من علامات القيامة
خروج الدابة وعملها
علي محمد سلمان العبيدي
اختلف العلماء في مكان خروج الدابة إلى عدة أقوال:
القول الأول: أنها تخرج من جبل الصفا، أو من المسجد الحرام بمكة المكرمة.
قال القرطبي: واختلف من أي موضع تخرج؟ فقال عبدالله بن عمر: تخرج من جبل الصفا بمكة، يتصدع فتخرج منه، وقال عبدالله بن عمرو نحوه، قال: لو شئت أن أضعَ قدمي على موضع خروجها لفعلتُ.
ومما يدل على خروجها من أعظم المساجد، ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن حُذَيفة بن أَسِيد، أراه رفعه قال: ((تخرج الدابةُ من أعظم المساجد، فبينا هم إذ دبت الأرضُ، فبينا هم كذلك إذ تصدعت))، قال ابن عيينة: تخرج حين يسوي الإمام الجمع، وإنما جعل سابقًا ليخبر الناس أن الدابةَ لم تخرج.
قال محمد صديق حسن خان: وهو المشهور.
القول الثاني: أن لها خرجات، الأولى من أقصى البادية، ثم تختفي، ثم تخرج من بعض أودية تِهامة، ويصدق عليها أنه من وراء مكة، وفي المرة الأخيرة تخرج من مكة، وهذا القول الأخير هو الذي يجمع بين الأقوال في خروجها.
يقول السخاوي - رحمه الله -: وتخرج كما في بعض المرفوعات أو الموقوفات ثلاثَ خرجات من الدهر، فمرة من أقصى البادية، ولا يدخل ذِكرها القرية، يعني مكة، ثم تكمن زمانًا طويلاً، ثم تخرج مرة أخرى دون تلك فيعلو ذِكرها في أهل البادية، ويدخل ذِكرها القرية، يعني مكة.
ويقول محمد صديق حسن خان بعد ذكره للأقوال في خروج الدابة: ويجمع بين هذه الأقوال بما جاء في الأحاديث المرفوعة والموقوفة، كما قال السخاوي وغيره، من أنها تخرج ثلاث خرجات، ثم ذكر كلام السخاوي السابق.
عمل الدابة:
عمل هذه الدابة، كما جاءت به الأحاديث، أنها تسِمُ الناس؛ المؤمنَ والكافر، حتى إنه جاء في بعض الروايات: ((فتلقى المؤمن فتسِمه في وجهه))، ويشترك الناس في الأقوال، ويصطحبون في الأمصار، يعرف المؤمن الكافر، وبالعكس.
قال ابن كثير: وعن ابن عباس: تكلمهم: تجرَحُهم، يعني تكتب على جبين الكافر: (كافر)، وعلى جبين المؤمن: (مؤمن)، ومنه تخاطبهم، وتخرجهم، وهذا القول ينتظم من مذهبين، وهو قوي حسن جامع، والله تعالى أعلم.
ويتلخص عمل الدابة في الأمور التالية:
1- أنها دابة تكلم الناس.
2- أنها تسِمُ المؤمن بعلامة، وتجلو وجهه حتى ينير.
3- أنها تسم الكافر بعلامة، قيل: هي خطم الأنف.
قال ابن الأثير: يعني: تصيبه فتجعل له أثرًا مثلَ أثر الخطام.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك