تعليق مختصر على رسالة الأجوة الوفية للشيخ الحسن الكتاني

[منتدى اهل الحديث]

الحمد لله وحده ..
فهذا تعليق مختصر على رسالة الأجوبة الوفية على الأسئلة الزكية للشيخ الحسن الكتاني حفظه الله ، وقد وصف فيها الدعوة النجدية بالغلو في التكفير واستحلال الدماء المعصومة ...

وبداية فالشيخ حفظه الله سرد سرداً تاريخياً رائقاً للدعوة ورجالاتها وأقوال أهل العلم فيها والمراحل التي مرت بها ،وقد أنصف فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ودعوته ،وذكر محاسنها وفضلها على أتم وجه ،فذكر لها من تجديد الدين وبيان التوحيد ونصر السنة وإحياء تراث السلف الصالح ونشر الدعوة مالم يقله في حقهم من ينتسب إليهم ،كل ذلك جاء به بنفس هادئ واختصار غير مخل وإنصاف يعز وجوده من مخالف ..فجزاه الله خيرا وبارك فيه .

إلى أن جاء فصل أخطاء النجديين فتغير نَفَس ُ الشيخ ،وخرج الكلام وكأنه زفرة مكظوم ؛استعار فيها نَفَسَ المعادين للدعوة واستبدل لفظ الإمام والأئمة بالنجديين ،وكأن المتكلم دحلان أو ابن فيروز !!

ولئن جاز للشيخ حفظه الله الإختصار والإجمال في سرد التاريخ وذكر المحاسن ، فلا يجوز له ذلك في تناول المسائل العلمية التي بنى عليها وصف الغلو في التكفير واستحلال دماء المعصومين والغلظة في الرد على المخالفين، فقد طرح كل ذلك باسم "النجديين"!


وليت الشيخ سمى الأشياء بمسمياتها ،وقال أخطأوا ،فإن هذا لا اعتراض عليه إن ثبت ؛ ولقد عاب على المخالفين له أنهم يقبلون أن يوصف الإمام الهروي وابن حجر والنووي وغيهم بالخطأ لكنهم لم يقبلوا ذلك في أئمة الدعوة تعصباً لهم ....
وأقول نعم نقبل وصفهم بالخطأ وليس الغلو ..وشتان بين الوصفين !!
إذ أن وصف الغلو وصف منهجي غالب لا يصمد أمامه صحة عقيدة أو سلامة منهج فهو يغطي على جميع المحاسن !!
لكن الخطأ بخلاف ذلك ..
فالشيخ حفظه الله كان كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ،إذ وصف هؤلاء ألأئمة بأنهم مجددون للدين حافظين للسنة قائمون على منهج السلف ثم نسف كل ذلك بوصفهم بالغلو !!!
ولا أظن أحداً ينتفع بهذا النقد إلا أعداء الدعوة والمخالفون لها ،من الأشاعرة والقبورية ،ولا جرم أني وجدتهم يتواصون به في منتدياتهم ؛ التي منها حملت رسالته !!
فأي تجديد للدين واتباع للسنة يستقيم مع الغلو الذي هو الخروج عن مقتضى أحكامه ومجاوز الحد فيها ؟!!

وقد أقر الشيخ بأن أئمة الدعوة لم يكفروا إلا بما أجمع عليه من المكفرات ،وما اتفق عليه من النواقض ، فأين كان الغلو في منهجهم ، هل هو في التاصيل أم هو في التنزيل أم كليهما ؟ !
فإن كان الغلو في المسائل العلمية فليبرزه الشيخ ،ولينقل لنا من كلامهم ما يفيده ،وإن كان خللاً في التطبيق والتنزيل فليأت به ،فالإجمال في مقام التفصيل ليس بسديد ،وإلا فلتبرأ ساحة الأئمة من هذا الغلو !!

ومن أعجب ما في هذه الرسالة بناؤه لوصف الغلو على عدم الإعذار بالجهل ،فهل يجهل الشيخ خلاف أهل العلم في المسألة ، هل ينكر أقوال جمع من المتقدمين والمتأخرين بعدم العذر ؟!
لا أظن ذلك يخفى على الشيخ ،، فكيف يكون القول بعدم العذر غلوا ؟!
وما علاقته ذلك بالغلو أصلاً ؟ فالمسألة خلافية اجتهادية لا سيما وهي متعلقة بتنزيل الحكم لا تأصيله كما قرر أهل العلم ومنهم الشيخ ابن عثيمين؛ فكيف يوصم تيار يقول عنه الشيخ بأنه جدد للدين ونصر السنة وأحيا منهج السلف بالغلو لمخالفته في مسألة فقهية اجتهادية ؟!


ومع ذلك فالشيخ حفظه الله لم يتناول المسألة تناولا علمياً بذكر الدليل القاطع والنص الصريح الذي يستوجب مخالفته هذا الوصف الشنيع .. بل ركز انتقاده على مخالفة أقوال بعض العلماء المتقدمين وعلى رأسهم ابن تيميية رحمه الله ،ثم أورد بعض الأثار كانت ومازالت محل نزاع وأخذ ورد في مناط تنزيلها ،وقفل الباب على ذلك !!

فهذا ليس انتقاداً علمياً بقدر ما هو توصيف جائر جاء بناء على خلاف الشيخ لهم في هذه المسألة ، ونسب قوله إلى من سماهم جماهير العلماء وكأنه بعيد عن المعترك الذي تدور فيه رحى المعارك حول المسألة !!!


والله أعلم
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك