الصلاة خلف مقام إبراهيم والشرب من زمزم
أ. د. محمد المختار محمد المهدي
بعد أن ينتهي من الأشواط السبعة، يتجه إلى مقام إبراهيم، وبه حجر كان سيّدنا إبراهيم يقف عليه ويرتفع به ليبني البيت الحرام هو وابنه سيّدنا إسماعيل، لم يكن معهما أحد وقد كلّفهما الله عز وجل برفع قواعد البيت، والبيت يرتفع، فكيف لإبراهيم أن يرتفع هذا الارتفاع ليضع اللبنة فوقها، فرزقه الله بهذا الحجر ليقف عليه ويرتفع به ويناوله سيّدنا إسماعيل.
وعلى المسلم أن يستشعر معنىً طيّبًا قدَّمه لنا سيّدنا إبراهيم وإسماعيل، ذلك أنّهما حين كانا يبنيان الكعبة - وهو أشرف عمل يقوم به الأنسان - كانا يدعوان ربهما:﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، كيف لشيخ الأنبياء والمرسلين سيّدنا إبراهيم أن يشعر أو يظن أن عمله هذا ربّما لا يقبل فيدعو ربه بأن يتقبّل، بالرغم من أننا حينما نؤدي الصلاة أو نؤدي الصيام وما إلي ذلك، نقول لقد قمنا بما يجب علينا، ونحن لا نعلم هل تقبّل الله منا هذه الصلاة وهذا الصيام أم لا، ثم يقول: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ﴾ [البقرة: 128] استشعارً بنعمة الاسلام، فسيّدنا إبراهيم نفسه يدعو الله ان يجعله مسلمًا، وليس هو وحده ولكن يدعو لذرّيته كذلك: ﴿ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، كأنه يقول لنا لا بد أن يكون الهدف الأساسي من النسل ومن الذرّيّة أن تكون ذرّيّة طيّبة مسلمة لله عز وجل، فلنستشعر نعمة الاسلام وهي أكبر نعمة سيقت لنا نحن المسلمين لنشكر ربنا عليها، ولنكن عبادًا لله مخلصين، ثم إنّه يطلب من ربه التوبة، وهو قمّة في الطاعة والعبادة، ليكون قدوة لكُلّ مسلم في الانابة إلى الله وعدم الغرور بما يؤديه من عبادة وطاعة. وعليه الا يزاحم الطائفين في الطواف، عليه ان يذهب إلى مقام إبراهيم، وخلف مقام إبراهيم يُصلّي ركعتي الطواف، وليس بالضرورة أن يُصلّي خلف المقام مباشرة، ولكن ليجعل المقام أمامه وليكن في أي مكان خلف هذا المقام يُصلّي ركعتين سُنّة الطواف يقرأ في الأولى: ﴿ قُلْ يَا أَيُهَا الْكَافِرُونَ ﴾ (الكافرون: 1)، ويقرأ في الثانية: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ (الاخلاص: 1) رمزًا للتوحيد الخالص الذي تيّقن في قلب هذا المؤمن.
الشرب من زمزم:
وبعد أدائه لهاتين الركعتين، يتجه إلى ماء زمزم فيتضلع ويشرب بنية الشفاء وبنية حفظ القرآن الكريم، أو بأي نيّة من النوايا الطيبة، فإن "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لهُ"، وكما قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم : "مَاءَ زَمِزَمَ طَعَامُ طُعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ"، لكن لا تجرب ربك، اشرب وتضلع وادع الله بما تشاء وأنت واثق من الاجابة، والله عز وجل سيختار لك الافضل دائمًا، وبهذا ينتهي الطواف، ويحسب للمعتمر ركنًا من العمرة، وللمحرم بالحج طوافًا للقدوم.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك