شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 8 > المكتبة الضخمة المتنوعة في كل المجالات --- الاف الكتب ---- متجدد
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: نعمة الحسان مصحف مقسم صفحات ثابتة واضحة 604 صفحة كامل المصحف المصور فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ب حفص الحذيفي مصحف مقسم صفحات ثابتة واضحة 604 صفحة كامل المصحف المصور فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1436 عام 2015 سورة 024 النور (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1436 عام 2015 سورة 012 يوسف (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1436 عام 2015 سورة 014 إبراهيم (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1436 عام 2015 سورة 026 الشعراء (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1436 عام 2015 سورة 013 الرعد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1436 عام 2015 سورة 023 المؤمنون (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1436 عام 2015 سورة 011 هود (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1436 عام 2015 سورة 010 يونس (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 03-21-2015, 04:18 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي كلمة مختصرة، وزبدة معتصرة ـ حول الخط العربي السوقي ـ في "آزواد" شمال مالي

كلمة مختصرة، وزبدة معتصرة ـ حول الخط العربي السوقي ـ في "آزواد" شمال مالي

عندما أحدثك عن "الخط السوقي"، فإن الحديث بطبعه سيكون مثيرا، وقد تجد فيه بعض المتعة ، والخط كما قال ابن خلدون قد قال ابن خلدون ( إنه صناعة شريفة يتميز بها الإنسان عن غيره ، وبها تتأدى الأغراض ، لأنها المرتبة من الدلالة اللغوية .
وقد عرفه بقوله :هو رسوم وأشكال حرفية تدل على الكلمات المسموعة الدالة على ما في النفس الإنسانية من معان ومشاعر .
وقد صدق من قال" الخط لليد لسان ، وللخلد ترجمان ، فرداءته زمانة الأدب ، وجودته تبلغ شرائف الرتب "
إن في الحديث عن الخط السوقي ما يفشي لك بعض أسرار الصحراء الآزوادية، ويحدثك عن بعض نفائسها التي ضنت بحور الرمال بإلقائها إلى الساحل، فاحتفظت بها الصحراء جنينا في بطنها، كلما انتفخت الروح في عضو منه مات عضو آخر مشلولا بحكم ما تعيشه من أوضاع مؤلمة منذ أن ألقى بها الاستعمار الفرنسي الأول ثقلها، فلربما لم يكتشف هذا الخط ولا يعلم حتى بوجوده الكثير من خطاطي العالم المهتمين والباحثين عن الخطوط أو المخطوطات، فهو ليس متوفرا في أدراج كثير من المكاتب التي هي مظنة التعرف من الباحثين على المكنونات الغالية، وقليل الحضور في التصنيفات الخطية، وفي الفهارس ما عدا بعض الفهارس التي صدرت عن مكاتب "تنبكت" مثل ‏فهرس مخطوطات مركز أحمد بابا للتوثيق والبحوث التاريخية بتنبكتو/‏‏ابن علي،سيدي عمر، والذي نشرته دار الفرقان عام 1998.
ولكنه مع ذلك شهير في منطقة تواجده شهرة طغت على كثير غيره من الخطوط،باسمه وبوسمه،" الخط السوقي، أو خط كل أسُّوكْ" محفوظ في غرائر مكاتب أهله منذ قرون، يتنقلون به في حقائبهم الجلدية على متون الجمال والحمير، والموت دون التفريط في مكاتبهم الموروثة، يذهبون بها أين ذهبوا، ويقيمون بها حيث أقاموا، ولا يعرف غير المثقفين الكبار من أهله غيره فيما قبل ثلاثين سنة، إلا بعد أن بدأ خط النسخ والرقعة ينتشران بعامل نشأة المدارس ذات التأثر بالمشرق في خطها وغيره:
نسبة الخط إلى السوق:
ينتسب هذا الخط إلى أهل السوق أهل تادمكة التي تعرف ب"السوق" في كتابات متأخري مؤرخيها، فانتسابه لأهل السوق لا للسوق، فليس انتسابا مقارنا للأجيال التي سكنت المدينة عبر القرون،ولا لكثير ممن سكنها في فترة متأخرة ،فهو يقترن بالسوق وبأهله اقترانا جزئيا غير شمولي؛ لشمول السوقية المكانية انتماءً لكثيرين لاينتمي إليهم بحال، فهو خاص بمن قصر عليهم العرف اسم السوقيين أو "كل أسوك" أو ببعضهم إذا انصرف الإطلاق إلى ما بعد القرن التاسع أو القرن الحادي عشر إلى الثاني عشر.
ويجدر بالذكر أن هذا الخط لم نجد له حضورا بصورته المآلية على أعلام المدافن في منطقة الآثار في تادمكة السوق ،خلال رحلة قمنا بها؛ لاستكشاف الآثار في عام 1426هـ فهو نشأ بعد انجلاء من ينتمي إلى السوق عنه كما يأتي، والمرجح لدى بعض المؤرخين من علماء السوقيين أن هذا الانجلاء كان في القرن العاشر الهجري .
فالسوقيون الأوائل يكتبون بالحرف المغربي والأندلسي الذي هو حرف أصولهم المغربية أو الأندلسية إلا في حدود القرن الثاني عشر، ففيه داخلته الصنعة كما ذكره المؤرخان الشيخ العتيق بن سعد الدين الإدريسي الجلالي في الجوهر الثمين في تاريخ صحراء الملثمين والشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد في اللؤلؤ المنسوق في كيفية تعاليم أهل السوق ـ وهما من أعلم الناس بهذا وأشدهم اعتناء به ـ فتعاقبت عليه التطورات التي بحكم أثرها عليه استطاع أن ينفرد باسم الخط السوقي .
الخط السوقي والمغربي:
إن الخط السوقي امتداد للخط المغربي كما أن السوقيين الذين ينسب إليهم امتداد للمغرب سواء بإطلاقه الخاص أو العام، فمنها نبعت أصولهم من الأشراف والأنصار والفهريين وغيرهم كما تنطق به سلاسل أنسابهم وتنطق به مدوناتهم التاريخية القديمة والمعاصرة، ومن المعلوم وشائج الرحم بين المنطقة التي يسكنونها " آزواد" وبين بلاد المغرب عرقيا وثقافيا وسياسيا قديما وحديثا، والفرع مولع بمحاكاة الأصل والاعتزاز بأثره ـ وإن قدم العهد وبعدت الشقة ـ وكما أنه يحمل شبها للخط المغربي فكذلك تجد فيه ملامح الخط الأندلسي ومع كل ذلك فقد احتفظ بشارتِه الخاصة التي جوزت تسميته باسم خاص فلا هو مغربي ولا هو أندلسي ولا هو غيرهما.
فنسبه الشكلي ينتهي إلى أصله وقد عرفنا أقرب الأنساب إليه ووجدناه هي هي أقرب الأنساب إلى السوقيين الكاتبين به، فما دام الخط يقوى فيه الشبه المغربي والأندلسي وإليهما ترجع الأصول السوقية فإننا إذا أنهينا سند انتمائه إلى الخط المغربي نكون قد أنهينا الفرع إلى أصله وإن بحث بعد الباحثون في أصول أصله فيكون مشمولا بالبحث ولا محالة.
وبالإضافة إلى التقارب في الشكل مع استقلاله عنه نجد عدة خصائص يشتركان فيها منها عدم تنقيط حرف القاف ـ مثلا ـ في آخر الكلمة .
ولا يلتزم الخطاط السوقي بقواعد الإملاء كالفاصلة أو نقطتي التفسير ولكنهم يستخدمون نقطة في مكان الفاصلة أحيانا وفي محلها غالبا، ويمكن أن توضع قواعد تميز خطهم، فهو بالفعل متميز بخصائص مستقلة وإن كانت لم تدون بعد ـ حسب ما أعلم ـ ولسنا هنا في دراسة تحليلية توصيفية مقارنة بينهما..

في أي قرن نشأ الخط السوقي ؟
هذا سؤال وارد من المهتمين بالشأن من الباحثين السوقيين، و الإجابة الدقيقة عنه مستعصية لما يتطلبه من نفض غرائر المخطوطات والاطلاع على ما فيها، والاطلاع على تواريخ المخطوطات، وكلاهما عزيز، فاتنا كثير من فرصه، فقد تعرضت المخطوطات السوقية للنهب والإحراق وغيرهما من آفات الكتب التي أجملها من قال :
(النار تحرقها والماء يغرقها ...والفار يغرقها واللص يسرقها )
ومن أواخر تلك الاعتداءات ما تعرض له ما لايقل عن 40 مكتبة في قرية "وادي الشرف" العالمة قرية "كل أسّثوك" شرق غاو عام 1415هـ من عدوان الجيش المالي وإحراقه لها كما أشرت إليه في مرثيتي لذلك الحادث
إذ صبح الجيش يوم النحس حاضرة.... للعلم، لم يرع لا دنيا ولا دينا
وقبلي أشار إلى ما يخص المكاتب الشيخ الشاعر خالي المرتضى بن محمد الإدريسي التبورقي رحمه الله بقوله
(نعم أنقاض جامعنا وكتب ... بها النيران تستعر استعارا)
وذلك في يوم شديد أبكى العلماء والصالحين والشعراء حيث أغار الجيش المالي على تلك القرية الشهيرة بالعلم والعمل، وقد عثرت أخيرا على قائمة وضعها الشيخ العتيق بن الشيخ سعد الدين الحسني الإدريسي الجلالي للمخطوطات المتواجدة بتلك الحاضرة العالمة المظلومة،ومع أن القائمة في نسختها التي عثرت عليها غير كاملة ولا شاملة لسائر مكاتب القرية إلا أنها شملت أكثر من 16مكتبة، تحتوي بمجموعها على أزيد من 200مخطوط أغلبها بالخط السوقي خطوط أجدادنا وأجدادهم..
وليس بعيدا عن الذهن ما تعرض له مركز أحمد بابا التنبكتي قبل أقل من سنة من القصف الفرنسي، ولكثرة هذه الغارات على أهل العلم في بلدنا مع غياب دور تهتم بالتراث وإيوائه صعب القول بالبت بتعيين شخص بعينه قام بإعمال التطوير والتغيير في قالب الحرف المغربي أو الأندلسي ليشتهر مع مرور القرون باسم الخط السوقي في صحراء آزواد .
ولكن تفيد بعض الروايات عن الثقات أن الشيخ محمد الإمام بن أحمد بن بن محمد بن ربيعة الحسني الأدرعي الجلالي ـ من رجال أواخر القرن الحادي عشر إلى الثاني عشر ـ هو من قام بتطوير الحرف من شكله المغربي أو الأندلسي إلى صورته التي استقر تداولها، ولكنا مع معرفتنا بمهارة الشيخ المذكور في الخط وكثرة المخطوطات التي تركها بيده واشتهاره واشتهار ذريته بجودة الخط فيمن اشتهر بذلك من السوقيين إلا أننا متوقفون في القول بأنه هو أبو بجدة تطويره لأمرين اثنين :
أولا : أن خطه لم نعثر عليه بعد كارثة وادي الشرف المشار إليها فلا نستطيع أن يكون لنا رأي إلا بمقارنته مع غيره مما وقع بأيدينا من خطوط معاصريه وأهل زمنه أو من قبله .
ثانيا: أن من عثرنا على خطه من أهل زمنه ومعاصريه ومن بعده بقليل نجد أن خطهم مستقر تماما ولا نجد عليه مسحة النشوء ولا في وجهه ملامح مولود جديد، ولئن كان يرد على هذا أن تعلم الخط وتغير الحرف أو اقتران حرف كتابي بآخر قد جربنا بأنفسنا أنه قد يتم لذي موهبة في فترة وجيزة، فقد تحكى صور الحروف فتتقن في فترة قليلة، وعلى كل حال فلا نعترض على نسبة التغيير في صورة الحرف إليه ـ رحمه الله ـ، فالرواية عن أكثر من ثقة تنمي ذلك إليه، ولكن البحث التاريخي المحقق تتطلب النتيجة فيه مزيدا من الاستقراء والتتبع، وهو ما لم يفتح علينا في ظل ما بقي من مكاتب السوقيين بالقدر الذي أرتاح إلى إعطاء نتيجة من خلاله، ونسبته إليه وهو من رجال القرن الثاني عشر يناسبه ـ وإن كان لا يقطع بها ـ ما ذكر الشيخان والدنا محمد الحاج بن محمد أحمد والعتيق بن سعد الدين من أن نشأة الخط السوقي كانت في القرن الثاني عشر، ويؤكده عن الشيخ العتيق وغيره ما أفاده أخونا الشيخ محمد بن محمد توحة الحسني الأدرعي الجلالي ـ من المهتمين بالتراث السوقي ـ فقد أسند ذلك إلى عالمين جليلين أحدهما الشيخ العتيق فقد ذكر له أنه سأل والده عن تباين الخطوط على ألواح بعض مقابر سلفه القدامى فأفاده بأن التغير في الخط إنما كانت بدايته عند الشيخ محمد الإمام، وكما ينقل ذلك عنه فقد نقل مثله عن الشيخ الرشيد أحمد بن موسى الأنصاري الجلالي مسندا إياه إلى علماء كل تجللت، وكفى بهما ثقة، وأقف وقفة تردد في التعيين إلى أن يفتح الله علي جردا يشمل أكثر من خط ينتمي إلى زمن الشيخ الإمام ـ رحمه الله ـ تحقيقا، ولكنه مع التوقف لا يليق عدم الإشارة لهذا بعد انتشاره عن الثقات والمهتمين ، ومما أدركنا ولا شك فيه نسبة جودة الخط إلى أبناء الإمام فيقال في معرض النموذجية المثالية "خط أبناء الإمام"
الخط السوقي والبراعة فيه :
لم نستطع البت كما تقدم ببدايات الخط السوقي، غير أنا نستطيع الجزم بأنه برع فيه رجال في كل طبقة منذ نشأته ولدينا مخطوطات كتبت به في أوخر القرن الحادي عشر إلى ما بعد ذلك تتسم بالجودة، بل ومن الطبقات المتقدمة، وممن يجيد الخط قبل القرن الثاني عشر الشيخ البكري بن أجاي الحسني الإدريسي ـ من أسلاف "كل تبورق" فإنه ذكر العلامة الشيخ المحمود في التبر التالد أنه "من سماسرة الخط وأئمة الحفظ والضبط، ومن ثم اعتمد الناس عليه في التسجيل وعملوا بمقتضى تعليقاته جيلا بعد جيل" وباستصحاب إسناد التطوير الحرفي إلى الشيخ محمد الإمام المذكور فيمكن الجمع بأن براعته هذه في الخط المغربي خط أجداده، فالظن الغالب أنه من رجال القرن العاشر وفي الذي قبله أوفيه وصل جده الشريف علي بن يحيى إلى بلاد تادمكة "السوق" ولا ننسى أن النقل المتقدمين عن الشيخين العتيق ومحمد الحاج، يفيد أن ما أسموه بالصنعة إنما داخله في القرن الثاني عشر، فلعل الجمع بين هذين النقلين أن براعة الشيخ البكري كانت في الخط المغربي ، لتقدم زمنه عن الوقت الذي حدده المؤرخان لنشأة الخط السوقي.

