12-11-2022, 05:26 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 359,472
|
|
ترشيد استخدام عنصر الزمن بمنظور إسلامي
ترشيد استخدام عنصر الزمن بمنظور إسلامي
نايف عبوش
لا جَرَمَ أن للزمن أهميةً بالغة في حياة الإنسان، باعتبارِه فرصةَ اللحظة، بما هو مَوْرِد ناضب، ومن ثَم فإن على الإنسان أن يحرِصَ على ترشيد استخدامه بأعلى كفاءة ممكنة. وتجدُرُ الإشارة إلى أن الإسلامَ قد أعطى الزمنَ أهميةً كبيرة في حياة الإنسان، ببُعْدَيْها الماديِّ والرُّوحي؛ وذلك بعكس المنظور الغربيِّ المعاصر للزمن، الذي ركَّز على مجرد البعد المادي للاستخدام عند التعاطي مع الزمن، عندما اعتبره بمثابة النقود، شأنه شأن رأس المال؛ حيث يلاحظ أن اهتمام الحضارة الغربية المعاصرة بعنصر الزمن قد تجسَّد باعتبار الزمن موردًا ماديًّا صرفًا، كما اعتادوا وصفَه في أدبيَّاتِهم الاقتصادية وأنشطتهم اليومية من أن الزمن هو نقود (time is money)؛ تساوقًا مع منطلقات ثقافة الكسب وتعظيم الأرباح. لذلك يلاحظ أن الإسلام قد أعطى الزمن - بما هو مورد ناضب - بُعْدَه الفيزيائيَّ الحاسم في خطية الحركة والسيرورة المستمرة التي لا تتوقف، والتي لا تنتظر المتباطئ والمتكاسل عن العطاء. ولعلنا في هذا السياق نلحَظُ أن قانون الانتفاع من الزمن يقومُ على قاعدة: (اغتنم خمسًا قبل خمسٍ)، ومنها (حياتك قبل موتك، وغِناك قبل فقرك)، في إشارة صريحة إلى حثِّ الإنسان على استغلال فرصةِ اللحظة وهو يمارس حياته اليومية عند التعاطي مع الزمن، وذلك بما يضمن له تحقيقَ أفضلِ أداء، وعلى النحو الذي يحقق له أعلى المنافع من نشاطه، عند استهلاكه وحدةَ الزمن التي تمرُّ أمامه. ويقتضي الأمرُ الإشارةَ إلى أن الإسلام في الوقت الذي قد حرَص على ترشيد استخدام عنصر الزمن في كل أمور الحياة، وعدم إضاعته بالتكاسل عن الاستخدام، أو في إهداره في استخدامات عبثية لا طائلَ مِن ورائها - فإنه في الوقت ذاته قد حثَّ على تحقيق التوازن في استخدامه، بين عمارة الدنيا والسعي للفوز برضا الله تعالى في الآخرة، على قاعدة: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]، وهو ما امتاز به الإسلام في مسألة تعميق وَعْيِ الإنسان بضرورةِ ترشيد الاستخدام بتوازنٍ، عند تعاطيه مع عنصر الزمن، مع أنه أصل غير مادي من الأصول المتاحة للاستخدام أمام الإنسان.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|