05-21-2023, 05:06 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 359,116
|
|
أحكام الحرابة
أحكام الحرابة
الشيخ صلاح نجيب الدق
اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهلَ الثناء والمجد، لا مانعَ لِما أعطيتَ، ولا معطيَ لِما منعتَ، ولا ينفع ذا الجَدِّ (صاحب المال) منك الجد، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:
فإن الحِرَابة (قُطَّاع الطريق) لها أحكام شرعية يجب على المسلم معرفتها؛ فأقول وبالله تعالى التوفيق:
تعريف الحرابة:
الحرابة (قطاع الطريق): هي خروج طائفة مسلحة في دار الإسلام؛ لإحداث الفوضى، وسفك الدماء، وسلب الأموال، وهتك الأعراض، وإهلاك الحرث والنسل، متحدِّيَة بذلك الدين والأخلاق، والنظام والقانون؛ [فقه السنة، للسيد سابق، ج: 3، ص: 214].
شروط إقامة حد الحرابة:
يشترط فيمن يقيم عليه الحاكم حد الحرابة الشروط الآتية:
1- البلوغ.
2- العقل.
3- الاختيار.
4- حمل السلاح.
5- المجاهرة بأخذ المال؛ [المغني، لابن قدامة، ج: 12، ص: 474، 475].
عقوبة الحرابة:
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 33، 34].
ويتضح من هذه الآية الكريمة أن عقوبة الحرابة هي إحدى عقوبات أربع؛ وهي:
(1) القتل.
(2) الصَّلْبُ حتى الموت.
(3) تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف.
(4) النفي من الأرض.
وذهب جمهور الفقهاء إلى أن هذه العقوبات الأربع المذكورة في الآية الكريمة تتنوع حسب نوع الجريمة التي ارتكبها المحاربون المفسدون في الأرض؛ [المغني، لابن قدامة، ج: 12، ص: 475، 476].
روى البيهقي عن ابن عباس في قطاع الطريق: "إذا قتلوا وأخذوا المال قُتِلوا وصُلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال، قُتِلوا ولم يُصلَبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا، قُطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالًا، نُفُوا من الأرض"؛ [السنن الكبرى، للبيهقي، ج: 8، ص: 283].
توبة قُطَّاع الطريق قبل القبض عليهم:
إذا تاب قطاع الطريق قبل القبض عليهم، وأعلنوا هذه التوبة قبل القبض عليهم، ثم قَبَضَ الحاكم عليهم بعد ذلك، فإن الله تعالى يغفر لهم ما قد سلف، ويرفع عنهم عقوبة الحرابة الخاصة بحقه سبحانه، ويبقى عليهم حقوق الناس من القِصاص في النفس والجراح، وغرامة المال والدِّيَة لِما لا قصاص فيه، إلا أن يعفو أصحاب الحقوق؛ [المغني، لابن قدامة، ج: 12 ص: 483].
ختامًا:
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة؛ ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكرام.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
__________________
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|