01-06-2023, 11:03 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 361,175
|
|
تحمل وكن صلبا
تحمل وكن صلبا
منة شرع
يُوضَع الذهبُ في أشدِّ وأصعب درجات الحرارة؛ ليتمَّ تشكيلُه بأجمل طريقة كما يريد صاحبه.
تتعدَّى الحرارة التي تحيط بقِطَع وسبائك الذهب المنصهرة ألف درجة مئوية.
لا يشكو الذهب صعوبةَ الحال الذي هو فيه، ولا يُسمَع له صوتُ ألمٍ، ولا يتخذه مهربًا؛ كي تموت خصائصُه الرائعة، ولا تحترق معه عزيمتُه.
له الحق أن ينصهر ويذُوب تحت تلك الشدة المحرقة؛ فهو معدن وله درجة انصهارٍ كغيره من المعادن، لكنه يعود من جديد، ويخرُج من انصهاره بأبهى وأفضل الصُّوَر التي يمكن أن يكون عليها؛ لأنه يعلم جيدًا أنه ما وُضِع فيه إلا لتتمَّ عملية تشكيله التي سترفعه قدرًا وثمنًا، وهكذا هو الحال معك يا قطعة الذهب البشري، تقسو عليك الحياةُ، وتضيق بك، ولا تجد متنفَّسًا من شدة وحرارة ما يُحيط بقلبك وعقلك، حتى تكاد تشعُر أنه من الأفضل عدم بقائك فيها إن كنتَ ستبقى طويلًا على هذا الحال.
تضعُف ولك كلُّ الحق في أن تضعُف وتذوب،تحترق وتبكي بكل ما أُوتيتَ من ألمٍ، لكن ماذا بعدُ؟!
هل ستستسلم للألم؟
هل سيستمر وضعك كثيرًا على هذا؟
عليك أن تدرك جيدًا أن ما أنت عليه ما هو إلا مرحلة تمرُّ بها أي سبيكة ذهب لامعة، فجميع الناجحين بلا استثناء فشِلوا ذات يوم، وجميع المثابرين بلا استثناء سقطوا ذات يوم.
العلماء والمبدعون جميعهم كانوا في أصعب وأشد اللحظات مثلك، لا فرقَ بين حالِكَ وحالهم إلا اختلاف المشاكل واختلاف قوتها، بل إن منهم من كان أصعب منك حالًا، أو أقل، فهذه طاقة كل منكم، فالله عز وجل لا يضعنا إلَّا فيما نتحمله: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].
تأكَّد أنك ما وُضِعْتَ حيث اشتدَّتْ عليكَ الظروف، إلا ليُستخلَصَ أجملُ ما فيك، ويرى الله سبحانه وتعالى صبرَك، فيجعل سقوطَكَ في لحظة من لحظات حياتك سببًا لقيامِكَ بقية الحياة، ولكنك قد لا تَنتبه لذلك بسبب انصهار رُوحك داخل نيران اليأس، واحتراق عزيمتك بغير شعور منك.
وها قد جاءت اللحظة لتعلَم ما هو خافٍ وراء هذا الانصهار؛ فتحمَّل وكُنْ صُلْبًا، كن ذهبًا.
تُرَى... كيف الوصول إلى ذلك؟ (يتبع..).
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|