01-13-2015, 08:48 AM
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
|
|
سنة التغيير مقال للشيخ أبي عبيدة الزاوي
سنة التغيير
بسم الله الرحمن الرحيم / قال تعالى : ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) التغير منهج ومدرسة ، ناضل في معرفتها العباقرة ، وتعب في طلبها القياصره ، فهي سنة شاقة متى ما قصدها المغير وجد نفورا من البشرية اجمع ، لانه يريد ان يغير الى غير مالوف ، بل حقيقتها تغيير لمجرى التاريخ ولو جزئياً ، وعداوة للعادات ، وحرب على التقاليد ، التي تعتبر في تفكيرهم انها قيم ومفاخر ، فصورة التغيير قلب الدنيا رأسا على عقب ، ولذا نص كافة علماء الاجتماع والتربية : ان نظرية التغيير هي اصعب النظريات عمليا ، وبعض محاولات التغيير تفنى فيه اجيال ، ثم لا يستفد المغير من رحلته شيئا ، بل أنبياء الله وهم مؤيدون بالوحي قد يشق عليهم ذلك فقد جاء في الحديث ( يأتي النبي وليس معه احد ) ونوح عليه السلام لبث في قومه الف سنة الا خمسين عاما ، وبعد هذا قال تعالى : ( وما أمن معه الا قليل ) ولذا كان معجزة التاريخ والتغيير هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد غير مجرى التاريخ في ثلاث عشرة سنة ، وكون أقوى دولة من قوم شتات ومتفرقين .
اول الأسباب في صعوبة التغيير هو الثقافة والعادة التي عاش عليها الانسان ، فتركها شي من المستحيل ، ألفها الانسان فيرى التخلي عليها شي من الردة ، تامل معي قول الله تعالى مخاطبا الكفار : ( قل أولوا جئتكم بالهدى مما وجدتم عليه آبَاؤُكُم ، قالوا انا بما أرسلتم به كافرون ) فالتحلي بالصدق يعطي المصداقية في الفرد والمجتمع ، ولذلك فثقافة الشعوب امر تراكمي ترسمه الذاكرة العملية حتى تصير منهجا يأنف الناس ان يخالفون ، فمثلا ان يعاب الكاذب لكذبه ، فإذا بلغ هذا المبلغ عد تغيرا ، فمتى اقتنع الشعب انه شعب حضارة قابل للتغيير علمت يقينا انه وضع رجله في سكة التحول وصار قابلا للتحسن ، الا ترى عند زراعة الأعضاء لابد من ترويض الجسم لقبول العضو الغريب اما بمراعاة القرابة ، او بإعطاء الأدوية والعقاقير حتى لا يقع التنافر
فبداية التغيير ان يقتنع الجميع ان لنا المقدرة على التغيير ، ثم نسعى في التغيير ، وهذا المعنى ينبغي ان يتجسد أصالة حتى يتم قبول هذا الجسم في الشعوب المتحضرة ، والا فالحضارة تلفظ من لا ينتسب اليها ، او من لا يستطيع ان يعيش في محيطها وان رغب هو ذلك ، الانسان متى ما اقتنع بالتغيير يفعل المستحيل ، كلما استنار علما ازداد بصيرة ، وكلما ازداد بصيرة ازداد رغبة في التقدم ، ومن هنا تنشأ الحضاره ، فاصل كل شي مثوله في الذهن ، واستقراره في الذاكرة ، ثم تصوره ، ثم العمل على تحقيقه .
والآفة التي اصابت شعبنا هي الانهزامية ، ووصوله الى قناعة انه لا يستطيع ان يغير ، وهذه كارثة يجب ان تحرك لها جيوش المصلحين في زرع الثقة في النفس ، والقناعة بالكوادر الوطنية التي اذا اجتمعت غيرت مجرى الدنيا لا مجرد بلد ، فالاجتماع رحمة والفرقة عذاب ، فقبل السياسة والاقتصاد هو الانسان يجب ان يثقف ، وينزع من ذاكرته انه لا يستطيع ، فلانهزامه أخذ كل شي دون تحقق من هويته او مصلحته ، وصار وثوقه في البعيد اكثر من القريب والله المستعان وهو الموفق ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|