرة من الصحابة وَحَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُد وصححهما بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ
قال البخاري في جزء رفع اليدين (مَا زَاده بن عُمَرَ وَعَلِيٌّ وَأَبُو حُمَيْدٍ فِي عَشَرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنَ الرَّفْعِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْكُوا صَلَاةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا فِيهَا وَإِنَّمَا زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَة من أهل الْعلم)
وبهذا يظهر دقة استنباط البخاري وعمق فقهه وسعة اطلاعه وحفظه
وانظر كيف رجح رواية قد رآها غيره من جماهير المحدثين والفقهاء هي المرجوحة
وبذلك استوى على عرش الحديث , ولم يقدر أحد أن يدركه وان سعى السعي الحثيث
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|