03-14-2015, 04:20 AM
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 7,826
|
|
بيان أحكام البسملة
الإتقان في نطق بعض ألفاظ القرآن (3)
بيان أحكام البسملة
محمود العشري
البسملة: وهي في اللغة من قولك: "بسم الله"، وهذا يسمَّى بالنحت؛ وهو أن تَختصر من كلمتين فأكثرَ كلمةً واحدة بقصدِ الإيجاز، وهو سماعي، ليس له قاعدةٌ تَحكمه، ومنه: حوقَل، وحمدَل، وحيعَل، وغير ذلك...
وقد تكلم الناس كثيرًا في البسملة ومتعلَّقِها، وأحسنُ ما قيل في ذلك: إن الجارَّ والمجرور متعلقٌ بفعل محذوفٍ متأخِّر مناسبٍ للمقام، وتقديره هنا: بسم الله أقرَأ.
والتسمية عبادةٌ من العبادات القوليَّة التي ينبغي أن يُفرَد الله تعالى بها، وهي أن تُبدأ الأعمالُ والأقوال ذات الشأن بذِكر اسم الله وحدَه؛ استعانةً به وتبركًا، فلا يصح أن يُبدأ بذِكر اسم غير الله استِقلالاً، ولا بذكر اسم غيرِه معه بواو العطف؛ لأنها تقتضي المساواة، ومَن فعل ذلك وقع في الشِّرك إلا أن يتوب، أسأل الله العافية لي ولك ولجميع المسلمين.
وقد تكلمت في غير موضعٍ عن البسملة وشرحها، لكن الكلام هنا عن صيغتِها وأحكامها:
فأمَّا صيغتها فلها صيغةٌ واحدة، وهي: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ليس لها صيغةٌ سِواها من غير خِلاف.
وأما أحكامها فأُجمِلها فيما يلي:
حكم البسملة عند الافتتاح بأول السورة:
لا خلاف بين أهل الأداء في الإتيان بها حتمًا، باستثناء سورة براءة، سواء كانت السورُ مرتَّبةً أو غيرَ مرتبة، كما لو وصَل السورة بما فوقَها، ولا خلاف بينهم أيضًا في تركِها في أول سورة براءة.
حكم البسملة عند الافتتاح بغير أول السورة:
إذا ابتدأ القارئ من أثناء السورة فهو مخيَّر كما سبق بين الإتيان بالبسملة وبين تركِها من الشاطبيَّة، ومُلزمٌ بالإتيان بها مِن طريقَي الفيل وزرعان من طرُق الطيِّبة، وقد سبق الكلام عن الحالتين في باب الاستعاذة، وسبحان الله! تجد بعضَ الإخوة يَقرأ من أثناء السورة فلا يُبسمِل، فيعترض عليه غيرُه بدون دراية، ولا يستطيع الأولُ أن يبرِّر عملَه في ذلك، فقط هو رأى مَن يفعل ذلك من الإخوة المتقِنين الذين يقرَؤون بتوسُّط المنفصل من طريق الشاطبية، فقلَّدَهم بلا علم، فلم يَقوَ على إقامة الحجة على فعله، فيقع الشِّقاق والخلاف، وتنتشر المسألة مُحدِثةً فتنة بين الناس!
ولو عَلم كلاهما أنَّ البسملة في وسط السورة جائزةٌ من هذا الطريق الذي يقرأ به غالبُ المسلمين، والذي يَكاد لا يعرفون غيره من طرق حفص الثمانية والخمسين، أقول: لو علم كلاهما أنَّ البسملة في وسط السورة جائزةٌ من هذا الطريق لانتهى الأمرُ بلا فتنةٍ ولا خلاف؛ لأن البسملةَ في أثناء السورة من هذا الطريق يجوز أن تأتي بها ويجوز أن لا تأتي بها، وهي من طريقي الفيل وزرعان بقَصر المنفصل من طيِّبة النشر واجبةٌ، فلتنتَبِه يا صاحبَ القرآن لذلك، والله المستعان.
حكم البسملة عند الجمع بين السورتين:
يجوز من الوجوه الأربعة السابقة في الاستعاذة عند الجمع بين السورتين ثلاثةُ وجوه فقط، وهي:
1- قطع الجميع: أي الوقوف على نهاية السورة، والوقوف على البسملة، والشروع في أول السورة.
2- قطع الأول ووصل الثاني بالثالث: أي الوقوف على نهاية السورة، ووصل البسملة بأول السورة.
3- وصل الجميع: أي وصل نهاية السورة بالبسملة بأول السورة.
وهذه الأوجُه تجوز بين كل سورتين، سواء أرتِّبتا أم لم ترتَّبا.
وهناك وجه رابع غير جائز؛ وهو: وصل نهاية السورة بالبسملة والوقوفُ عليها، ثم الشروع بأول السورة اللاحقة؛ لأن في ذلك إيهامًا بأن البسملة لآخِر السورة، والصواب أنَّ البسملة إنما شُرِعَت لأوائل السور لا لأواخرِها.
أما ما بين الأنفال والتوبة، فهناك ثلاثةُ أوجُه ذكَرها شيخنا العلاَّمة/ عثمان مراد رحمه الله بقوله:
وبين أنفالٍ وتوبة أتى
وصلٌ وسَكتٌ ثم وقفٌ يا فتى
1- وصل آخر الأنفال بأول التوبة من غير توقُّف، ولكن يَنبغي الانتباهُ في هذا الوجه إلى حكم الإقلاب؛ لأنه سيأتي بعد تنوين: ﴿ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 75] بالضمِّ باءُ البسملة، فطبق عليها حكمُ الإقلاب.
2- الوقوف على نهاية الأنفال بسَكتة لطيفة من غير تنفُّس لمدة حرَكتَين، والابتداء بالتوبة.
3- الوقوف على نهاية الأنفال مع التنفُّس، ثم الابتداء بالتوبة.
وهذه الأوجه الثلاثة فيما لو وصَلنا نهايةَ الفاتحة، أو البقرة، أو آلِ عمران، أو النساء، أو المائدة، أو الأنعام، أو الأعراف بأول سورة التوبة، أمَّا لو وصَلنا نهايةَ سورة التوبة بأولها، أو نهايةَ أيَّةِ سورة بعدها بأول التوبة، فليس لنا إلا وجهٌ واحد فقط، وهو الوقوف على نهاية السورة، والابتداء من أول التوبة من غير بسمَلة، والله أعلم.
س: ما حكم البسملة عند الانتقال من وسط سورة إلى وسط سورة؟
س: ما حكم البسملة من سورة متأخرة إلى سورة متقدِّمة في ترتيب المصحف؟
س: ما الحكم فيما لو أراد القارئ أن يكرِّر سورةً بعينها؟
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|