03-02-2015, 01:50 PM
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
|
|
الفرق بين البر والتقوى
الفرق بين البر والتقوى عند اجتماعهما في نص واحد
ذهب الإمام ابن القيم رحمه الله إلى أنه إذا اجتمع البر والتقوى في نص واحد مثل قوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ) فالتقوى هي السبب المقصود لغيره ، والبر هو الغاية المقصودة لنفسها ، أي التقوى هي الوسيلة ، والبر هو الهدف ، وهذا إذا اجتمع البر والتقوى .
قال رحمه الله في رسالته التبوكية :" فإن البر مطلوب لذاته ، إذ هو كمال العبد وصلاحه الذي لا صلاح له بدونه كما تقدم . وأما التقوى فهي الطريق الموصل إلى البر والوسيلة إليه "اهـ
هنا في رأي ابن القيم رحمه الله أنه عند اجتماع البر والتقوى فالغاية أن يكون الإنسان من الأبرار ، وأن يحصل له البر ، وأما التقوى فهي الطريق الموصل إلى البر ، والوسيلة إليه .
وأرى أنه لو قال قائل بالعكس، فقال البر هو العمل الصالح ، والتقوى التي في القلب هي الغاية من العمل الصالح لأن الصيام من البر وقد قال الله تعالى :{كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } فأرى أنه لو قال بذلك قائل لكان لكلامه وجه والله أعلم
وكذلك أيضاً هناك أقوال أخرى في تفسير البر والتقوى عند اجتماعهما ، منها قول الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره ، ونقله أيضاً عن غيره من علماء السلف أنهم قالوا إن البر هو فعل الطاعة ، والتقوى هي ترك المعصية ، فكل واحد منهما إذا انفرد شمل فعل الطاعة وترك المعصية ، أو فعل المأمورات وترك المنهيات .
وقد أيد ابن القيم رحمه الله رأيه بأن التقوى مأخوذة من الوقاية ، لأن أصلها في الصرف (وقوى ) على وزن فَعلى ، ثم قلبت الواو تاءً فصارت تقوى . قال : " كما قالوا تراث من الوراثة ، وتجاه من الوجه ، وتخمة من الوخمة ، ونظائرها ....فلفظها دال على أنها من الوقاية فان المتقي قد جعل بينه وبين النار وقاية والوقاية من باب دفع الضر فالتقوى والبر كالعافية والصحة . "اهـ
وتوضيح كلامه رحمه الله أنه في أمراض البدن الوقاية هي العافية وهي دفع الضرر والمرض ، وأما الصحة فهي شيء زائد على مجرد عدم المرض ، فالوقاية هي وسيلة لحصول الصحة ، والصحة هي الغاية والهدف ، والوقاية هي كون الإنسان يتوقى مثلاً الإفراط في أكل الدهون والسكر والملح والأشياء التي يمكن أن تؤذيه ، فكونه يتقي ، ويتوقى أسباب المرض فهذه وسيلة والغاية منها هي حصول الصحة ، فالوقاية من عذاب الله ، الوقاية هي التقوى لأن التقوى أصلها مأخوذة من وقى يقي وقاية ،والبر هو بمثابة الصحة ، ولكنها العافية والصحة القلبية ، يعني المعنوية ، وليست الصحة الحسية من الأمراض ، ولكنها الصحة من أمراض القلوب ، ومن آفات القلوب ، أن يكون الإنسان معافى من أمراض القلوب ، صحيحا متحليا بعبادات القلوب ومقاماتها وأحوالها ، فإذا حصل له ذلك صار من أهل البر ، وصار من الأبرار. ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|