![]() |
الرق: شبهة يلعب بها أعداء الإسلام
الرق: شبهة يلعب بها أعداء الإسلام أ. د. عمر بن عبدالعزيز قريشي ربما كانت هذه الشبهة حول الرِّق - وقد سبق ذِكرها - من أخبث ما يلعببه أعداء الإسلام، خاصة الشيوعيين، لزلزلة عقائد الشباب، يقولون: لو كان الإسلام صالحًا لكل عصر كما يقول دُعاته، لما أباح الرقَّ، وإن إباحة الإسلام للرقِّ لدليلٌ على أن الإسلام قد جاء لفترة محدودة، وأنه أدى مهمَّته وأصبح في ذمة التاريخ! وإن الشباب المسلم ذاته لتُساوِره بعضُ الشكوك، كيف أباح الإسلام الرق؟ هذا الدين الذي لا شك في نزوله من عند الله، ولا شك في صِدقه، وفي أنه جاء لخير البشرية كلها في جميع أجيالها، كيف أباح الرقَّ؟! الدين الذي قام على المساواة الكاملة، الذي ردَّ الناس جميعًا إلى أصل واحد، وعامَلهم على هذا الأساس، كيف جعل الرق جزءًا من نظامه وشرَع له؟ أوَيرضى الله للمخلوق الذي أكرمه أن يصير طائفة منه سلعة تُباع وتشترى كما كان الحال مع الرقيق؟ وإذا كان الله لا يرضى بذلك، فلماذا لم ينص كتابه الكريم صراحة على إلغاء الرق، كما نص على تحريم الخمر والميسر والربا وغيرها مما كرِهه الإسلام؟ وإن الشباب المؤمن ليعلم أن الإسلام دين الحق، ولكنه كإبراهيم:﴿ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: 260]، أما الشباب الذي أفسد الاستعمار عقله وعقائده، فإنه لا يلبَث حتى يتحيَّن حقيقة الأمر، وإنما يميل به الهوى، فيُقرِّر دون مناقشة أن الإسلام نظام عتيق قد استنفذ أغراضه[1]. وعلى تلك الصفحات سنوضِّح - بإذن الله تعالى - الحقيقة ناصعة جليَّة، لا يشوبها غموض... "وحين يتساءل البعض: كيف أباح الإسلام الرقَّ؟ أو قَبِل وجوده في أرضه إذا كان الغير أباحه؟ ونحن نرحِّب بالكلام في هذا الموضوع، وننتهزها فرصة لتناول القضية كلها بالبحث والتمحيص، وسنرى أن الإسلام تعرَّض لإفك كثير، على حين نجا مجرمون عريقون في الإجرام، فلم تُشِر إليهم - للأسف - إصبع الاتهام. إن الإسلام لم يشرع الرقَّ، وإنما شرَع العِتقَ، إن الإسلام صنع للرقيق ما لم يصنع غيره، ولو سارت الأمور إلى وجهتها وفق ما رسم، ما تعرَّضت أجيال غفيرة لهذا البلاء المبين، على أن الإسلام ما أقرَّ قط حرب الخطف التي انتشرت في العصور القديمة والحديثة، والتي وسعت دائرة الاسترقاق على نحو شائن رهيب، وجعلت أذاه يَلطِم أشرفَ الوجوه وأجدرها بالكرامة، لقد بِيعَ أحدُ الأنبياء في أسواق العبودية بثمن بخس، دراهم معدودة، أفتظن ذلك عملاً يرتضيه دين؟ إن اختطاف الأحرار من بلادهم، وطبْعهم بميسم الرقِّ كان المصدر الأكبر لانتشار الرقيق في القارات الخمس، بل كان المصدر الفذ للرق الذي عُرف في أوربا وأمريكا في القرون الأخيرة، هؤلاء المظلومون من البشر أحرار... أحرار، وإطلاق أسراهم ليس تحريرًا للرقيق، إنما هو إعادة الحرية إلى أهلها الأحقاء بها، الأصلاء فيها، برغم ما عراهم من عَسفٍ أثيم، ووصف ذميم، والإسلام يَعُد من خصوم الله خصومة مباشرة مَن يقترِف ذلك الجُرْم؛ إذ يقول الله تعالى في حديثه القدسي: ((ثلاثة أنا خصْمهم يوم القيامة، ومَن كنتُ خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غَدَر، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه العمل ولم يُعطِه أجره))[2]. وقد سأل: لماذا لم يتعجَّل الغاية المنشودة؟ وما الذي يضطرُّه إلى التدرج في علاج قضية لها خَطَرها في حاضر الحياة ومستقبلها؟[3] ذلك ما سنعرفه إن شاء الله في المقالات القادمة. [1] شبهات حول الإسلام؛ للأستاذ: محمد قطب ص: 37 بتصرف. [2] رواه البخاري، كتاب "البيوع"، باب إثم من باع حرًّا (2: 28)، وابن ماجه، كتاب الرهون باب: أجر الأحرار (1: 816)، وأحمد (2: 358). [3] حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة ص: 94، 296 بتصرف. |
الساعة الآن 07:58 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
mamnoa 2.0 By DAHOM