((تذكير الأنام بوفاة سعد الإسلام))

[منتدى اهل الحديث]

((تذكير الأنام بوفاة سعد الإسلام))

الله المستعان و عليه التّكلان...
ءأُعزّي حروف الهجاء أو بالحروف أُعزّي الأحباب النّجباء!!! لأنّني أراها تصطفّ لتُواكب الغسل و تزاحم الدّفن...

آتاني كمّاً منْ المواساة (المسموعة و المقرؤة) لكننّي لم أر أفضل منْ يُواسيني في جلل المصاب مثل قلمي...فله باعٌ طويلٌ...لطالما ركع ليواسي زيداً و سجد ليُسلّي عمرواً...

(والدك تُوفي) كلمة قرعتْ فؤادي و صعقتْ أذني...لم تألف تلك الأذن سماع وفاة أقرب النّاس اليها إنصاتاً!!! و لا القلب من أقرب النّاس اليه حبّاً

فحملتُ قدماي على ظهري و مشيتُ بأرجلٍ قوائمها الصبر و أسرعتُ حتى بلغتُ...مبلغ الحزن...و جُبّ الهمّ

تقوّيت ُ على رؤية والدي في براّد مشفى المظلوم و تصبّرت ُ على غسل جسدٍ أكل منه المرض حتى شبعَ...و صليتُ عليه صلاة الوداع...و شدّدت ُ على قلبي فأنزلتُه قبراً و فككتُ عنه عقد الكفن ...لكنني ضعفتُ أنْ أحثو التّراب على قبره....

قبل وفاته بسويعات...أشار اليّ أنْ أجلس بجاني و أخذتْ يمينه تمسح فخذي...و كان يُعاتب المرض بأدبٍ...فيتأوّه تارة و يعضّ على اللثّة تارة أخرى...

فوالله لو كان لجوارحه لساناً لنطق فأبكى الجبابرة....لشدّة سكرات الموت....فسألته عنْ مكان وجعه...فأشار أنْ سل الوجع ما يُوجعه!!! بات والدي هو الوجع.

و تكلّم بكلامٍ لم افهم منه الاّ قليلاً...و أردف ليقول...حتى صوتي لم يعدْ يخرج!!! و ختم ليقول ( الله يرضى عليك ) مرتين...و هذا زادي الذي أرجو الله أنْ أنجو به يوم القيامة.

لم أعلم سبب موته...أهي عضلة القلب؟؟؟ أو الكبد؟؟؟ أو الرئة؟؟؟ أو الكلية؟؟؟ أو ارتفاع السكّر؟؟؟أو امتلاء جسده بالمياه؟؟؟لكنني على يقينٍ أنّ والدي تلاقى و الموت ليقبض روحاً تركتْ شارة على فمه دلالة على شدّة السّكرات.

مشهد آخر:عندما أنتهيتُ منْ تغسيله...هممتُ أنْ أقبّله على يديه فتذكرتُ كيف كان يُخفيها و يأخدها يمنة...ليمنع عنها التقبيل...لم يسمح لي...و لا مرّة أن أقبلها...فاكتفيتُ بتقبيله على ناصيته و رأسه...كما في حياته.

مشهد آخر:كنتُ أخفي الدّمع بله...حبسته كما كانت تُحبس الزانية في البيت حتى يتوفّاها الموت...و أُطلق سراحه في الخلوات...حتى أدفع عن والدتي الحزن....

بتُّ يتيماً...(بغضّ النّظر عنْ زمن الذي يُطلق على اليتم ذا المسمّى)...أغبط النّاس على آبائهم....و الله المستعان.

اعتدتُ على قوليَ...الله يشفيك يا والدي....حتى اللحظة....أُكذّب خبر موته...و أُعلّل...أنّ سند الرواة مقطوعاً...و خبر وفاته معنعناً....و في متنه شذوذ ناهيك عن الإعضال.
لكنني...دفنته بكلتا يدي...و واريته الثرّى...و عين القين أقوى حجّة من خبر اليقين.

إذاً ذاق (حبيب قلبي) كأس الموت و شرب منه شربة...و الله المستعان.

مشهد آخر: قبل أيّام ٍ من وفاته...إتّصلت ُ به...ليقول: بابا حبيبي...انتبه من الجليد على الطّرقات...قلبي عندك) كلمة سأشتاق اليها بعدك بابا.

كان يقول لي...أنا لا أخشى الموت...حتى أتقوّى على مصيبة موته...فيقول: علي كنْ قوياً جلداً!!!
كان يتألمّ لحال المسلمين رغم آلامه!!! و أوجاعه....

كان....يرحمه الله تعالى..

هذه كلمات قلائل أتتْ مبعثرة...أسأل الله تعالى أنْ يجعلني ولداً صالحاً لأحظى بقول النّبيّ صلى الله عليه و سلّم : إذا مات ابن آدم انقطع عمله الاّ من ثلاث...ولد صالح يدعو له.
ابنه: علي سعد سليم
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك