|
01-18-2016, 09:19 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 360,975
|
|
لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
(ت حم) , عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ - وَكُنَّا أَسْلَمْنَا يَوْمَ الْفَتْحِ - قَالَ: فَمَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ , فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " اللَّهُ أَكْبَرُ , هَذَا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّةً "
(خ م جة حم) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَتَتَّبِعُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ , لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بَاعًا بِبَاعٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَشِبْرًا بِشِبْرٍ حَتَّى لَو أَنَّ أَحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ وَحَتَّى لَو أَنَّ أَحَدَهُمْ جَامَعَ أُمَّهُ بِالطَّرِيقِ لَفَعَلْتُمْ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا فَعَلَتْ فَارِسُ وَالرُّومُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ , قَالَ: " وَمَنْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ ؟ "
1 - عقدة التشابه بين مفهوم المسلمين للشفاعة وبين مفهوم اليهود بالنسبة لعقائدهم:
( الإرجاء مثالا )
فَهِم بعض المسلمين الشفاعة فهماً سطحياً ساذجاً، بمعنى أن الإنسان يفعل ما يشاء من المعاصي والآثام والموبقات، ثم يشفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقبله الله في عداد الصالحين
هذا الفهم الساذج غير مقبول لدى جميع العلماء، قديمهم وحديثهم، بل إن هذه العقيدة , بمعنى أن الإنسان لن يُحاسَب على أعماله، ولن يُعمل بقوانين الجزاء على الذنوب في حقه ، إن هذه العقيدة هي عقيدة اليهود، فقد قال تعالى:
﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ (سورة الأعراف الآية: 169)
فاليهود كانوا يطيعون الله في بعض التكاليف ، وبعضها الآخر يخالفونها، ويقولون: سيُغفر لنا
والله سبحانه وتعالى يقول:
﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ , مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً ﴾ ( سورة النساء الآية:123)
قال القرطبي : " ذَمَّهُمْ باغْتِرِارِهم في قِولِهِمْ : { سَيُغْفَرُ لَنا } , وَأَنَّهُمْ بِحَالٍ إِذَا أَمْكَنَتْهُمْ ثَانِيَةً ارْتَكَبُوهَا ، فَقُطِعُوا بِاغْتِرَارِهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَهُمْ مُصِرُّونَ ، وَإِنَّمَا يَقُولُ : { سَيُغْفَرُ لَنَا } مَنْ أَقْلَعَ وَنَدِمَ .
قُلْتُ : وَهَذَا الْوَصْفُ الَّذِي ذَمَّ اللهُ تَعَالَى بِهِ هَؤُلَاءِ مَوْجُودٌ فِينَا " أ . هـ تفسير القرطبي (7/ 311)
بيان الرد الإلهي على هذا المفهوم الخاطئ:
﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ (سورة البقرة الآية: 80-81)
وهذه آية أخرى تصف عقائد اليهود: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ ( سورة آل عمران الآية:24)
وفي آية أخرى, يقول الله تعالى عنهم:
﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ (سورة البقرة الآية:111)
وقال الله تعالى كذلك: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ ( سورة المائدة الآية:18)
هذه كلها آيات قرآنية، ترينا كيف أن اليهود اعتقدوا بسذاجة أنهم لن يدخلوا النار، وإن دخلوها فلن تمسهم إلا أياماً معدودات !!
وسمى الله هذا غروراً وافتراءً، وأنه كلامٌ لا يقف على قدميه، بل يحتاج إلى برهان, قال تعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ ( سورة البقرة الآية: 111)
ثم عقَّب الله تعالى فقال: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ (سورة البقرة الآية: 81)
2 - الغناء والموسيقى الدينية
فالنصارى يغنون ويستعملون الموسيقى داخل كنائسهم خلال أدائهم لطقوسهم وشعائرهم .
وكثير من المسلمين اليوم يستعملون الموسيقى في الأناشيد الدينية , بحجة أنها تثير العواطف , وترقق القلوب , وتقرب الإنسان من ربه
دُفٌّ ومزمارٌ ونغمةُ شادنٍ فمتى رأيتَ عبادةً بملاهي
يقولون : يا حبيبي يا رسول الله , فداك روحي إلخ .. لكن على أرض الواقع التطبيق لأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم ضعيف .
