![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#1
|
|||
|
|||
![]()
2507 - " أما بعد يا عائشة ! فإنه قد بلغني عنك كذا و كذا ، [ إنما أنت من بنات آدم ]
، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله و توبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه . و في رواية : فإن التوبة من الذنب الندم " . قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 26 : أخرجه البخاري ( 8 / 363 - 364 - فتح ) و مسلم ( 8 / 116 ) و أحمد ( 6 / 196 ) و الرواية الأخرى له ( 6 / 364 ) و أبو يعلى ( 3 / 1208 و 1218 ) و الطبري في " التفسير " ( 18 / 73 و 75 ) و البغوي ( 6 / 74 ) من حديث عائشة رضي الله عنها ، في حديثها الطويل عن قصة الإفك ، و نزول الوحي القرآني ببراءتها في آيات من سورة النور : *( إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم ... )* الآيات ( 11 - 20 ) ، و الزيادة التي بين المعقوفتين هي لأبي عوانة في " صحيحه " ، و الطبراني في " معجمه " كما في " الفتح " ( 8 / 344 و 364 ) . و قوله : " ألممت " . قال الحافظ : أي وقع منك على خلاف العادة ، و هذا حقيقة الإلمام ، و منه : ألمت بنا و الليل مرخ مستورة . قال الداوودي : " أمرها بالاعتراف ، و لم يندبها إلى الكتمان ، للفرق بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و غيرهن ، فيجب على أزواجه الاعتراف بما يقع منهن و لا يكتمنه إياه ، لأنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك بخلاف نساء الناس ، فإنهن ندبن إلى الستر " . ثم تعقبه الحافظ نقلا عن القاضي عياض فيما ادعاه من الأمر بالاعتراف ، فليراجعه من شاء ، لكنهم سلموا له قوله : إنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك . و ذلك غيرة من الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم ، و لكنه سبحانه صان السيدة عائشة رضي الله عنها و سائر أمهات المؤمنين من ذلك كما عرف ذلك من تاريخ حياتهن ، و نزول التبرئة بخصوص السيدة عائشة رضي الله عنها ، و إن كان وقوع ذلك ممكنا من الناحية النظرية لعدم وجود نص باستحالة ذلك منهن ، و لهذا كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم في القصة موقف المتريث المترقب نزول الوحي القاطع للشك في ذلك الذي ينبئ عنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الترجمة : " إنما أنت من بنات آدم ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله .. " ، و لذلك قال الحافظ في صدد بيان ما في الحديث من الفوائد : " و فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي . نبه عليه الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به " . يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع ببراءة عائشة رضي الله عنها إلا بعد نزول الوحي . ففيه إشعار قوي بأن الأمر في حد نفسه ممكن الوقوع ، و هو ما يدندن حوله كل حوادث القصة و كلام الشراح عليها ، و لا ينافي ذلك قول الحافظ ابن كثير ( 8 / 418 ) في تفسير قوله تعالى : *( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح و امرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا و قيل ادخلا النار مع الداخلين )* ( التحريم : 10 ) . " و ليس المراد بقوله : *( فخانتاهما )* في فاحشة ، بل في الدين ، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء كما قدمنا في سورة النور " . و قال هناك ( 6 / 81 ) : " ثم قال تعالى : *( و تحسبونه هينا و هو عند الله عظيم )* ، أي : تقولون ما تقولون في شأن أم المؤمنين ، و تحسبون ذلك يسيرا سهلا ، و لو لم تكن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لما كان هينا ، فكيف و هي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم الأمي خاتم الأنبياء و سيد المرسلين ، فعظيم عند الله أن يقال في زوجة نبيه و رسوله ما قيل ، فإن الله سبحانه و تعالى يغار لهذا ، و هو سبحانه لا يقدر على زوجة نبي من الأنبياء ذلك ، حاشا و كلا ، و لما لم يكن ذلك ، فكيف يكون هذا في سيدة نساء الأنبياء زوجة سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنيا و الآخرة ، و لهذا قال تعالى : *( و تحسبونه هينا و هو عند الله عظيم )* " . أقول : فلا ينافي هذا ما ذكرنا من الإمكان ، لأن المقصود بـ " العصمة " الواردة في كلامه رحمه الله و ما في معناها إنما هي العصمة التي دل عليها الوحي الذي لولاه لوجب البقاء على الأصل ، و هو الإمكان المشار إليه ، فهي بالمعنى الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " فالمعصوم من عصمه الله " في حديث أخرجه البخاري و غيره ، و ليس المراد بها العصمة الخاصة بالأنبياء عليهم الصلاة و السلام ، و هي التي تنافي الإمكان المذكور ، فالقول بهذه في غير الأنبياء إنما هو من القول على الله بغير علم ، و هذا ما صرح به أبو بكر الصديق نفسه في هذه القصة خلافا لهواه كأب ، فقد أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها أنه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رضي الله عنها رأسها ، فقالت : ألا عذرتني ؟ فقال : أي سماء تظلني ، و أي أرض تقلني إن قلت ما لا أعلم ؟! و هذا هو الموقف الذي يجب على كل مسلم أن يقفه تجاه كل مسألة لم يأت الشرع الحنيف بما يوافق هوى الرجل ، و لا يتخذ إلهه هواه . و اعلم أن الذي دعاني إلى كتابة ما تقدم ، أن رجلا عاش برهة طويلة مع إخواننا السلفيين في حلب ، بل إنه كان رئيسا عليهم بعض الوقت ، ثم أحدث فيهم حدثا دون برهان من الله و رسوله ، و هو أن دعاهم إلى القول بعصمة نساء النبي صلى الله عليه وسلم و أهل بيته و ذريته من الوقوع في الفاحشة ، و لما ناقشه في ذلك أحد إخوانه هناك ، و قال له : لعلك تعني عصمتهن التي دل عليها تاريخ حياتهن ، فهن في ذلك كالخلفاء الأربعة و غيرهم من الصحابة المشهورين ، المنزهين منها و من غيرها من الكبائر ؟ فقال : لا ، إنما أريد شيئا زائدا على ذلك و هو عصمتهن التي دل عليها الشرع ، و أخبر عنها دون غيرها مما يشترك فيها كل صالح و صالحة ، أي العصمة التي تعني مقدما استحالة الوقوع ! و لما قيل له : هذا أمر غيبي لا يجوز القول به إلا بدليل ، بل هو مخالف لما دلت عليه قصة الإفك ، و موقف الرسول و أبي بكر الصديق فيها ، فإنه يدل دلالة صريحة أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعتقد في عائشة العصمة المذكورة ، كيف و هو يقول لها : إنما أنت من بنات آدم ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ... الحديث : فأجاب بأن ذلك كان من قبل نزول آية الأحزاب 33 : *( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا )* ! جاهلا أو متجاهلا أن الآية المذكورة نزلت قبل قصة الإفك ، بدليل قول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها عن صفوان بن المعطل السلمي : " فعرفني حين رآني ، و كان يراني قبل الحجاب " ، و فيه أنها احتجبت منه . و دليل آخر ، و هو ما بينه الحافظ رحمه الله بقوله ( 8 / 351 ) : " و لا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ، و في حديث الإفك : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب عنها . فثبت أن الحجاب كان قبل قصة الإفك " . ثم اشتدت المجادلة بينهما في ذلك حتى أرسل إلي أحد الإخوان الغيورين الحريصين على وحدة الصف خطابا يشرح لي الأمر ، و يستعجلني بالسفر إليهم ، قبل أن يتفاقم الأمر ، و ينفرط عقد الجماعة . فسافرت بالطائرة - و لأول مرة - إلى حلب ، و معي اثنان من الإخوان ، و أتينا الرجل في منزله ، و اقترحت عليهما أن يكون الغداء عنده تألفا له ، فاستحسنا ذلك . و بعد الغداء بدأنا بمناقشته فيما أحدثه من القول ، و استمر النقاش معه إلى ما بعد صلاة العشاء ، و لكن عبثا ، فقد كان مستسلما لرأيه ، شأنه في ذلك شأن المتعصبة الذين يدافعون عن آرائهم دون أي اهتمام للأدلة المخالفة لهم ، بل لقد زاد هذا عليهم فصرح في المجلس بتكفير من يخالفه في قوله المذكور ، إلا أنه تنازل - بعد جهد جهيد - عن التكفير المشار إليه ، و اكتفى بالتصريح بتضليل المخالف أيا كان ! و لما يئسنا منه قلنا له : إن فرضك على غيرك أن يتبنى رأيك و هو غير مقتنع به ، ينافي أصلا من أصول الدعوة السلفية ، و هو أن الحاكمية لله وحده ، و ذكرناه بقوله تعالى في النصارى : *( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله )* ، و لهذا فحسبك أن يظل كل منكما عند رأيه ، ما دام أن أحدكما لم يقنع برأي الآخر ، و لا تضلله ، كما هو لا يضللك ، و بذلك يمكنك أن تستمر في التعاون معه فيما أنتما متفقان عليه من أصول الدعوة و فروعها . فأصر على فرض رأيه عليه و إلا فلا تعاون ، علما بأن هذا الذي يريد أن يفرض عليه رأيه هو أعرف منه و أفقه بالدعوة السلفية أصولا و فروعا ، و إن كان ذاك أكثر ثقافة عامة منه . و صباح اليوم التالي بلغنا إخوانه المقربين إليه بخلاصة المناقشة ، و أن الرجل لا يزال مصرا على التضليل و عدم التعاون إلا بالخضوع لرأيه . فأجمعوا أمرهم على عزله ، و لكن بعد مناقشته أيضا ، فذهبوا إليه في بيته - بعد استئذانه طبعا - و أنا معهم ، و صاحباي فطلبوا منه التنازل عن إصراره و أن يدع الرجل على رأيه ، و أن يستمر معهم في التعاون ، فرفض ذلك ، و بعد مناقشة شديدة بينه و بين مخالفه في الرأي و غيره من إخوانه ، خرج فيها الرجل عن طوره حتى قال لمخالفه لما ذكره بالله : أنا لا أريد أن تذكرني أنت بالله ! إلى غير ذلك من الأمور التي لا مجال لذكرها الآن ، و على ضوء ما سمعوا من إصراره ، و رأوا من سوء تصرفه مع ضيوفه اتفقوا على عزله ، و نصبوا غيره رئيسا عليهم . ثم أخذت الأيام تمضي ، و الأخبار عنه تترى بأنه ينال من خصمه و يصفه بما ليس فيه ، فلما تيقنت إصراره على رأيه و تقوله عليه ، و هو يعرف نزاهته و إخلاصه قرابة ثلاثين سنة ، أعلنت مقاطعته حتى يعود إلى رشده ، فكان كلما لقيني و هش إلي و بش أعرضت عنه . و يحكي للناس شاكيا إعراضي عنه متجاهلا فعلته ، و أكثر الناس لا يعلمون بها ، في الوقت الذي يتظاهر فيه بمدحي و الثناء علي و أنه تلميذي ! إلى أن فوجئت به في منزل أحد السلفيين في عمان في دعوة غداء في منتصف جمادى الأولى لسنة ( 1396 ) فسارع إلى استقبالي كعادته ، فأعرضت عنه كعادتي ، و على المائدة حاول أن يستدرجني إلى مكالمته بسؤاله إياي عن بعض الشخصيات العلمية التي لقيتها في سفري إلى ( المغرب ) ، و كنت حديث عهد بالرجوع منه ، فقلت له : لا كلام بيني و بينك حتى تنهي مشكلتك ! قال : أي مشكلة ؟ قلت : أنت أدرى بها ، فلم يستطع أن يكمل طعامه . فقصصت على الإخوان الحاضرين قصته ، و تعصبه لرأيه ، و ظلمه لأخيه المخالف له ، و اقترحت عقد جلسة خاصة ليسمعوا من الطرفين . و كان ذلك بعد يومين من ذلك اللقاء ، فبعد أن انصرف الناس جميعا من الندوة التي كنت عقدتها في دار أحدهم في ( جبل النصر ) و بقي بعض الخاصة من الإخوان ، بدأ النقاش ، فإذا بهم يسمعون منه كلاما عجبا ، و تناقضا غريبا ، فهو من جهة يشكوني إليهم لمقاطعتي إياه ، و أنه يهش إلي و يبش ، و يتفاخر في المجالس بأني شيخه ، و من جهة أخرى لما يجري البحث العلمي بيني و بينه يصرح بتضليلي أيضا و بمقاطعتي ! فيقول له الإخوان : كيف هذا ، و أنت تشكو مقاطعته إياك ؟! فلا يجيب على سؤالهم ، و إنما يخوض في جانب آخر من الموضوع . و باختصار فقد انكشف للحاضرين إعجابه برأيه و إصراره عليه ، و تعديه على من يزعم أنه شيخه و جزمه بضلاله ، و الله المستعان . فإذا قيل له : رأيك هذا هو وحي السماء ، ألا يمكن أن يكون خطأ ؟ قال : بلى ، فإذا قيل له : فكيف تجزم بضلال مخالفك مع احتمال أن يكون الصواب معه ؟ لم يحر جوابا ، و إنما يعود ليجادل بصوت مرتفع ، فإذا ذكر بذلك قال : عدم المؤاخذة ، لقد قلت لكم : هذه عادتي ! فلا تؤاخذوني ! فطالبه بعض الحاضرين بالدليل على العصمة التي يزعمها ، فتلى آية التطهير : *( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا )* ، فقيل له : الإرادة في هذه الآية شرعية أم كونية ، فأجاب : كونية ! فقيل له : هذا يستلزم أن أولاد فاطمة أيضا معصومون ! قال : نعم . قيل و أولاد أولادها ؟ فصاح و فر من الجواب . و واضح من كلامه أنه يقول بعصمة أهل البيت جميعا إلى يوم يبعثون ، و لكنه لا يفصح بذلك لقبحه . فقام صاحب الدار و أتى برسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، و قرأ منها فصلا هاما في بيان الفرق بين الإرادة الشرعية و الإرادة الكونية ، فالأولى محبته تعالى و رضاه لما أراده من الإيمان و العمل الصالح ، و لا تستلزم وقوع المراد ، بخلاف الإرادة الكونية ، فهي تستلزم وقوع ما أراده تعالى ، و لكنها عامة تشمل الخير و الشر ، كما في قوله تعالى : *( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )* ( يس : 82 ) ، فعلى هذا ، فإذا كانت الإرادة في آية التطهير إرادة شرعية فهي لا تستلزم وقوع المراد من التطهير ، و إنما محبته تعالى لأهل البيت أن يتطهروا ، بخلاف ما لو كانت إرادة كونية فمعنى ذلك أن تطهيرهم أمر كائن لابد منه ، و هو متمسك الشيعة في قولهم بعصمة أهل البيت ، و قد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ضلالهم في ذلك بيانا شافيا في مواطن عديدة من كتابه " منهاج السنة " ، فلا بأس من أن أنقل إلى القراء الكرام طرفا منه لصلته الوثيقة بما نحن فيه ، فقال في صدد رده على الشيعي المدعي عصمة علي رضي الله عنه بالآية السابقة : " و أما آية ( الأحزاب 33 ) : *( و يطهركم تطهيرا )* فليس فيها إخبار بذهاب الرجس و بالطهارة ، بل فيها الأمر لهم بما يوجبهما ، و ذلك كقوله تعالى ( المائدة 6 ) : *( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج و لكن يريد ليطهركم )* ، و النساء : 26 ) : *( يريد الله ليبين لكم و يهديكم )* ، و ( النساء : 28 ) : *( يريد الله أن يخفف عنكم )* . فالإرادة هنا متضمنة للأمر و المحبة و الرضا ليست هي الملتزمة لوقوع المراد ، و لو كان كذلك لتطهر كل من أراد الله طهارته . و هذا على قول شيعة زماننا أوجه ، فإنهم معتزلة يقولون : إن الله يريد ما لا يكون ، فقوله تعالى : *( يريد الله ليذهب عنكم الرجس )* إذا كان بفعل المأمور و ترك المحظور ، كان ذلك متعلقا بإرادتهم و بأفعالهم ، فإن فعلوا ما أمروا به طهروا . و مما يبين أن ذلك مما أمروا به لا مما أخبر بوقوعه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار الكساء على علي و فاطمة و الحسن و الحسين ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا " . رواه مسلم من حديث عائشة . و رواه أهل السنن من حديث أم سلمة ، و فيه دليل على أنه تعالى قادرا على إذهاب الرجس و التطهير ، و أنه خالق أفعال العباد ، ردا على المعتزلي . و مما يبين أن الآية متضمنة للأمر و النهي قوله في سياق الكلام : *( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينه - إلى قوله - و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، و أقمن الصلاة و آتين الزكاة و أطعن الله و رسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا . و اذكرن ما يتلى في بيوتكن )* ( الأحزاب 30 - 34 ) ، فهذا السياق يدل على أن ذلك أمر و نهي ، و أن الزوجات من أهل البيت ، فإن السياق إنما هو في مخاطبتهن و يدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي و فاطمة و ابنيهما " . و قال في " مجموعة الفتاوى " ( 11 / 267 ) عقب آية التطهير : " و المعنى أنه أمركم بما يذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا ، فمن أطاع أمره كان مطهرا قد أذهب عنه الرجس بخلاف من عصاه " . و قال المحقق الآلوسي في تفسير الآية المذكورة بعد أن ذكر معنى ما تقدم عن ابن تيمية ( 7 / 47 - بولاق ) : " و بالجملة لو كانت إفادة معنى العصمة مقصودة لقيل هكذا : إن الله أذهب عنكم الرجس أهل البيت و طهركم تطهيرا . و أيضا لو كانت مفيدة للعصمة ينبغي أن يكون الصحابة لاسيما الحاضرين في غزوة بدر قاطبة معصومين لقوله تعالى فيهم : *( و لكن يريد ليطهركم و ليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )* ، بل لعل هذا أفيد لما فيه من قوله سبحانه : *( و ليتم نعمته عليكم )* ، فإن وقوع هذا الإتمام لا يتصور بدون الحفظ عن المعاصي و شر الشيطان " . و للبحث عنده تتمة لا يخرج مضمونه عما تقدم ، و لكن فيه تأكيد له ، فمن شاء فليراجعه . فأقول : لقد أطلت الكلام في مسألة العصمة المزعومة ، لأهميتها و لصلتها الوثقى بحديث عائشة رضي الله عنها . و تذكيرا للأخر المشار إليه لعله يجد فيما كتبت ما ينير له سبيل الهداية ، و العودة لمواصلة أخيه ، راجعا عن إضلاله ، و للتاريخ و العبرة أخيرا . ثم توفي الرجل بعد كتابه هذا بسنين طويلة إلى رحمة الله و مغفرته ، و معذرة إلى بعض الإخوان الذين قد يرون في هذا النقد العلمي و فيما يأتي ما لا يروق لهم ، فأذكرهم بأن العلم الذي عشته دهري هو الذي لا يسعني مخالفته ، و ما قول البخاري و سليمان بن حرب الآتي تحت رقم 2630 في ( حرب بن ميمون ) : " هو أكذب الخلق " - و ذلك بعد موته - عنهم ببعيد . ----------------------------------------------------------- [1] كذا الأصل ، و لعل الصواب " لم " كما يدل عليه قوله الآتي : " و لما لم يكن ذلك ... " . [2] كذا في " روح المعاني " للآلوسي ( 6 / 38 ) و عزاه الحافظ في " الفتح " ( 8 / 366 ) للطبري و أبي عوانة . [3] " المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض و الاعتزال " ( ص 168 ) ، و راجع منه ( ص 84 ، 427 - 428 و 446 - 448 و 473 و 551 ) . اهـ . ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
|