أحببته وتركني فماذا أفعل؟
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال:
♦ الملخص:
فتاة أحبَّتْ زميلها في الجامعة، ووعَدها أن يَخطبها مِن أبيها، وبعد ذلك تغيَّر معها وترَكها، وقال لها: لم يَعُد يَصلُح كلٌّ منا للآخر، وتسأل: ماذا تفعل؟!
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا فتاة أحببت زميلاً لي في الجامعة، وأنا الآن في آخر سنة في الدراسة، وقد وعَدني أنه سوف يُكلِّم أبي لخِطبتي.
استمرت هذه العلاقة خمس سنوات، وفي أثنائها حدَثت بيننا مشكلات كثيرة، لكنَّه كان متمسكًا بي ويُحبني كثيرًا، أما في الفترة الأخير فقد تغيَّر معي؛ إذ سافَر أكثَر مِن مؤتمر للجامعة، وبدأ يتعرَّف على أشخاص جُددٍ، وقال لي: لم أَعُدْ أعرِف ماذا أريد، والدنيا تُعاندني!
أحيانًا يعاملني بشكلٍ حسنٍ، وأخرى أراه متغيرًا، وقد قال لي: لن نستطيع أن يُكمِل كلٌّ منَّا مع الآخر؛ لأننا سوف نُتعب بعضَنا، وما بيننا انتهى ومضى، وهذا نصيب.
بدأتُ أَسأل نفسي قائلةً: كيف استطاعَ بعد خمس سنوات أن يقول ذلك؟! هل ما حصَل أزمةٌ ستَمضي وبعدها يَعود إليَّ، أو أنه لن يعود؟!
أكاد لا أُصدِّق أنه يَستطيع أن يَبعُدَ عني كلَّ هذا الوقت، فهل عليَّ أن أَنسى؟! ماذا أفعَل؟!
الجواب:
الابنة العزيزة، حيَّاكِ الله، نعم مِن المفترض أن تتناسَي تلك السنوات الخمس التي قُضِيتْ في قصة لم يُقدَّر لها أن تَكتمل وتُكلَّل بالزواج الذي كنتِ تَحلُمين به، واعذِريني إن قلتُ لك: إن هذه نهاية مُتوقَّعة ونتيجةٌ حتميةٌ لعلاقة مبنيةٍ على لا شيء!
فلا رباط شرعي يَحكُمها، ولا قاعدة عُرفية تُسيِّرها، علاقة لا معالِمَ لها، مجرد حبٍّ بين شابَّين لم تستقرَّ مشاعرُهما بعدُ، ولم تُصقَل عواطفُهما، عرَف كلٌّ منهما الآخر في جوِّ صداقةٍ يَرونها "بريئة"، وتآلَفت القلوب، فظنَّ كلٌّ منهما أن هذا زوج المستقبل المناسب، ورأى فيه أن حُلمه قد تَحقَّق، وأُمنياته قد تُصبِح حقيقةً، حتى إذا ما تطلَّع أحدهما للعالم بصورةٍ أشملَ، وتراءتْ له مشاهدُ لم تكن أمام ناظِرَيه من قبلُ، صار ينظر إلى ذلك الحبيب نظرةً واقعيةً، لكنها قاسية؛ إذ إنه ليس الزوج الذي كان يرجو، ولم يَعُدْ يرى فيه سعادته المنشودة.
فإنْ هو استيقَنَ ذلك وأدرَكه قبل الزواج، فعليه أن يَنسحب في هدوءٍ وسرعة؛ حتى لا يُسبِّب المزيد من المشكلات، ويَبني بيته على حُطام مشاعر باتَتْ ذكرياتٍ لا وجودَ لها، وإن أدرَك ذلك بعد فوات الأوان، فعليه أن يتحمَّل قدرَ استطاعته عاقبةَ قرارٍ اتَّخذه بغير رويَّةٍ ودون رؤيةٍ واضحة.
لا أُحبُّ لكِ أن تكوني ضعيفةً، فتُوقفي حياتكِ على شابٍّ قرَّر أنكِ لا تُناسبينه، ولا أُشجِّعُكِ على العيش في بَوتقة الماضي، فلن تُفلح محاولاتكِ ولن تُثمر جهودُكِ في السعي لاكتشاف السبب الحقيقي وراء تغيُّره، وأرى أن تَحمَدي الله أن صرَف عنكِ زواجًا لا يَحمل فيه الزوجُ لزوجته مِن المشاعر ما يُمكن أن يقوم عليه البيتُ، وعليكِ أن تتفكَّري في تلك العلاقة، وأنها لم تكن شرعيةً، وكان فيها معصية لله تعالى، والتوبةُ منها واجبةٌ، وأَنصحكِ أن تُحسني التعلُّم من أخطائكِ، وأنْ تنظري للمستقبل بقوَّة بعد أن تَهْدَأَ مشاعرُ الصدمة، ويقلُّ اضطرابُها في قلبكِ، وإيَّاكِ ثم إيَّاكِ ومحاولات الترجِّي والاستعطاف، فلن يَزيدَه ذلك إلا زُهْدًا فيكِ ورغبةً عنكِ!
سيَرغَب فيكِ من الشباب مَنْ يرضاه الله لكِ زوجًا، ومَنْ تختارينه بقلبكِ وعقلكِ معًا، لا بواحدٍ دون الآخر، ففي الغالب تكون القرارات الأقرب للصواب هي ما يَشترك فيها العقلُ والعاطفة معًا.
أَنصحكِ أن تُحيطي نفسكِ برُفقةٍ صالحةٍ، وأن تتقرَّبي إلى الله بالطاعات، وتشغلي وقتكِ بما هو نافعٌ لكِ في دينكِ ودنياكِ.
وفَّقكِ الله ورزقكِ الزوج الصالح الذي يَرتضيه قلبُكِ، ويُقِرُّه عقلُكِ، والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك