هل حياتنا لله ؟

[منتدى فرسان الحق]

هل حياتنا لله ؟
عقيل بن محمد المقطري



الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[سورة آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[سورة النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[سورة الأحزاب70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فإن الله -تعالى- ما خلق الإنسان إلا لغاية واحدة علمها من علمها وجهلها من جهلها تلك الغاية هي عبادة الله -تعالى-، قال -سبحانه-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)[سورة الذاريات: 56-58].
ولذلك فإن هذه الحياة التي يعيشها الإنسان كلها لله -تعالى- وهذا ما عرفه الأنبياء وعرفه الصالحون.
(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[سورة الأنعام: 162- 163].
فالمؤمن يعيش مع ربه -جل وعلا- في كل وقت وحين فهو معه منذ أن يستيقظ من نومه إلى أن يعود مرة أخرى إلى فراشه فهو إذا استيقظ من نومه أصبحنا وأصبح الملك لله وإذا تحرك في شأنه وفي عمله جعل ذلك لله -تعالى- وفرق بين العبادة التي تتمحض لله -تعالى- وبين ما يكون عادة، وينقلب إلى عبادة بنيته وبهذه النية يأجره الله -تعالى- أجراً عظيماً فحياة الإنسان كلها لله -تعالى-، فلا يجعلها في معصية الله -تعالى- فهو عايش مع الله -تعالى- في حله وفي ترحاله، ففي عمله يقصد بذلك الرزق الحلال، والذي جعل له سبلاً وطرقاً، كما قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((أَيُّهَا النَّاسُ لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ وَإِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ)).
وَفِي روايةٍ: ((وإِن رُوحَ الْقُدُسِ - نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا أَلَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ))[1].
فالمؤمن يعيش مع الله -تعالى- في طلبه للرزق فيتحرى الحلال ولو قل، فإنه يجد في ذلك بركة في بدنه ومعاشه وفي وقته وفي أهله، كل ذلك يجده طمأنينة وسعادة وراحة وصحة في بدنه؛ لأنه عاش مع الله -تعالى- في نيل رزقه لم تمتد يده إلى سرقة ولا رشوة ولا اختلاس ولا إلى نهب، فإن ذلك ممحوق البركة، وإن كثر العدد فها أنت ترى كثيراً من الناس يشكو حاله إلى الله -تعالى-، ويشكو من ضيق الحال، ومن كثرة المشاكل، مع كثرة ما في يده من المال لكنه لا بركة فيه، فتجد الأمراض والأسقام تنهشه من كل جهة وتجد أولاده وأهله كلهم مصابون بالأسقام والأمراض، ولا يستطيع أن يتلذذ بذلك المال الذي كسبه من حلال وحرام بينما تجد الفقير الذي يجمل في طلب الرزق ويعيش مع الله -تعالى- في طلبه للرزق تجده هادئ البال، مرتاح الضمير، في صحة جيده، وبركة في عمره، وفي أهله وفي ولده ذلك؛ لأنه عاش مع الله -تعالى- في طلبه للرزق المؤمن يعلم أن حياته متزنة ليس هنالك انفصام في حياته ولا في شخصيته، كما أخير النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا)) قَالَ: ((فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ نَبِيِّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِنَّهُ كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ))[2].
هذا هو التوازن في حياة الإنسان ليس كما يفعله اليهود ولا النصارى ولا المبتدعة الضلال من هذه الأمة فحياة الإنسان المؤمن كلها لله -تعالى- فتراه محافظاً على الأذكار والصلاة وتلاوة القرآن محافظاً على جميع أنواع الطاعات والعبادات متزناً في حياته جاعلاً هذه الحياة كلها لله -تعالى- خلافاً لأولئك الذين يزعمون أنهم يعيشون مع الله -تعالى-، وأنهم يتقشفون وأنهم لا يريدون الدنيا لكنهم في الحقيقة لا يعيشون مع الله -تعالى- كما أراد ولا كما أراد رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- تجد حياتهم بدعاً في بدع وضلالات في ضلالات لو طلبت من أحدهم دليلاً على فعل ما لما استطاع أن يأتيك بدليل من القرآن الكريم ولا من سنة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولا من أفعال الصحابة -رضي الله عنهم- إذاً المؤمن يعيش مع الله -جل وعلا- في كل معاملاته، فتجده حيث أمر الله -تعالى-، وتفتقده حيث نهاه الله -تعالى-، فلا يتعامل بالربا ولا المعاملات التي تحتاج إلى بحث من العلماء والاقتصاديين الذين يربطون الاقتصاد بشريعة الله -سبحانه وتعالى- إن المؤمن الحق هو الذي يعيش مع الله -تعالى- في دينه ودنياه لذلك تجده يحيى حياة طيبة.
أيها الكرام: ما بالنا نسمع ما بين الفينة والأخرى أن فلانا انتحر وفلانا قتل أولاده وزوجته، ثم قتل نفسه لماذا؟
لأنه لم يعش مع الله -تعالى-، ولأن هذه الحياة انقلبت إلى الضد فصارت حياة نكدة لذلك تعجل زوالها فقتل أبناءه وزوجته وقتل نفسه هروباً من هذه الحياة؛ لأنها ليست مربوطة بالله -تعالى- أهل الإيمان مهما ركبتهم المصائب والشدائد، فإنهم يوقنون أن هذا هو قضاء الله -تعالى- وقدره، ولذلك فإنهم يعيشون حياتهم كلها في سعادة، كما قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ))[3].
يقول المولى -عز وجل-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[سورة النحل: 97].
ويقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة))[4].
ولذلك ترى الكفار يعيشون في رفاهية بينما المؤمنين يعيشون في ضيق من العيش ذلك لأن حياتهم غير مربوطة بالدين، ولأنهم زينت لهم هذه الحياة الدنيا وهي جنتهم، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، أما المؤمن فيعلم علماً يقينياً أن هذه الدنيا سجنه، وأن الحياة الحقيقية هي الآخرة مهما عاش الإنسان في ضيق وفي مصائب إلا أنه يجد في ذلك لذة؛ لأنه مؤمن بقضاء الله -تعالى-، وقدره الشدائد إذا تكالبت على الإنسان اشتد ارتباطه بالله -تعالى- موقن بأن الفرج آت لا محالة هذا إبراهيم -عليه السلام- يأت به الكفار يقيدونه يوثقونه بالحبال يضرمون عليه النار التي لهبها يلفح الوجوه من مكان بعيد، وبعد ذلك احتاجوا بعد هذا الكيد إلى آلة يقذونه بها إلى تلك النار، فربطوه في المنجنيق، وهو في كل ذلك مرتبط بالله يذكر الله -تعالى-، مع هذا الكيد العظيم إلا أنه لم يفت عضده كل هذا الكيد وهذا المكر ولسانه رطبة بذكر الله -تعالى-، وهو في الجو مقذوف به إلى النار، وهو يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، فأتى الجواب من الله -تعالى-: (يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ)[سورة الأنبياء: 69- 70].
فمهما عانى المؤمن ومهما عانت الشعوب المؤمنة من بلاء ومن تآمر ومن قتل ومن تشريد إذا بقيت ذاكرة لله -تعالى- تعيش مع الله متعلقة بالله -جل وعلا- لا تتعلق بأي مخلوق ولا بأي منظمة إنسانية ولا دولية، فإن الله -تعالى- سيفرج عنها عاجلاً أو آجلاً وسيكتب الله لهم النصر بإذنه -سبحانه وتعالى- ما كانت حالة إبراهيم بعد أن قذف في النار خرج منها يمشي منتصراً، وملكه الله -تعالى-ورزقه الذرية الصالحة، وجعل من ذريته إسماعيل وجعل من ذرية إسماعيل محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- كل ذلك؛ لأن حياته كانت مرتبطة بالله -تعالى->
يونس -عليه السلام- بعد أن قذف في البحر التقمه الحوت وهو مليم، أي مريض متعب وهو في هذه الظلمات الثلاث لا يزال مرتبطاً بالله -تعالى- وهو يقول: (… لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ)[سورة الأنبياء: 87].

(فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[سورة الصافات: 143-144].
أي كان قبل ذلك مرتبطا بالله -تعالى-، ولو لم يكن كذلك لبقي في بطن الحوت إلى يوم يبعثون لكن الله أخرجه من بطن الحوت فجعله آية وآمن به من آمن من قومه بعد أن كانوا صادين وعاندين له>
وهذا يوسف -عليه السلام- تآمر عليه إخوانه وألقوه في البئر، فكانت حياته مع الله -سبحانه وتعالى- من قبل وفي حال الابتلاء، فكان يدعو الله -تعالى- أن ينقذه من هذا المأزق فتأتي القافلة فيخرجونه، لكنه يجد بلاءً آخر كان حراً فبيع، فصار عبداً، يدخل إلى القصر فيبتلى بامرأة العزيز تحاول أن تغويه وتوقعه تتجمل له، وهي سيدته تغلق الأبواب وتهيأ الأجواء، وتقول له: هيت لك لكنه لما كان مرتبطاً مع الله -تعالى-، لم يقع في هذا الفخ فأبصر بنور الله -تعالى-، وقال: معاذ الله أن أقع في هذه المعصية، ثم يبتلى مرة أخرى فترمي به في غياهب السجن، ويظل يذكر الله -تعالى-، ويأتيه الفرج والنصر بعد سنين سجن فيها مظلوماً: (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ)[سورة يوسف: 42].
وبعد هذا الكيد العظيم يعود ليكون ملكاً، ويأتيه إخوته منكسرون معتذرون، ويأتيه أبوه وأمه، ويملك مصر من بعد ذلك كل هذا؛ لأنه كانت حياته مرتبطة بالله -تعالى- لم يقع في الغواية، ولم يقع في مخالفة لله -تعالى-، وهلم جر، فالأمثلة كثيرة في هذا الباب.
إن حياة المؤمن يجب أن تكون مرتبطة مع الله يسعى لرضوان الله -تعالى- يسعى لتكون حياته كلها مرتبطة بالله -عز وجل-، فلا يرتضي بحكم الطاغوت، ولا بتحكيم شرع غير الله -تعالى-، ولا يرتضي بالربا ولا بالزنا، بل يظل دافعاً ومدافعاً عن قيمه التي تتصادم مع كتاب الله -تعالى- وسنة نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- إن أراد المسلم أن يعيش عيشة طيبة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فالمؤمن يعيش مع الله -تعالى- بالمحبة وبالانقياد لأوامر الله -تعالى-، ونواهيه، ونسبة السعادة تنسب إلى هذين الأمرين: الامتثال والمحبة لتخرج من دائرة الضلال والابتداع، وحتى تكون حياتك كما أراد الله -تعالى-، وكما أراد رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-؛ لأن هناك من يدعي أنه يعيش مع الله ولكنه يعيش مع الله -تعالى- في بدع في صلاته، وفي سائر عباداته، وهذا هو الفرق بين حياة أسلافنا الصالحون وبين أولئك الذين شذوا عن ذلك المنهج.
إن حياة المؤمن ليس فيها انفصام، فإن كان بين الناس كان في حال وفي حال الغيب في حال آخر، فالمؤمن إذا كان في حال الغيب فهو يخشى الله -تعالى-، ولهذا قال -صلى الله عليه وآله وسلم- في السبعة الذين يظلهم الله -تعالى- في ظله يوم لا إلا ظله، قال: ((.. ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه...)).
الخشية لله -تعالى- تظهر في حال الغيب، وليس بين الناس فقط؛ لأن أمام الناس يمكن للإنسان أن يتظاهر، وأن يمثل بأنه يخشى الله -تعالى-، ولهذا كان من الممقوت والمغضوب عليهم أولئك الناس الذين إذا اختلوا بمحارم الله انتهكوها فهو أمام الناس متنسك لكنه إذا اختلى بمحارم الله -تعالى- انتهكها، فتجده ينغمس في معاصي الله في حال بعده عن الناس إذاً الخشية في حياة المؤمن تظهر بين الناس، وتظهر كذلك في حال غيابه عن الناس.
أيها الناس: نحن إذا نظرنا إلى حياتنا اليوم نجد أن أمتنا صارت في مؤخرة الأمم يتآمر عليها الأعداء، هنالك تيارات تغريبية من أبناء جلدتنا، يعيشون بيننا، يتكلمون بألسنتنا، لكنهم يسيرون في هذا التيار تيار تغريب الأمة في كل جانب، يسعون لتدمير هذه الأمة ومقوماتها، لذلك هذا التيار ومن وراءه أعداء الله -تعالى- من يهود ونصارى، ها نحن اليوم نرى ما يفعلون.
إن من حياتنا مع الله -تعالى- ألا نعيش لذواتنا، وأن لا نعيش لشعوبنا وبلداننا فقط، فالمؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم أنا أتعجب من أناس كانوا بالأمس مع قضية فلسطين، واليوم صارت قضية فلسطين خط أحمر، لا يجوز للواعظ أن يتكلم فيها ولا للكاتب أن يكتب فيها مقالاً، ولا للخطيب أن يخطب فيها جمعة، ولا يلقي فيها خاطرة، وكأن القضية صارت كل إنسان يعيش لنفسه.
فالواجب الشرعي يحتم علينا أن نتفاعل مع ما يحدث للأمة، ويجب أن نعيش معه؛ لأن أعداءنا اليوم يريدون أن يفتتوا أمتنا، ونحن نتفرج ونحن يكمم بعضنا أفواه بعض، أمتنا يراد منها أن تتقاتل فيما بينها مقاتلة طائفية عرقية مناطقية، اليوم الأمة مهيأة ومرشحة للانقسام والتجزؤ، نعم هنالك شعوب يخشى منها أعداء الله -تعالى- تلك الشعوب الكبيرة مثل مصر وتركيا وباكستان...
علينا أن نعيش مع أمتنا وأن نألم لألمها، ونفرح لفرحها، وأن ننصرها، وأن نتكلم بالحق ولا نخاف في الله لومة لائم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداءك أعداء الدين، والحمد لله رب العالمين.
____________________
[1] - مشكاة المصابيح 3/ 1458.
[2] - مسلم 2/ 813.
[3] - مسلم 4/ 2295.
[4] - صحيح الجامع الصغير وزيادته 1/ 230.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك