01-10-2015, 12:53 AM
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 7,826
|
|
حال الصالحين الذين لا يحسنون علم الحديث
حال الصالحين الذين لا يحسنون علم الحديث
أسامة بديع سعيدان
قال الإمامُ النوويُّ: "قولُه في صالحٍ الـمُرِّي[1]: (كَذَبَ) هو مِن نحوِ قولِ يحيى بن سعيد: لم نَرَ الصالحين في شيءٍ أَكذَبَ منهم في الحديث. معناه: ما قالَه مسلمٌ: يَجري الكذبُ على ألسنتهم مِن غيرِ تَعَمُّدٍ. وذلك لأنهم لا يعرفون صناعةَ هذا الفنّ، فيُخبِرون بكلِّ ما سمعوه، وفيه الكذبُ، فيكونون كاذبِين؛ فإنّ الكَذِبَ: الإخبارُ عن الشيءِ على خلافِ ما هو سهواً كان الإخبارُ أو عمداً، وكان صالحٌ هذا مِن كبار العبّادِ الزّهّادِ الصالحين، وهو صالحُ بنُ بَشِيرٍ البصري القاضي، وكان - رحمه الله - حَسَنَ الصوتِ بالقرآن، وقد مات بعضُ مَن سَمِعَ قراءَتَه، وكان شديدَ الخوفِ مِن الله تعالى، كثيرَ البكاءِ، قال عفّان بن مسلم: كان صالحٌ إذا أَخَذَ في قصصه كأنه رجلٌ مذعورٌ يُفزِعُكَ أمرُه مِن حزنه وكثرةِ بكائه كأنه ثَكْلَى"[2].
اختبار الشيوخ بالسِّنَّينِ:
قال الحافظ ابن الصلاح: "رُوِّينا عن سفيان الثوري أنه قال: لمّا استَعمل الرواةُ الكذبَ استَعملنا لهم التاريخ. ورُوِّينا عن حفص بن غياث أنه قال: إذا اتَّهمتم الشيخَ فحاسِبُوه بالسِّنَّينِ. يعني احسبوا سِنَّه وسِنَّ مَن كَتَب عنه، وهذا كنحو ما رُوِّيناه عن إسماعيل بن عَيّاش[3] قال: كنت بالعراق، فأتاني أهل الحديث فقالوا: ها هنا رجلٌ يُحدِّث عن خالد بن مَعْدَان[4]، فأتيتُه فقلت: أيَّ سنةٍ كتبتَ عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ثلاثَ عَشْرةَ. يعني: ومائة، فقلت: أنت تزعم أنك سمعتَ من خالد بن معدان بعدَ موته بسبع سنين! قال إسماعيل: مات خالد سنة ستٍّ ومائة"[5].
[1] هو الزاهد، الخاشع، واعظ أهل البصرة، أبو بشر صالح الـمُرِّي بن بشير القاصّ، حدَّث عن ثابت وقتادة وعدّة، قال البخاري: "منكر الحديث". وقال أبو داود: "لا يكتب حديثه". وقال ابن معين: "ضعيف". وقال عفان: "كان شديد الخوف من الله، كأنه ثَكْلَى إذا قصَّ". وقال ابن عدي: "قاصٌّ، حسن الصوت، عامّةُ أحاديثه منكرة، أُتِيَ مِن قلة معرفته بالأسانيد، وعندي أنه لا يتعمَدُ". قال ابن الأعرابي: "كان الغالب على صالح كثرة الذكر والقراءة بالتحزين". ويقال: "مات جماعةٌ سمعوا قراءته". توفي سنة 172هـ، انظر سير أعلام النبلاء 8/ 46.
[2] النووي، يحيى بن شَرَف، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، الطبعة الأولى، (القاهرة: المطبعة المصرية، 1347هـ 1929م)، 1/ 111 بتصرّفٍ واختصارٍ.
[3] هو الحافظ، محدث الشام، أبو عتبة إسماعيل بن عياش بن سُلَيم العَنْسِي، ولد سنة 106هـ، كان من بحور العلم، متين الديانة، صاحب سُنّة واتباع، وجلالة ووقار، قال: "ورثتُ مِن أبي أربعة آلاف دينار، فأنفقتها في طلب العلم"، توفي سنة 181هـ، انظر سير أعلام النبلاء 8/ 312
[4] هو الإمام، شيخ أهل الشام، أبو عبد الله خالد بن مَعْدان بن أبي كَرِب الكَلاَعِي، الحِمصي، حدث عن خلق من الصحابة، توفي سنة 103هـ، وقيل: 104، وقيل: 105، وقيل: 108هـ، انظر سير أعلام النبلاء 4/ 536.
[5] ابن الصلاح، علوم الحديث، ص380.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|