3 - الصور في داخل المساجد :
(خ م) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: ذَكَرَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ وَأُمُّ سَلَمَةَ - رضي الله عنهما - لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَالَ: " إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
فاليوم المساجد مليئة بهذه الصور للأحياء والأموات , وبعضها يوضع في القبلة , وبعضها مجسَّم , ولا ينكرها أحد .
4 - البناء على قبر الرجل الصالح , واتخاذُه مسجدا
هذا أمر مشهور ومعروف , فقبور الأولياء والأنبياء أصبحت في معظم دول العالم مقصدا للمتعبدين والمتنسكين , يقصدها الملايين من البشر , ويقيمون عندها الطقوس والشعائر التي لا تجوز إلا لله .
5 - تشييد المساجد
(د) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ " ,
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
(الحكيم الترمذي ) , وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِذَا زَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ، وَحَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ فَالدَّمَارُ عَلَيْكُمْ "
(د) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ "
ولا يخفى على عاقل حال المسلمين اليوم في بناء مساجدهم , وكيف يبنون بعضها كالقصور الشاهقة , ويتفننون في بنائها على البحر , ويجعلون فيها زخرفة تكلف ملايين من الدولارات , بحيث أن تكلفة المسجد الواحد تكفي لبناء ثلاثة أو أربعة مساجد في بعض الأحوال .
وكذلك فعل النصارى قبلنا , حيث بنوا كنائس ضخمة في روما , وبعضها تحوَّل مع مرور الوقت إلى متاحف !!
وذلك بسبب ما وضعوه في هذه الكنائس من زخارف نفيسة , ومقتنيات نادرة .
وفي المقابل , انعدم التطبيق لأوامر الله من حياتنا شيئا فشيئا , فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان مبنيا بالطين وجذوع النخل , لكنه خرَّج أجيالا تفخر بها البشرية إلى يوم القيامة .
{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]
فبدأنا نهتم بالمناظر والشكل الخارجي على حساب المضمون والجوهر الداخلي , وهذا أحد أوضح علامات النفاق ... والنفاق هو الطريق للكفر الصريح .
فاليهود والنصارى لم يصلوا إلى ما وصلوا إاليه اليوم من ضلال دفعة واحدة , لكنه التسلسل الزمني في اتباع خطوات الشيطان .
{وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16]
6 - الرهبانية
( س ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍبقَالَ :
كَانَتْ مُلُوكٌ بَعْدَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ u بَدَّلُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ , وَكَانَ فِيهِمْ مُؤْمِنُونَ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ , فَقِيلَ لِمُلُوكِهِمْ : مَا نَجِدُ شَتْمًا أَشَدَّ مِنْ شَتْمِ هَؤُلَاءِ , إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ ﴾([1])وَهَؤُلَاءِ الْآيَاتِ يَعِيبُونَ بِهَا أَعْمَالَنَا فِي قِرَاءَتِهِمْ , فَادْعُهُمْ فَلْيَقْرَءُوا كَمَا نَقْرَأُ , وَلْيُؤْمِنُوا كَمَا آمَنَّا , فَدَعَاهُمْ فَجَمَعَهُمْ , وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلَ , أَوْ يَتْرُكُوا قِرَاءَةَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , إِلَّا مَا بَدَّلُوا مِنْهَا , فَقَالُوا : مَا تُرِيدُونَ إِلَى ذَلِكَ ؟ , , دَعُونَا , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : ابْنُوا لَنَا أُسْطُوَانَةً , ثُمَّ ارْفَعُونَا إِلَيْهَا , ثُمَّ أَعْطُونَا شَيْئًا نَرْفَعُ بِهِ طَعَامَنَا وَشَرَابَنَا , فلَا نَرِدُ عَلَيْكُمْ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : دَعُونَا نَسِيحُ فِي الْأَرْضِ وَنَهِيمُ , وَنَشْرَبُ كَمَا يَشْرَبُ الْوَحْشُ , فَإِنْ قَدَرْتُمْ عَلَيْنَا فِي أَرْضِكُمْ فَاقْتُلُونَا , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : مِنْهُمْ ابْنُوا لَنَا دُورًا فِي الْفَيَافِي([2])وَنَحْتَفِرُ الْآبَارَ , وَنَحْتَرِثُ الْبُقُولَ , فلَا نَرِدُ عَلَيْكُمْ وَلَا نَمُرُّ بِكُمْ - وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْقَبَائِلِ إِلَّا وَلَهُ حَمِيمٌ فِيهِمْ - قَالَ : فَفَعَلُوا ذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللهُ U : ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ , فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾ وَالْآخَرُونَ قَالُوا : نَتَعَبَّدُ كَمَا تَعَبَّدَ فُلَانٌ , وَنَسِيحُ كَمَا سَاحَ فُلَانٌ , وَنَتَّخِذُ دُورًا كَمَا اتَّخَذَ فُلَانٌ , وَهُمْ عَلَى شِرْكِهِمْ , لَا عِلْمَ لَهُمْ بِإِيمَانِ الَّذِينَ اقْتَدَوْا بِهِ .([3])
____________
([1]) [المائدة/44]
([2]) الفيافي : جمع الفيفاء , وهي الصحاري الواسعة .
([3]) قال الألباني في ( س ) 5400 : صحيح
7 - تقديم الرأي على النصوص
( مي ) , وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : مَا زَالَ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلًا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ , حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ الْمُوَلَّدُونَ أَبْنَاءُ سَبَايَا الْأُمَمِ أَبْنَاءُ النِّسَاءِ الَّتِي سَبَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ غَيْرِهِمْ , فَقَالُوا فِيهِمْ بِالرَّأْيِ , فَأَضَلُّوهُمْ .
فيه مشابهة أهل الكتاب بتقديم الرأي وأقوال بعض العلماء على النص الصحيح , تعصًّبًا للمذهب أو الحزب أو القومية .
8 - الالتفاف على النصوص
( م ) , وَعَنْ يَحْيَى أَبِي عُمَرَ النَّخَعِيِّ قَالَ : ( سَأَلَ قَوْمٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ , وَشِرَائِهَا , وَالتِّجَارَةِ فِيهَا , فَقَالَ : أَمُسْلِمُونَ أَنْتُمْ ؟ , , قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا , وَلَا التِّجَارَةُ فِيهَا ) ( لِمُسْلِمٍ , وَإِنَّمَا مَثَلُ مِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَثَلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ , حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ , فَلَمْ يَأْكُلُوهَا , فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا ) .
9 - لَيُّ أعناق النصوص
قَال الْبُخَارِيُّ ج9ص160 : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ﴿ يُحَرِّفُونَ ﴾ : يُزِيلُونَ ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ , وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ ، يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ .
قلت : فأهل الكتاب في هذه المرحلة لم يكونوا قد تجرّأوا بعد على مَحوِ أو تبديل شيء من التوراة والإنجيل .
فقط هم كانوا يحرفون المعنى , فيُأولون كلام الله تأويلا بعيدا عن معناه الواضح المُراد .
وهذا هو أول ما فعله المنافقون من هذه الأمة , من تغيير معنى كلام الله , لجعْلِه يُطابق البِدَعَ التي أحدثوها .
فقالوا لعليٍّ رضي الله عنه يوم التحكيم : إن الحُكْمُ إلا لله .
فقال علي : كلمة حق يُراد بها باطل .
وقالوا : { ليس كمثله شيء } , فنفوا عنه صفاته وأسمائه , وجعلوه سبحانه عدما محضًا .
وقالوا : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] ( أي : في عليّ )
فما من فرقة مِن الفرق إلا واحتجت بآية من كتاب الله , وحملتها على غير معناها المُراد الظاهر , وتأولتها تأويلا باطنا , وصرفتها عن ظاهرها بلا دليل واضح من الشرع .
وأهل الكتاب أيضا كانوا يتجنبون تلاوة الآيات التي تتعارض مع أحكامهم المخالفة لهذه النصوص .
(خ م د حم) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: أَتَى نَفَرٌ مِنْ يَهُودٍ فَدَعَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْقُفِّ فَأَتَاهُمْ فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ فَوَضَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وِسَادَةً , " فَجَلَسَ عَلَيْهَا " فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ , إِنَّ رَجُلًا مِنَّا زَنَى بِامْرَأَةٍ , فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ مَنْ زَنَى مِنْكُمْ؟ " قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا , وَنُحَمِّلُهُمَا , وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا , وَيُطَافُ بِهِمَا فَـنَفْضَحُهُمْ , وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ: " لَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ؟ " , فَقَالُوا: لَا نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا , فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ادْعُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالتَّوْرَاةِ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا " فَنَزَعَ الْوِسَادَةَ مِنْ تَحْتِهِ فَوَضَعَ التَّوْرَاةَ عَلَيْهَا , ثُمَّ قَالَ: آمَنْتُ بِكِ وَبِمَنْ أَنْزَلَكِ , ثُمَّ قَالَ: ائْتُونِي بِأَعْلَمِكُمْ " , فَأُتِيَ بِفَتًى شَابٍّ أَعْوَرَ , يُقَالُ لَهُ: ابْنُ صُورِيَا , فَقَرَأَ , حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ , فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا [وَلَمْ] يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ , فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَحْتَ يَدِهِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ , فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ , فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ وَلَكِنَّا كُنَّا نَتَكَاتَمُهُ بَيْنَنَا " فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا عِنْدَ الْبَلَاطِ .
وهكذا يفعل المنافقون من هذه الأمة , فعند ذِكر حُججهم وأدلتهم الواهية التي تؤيد بدعتهم , تجدهم يتغاضون عن قصد وتعمُّد ذِكرَ النصوص التي تنقض أصلَ بدعتهم .
فيدلِّسون هذه البدعة على العامة الذي لم يستقرؤوا كلَّ النصوص , ولم يعرفوا وجه الاستدلال من النص .
قال تعالى: { وكلم اللّهُ موسى تكليماً }
قال الحافظ أبو بكر بن مردويه: " جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش، فقال: سمعت رجلاً يقرأ { وكلَّم اللّهَ موسى } قرأ هذا الرجل لفظ الجلالة بالنصب وموسى بالرفع تكليما
فقال أبو بكر: ما قرأ هذا إلا كافر , قرأتُ على الأعمش ، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب ، وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمن السلمي ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي على علي بن أبي طالب، وقرأ علي بن أبي طالب على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : { وكلَّم اللّهُ موسى تكليماً } .
وإنما اشتد غضب أبي بكر بن عياش رحمه اللّه على من قرأ كذلك، لأنه حرّف لفظ القرآن ومعناه ، وكان هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن يكون اللّه كلم موسى عليه السلام , أو يكلم أحداً من خلقه .
كما رويناه عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ { وكلم اللّهَ موسى تكليما}
فقال له : يا ابن اللخناء ! كيف تصنع بقوله تعالى: { ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربُّه} ؟
يعني أن هذا لا يحتمل التحريف ولا التأويل " .
ففي هذا المثال قد شابه المنافقون من هذه الأمة أهلَ الكتاب من وجهين :
الأول : أنهم قد استدلوا بالآية التي يمكن أن يُدخلوا فيها شبهتهم , وهي قوله تعالى : { وكلم اللّهُ موسى تكليماً } مع أن العلماء متفقون على رفع لفظ الجلالة .
أما الآية الأخرى التي لا مدخل لبدعتهم فيها , فتغاضوا عنها وحذفوها من جملة حُججهم .
والوجه الثاني من أوجه الشبه : هو لَيُّ اللسان بالآية , لإخراجها عن معناها المراد .
قال تعالى : { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آل عمران: 78]
وكذلك فعل ذلك المنافق عندما لوى لسانه بالآية فقال : { وكلم اللّهَ موسى تكليماً } لينفي أن الله تكلم مع موسى , وأن موسى هو الذي كلم الله .
10 - لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ
وَقَالَ تَعَالَى : ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾([2])
قد شابههم بعضنا , فقالوا : لا بأس بالربا في أرض الحرب .
وبعضهم أجاز سرقة الكفار .
وبعض العامة استحل فروج الكافرات , بزعم أن الكفار استحلوا أرضنا ودماءنا .
الوعظ بالقصص وترك الوعظ بالترغيب والترهيب
( طب ) , وَعَنْ خَبَّابٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا"
قال في النهاية : أي أن بني إسرائيل اتَّكلوا على القول وتركوا العمل , فكان ذلك سبب هلاكهم , أو بالعكس , لما هلكوا بترك العمل , أخلدوا إلى القَصص .
وقال الألباني في الصَّحِيحَة : 1681 : ومن الممكن أن يُقال : إن سبب هلاكهم اهتمام وُعَّاظِهِم بالقَصص والحكايات , دون الفقه والعلم النافع الذي يُعَرِّفُ الناسَ بدينهم , فيحملهم ذلك على العمل الصالح , فلما فعلوا ذلك هلكوا , وهذا هو شأن كثير من قُصَّاصِ زماننا , الذين جُلُّ كلامهم في وعظهم حول الإسرائيليات , والرقائق . أ . هـ
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|
|
|