حرائق الغابات: هل تعلم أن إطفاءها يعتمد على (احرق لتنطفئ)؟ خذ لك فكرة!
ناصر بن هزاع المعجل
بمناسبة الحديث عن حرائق غابات كاليفورنيا، دار بيني وبين أحد الأصدقاء من خارج التخصُّص حوارٌ عن حرائق الغابات، قلت له: إنَّ وسيلة إطفائها الوحيدة إذا انتشرت هي "الحرق"، "احرق لتنطفئ"، لم يُصدِّق؛ فاضطررتُ إلى أن أشرح...
في الحقيقة هناك ثلاث طرق لإطفاء النار:
1- الخنق: عزل الأكسجين.
2- التبريد: إزالة الحرارة.
3- التجويع: إزالة الوقود.
والثلاثة هي عناصر مثلث الحريق: (الأكسجين - الحرارة - الوقود).
وإطفاء حرائق الغابات يعتمد على "التجويع" - أي: إزالة الوقود - أي: كما نفعل عندما نُغلق صِمام خزان البنزين الرئيسي أوتوماتيكيًّا، عندما تحترق مضخة محطة الوقود؛ ولكن التجويع في حرائق الغابات يتمُّ بطريقةٍ أخرى؛ وسأشرح ذلك...
ضع إحدى يديك على شكل قبضة، واليد الأخرى بجانبها؛ ارفع فقط سبَّابتها واعكفه قليلًا؛ القبضة: هي حريق الغابة، والسبَّابة: هي مكان سوف تأخذ الرياح النارَ إليه غدًا صباحًا؛ لذلك سوف نقوم اليوم بحرق "السبَّابة" - أو المكان الذي سيذهب إليه حريق الغابة غدًا صباحًا - نحرقه ونُطفئه؛ فعندما تحمل الرياح نار الغابة إلى هذه "السبابة"، سوف تجدها رمادًا؛ فتنطفئ النار.. إلا إذا (تغير اتجاه الريح) فهذه إرادةُ الله وبالطبع لا يمكن أن نفعل معها شيئاً، وهذا يحصلُ أحيانا.. وهو في الواقع أحد الأسباب التي أطالت أمد إطفاء حرائق كاليفورنيا..
لذلك أنت عندما تشاهد طائرات الهليكوبتر تحمل المواد المطفئة للحريق لا ترشها على "القبضة" - حريق الغابة - ألم يقُل كثيرٌ منكم: ما هذا الغباء؟ ماذا تفعل هذه الكميَّة المطفئة الضئيلة المتدفِّقة من الهليكوبتر بالنسبة لهذا الحريق الضخم؟!
وهو كذلك فعلًا؛ فإن طائرة الهليكوبتر لا تُطفئ "القبضة" - حريق الغابة - بل تُطفئ "السبابة" - الطريق الذي أحرقناه لنُطفئه من أجل (تجويع النار) - وبالتالي ينطفئ حريق الغابة؛ ولو لم نفعل ذلك، لاحترقت الغابة كلُّها، وهذا المبدأ يُذكِّرني بقاعدة فقهيَّة في الإسلام تقول: "ارتكاب أخفِّ الضررين لدفع أشدِّهما"، وهذا موضوعٌ آخر!
كتبه: ناصر بن هزاع المعجل
مفتش وقاية من الحريق بمطار الملك خالد الدَّولي، دبلوم عالي من أكاديميَّة الطيران المدني، تخصُّص ضابط إطفاء مطار، بكالوريوس تخصُّص دعوة وإعلام بالانتساب من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك