الحمـد لله وحده نحمده و نشكره و نستعـينه و نستـغفره و نعـود بالله
ربـي اشرح لي صــدري و يســر لي أمــري و احــلل عقــدة من لســاني يفقــهوا قــولي ..
فإن أصــدق الحــديث كــتاب الله تعــالى و خير الــهدي هــديُ محمد صلى الله عليه و سلم ..
و شــر الأمــور مــحدثــاتها و كــل محــدثة بدعة و كل بدعـة ظـلالة و كل ظـلالة فــي النار ..
فاللــهم أجــرنا و قــنا عذابــها برحمتــك يا أرحــم الراحميــن
اهلا بكم اخوانى اعضاء ومشرفى ومحبى هذا المنتدى العظيم ..
اما بـعــد ...
أركان قراءة القرآن ومراتبها
سامح محمد البلاح
من المعلوم بالضرورة أن القرآنَ نُقل إلينا متواترًا؛ حيث رواه الجمعُ من القراء - الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب - عن شيوخهم، ويتسلسل السند حتى يصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك لا تعد القراءةُ صحيحةً عند أهل الأداء، وعلماء التَّجويد، إلا إذا توافرت فيها ثلاثة أركان:
الركن الأول:
موافقة القراءةِ لوجهٍ من وجوه اللغةِ العربية، ولو كان هذا الوجه ضعيفًا؛ أي إن القراءةَ لو وافقت وجهًا من وجوه النَّحو واللغة، سواء أكان هذا الوجه أفصح، أم فصيحًا مجمعًا عليه، أم مختلفًا فيه، فإنها تُعَدُّ قراءة صحيحة.
مثال: قوله تعالى: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37].
فقد قُرئ بنصب ﴿ آدَمَ ﴾ على أنها مفعول به، ورفع ﴿ كَلِمَاتٌ ﴾ على أنها فاعلٌ، وعلى هذا الوجه تكونُ الكلماتُ هي التي تلقت آدمَ، وهذا من بلاغةِ القرآن الكريم.
الركن الثاني:
موافقة القراءة للرسم العثمانيِّ ولو احتمالاً؛ أي إن القراءة إذا وافَقَت خط المصحف ورَسْمَه، فإنها تكون قراءةً صحيحة متواترة.
مثال: قوله تعالى: ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 74]، قرئ لفظ (تعملون) بالياء والتاء؛ وذلك لأن هذه الكلمةَ تحتمل القراءتينِ في رسم المصحف؛ حيث إن المصحفَ كان غير منقوط.
مثال آخر: قوله تعالى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]، قرئ بحذف الألفِ بعد الميم في كلمة (مَالِكِ)، فقرئت هكذا: (مَلِكِ)، وقرئت أيضًا بالألف هكذا: (مَالِكِ)، ورسمُ المصحف يحتمل القراءتين.
وكلمة احتمالاً: تعني أنها توافق رسمَ المصحف ولو تقديرًا؛ إذ إن القراءة يمكن أن توافق رسم المصحف تحقيقًا؛ أي: موافقةً صريحة، مثل قراءة: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، ويمكن أن توافق الرَّسمَ تقديرًا أو احتمالاً؛ أي: على تقدير إثبات الألف في قراءة: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4].
الركن الثالث: صحَّةُ السند:
أي إن القراءة إذا أخَذها العدل الضابط عن مثله، حتى يصل السند إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنها تُعَد قراءةً صحيحةً؛ لأنها أُخِذت في كل مراحل السند عن شيخٍ متقن فطِن، لم يتطرَّقِ اللحنُ إلى قراءته، وذلك هو معنى العدلِ الضابط، الذي يتصل سندُه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
يقول الإمامُ ابن الجزريِّ في هذه الأركان في طيِّبةِ النشر:
فَكُلُّ مَا وَافَقَ وَجْهَ نَحْوِ وَكَانَ لِلرَّسْمِ احْتِمَالاً يَحْوِي وَصَحَّ إسْنادًا هُوَ الْقُرآنُ فَهَذِهِ الثَّلاثَةُ الأَرْكَانُ وحَيثُما يَخْتَلَّ رُكْنٌ أَثْبِتِ شُذُوذَهُ لَوْ أنَّهُ فِي السَّبعَةِ
مراتب القراءة:
للقراءة أربع مراتب، يختار القارئ منها المرتبة التي يريدها لكي يقرأ بها، وهذه المراتب هي:
1- التحقيق:
وهو قراءة القرآن بتُؤَدة واطمئنان، من غير زيادةٍ ولا نقصان، مع إعطاء كلِّ حرفٍ حقَّه ومستحقَّه، ومراعاة الأحكام، ويقرأ بهذه المرتبة في مقام التعليم.
2- الحَدْر:
وهو الإسراعُ في القراءة، مع مراعاة الأحكامِ مراعاة دقيقة، ويكون القارئُ على حذَر من إسقاط حروف المد، أو اختلاس الحركات، أو تضييع الغنَّة.
3- التدوير:
التدوير: مرتبة وسطٌ بين القراءة ببطء وتُؤَدة؛ مرتبة التحقيق، والقراءة السريعة؛ مرتبة الحدر.
4- الترتيل:
وهو القراءة بفهم وتدبُّر، مع إعطاء الحروف حقَّها ومستحقَّها من الصفات والمخارج، ولهذه المرتبة الأفضلية بين المراتبِ الثلاث؛ لنزول القرآن بها؛ حيث قال الله -تعالى-: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4].
يقول ابن الجزري في طيبة النشر:
وَيُقْرَأُ القُرآنُ بِالتَّحْقِيقِ مَعْ حَدْرٍ وَتَدْوِيرٍ وَكُلٌّ مُتَّبَعْ مَعْ حُسْنِ صَوْتٍ بِلُحُونِ العَرَبِ مُرَتَّلاً مُجَوَّدًا بِالْعَرَبِي.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك