05-27-2023, 08:24 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 359,472
|
|
ابني المراهق ومشكلاته
ابني المراهق ومشكلاته
الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
السؤال:
♦ الملخص:
رجل يذكُر أن ابنه المراهق يدخِّن ويرفع صوته على أمِّه، وهو لا يعرِف كيف يتعامل معه، ويسأل عن حلٍّ.
♦ التفاصيل:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فمشكلتي مع ابني الكبير في المرحلة الثانوية؛ فمنذ أن أخذ الإجازة بدأ في السهر والخروج والدخول إلى البيت في أوقات متأخرة، ينام كثيرًا ويضيع الصلاة فرضًا أو فرضين بسبب النوم، كما أني علمتُ من أمه أنه يدخِّن، وظهرت عليه علامات ذلك، وأنا في حيرة من أمري، إن منعت عنه المصروف يمكن أن يسلك طرقًا أخرى للحصول على المال، وإن منعته من الخروج يرفع صوته بأسلوب غير مهذب على أمه أمامي، وإن تركته وشأنه ينام طويلًا ويضيع الصلاة، فأرجو المشورة، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد:
فكل ما ذكَرته أخي السائل عن ابنك يعد من خصائص المراهقة، وطبيعة مرحلتها، وقد تزيد أعراضها بصورة مزعجة؛ لأنه لم يجد الاحتواء والثقة أو الصبر عليه.
ومرحلة المراهقة ذكروا أنها تبدأ من سن العاشرة فما فوق حتى سن الحادية والعشرين، وتتميز بتقلب المزاج والقلق والاكتئاب، والخروج عن الطوق، وكثرة الاعتراض مع الانطواء والعزلة، مع عدم تقبُّل النصيحة، والاستجابة لأوامر والديه، مع ميل للآخرين والتأثر بالأصدقاء وأطروحاتهم، والتخلق بسلوكياتهم وأفكارهم، حتى لو لم يكن مقتنعًا بها.
في هذه المرحلة تظهر من المراهق والمراهقة رُوح التحدي لوالديه ولأقرب الناس إليه في عدة أساليب؛ منها: الخروج بلا إذن، السهر، النوم عن الصلاة، ومخالفة المعهود في نمط الملابس وتسريحات الشعر الغربية الغريبة؛ مما سبَّب حالةَ استفزازٍ لوالديه؛ ذلك أن علماء النفس يرَون حالة التمرد من سمات المراهقة، مع إحساس بالاستقلالية والشعور بأنه أصبح كبيرًا، ولا يحتاج إلى أحدٍ.
وعليه، فمشكلة ابنك في هذه الفترة متوقعة؛ لِما يعتري عمر المراهقة من تغيرات، وما يمكنك عمله بعد الاستعانة بالله والتوكل عليه والصبر هو:
• الاحتواء، بأن تكون صديقًا له، فتتقرب إليه قدر المستطاع، وتتحدث معه وتتقبَّل تصرفاته وأخطاءه دون انتقاد أو تجريح أو تهديد بوقف مصروف أو غيره، مع التغافل والإغضاء.
• أوقِف الجدلَ معه والحِدَّة في هذا العمر، واعتمد التقارب والتفاهم والتوجيه غير المباشر.
• استخدم التأثير الخارجي (كالأعمام، والأقارب، الأصدقاء الإيجابيين) من الدائرة القريبة في تعزيز إيجابياته.
• مزاحمة السلبيات وسد الفراغات بما هو مفيد ونافع؛ مثلًا: دورات مهارية، نوادٍ لياقية آمنة، نزهة تسوق ... إلخ.
• في المناسبات لا مانع من هدية مفاجئة يرغب فيها.
• أظن أن عندك ضعفًا في التواصل والتفاعل العاطفي والشعوري معه؛ لذا أعْطه الأمان حتى يثق بك، وأخبِره عن بعض أسرارك ومعاناتك، حدِّثه عن نفسك وتاريخك، وهكذا ستكون قريبًا منه، وسيستمع لك ولنصائحك.
• إذا أخبرك عن أي شيء عن حياته، فاكتُم سرَّه مهما كان، احترم أفكاره وتقبَّلها، ولا تستخف به، بل شجِّعه وامدحه، أخبِره كم تعتز به وكم أنت فخور به ابنًا ورجلًا تعوِّل عليه بعد الله تعالى.
• ما يتعلق برفع صوته على أمه هو أمرٌ سلبي ودلالة على التفريغ الداخلي؛ كونها أقرب إليه، وتتحمل أخطاءه، وهذا أمر سيزول مع الاحتواء والاقتراب منه ومرور الوقت.
• إذا كان الابن يدخن، فلا تحاول أن تُشعره بشيء، أو تسعى لأن تقابله بالجرم المشهود، بل إذا وقع مثل ذلك، فحافظ على الهيبة التي بين الأب والابن؛ لأنه لو انكسرت، فتحت بابًا للاستمرار والجرأة ليدخن ويجاهر بالمعصية أمام والديه وإخوته، وهذه مشكلة، ثم إذا علِم أنك علِمت وكتَمت، كانت نقطة إيجابية وإضاءة لديه في تقديرك واحترامك والقرب منك أكثر، ومما سيؤدي به إلى ترك التدخين بمشيئة الله.
ومَن يتتبَّع جاهدًا كلَّ عثرةٍ ♦♦♦ يجدْها ولا يسلم له الدهرَ صاحبُ
وفيما يتعلق بالتدخين: لعلك تستغل الظروف الحالية، وتنبِّهه لأهمية صحة جهازه التنفسي ومناعته.
وفي الختام: أنصحك أخي الفاضل بالاستمرار في الدعاء وفعل الأسباب:
♦ خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم؛ فاقرأ سيرته في بيته ومع أهله ومع الشباب خاصة، وسِيَر شباب الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، لتكون دافعًا لأن نتلمس أسباب نبوغهم وتميزهم.
♦ ومنها: الاستعانة بمرشد نفسي؛ ليشخص الحالة عن قرب ويساعدك بخطوات محددة، ويتابع معك في طريقة التعامل معه، ويكون نوعًا من التنفيس لك، وزيادة وعيك وفهْمك لما يحدث.
♦ القراءة والاطلاع على الأطروحات المتخصصة في المراهقة ومراحل الأبناء العمرية من جهة شرعية ونفسية واجتماعية، سواء المكتوبة أو المرئية والمسموعة، وغيرها، وإن تيسر الالتحاق ببعض الدورات عن بُعد أو حضورها، فهذا أمرٌ حسن.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|