11-23-2022, 02:20 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 357,251
|
|
كبيرا بلا ثقل .. ملهمة التوازن في العلاقات
كبيرا بلا ثقل .. ملهمة التوازن في العلاقات
أ. محمد بن عبدالله الفريح
كتب أحد رواة الأدب مدونةً ذكر فيها أن أديبًا وشاعرًا وفيلسوفًا إنجليزيًّا كتب في أحد رواياته ما نصه:
لو أن الله رزقني ابناً سأركز أن يكون البالون أكثرَ ألعابه؛ سأشتريه له باستمرار، فلعبة البالون تعلمه الكثير من فنون الحياة؛ تعلِّمُه:
أن يصبح كبيرًا ولكن بلا ثقل وغرور، حتى يستطيع الارتفاع نحوَ العُلا.
تعلمه أن فناءَ ما بين يديه قد يكون في لحظةٍ خاطفةٍ جدًا، وأن فقدانه يمكن أن يكون بلا مبرر أو سبب، لذا عليه أن لا يتشبَّث بالأمور الفانية، ولا يهتم بها إلا على مقدار معلوم، وأهم شيء سيتعلمه ألاَّ يضغط كثيرًا على الأشياء التي يحبها، وأن لا يلتصق بها لدرجة يؤذيها ويكتم أنفاسها، لأنه سيتسبب في انفجارها وربما يفقدها إلى الأبد، بل سوف يتعلم أن كمال الحب يكمن في إعطاء الحرية لمن نحبهم.
سيفهم أن المجاملة والمديح الكاذب وتعظيم الأشخاص للمصلحة يشبه النفخ الزائد في البالون، وفي النهاية سينفجر في وجهه، وربما يؤذي نفسه بنفسه.
في النهاية سيدرك أن حياتنا مرتبطة بخيط رفيع جدًّا كالبالونة المربوطة بخيط حريري لامِع، ومع ذلك تراها ترقص في الهواء غيرَ آبهةٍ بقصر مدة حياتها أو ضعف ظروفها وإمكاناتها.
نعم سأشتري له البالونات باستمرار وسوف أحرص على الانتقاء له منها مختلف الألوان والأشكال، كيما يحب الجميع ويتقبلهم بغض النظر عن أشكالهم وخلفياتهم.
والآن أعد شريط ذكرياتك على عجل وتذكر:
كم بالونًا فقأت؟
وكم بالونًا خسرت أو كدت؟
وكم بالونًا شارف على أن يفلت من بين يديك؟ وكم وكم وكم؟
تزداد الحياة جمالاً وبهاءً باختلافنا وتنوعنا شكلاً وكمًا وكيفًا، ولولا هذا التنوع الهائل لَمَلِلْناها بوقت قصير جدًا.
أعد حساباتك في علاقاتك وتنوعها، وأعد هندسة المحافظة عليها، فهو فن قل من يتقنه؟
أتذكر في هذا السياق الكلمة الخالدة للأديب الأنجليزي وليم جيمز عندما لخص أهم ما يحتاجه كل منا من الآخر بقوله:
(أكبر حاجة في الطبيعة الإنسانية هي الحاجة إلى التقدير).
وكذلك رائعة وملهمة شاعر النيل حافظ إبراهيم عندما قال:
ويَهُزُّني ذكْرُ المروءةِ والندى
بين الشمائلِ هزةَ المشتاقِ
فإِذا رُزقتَ خَليقةً محمودةً
فقد اصطفاكَ مقسِّمُ الأرزاقِ
وقبل ذلك وبعده قول الحق تبارك وتعالى:
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: 159].
دمت بمودة
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|