ثم إنه لا زال السوقيون يكتبون بالخط السوقي على تفاوت في العناية بشكل الحرف قال الشيخ العتيق بن الشيخ سعد الدين في الجوهر الثمين " ثم إن خط السوقيين جملة له مزية على غيره من الخطوط التي ببلادهم، فلكل جيل من الكتاب صورة للخط تخالف صورة غيرهم لا يشبه خط العرب خط الفلان، ولا يشبهان معا خط "إهَتَنْ" ،ولا يشبه جميعها خط السوقيين، فإن أقرب الخط إلى خطهم خط أهل المغرب الذي تكتب به المصاحف المطبوعة في المغرب بقراءة ورش فهو بعينه خط أسلافهم الأولين كما رأيته في كتبهم وعلى ألواح قبور أجدادهم الأقدمين، وتجددت فيه صنعة في القرن الثاني عشر تميز بها السوقيون على غيرهم من الكتاب وأشدهم إقامة لتلك الصنعة ثلاثة أحياء: أهل تَبُرَقْ ، وأهل تَجللت ، وأهل تِكِرَتِنْ ، فقد اعترف لهم إخوانهم في العصور الأخيرة بإحرازهم قصب السبق في تلك الصنعة ثم صار الأمر إلى انفراد الأحياء الثلاثة بها من غير مشاركة ولا منازعة، من أراد من إخوانهم أن يستنسخ كتابا طلب من بعضهم أن يكتبه له، فتارة يسعفه بذلك المطلوب مجانا ، وتارة يعتذر له فيسترضيه بالمال الجزيل"
وممن رأيت أنموذج خطوطهم من متقدمي أسلافنا خط الشيخ آحماد بن محمد المصطفى الأنصاري ـ من أسلاف أهل تكرتن" وكان حيا (1231)هـ فلدينا مصورة من نسخة كتبها من الشفا للقاضي عياض، وخط الشيخ محمد إكنن المعروف بهاب بن محمد بن موسى الإدريسي من أسلاف أهل فامبلجو.
ومنهم الشيخ محمد بن محمد المختار المعروف ببلد بن محمد بن ونكل الحسني الأدرعي الجلالي كتب( 1218)وهو أيضا من الشفا للقاضي عياض.
ومن معاصريهم ممن رأيت خطه الشيخ /أحمد عام بن محمد أحمد همهم الحسني الإدريسي الجلالي
كما رأيت لوحة من منظومة ابن عاشر أفادني أخونا مهم السوقي من المهتمين بتراث السوقيين أنها كتبت عام (1125)هـ وقد ذكر ابن عمنا الشيخ محمد توحة الحسني الأدرعي في تقرير له منشور في منتديات مدينة السوق كتبه عن المخطوطات التي حضرت في ملتقى السوقيين المنعقد في تن أهم( 29 /1 / 2010 ) ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺔ ﻟﻢ ﻳﺴﻌﻔﻨﺎ ﺑﺎﻟﺨﻂ ﺍﻟﺴﻮﻗﻲ ﺃﻗﺪﻡ ﻣﻦ ﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﻮﺍﻋﻈﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻣﻮﺳﻰ(يعني الحسيني الجنهاني) ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﺳﻨﺔ (1110)ﻩ
وممن رأيت خطه الجميل من هذه الطبقات الشيخ أحمد الإمام بن محمد إكنن الحسني الإدريسي التبورقي كان حيا (1221) وهو تاريخ نظمه المنهج الميمون الذي أجاد فيه نظم نوازل ابن سحنون قال الشيخ العتيق قال أيضا (ومما وجدته من خطه الذي لا أشك فيه نسخة من كتاب " رحمة الأمة في اختلاف الأيمة " ونسخة من " الأجوبة المهمهْ لمن له من أمر الدين همّهْ " يشترك في نسخهما مع ملازمه أحمد بن محمد إكْنَنْ المذكور بالصورة التي عملاها في نسخة "
صحيح البخاري " الموجودة
ومنهم الشيخ محمد الصالح "سله بن محمد البشير الأنصاري اليعقوبي من أسلاف إجَدش قال الشيخ العتيق (وعندنا الجزء الثاني من صحيح البخاري بخطه وخط ملازمه أحمد بن محمد إكْنَنْ بن القاري الدغوغي ـ يعني الشيخ أحمد الإمام المذكور أعلاه ـ ويشتركان فيه شركة غريبة يخط واحد منهما صفحة ويخط صاحبه أخرى ويشتركان في صفحة واحدة بل في سطر واحد ، وأخبرني الشيخ الوالد أن تلك النسخة لما فرغ كاتبها من تصحيحها وفد عليه عم جدي الأدنى محمد إكْنَنْ بن محمد بن هَمَّهَمَّ فقال له كل ما في ملكي احتقره لاتحافك به إلا هذه النسخة التي تعبت في تحصيلها وهي أعز علي من كل شيء كما أنك أعز علي من كل وافد فهي لك
ومن المعتنين بالخط ونسخ الكتب به في تلك الطبقات المتقدمة/ الشيخ حَمَكُ بن محمد إكنن الكنتي الفهري قال الشيخ العتيق
(ومن اعتنائه بالعلم نسخه للكتب العلمية بيده ففي أيدينا نسخة شرح الخرشي على مختصر خليل بخطه والقاموس )

وفي القرن الثالث عشر نجد خطوطا سوقية جميلة جدا، وهذا القرن لاغبار على استقلال الخط السوقي فيه برسمه الخاص وإن كان أوج ازدهاره في القرن الرابع عشر إلى الخامس عشر، وقد برزت فيه خطوط جميلة جدا ومنها خط الشيخ عَمنا بن آحماد الأنصاري التكراتي والذي كان خطه من أروع خطوط تلك الفترة قال الشيخ العتيق حفظه الله(وكان جيد الخط ومن آثار خطه نسخة من المحلي شرح جمع الجوامع ، سمعت أنها خطها بقصبة واحدة من الثمام ، وسمعت أنه كان في تلك المدة يلزم عماله بحفر بير في مكان لم يسبق حفر البير فيه في أرض تِكِرَتِنْ وكان يغدو كل يوم إلى محل البير ويحمل معه الكتاب الذي يكتبه فيشتغل العمال بالحفر ويشتغل هو بالكتابة وفي اليوم الذي أتم فيه الكتاب وصل الحفار إلى ماء البير) كما كان خط ابنه مَحمد فقد رأيت نسخة من العاصمية عند أخينا الشيخ حمزة بن عثمان الأنصاري التكراتي مكتوبة بيد الشيخ محمد بن عمنا، وكانت في غاية الروعة والجمال
وكذلك كان حفيده محمد بن تان في غرة خطوط طبقة القرن الرابع عشر إلى الخامس عشر، وكذلك كان أبناؤه الأحياء من بعده من المجيدين ...

وممن خدم العلم والخط السوقي في ذلك القرن من أعلام السوقيين الشيخ حام بن مَحمد بن سيدي بوبكر فقال الشيخ المحمود بن الشيخ حماد ـ رحم الله الجميع ـ
"ومما ينبئك بحزمه وعزمه في إعزاز الدين، آثاره الخطية التي نتصفحها كل حين؛ إذ كانت متداولة بين الناس على مر السنين، ومن أحسنها وأهمها تجديده نسخة البخاري بتمامها، ورقمها بالكتابة المستحسنة موشية محبرة بالألوان الناصعة من حمرة وخضرة، على وجه يملأ قلب الناظر بهجة وحبرة، ويدهش له ذهولا وحيرة، وقرائن الحال تدل على أنه هو وكتابه ما انتهوا إلى غاية الطاقة في ابتغاء الإجادة، إلا لمحبتهم في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعظيمهم لحديثه، فنضر الله وجوههم كما نضروا رقوم الحديث، وأمننا وإياهم يوم الفزع الأكبر ".
قال: ”والكتب التي تسبب في تجديدها كثيرة، لا أقدر على استقصائها، وكان من عادته أنه كلما قام بتجديد نسخة تخير لها أحسن أهله خطا، وأوفرهم حزما وعزما، فيأتي من خدمته بالعجب، ولا يقتصر على ما يتأدى به أصل الأرب، كما هو عادة أهل العجز والكسل”.
وقال: ”وهذه النهضة من أنفع نهضاته الدينية؛ لأن النسخ الطابعية مفقودة في عصره، فلولا عنايته بالخطوط، لانقرض العلم في محلته، فجزاه الله خيرا”.”.
وقال: ”ولا شك أنه أوتي مناه، وفوق مناه، فإن في الناس قبله خطاطا، لكن ما اتفق لأحد قبله مثل ما اتفق لمن في حوزته من إجادة الخط، إلا لأفراد قليلين، بحيث كان الناس يضربون بهم الأمثال، ثم ازدادت صنعتهم رواجا حتى كانوا يغالون بأثمان خطوطهم كما يغالى بأثمان الجياد والنياق العتاق، فيربحون منها الأموال، ويغتنون بما استفادوا منها عن إذلال أنفسهم بالسؤال” انظر التبر التالد

ومثل نهضة الشيخ مُحمد حام بن مَحمد بن سيدي بوبكر الحسني الإدريسي التبورقي التي تحدث عنها الشيخ المحمود نهضة الشيخ المحمود نفسه ت 1407هـ في تجديد المخطوطات وقد تحدث عنها الشيخ العتيق قال في ترجمة الشيخ المحمود فقال "ومن آثاره العلمية استنساخ النسخ ونقلها من المطبعة إلى الخط اليدوي فلم يزل منذ شب إلى الآن في ذلك العمل لم يرح نفسه وإخوانه وعمّاله من تلك الخدمة ولا أظنه يريحهم ما دام حيا وربما كان حامله على الاستنساخ أن تكون المطبعة غير واضحة لجميع القرآء فينقلها إلى الخط الجيد ليتمكن جيمع القرآء من الانتفاع بها ، أو يكون الكتاب المطبوع لا نسخة له إلا واحدة يضن صاحبها بإعارتها ويستحيل عنده بيعها فيستعيرها منه ويسلط عليها كل كاتب حتى يحصل منها نسخة جامعة بين الجيد والرديء ، ثم يتخير المجيدين من الكتاب فينسخون له نسخة جيدة ويتفضل على بعض أصحابه بالنسخة الأولى الجامعة بين الغث والسمين ، وما ذكرته من آثاره العلمية قليل بالنسبة إلى ما تركته "
قلت وقد أدركنا ذلك وكم لدينا له من شواهد وحفظ الأدب الشعري وصف مجالس كتابه رحم الله الجميع.

ومن معاصري الشيخ حام وأعلام العلماء في وقته من رجال القرن الثالث عشرـ ممن رأيت خطه ـ الشيخ المفسر محمد الصالح بن محمد بن ميد الحسني الأدرعي الجلالي الذي ذكر الشيخ المحمود أنهما يتجالسان ويتدارسان وقد كانا من أعلام علماء زمانهما، وممن قبلهما الشيخ العلامة محمد بن ميدي الحسني الأدرعي الجلالي مؤلف سلالم الإخوان والد الشيخ محمد الصالح هذا، فلدي لوحة من خط جميل له لمتن مختصر خليل بتطريراته وهو من أجود أهل زمنه خطا ومن مجيديه الشيخ عمنا بن أحمد بن محمد المصطفى قال الشيخ العتيق في ترجمته
ومن أبرز من يجيده ممن بعدهم في القرن الرابع عشر الشيوخ/عيسى بن محمد الصالح الحسني الإدريسي التبورقي وأحمدو بن محمد بن بلى الحسني الأدرعي الجلالي جد والدي وقد قال الشيخ العتيق في صدد نقل نقله عنه "وأعرف خطه فوق معرفتي؛لخط يدي"وقال .."وكان جيد الخط كوالده وجده وأعمام أبيه ، وجميع بني جده ، وله حظ وافر من ذلك التراث " ومنهم الشيخ حميد بن عبد الرحمن الأنصاري التكيراتي قال عنه الشيخ العتيق"كان من النوادر في العلم وجودة الخط "
ومنهم الشيخ محمدُ بن محمد محمود الحسني الإدريسي التبورقي، وهو الذي شهر عنه أنه قال لو مُدد له طِراف لاستطاع أن يكتب عليه ما شاء بلا أدنى اعوجاج في السطور
ومنهم الشيخ محمد الأمين بن المكي الحسني الأدرعي الجلالي الذي قال عنه الشيخ العتيق "أما بنو محمد الشيخ بن بَلَى : فلم أعرف شيئا عمن لم أدركهم منهم إلا أن محمد الأمين بن المكّى بن محمد الشيخ كان ممن يضرب به المثل في إجادة الخط " ولدي خطه وهو من أروع ما رأيت.
ومنهم الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار، وهو الذي كتب نسخة تفسير الجلالين التي آلت إلى المفسر محمد الصالح حاي بن محمد بن ميد، بعد أن رغب فيها لحسنها وبهائها
ومنهم الشيخ جدي محمد أحمد بن أحمدُ الحسني الأدرعي الجلالي وقد كتب ابن ابن عمه الشيخ إسماعيل بن محمد الأمين "فالينن" في ترجمته "...بادر الشباب إليه نصيبه من المنقبة التي اشتهرت بها أسلاف عشيرته من جودة الخط، سيما أبناء وقته، وكان والده ممن نال من تلك القسمة الوهبانية التراثية سهما وافرا،وقد سبق القضاء بوراثة الفرع للأصل ويصدق ذلك أني كنت أول ما أدركت هذا الابن أرى مهرة الكتاب من جيرانه يتواعدون منزله بكرة وعشيا ويتخذونه دار ندوة المكاتبة، ويحاكون كيفيات بديعة يخترعها رب المنزل من أنواع التجويد، ويحيلون إليه عند الشروع في تحصيل أية نسخة فواتح البدايات وخواتم النهايات زيادة في طلب رواج المكتوب "
وخط جدي لم أره، وجودته قد انتقلت إلي بالشهرة والاستفاضة.
وممن رأيت خطه من كبار العلماء والشعراء في تلك الطبقة الشيوخ أحمد بن موسى الأنصاري الجلالي وممَّاي بن أحمدُ الحسني الأدرعي الجلالي وغيرهم كثير.

وقد بلغ الخط السوقي أوج ازدهاره في أواسط القرن الرابع إلى الخامس عشر وأجاده كثيرون من علماء السوقيين ومنهم
الشيخ محمد بن تان الأنصاري اليعقوبي التكراتي
والشيخ حمدا بن محمد الحسني الإدريسي الجلالي
والشيخ محمد العتيق بن سعد الدين الحسني الإدريسي الجلالي
والشيخ محمد زد بن حميد الأنصاري
والشيخ محمد"مهمن " بن محمد الصالح بن الأمين الفهري الجلالي
والشيخ عبد القادر بن متال الفهري الجلالي
والشيخ محمد يحيى آمدي بن حمدا الحسني الإدريسي الجلالي،
ومن أبرز مجيديه الشيخان الوالدان
عمي محمد أتو بن محمد أحمد الحسني الأدرعي
وأخوه والدي الشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد فهما من أحسن الناس خطا،
ومن مجيديه ممن يلي من ذكرنا سنا/
إسماعيل بن زين الدين الأنصاري التكراتي
ومنهم محمد ذو الكفل بن محمد بن تان الأنصاري التكراتي
ومنهم منير بن محمد بن حميدي وتقي الدين بن محمد بن تان، وآخرين

أدوات الخط عند السوقيين :
أ:المداد:

قال الشيخ العتيق في الجوهر الثمين:"وأما ما يصنع فيه مدادهم فكثير وأجوده أن تحرق حجارة كانت في بلادهم تسمى" تَفِدَتْ "حتى تسودَّ ثم تخلط بدقيق القرظ والعلك فيجعل في ذلك ماء فإذا اختلط هذه الأشياء تولد من اختلاطها ماء منعقد شديد السواد هو المداد الأسود والأحمر يصنع من حجارة تَفِدَتْ أيضا لكن يبالغ في إحراقها حتى تحمر ويضاف إليها العلك ولا يجعل فيه القرظ لأن طبيعته التسويد....
أما المداد: فيلونونه بجميع الألوان يجعلونه أسود وأحمر وأصفر وأخضر أما الأصفر والأخضر فلا يكتبون بهما الكتاب بل يزينون بهما ويكتبون بهما بعض الكلمات قليلا ، وأما الأحمر فيكتبون به المتون المشروحة وبعض الكلمات من غير المتن مثل أوائل الكلام ، أما الأسود فيكتبون به الشروح والطرر والألواح وسائر ما يكتبون سوى المذكورات"
(
قال الشيخ الوالد محمد الحاج بن محمد أحمد في اللؤلؤ المنسوق في كيفية تعاليم أهل السوق"ثم إن ما تقدم من وصف المداد والأقلام والخط على هذه الكيفية مستمر إلى وقتنا هذا لكن لما حدثت هذه الأقلام التي تكتب بلا استمداد من الدواة تسارع إليها الخطاطون والمتعلمون واتخذوها لكتابة الرسائل ومسودات التآليف والأشعار وما لا يراد بقاؤه طويلا وبقيت الأقلام الموصوفة والمداد الموصوف على حالها لأن الجديدة وإن كانت أسرع عملا وأخف مؤونة وحملا فالقديمة أجود خطا ومداده أبقى مدة ومحوه أسهل لمن أراد محوه وهو المناسب أيضا لكتابة الألواح التي هي من أهم المقاصد ولما أيقنوا أن لكل منهما مزية ليست للآخر جمعوا بينهما فلا تكاد تجد منهم متعلما أو عالما أوحاسبا أو شاعرا أو مؤلفا إلا وجدت في جيبه القلم الجديد والأكثر منهم من توجد عنده الدواة والأقلام القديمة ويعدون ذلك من أهم تراثهم السلفي حتى إني سمعت واحدا من أجلة علمائنا وشعرائنا وهو العلامة الخال محمد حب بن محمد أحمد في أواخر عمره يذكر أنه لا يتأسف على شيء تأسفه على أن يأتيه الموت وليس عنده دواة يعدها لنقل العلم

ب :القلم:
قال الشيخ العتيق "وأما القلم : فيعملونه من قصب فيبري رأسها ثم يشق المبري نصفين ثم يبري كل شق حتى يكون رأس القصبة رقيقا جدا، ثم يحرفه الكاتب على وفق مراده" وقد رأيت موضوعا جيدا عن القلم في الأدبالسوقي في منتديات السوق كتبه أخونا محمد بن أحمد بن عبده الإدريسي السوقي وهو جيد
ج:المقلمة:
إن الخطاط السوقي في أوج ازدهار صنعته لا يخلو من أن تكون عنده مقلمة مصنوعة من لطيف الخشب ومغلفة بجلد مدبوغ يزخرف، وقد تكون من غير ذلك وفيها يضع مختارات أقلامه، فالممارس للخط المحترف قد يحتاج إلى أكثر من قلم فهذا للتكبير وهذا للتصغير وهذا للتوسيط وهذا للتسويد وذاك للاحمرار وذلك للاخضرار، فتكون المقلمة بهذا أما لأبناء علات من شتى أنواع الأقلام بأشكالها وأحجامها واختلاف أنواع قصباتها.
د:السكين:
أما السكين فإن المهرة من خطاطي السوقيين يختارون سكينة صغيرة خاصة بالقلم ولا تتعرض لغيره بتاتا، ولا تستخدم لاغراض أخرى إلا نادرا، ويضعون لها غلاف مميز بحجمها.

هـ:المسطرة:وقال الشيخ الوالد محمد الحاج "وقبل أن نتم الكلام على الخط لابد من الإلمام بشيء مما اخترعوه لتجويد صناعة الخط وهي المسطرة التي يتخذونها لتقويم السطور واستواء كيفياتها في كل ورقة وصورتها أن يصنعوا من الجلد المدبوغ ـ تارة يكون من البالي منه وتارة يكون من غيره وهو الأقل ما يساوي ورقة من القالب الذي يريد الكاتب نسخ الكتاب منه فيضم إليها أخرى فيلصقها باللحام فتلتحم وتقوى ويأخذ صانعها خيطا مفتولا ويصنع به كهيئة السطور على الورقة الجلدية كما وكيفا ،فإذا أراد أن يكتب وضع تلك الورقة الجلدية ووضع عليها الكاغدية ويأخذ شقة من ثوب أسود كان من طبعه أن يسود كل شيء فيمرها على الكاغد فيظهر عليه أثر الخيط الذي يحكي السطور في أحسن هيئة ولا يزال يفعل هكذا بالكتاب كله وهو من أحسن ما يعين على تقويم السطورومراعاة تسويتها في جميع الأوراق"

الخط السوقي في الأدب:

نجد لشعراء آل السوق ذكرا جميلا لخطهم الرائع
فمن ذلك قول الشيخ إغلس بن محمد اليماني الحسني الإدريسي المرسي في قصيدة وجهها للسوقيين
حيثما كنت باريا لليراعه ومليقا للنون مجت براعه
يوقن الرق إذ علاه ذراعي ....أنني مفلق أجيد الصناعه
إلى أن قال
إنما الخط أسّ كل أساس***يحفظ الدين بل يقل بعاعه
وبه فوتح الرسول لأولى***مرة، إن يطع فأهل الإطاعه
أقسم الله في الكتاب قديماً***غير ما مرة بذا فأذاعه
رب راو في الخط يروي متوناً***لو تتبعتها أطلت بقاعه
كحديث للديلمي صحيح***تابعت الرواة فاشرع شراعه
كان أعمى أصم لكن يرينا***مهيع الحق بل يزيد اتباعه
صفه ما تستطيع إذ هو أس***ينسخ الكائنات حتى الخلاعه
قلم الله في صرير قديما***ناسخ كل ما يريد ابتداعه
ليس للعقل من سفير ولا من***ترجمان سواه يبدي التماعه
إنما الخط للعقول عقال***ينبغي للفتى يؤم انتجاعه
وبه الحق يستزيد وضوحاًً***حين جودته ورمت ارتصاعه
فالحسيب النسيب ينقص قدراً***بالتواني عما يزيد ارتفاعه
يا صرير اليراع إذ ما تمطى***ثانياً عطفه يمج لعاعه
ليت أذني تصيخ وقت صرير***ليت عيني تراك في كل ساعه
حركات على الكراريس تنسي***حركات الدراري تسبح طاعه
‏وقال الشيخ الشاعر المرتضى بن محمد الحسني الإدريسي التبورقي في فائية له موجهة لابن عمه الشيخ محمد بن يوسف:
والخط حرفتي القديمة مكسبي***تجويده وأضمه بوظائفا.
وأجاب الشيخ الشاعر محمدو بن يوسف في عينيته عن هذه النقطة بقوله:
تفاخر بالترقين والعرب نسبة***وما إن له بالعرب دوني الرفائع
وما الخط والترقين علما وإنه*** لدرس وتلقين: مجد وشامع
فالأول منهما نزله منزلة الحِرفة، والثاني وصفه بكونه درسا وتلقينا، وكل ذلك يعبر عن شدة عناية أسلافنا به
وقال الشيخ الشاعر المحمود بن يحيى الأنصاري التبورقي
فنخط الحروف خطا أنيقا***لم يقرمط مجودين ارتصاعه
لا ترى الألفات تشكو اعوجاجا***لا ولا الميم تشتكي الطمس ساعه
أسطر تستوي كأسنان مشط***قومت أسهما كذاك الصناعه
وفي قصيدته في وصف نهضة الشيخ المحمود بن الشيخ حماد الحسني الإدريسي التبورقي في استكتاب وتجديد نسخة من أبي داود بالخط السوقي، حيث وصلتهم فيه نسخة رديئة الطبع مع شدة حرصهم على الاستفادة منه أبي داود تحدث عن الخط والخطاطين، ووصف المجلس وصفا جميلا بأسماء البارزين والحاضرين ، ولا أتذكر منها إلا قوله في وصف دور الشيخ العتيق ـ حفظه الله ـ في ذلك المجلس الرائع
تشكو الدواة قلامه وقلامه ***سكينه، ولكم شكت تحديدا
وقال الشيخ أحمد بن محمد بن هارون الحسني الإدريسي التبورقي
إنما الخط حرفتي وتلادي ***وهو أغلى عندي وأعلى بضاعه
هيس هيس على الكرارس يبدي***مزبري ما يفيد صيت الإشاعه
وقال الشيخ محمدُ بن يوسف الحسني الإدريسي التبورقي في قصيدته السينية هذا الوصف الجميل للقلم والدواة والخط
تخر بأيديهم رواعف نكسا***مساطر، كم أربت على شبر قائس
تحن إلى الباري بواكي سجدا***سجود أبيل ناكس في الكنائس
صوادر من فيحاء لم يك ماؤها***بغور ولا طرق ولا متشاوس
تخال إذا ما رقشوا الرق رقهم***بتائك ريش من خوافي الطواوس
وقال الشيخ الوالد محمد الحاج بن محمد أحمد يذكر الخط والقلم في تقريظه للشيخ محمد بن أبي مدين الشنقيطي
آليت ما الخطي في كراتـــه ***من دون خطي القناة هزائمـــا
لالا ولا كمجرح بحـــدو ده ***مجروحُ هندي يقط جماجمــــا

ويذكر ختاما لهذه الجولة المختصرة عن الخط السوقي أنه مع عدم انتشاره بشكل واسع فقد يتعلمه بعض أهل المنطقة من غير السوقيين من طلابهم .
ومن أمثلة ذلك في القديم أنني أدركت بمكاتب "كل تجَللت" خطوطا يميزها علماؤهم عن خطوط سلفهم، ويذكرون أنها لأبناء الهاشَمي"دجء الهاشمي" وهوحسب الروايات عن المشائخ رجل كان حليفا ومجاورا له لجدنا محمد (بلى)بن محمد ادا بن محمد الإمام وانجب اولادا جماعة فتتلمذوا على مشائخ كل تجللت وسرعان ماتمهروا في الخط بشكل غريب حتى صاروا مضرب المثل في الخط فاحترفوابه وراجت حرفتهم وأخذوا يكتبون الكتب بالخط السوقي وتشترى منهم
وممن تعلم الخط السوقي وأجاده من إخوان السوقيين وطلابهم تلامذتهم من "دواسحاق"، فقد وجد فيهم وخصوصا في الطبقات المتأخرة ناس أجادوه وكتبوا به كما يكتب به بعض الطبقة الوسطى من خطاطي السوقيين...
وقد أدركنا خطوط غير الخطوط السوقية في مكاتبنا، ولذلك أكثر من سبب:
أولا : ولع السوقيين بالكتب وجبايتها من الآفاق ..
ثانيا: ما يجري بينهم وبين علماء بلدهم من الكنتيين وإجلاد وضوسهاك والسنغاي والفلان وغيرهم من مكاتبات وإهداءات للكتب بل ومع إخوانهم من غير علماء آزواد كعلماء ولاتة في موريتنانيا وتلمسان في الجزائر وغيرهما
، وقد نص الشيخ العتيق وقبله الشيخ حمدا بن محمد على أن الشيخ محمد الأمين بن أحمد بن الشيخ لما رجع من رحلته إلى ولاتة التي مكث فيها خمس سنين عاد فيها بأحمال النياق من الكتب ، ولا شك أن بعضها أدركناه وإن ذهب في واقعة وادي الشرف، كما بينته في مقال لي منشور في ملتقى أهل الحديث وغيره بعنوان" شذرات من العلاقات الثقافية العلمية بين علماء "آزواد" ـ شمال مالي ـ من السوقيين وعلماء شنقيط قديما وحديثا ": إلى غير ذلك من التبادل الثقافي العلمي بين علمائنا وغيرهم من علماء المنطقة ..
وهذه عجالة غير مستوعبة إلا أنها نافعة تضيء الطريق لمن يهتم بهذا الخط العربي العريق الجميل وفيه عون للباحث عن الخط السوقي وطبقات الخطاطين كما أنه سيساعد على البحث عن آثار الخطاطين، والله الموفق.

المراجع :
التبر التالد، للشيخ المحمود بن حماد الحسني الإدريسي التبورقي
الجوهر الثمين للشيخ العتيق بن سعد الدين الحسني الإدريسي الجلالي
اللؤلؤ المنسوق في كيفية تعاليم أهل السوق للشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي
مقال حول المخطوطات التي حضرت ملتقى السوقيين المنعقد في تن أهم( 29 /1 / 2010 ) للباحث محمد توحة الحسني الادرعي الجلالي
مقال لي بعنوان "شذرات من العلاقات الثقافية العلمية بين علماء "آزواد" ـ شمال مالي ـ من السوقيين وعلماء شنقيط قديما وحديثا"




كتبه / أحمد محمد بن محمد الحاج الحسني الأدرعي الجلالي

الصور المصغرة للصور المرفقة

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 09:24 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات