أحكام (( الغريق والتغريق )) الفقهية

[منتدى اهل الحديث]

أحكام (( الغريق والتغريق )) الفقهية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
أما بعد:

تعريف الغرق والغريق والتغريق :
الغرق في اللغة : الرسوب في الماء ، يقال : رجل غرق وغريق ، وقيل : الغرق : الراسب في الماء ، والغريق : الميت فيه .
وقال أبو عدنان : الغرق بكسر الراء الذي غلبه الماء ولما يغرق ، فإذا غرق فهو الغريق .
راجع : لسان العرب (10/ 283) تهذيب اللغة (8/ 33) مجمل اللغة لابن فارس (ص: 694) المحكم والمحيط الأعظم (5/ 384) الكليات (ص: 672) النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 361)

فقول الفقهاء :" لإنقاذ غريق "، إن أريد الإخراج من الماء فهو ظاهر وإن أريد خلاصه وسلامته من الهلاك فهو محال لأن الميت لا يتصور سلامته. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 445)

ويقال : الغرق في الأصل : دخول الماء في سمي الأنف حتى تمتلئ منافذه ، فيهلك . والشرق في الفم حتى يغص به لكثرته من قوم غرقى وهو جمع غريق ... تاج العروس من جواهر القاموس (26/ 238)

التغريق: القتل، وأصله: أن القابلة كانت تغرق المولود في ماء السلى عام القحط ليموت، ثم جعل كل قتل تغريقا.
القاموس المحيط (ص: 914) ، مختار الصحاح (ص: 488)، لسان العرب (10/ 283)، تاج العروس من جواهر القاموس (26/ 241)


اعتبار الغرق من أسباب الشهادة و الغرقى من الشهداء :

الغرق من أسباب الشهادة ، فمن مات غرقا نال منازل الشهداء في الآخرة ، إن لم يتعمد ذلك ،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " , (خ) 2829 م 164 - (1914)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ جَبْرًا، فَلَمَّا دَخَلَ سَمِعَ النِّسَاءَ يَبْكِينَ وَيَقُلْنَ: كُنَّا نَحْسَبُ وَفَاتَكَ قَتْلًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ: "وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ إِلَّا مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِنَّ شُهَدَاءَكُمْ إِذًا لَقَلِيلٌ، الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ، وَالْحَرَقُ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ، وَالْمَغْمُومُ - يَعْنِي الْهَدِمَ - شَهَادَةٌ، وَالْمَجْنُونُ شَهَادَةٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ"، قَالَ رَجُلٌ: أَتَبْكِينَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ؟ قَالَ: "دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ بَاكِيَةٌ" , (س) 3194 [قال الألباني]: صحيح

قال الإمام النووي رحمه الله رحمة واسعة :
قال العلماء وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها وقد جاء في حديث آخر في الصحيح من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد وسبق بيانه في كتاب الإيمان وفي حديث آخر صحيح من قتل دون سيفه فهو شهيد
قال العلماء المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء
وأما في الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم وقد سبق في كتاب الإيمان بيان هذا
وأن الشهداء ثلاثة أقسام
شهيد في الدنيا والآخرة وهو المقتول في حرب الكفار
وشهيد في الآخرة دون أحكام الدنيا وهم هؤلاء المذكورون هنا
وشهيد في الدنيا دون الآخرة وهو من غل في الغنيمة أو قتل مدبرا .... شرح النووي على مسلم (13/ 63)

(( مذاهب الفقهاء في اعتبار الغريق شهيدا ))
اتفق أئمة المذاهب الأربعة على أن الشهداء ثلاثة :
القسم الأول ( شهيد الدنيا والآخرة )
عند المالكية والشافعية والحنابلة : شهيد الدنيا والآخرة هو المقتول في المعركة محاربا للكفار مخلصا ، له أحكام الشهيد في الدنيا وفي ثواب الآخرة، فلا يغسل ولا يصلى عليه .
وعند الأحناف : الشهيد الكامل هو شهيد الدنيا والآخرة، وشهادة الدنيا بالصلاة عليه وعدم الغسل إلا لنجاسة أصابته غير دمه ، وشهادة الآخرة بنيل الثواب الموعود للشهيد .

القسم الثاني : ( شهيد الدنيا فقط )
اتفق الفقهاء على أن شهيد الدنيا : هو من قتل في قتال الكفار وقد قاتل لغرض دنيوي (غل من الغنيمة أو قتل مدبرا أو قاتل رياء أو لأجل أخذ الغنيمة)،
ولكنهم اختلفوا في الغسل والصلاة عليه :
فعند الحنفية،وقول عند المالكية : تجري عليه أحكام الشهيد في الدنيا فيغسل ويكفن ويصلى عليه .
و عند الحنابلة وفي قول عند المالكية والمعتمد من مذهب الشافعية :لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه.

القسم الثالث : ( شهيد الآخرة )
اتفق الفقهاء على أن شهيد الآخرة ،وهو من أثبت له الشارع الشهادة ولم تجر عليه أحكامها في الدنيا كمقتول ظلما وميت بنحو بطن أو طعن أو غرق نفهو شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا فلا تجرى عليه فيغسل ويصلى عليه ،وسمي بذلك لأنه ينال منازل الشهداء في الآخرة.

وقد اشترط شيخ الإسلام لنيل لقب شهادة الآخرة للغريق :
أن لا يكون السفر سفر معصية
و غلب على الظن السلامة
وأما بدون ذلك فليس له أن يركبه للتجارة فإن فعل فقد أعان على قتل نفسه ومثل هذا لا يقال: إنه شهيد والله أعلم. مجموع الفتاوى (24/ 293)

راجع :
الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (2/ 252)،المبسوط للسرخسي (2/ 49)و (2/ 52)
مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 249) ،الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/ 95) و(1/ 290)، التاج والإكليل لمختصر خليل (3/ 66)
حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (1/ 487)،نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (2/ 497)
المغني لابن قدامة (2/ 393 و 399) (1628) (1636) ، المطلع على أبواب المقنع للبعلي (ص: 116)


ما حكم من يقول : أنقذني الله وفلان ؟
فلو أن شخصاً أنقذ غريقاً من غرق فهنا لا يخلو من حالات:
الأولى: أن يقول: أنقذني الله تعالى على يد فلان، وهذا أفضل الأحوال.
الثانية: أن يقول: أنقذني الله ثم فلان، وهذه جائزة، وهي دون الأولى.
الثالثة: أن يقول: أنقذني فلان، ويعتقد أنه سبب محض، وأن الأمر كله إلى الله عز وجل، وهذه جائزة، ويدل لجوازها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن عمه أبي طالب أنه كان في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه- والعياذ بالله- قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) .
الرابعة: أن يقول: أنقذني الله وفلان، وهذا لا يجوز؛ لأنه أشرك سبباً مع الله بحرف يقتضي التسوية وهو الواو، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: ما شاء الله وشيءت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أجعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده) .
راجع : فتاوى نور على الدرب - لابن عثيمين (6/ 45)


قطع الصلاة لإنقاذ غريق :

يجب إنقاذ الغريق على الكفاية ،سواء استغاث بالمصلي أو لم يعين أحدا في استغاثته إذا قدر على ذلك،
ويقطع الصلاة لذلك فرضا كانت أو نفلا، ولو ضاق وقتها، لأنه يمكن تداركها بالقضاء، بخلاف الغريق ،فإن أبى قطعها- أي الصلاة -لإنقاذ الغريق أثم و صحت صلاته كالصلاة في عمامة حرير.
وهذا مذهب فقهاء المذاهب الأربعة ،وليس لهم كخالف فيما نعلم ،والعلم عند الله .

راجع :
الحنفية :البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (2/ 33)،الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (1/ 654)
المالكية : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (6/ 72)
الشافعية :تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (1/ 431)،حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب (1/ 277)
الحنابلة :المغني لابن قدامة (1/ 195)،كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 380)،شرح منتهى الإرادات = دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (1/ 496)


حكم ترك إنقاذ الغريق

- اتفق الفقهاء على أن المسلم يأثم بتركه إنقاذ الغريق معصوم الدم .
الاختيار لتعليل المختار (4/ 175)،كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 380)

قال الإمام الشوكاني : فمن ترك مسلما يغرق وهو يقدر على إنقاذه واستمر في صلاته فقد ارتكب أعظم المنكرات وترك أهم المعروفات فلا هو عمل بالأدلة الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا عمل بما ورد في حق المسلم على المسلم ....... السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص: 148)

وقال ايضاً : أقول: لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على إنقاذه فإذا أخذ في إنقاذه فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله فليس عليه في هذه الحالة وجوب لا شرعا ولا عقلا فيخلص نفسه منه ويدعه سواء كان قد أشرف على النجاة أم لا بل ظاهر قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] ، أنه يجب عليه تخليص نفسه والآية هذه وإن كانت واردة على سبب خاص كما في سنن أبي داود وغيرهما فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول وهو الحق ... السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص: 892)


لكنهم اختلفوا في حكم تركه إنقاذه هل يجب عليه القصاص أو الدية أو شيء عليه ؟
فعند الحنفية والشافعية والحنابلة - عدا أبي الخطاب - على ما يفهم من كلامهم أنه لا ضمان على الممتنع من إنقاذ الغريق إذا مات غرقا ؛ لأنه لم يهلكه ، ولم يحدث فيه فعلا مهلكا ، لكنه يأثم .
وعند المالكية وأبي الخطاب من الحنابلة يضمن ؛ لأنه لم ينجه من الهلاك مع إمكانه ، قال المالكية : وتكون الدية في ماله إن ترك التخليص عمدا ، وعلى عاقلته إن تركه متأولا . الموسوعة الفقهية الكويتية (31/ 183) ،الفروع وتصحيح الفروع (4/ 449)


كيف يصلي الغرق؟
الغريق تجب الصلاة عليه في حال غرقه ،بلا خلاف .

ستر العورة :
الغرق يصلي عريانا ثم يجد ثوبا وهو في الوقت، هل يعيد الصلاة؟
لا يعيد الصلاة على الصحيح من الأقوال لأن الفرض في ستر العورة في الصلاة قد سقط عنه لعدم القدرة عليه في الوقت الذي صلاها فيه. البيان والتحصيل (1/ 519)

استقبال القبلة :
إذا كان على لوح في السفينة يخاف الغرق إذا انحرف إليها ،يسقط عنه التوجه إلى القبلة إذا لم يمكنه ولا إعادة عليه إذا قدر، فالحاصل أن الطاعة بحسب الطاقة .البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (1/ 302)،تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (1/ 101)

صفة الصلاة :
عند الحنفية والمالكية والشافعية : يلزم الغريق بأن يصلي بالإيماء . الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (2/ 103)، المدخل لابن الحاج (3/ 6) المجموع شرح المهذب (2/ 280)
وعند الحنابلة : الغريق يسجد على متن الماء ، على الصحيح من المذهب فيه لأنه غاية ما يمكنه .الإنصاف (2/ 313) كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 503)، شرح منتهى الإرادات (1/ 291)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (2/ 473)
وفي رواية عن الإمام أحمد أن يومىء بالركوع والسجود . شرح العمدة في الفقه لابن تيمية (4/ 518)

هل يعيد إذا نجا ؟
عند المالكية والحنابلة في الصحيح من المذهب: الغريق يصلي على لوح أنه لا إعادة عليه إلا أن يخرجوا في الوقت فيعيد عند المالكية ولا يعيد عند الحنابلة .مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/ 472)، الإنصاف (2/ 313)، كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 503) شرح منتهى الإرادات (1/ 291)

وعند الشافعية : الغريق إذا عجز عن القبلة وإتمام الأركان وجبت عليه الصلاة في الحال بحسب الإمكان وتجب الإعادة على المذهب،لأنه عذر نادر.المجموع شرح المهذب (3/ 64و243)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (1/ 335)


تعجيل التجهيز إلا لغريق

-يستحب الإسراع بتجهيز الميت ،وتعجيل دفنه لورود الآثار بذلك، إلا الغريق، فإنه يستحب عند المالكية تأخير دفنه ، حتى تظهر أمارات التغير وتحقق موته لاحتمال أن يكون حيا ثم ترد له روحه، وبمثله يؤخر من به مرض السكتة ومن يموت فجأة أو تحت هدم ،أو الذين يصيبهم انطباق العروق فلا يسرع بتجهيزهم.

راجع : بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/ 238)،حاشية الصاوي على الشرح الصغير = بلغة السالك لأقرب المسالك (1/ 563)
الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/ 283)

قال الإمام الشوكاني : وأما استثناء الغريق ونحوه فظاهر لأن من كانت حياته مرجوة كان تعجيل دفنه حراما. السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (ص: 204و205)


كيفية غسل الغريق

غسل الميت واجب على سبيل الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين لحصول المقصود بالبعض كسائر الواجبات على سبيل الكفاية،
وكذا الواجب هو الغسل مرة واحدة، والتكرار سنة وليس بواجب حتى لو اكتفى بغسلة واحدة، أو غمسة واحدة في ماء جار جاز؛
ولو أصابه المطر لا يجزئ عن الغسل؛ لأن الواجب فعل الغسل ولم يوجد،
والغريق يجب إعادة غسله ولا يكفي انغساله بالغرق ،
ولو غرق في الماء فأخرج إن كان المخرج حركه كما يحرك الشيء في الماء بقصد التطهير سقط الغسل وإلا فلا لما قلنا والله أعلم.
ويستحب غسل الغريق ثلاثا.

وقد ذهب الجمهور في القول المقابل للصحيح المنصوص وكذا الحنابلة إلى أنه لا يصح تغسيل الكافر للمسلم؛ لأن التغسيل عبادة، والكافر ليس من أهلها، فلا يصح تغسيله للمسلم كالمجنون. وأيضا فإن النية واجبة في الغسل والكافر ليس من أهلها. وفي الصحيح المنصوص عند الشافعية أن الكافر لو غسل مسلما فإنه يكفي.

راجع :بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 300)،الأشباه والنظائر (ص: 29)
المجموع شرح المهذب (5/ 145)،مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (2/ 8)،نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (2/ 442)
تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (3/ 99)
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (2/ 488)،الفروع وتصحيح الفروع (3/ 286)


الصلاة على الغريق

- الصلاة على الغريق على أحوال :
الحال الأول : إذا وجد الغريق فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه كأي ميت آخر.
الحال الثاني : إذا لم يعثر عليه فيصلى عليه صلاة الغائب .
الحال الثالث : إذا وجد بعض أجزاء الغريق .

فأمال الحال الأول : فليس فيه أي خلاف فإنه يعامل كمعاملة أي ميت مسلم آخر فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين .

وأما الحال الثاني : تتوقت الصلاة على الغريق الغائب بشهر كالصلاة على القبر لأنه لا يعلم بقؤه من غير تلاش أكثر من ذلك ،عند الحنابلة .
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (2/ 532)،الشرح الكبير على متن المقنع (2/ 355)
وتكره صلاة الغائب على الغريق عند المالكية . شرح مختصر خليل للخرشي (2/ 142)، منح الجليل شرح مختصر خليل (1/ 526)

والحال الثالث :
إِن وجد أقل من نصف الْبدن وَفِيه الرَّأْس يُصلي عَلَيْهِ عند الحنفية ،وغير ذلك لا يصلى عليه . الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (1/ 409)
إن وجد أكثر البدن وجله يصلي عليه ،عند مالك لأنه لا يصلى على غائب ،
وإن كان أقله [أو بعضه] ففي المذهب قولان:
أحدهما: أنه يصلى عليه وينوى بها الجميع.
والثاني: لا يصلى عليه, لأنه قد يوجد الباقي فيؤدي إلى تكرار الصلاة عليه.
راجع للمالكية :التاج والإكليل لمختصر خليل (3/ 69)،البيان والتحصيل (2/ 281)،منح الجليل شرح مختصر خليل (1/ 526)،التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات (2/ 669)


يفطر الصائم لإنقاذ الغريق

يلزم الصائم وجوبا إنقاذ الغريق مع القدرة عليه ولو أفطر ،على الصواب ،لأنه يمكنه تدارك الصوم بالقضاء، بخلاف الغريق ونحوه ،وإن حصل بسبب إنقاذه ضعف في نفسه فأفطر وجب في حقه القضاء،وفي لزوم الفدية خلاف فقد أسقطها الحنابلة وألزمها الشافعية ،والراجح عدمها .
راجع : المجموع شرح المهذب (6/ 329)،الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/ 243)،حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 87)
الفروع وتصحيح الفروع (4/ 449)،شرح منتهى الإرادات = دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (1/ 478)،كشف المخدرات (1/ 275)،كشاف القناع عن متن الإقناع (2/ 314)


إرث الغرقى

عَنْ محمد بن الحنفية، أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - تُوُفِّيَتْ هِيَ وَابْنُهَا زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي يَوْمٍ , فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ , فَلَمْ تَرِثْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا، وَإِنَّ أَهْلَ صِفِّينَ لَمْ يَتَوَارَثُوا، وَإِنَّ أَهْلَ الْحَرَّةِ لَمْ يَتَوَارَثُوا.
أخرجه (الحاكم) 8009 , و(الدارقطني) (4/81)ح43 , (والبيهقي) 12034 , وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث: 1712

وعن زيد بن ثابت (لم يذكر عمر) قال: " كل قوم متوارثون! عمى موتهم فى هدم أو غرق , فإنهم لا يتوارثون , يرثهم الأحياء ".أخرجه سعيد (3/1/66/241) والدارمى (2/378) : عن ابن أبى الزناد به.
قال الألباني : وهذا إسناد حسن. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (6/ 153)

- الغرقى إذا لم يعلم أيهم مات أولا فلا يرث بعضهم من بعض ، وإنما يحصل ميراث كل واحد منهم لورثته الأحياء ، ووجهه أن الإرث يبتنى على التيقن بسبب الاستحقاق وشرطه وهو حياة الوارث بعد الموت فلما لم يتيقن بوجود الشرط لم يثبت الإرث بالشك.
وهو مذهب زيد بن ثابت، والإمام مالك وجمهور أهل المدينة، وهو قول ابن شهاب، وبه قال الأوزاعي، والشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابه فيما ذكر الطحاوي عنه.

للغرقى خمس حالات:
الأولى: أن يُعلم المتأخر منهم بعينه، فيرث من المتقدم.
الثانية: أن يُعلم موتهم جميعاً دفعة واحدة، فلا توارث بينهم.
الثالثة: أن تُجهل كيفية موتهم، فلا توارث بينهم.
الرابعة: أن نعلم أن موتهم وقع مرتباً، ولكن لا نعلم عين المتأخر منهم، فلا توارث بينهم.
الخامسة: أن يُعلم المتأخر ثم ينسى، فلا توارث بينهم.
ففي هذه المسائل الأربع الأخيرة لا توارث بينهم.
فيكون مال كل واحد منهم لورثته الأحياء فقط دون من مات معه.
المثال: مات (أخوان، وأم) في حادث غرق جميعاً.
وترك الأخ الأول (زوجة، وبنت، وابن)، وترك الأخ الثاني (زوجة، وابن)، وتركت الأم (بنت، وبنت ابن، وعم).
فيقسم مال كل واحد على ورثته الأحياء فقط.

راجع : قره عين الأخيار لتكملة رد المحتار علي الدر المختار (7/ 393)،مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 768)
الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار 463 (15/ 506)،منح الجليل شرح مختصر خليل (9/ 696)،الإشراف على نكت مسائل الخلاف (2/ 1022)
أسنى المطالب في شرح روض الطالب (3/ 17)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (5/ 135)،
المبدع في شرح المقنع (5/ 407)،كشاف القناع عن متن الإقناع (4/ 474)،شرح منتهى الإرادات = دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (2/ 549)
موسوعة الفقه الإسلامي (4/ 451)


ما على الغريق يؤخذ

- ذهبت المالكية إلى أنه لا قطع على من سرق ما على الغريق من الحوائج .
راجع : شرح مختصر خليل للخرشي (8/ 99)،حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 335)،الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (4/ 340)


مفاهيم يجب أن تصحح

1- بعض الناس يقول: إنك إذا أنقذت غريقاً من الماء من الغرق فهذا إعتاق رقبة، لا شك أنه إعتاق نفس، لكنه ليس إعتاق رقبة، لا يجزئ عن إعتاق العبد.
2- وبعض الناس يقول: إذ أنقذ رجل امرأة من الغرق صار أخاً لها ومحرماً لها هذا صحيح أم غير صحيح؟ غير صحيح، أنقذها من الغرق أو من الحرق لا يكون محرماً لها.
راجع : اللقاء الشهري (1/ 257) لابن عثيمين
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك