القرآن والرياح وحركة الحياة
اللواء المهندس أحمد عبدالوهاب علي
تعرف الريح بأنها حركة الهواء بالنسبة إلى سطح الأرض (يابسة وماء)، وتتعرض الأجزاء المختلفة من سطح الأرض إلى مقادير غير متساوية من حرارة الشمس بسبب دوران الأرض وميل محورها وتغير موضعها بالنسبة للشمس أثناء السنة، وبسبب اختلاف توزيع مناطق اليابسة والماء، ويؤدي هذا إلى نشوء تيارات الحمل على نطاق واسع حول الكرة الأرضية على شكل أحزمة، ولا سيما فوق خط الاستواء، فتتعرض المناطق التي تتجمع عندها الرياح لصعود في الضغط مصحوب بالسحب والأمطار، بينما تتعرض المناطق التي تبتعد عنها الرياح لانخفاض في الضغط، فتنعدم السحب والأمطار، وتتكون بذلك الصحاري، وهكذا تتحكم الرياح في شكل الحياة على الأرض بتحكُّمِها في مياه الأمطار.
وخلاصة القول فيما يتعلق بالرياح وحركة الحياة، هو ما تقرره دائرة معارف العلم والتكنولوجيا؛ إذ تقول:
"إن الرياح تعتبر مسؤولة - بطريق مباشرة أو غير مباشرة - عن إدارة ماكينة الحياة" [1].
وفي "الكتاب المقدس"، نجد الريح قد جُعلت وسيلة نقل للإله، تحمله فيها إلى حيث يريد!
"طأطأ السموات ونزل... طار ورُئِي على أجنحة الريح - صموئيل الثاني 22:10".
"هف على أجنحة الريح - المزمور 18: 10".
"المسقف علالية بالمياه. الجاعل السحاب مركبته. الماشي على أجنحة الريح - المزمور 104: 3".
وحين نذهب إلى القرآن، نجد توافقًا تامًّا بين ما يقوله عن أهمية الرياح في إدارة ماكينة الحياة وبين ما يقوله العلم الحديث؛ فلقد أكد القرآن في آيات كثيرة تلك الأهمية، وقرر أن إرسال الرياح وتصريفها إنما هو مِن أعمال الله المباشرة من أجل استمرارية الحياة على الأرض.
فالحق يقول: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الروم: 48].
﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 57].
وللرياح تأثيراتها المباشرة في عمليات التلقيح في الطبيعة، وتكوين الأجنة المائية التي تكبر تدريجيًّا مكونةً قطيرات السحابة، ومن ثم قطرات المطر، وكذلك تكوين الأجنة النباتية التي تنتج الثمار:
﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾ [الحجر: 22].
ولهذا أشار القرآن إلى أن تصريف الرياح يعتبر - في حد ذاته - آيةً من آيات الله الظاهرة في هذه الحياة:
﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164].
[1] McGraw-Hill ENCYLOPEDIA of SCIENCE and TECHNOL OGY, 1982 Vol. 14, p. 647.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك