![]() |
عقوبة الاعتداء على الدين بالارتداد
عقوبة الاعتداء على الدين بالارتداد سجاد أحمد بن محمد أفضل العقوبات الحسية: ومن العقاب الدنيوي الذي وصفه الله تعالى وحددته نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، عقوبات الجرائم العامة والجنايات التي تصيب الأصول العامة والأسس الضرورية للحياة الإنسانية لحفظ كيان المجتمع البشري وصيانته سلامته وحماية مصالحه من الفساد والتدهور والانحطاط. كان من عدل الله تعالى ورحمته بخلقه أن شرع لهم عقوبات زاجرة لحفظ الأمور الخمسة التي تقوم عليها الحياة الإنسانية الكريمة التي تقتضي توفر هذه الأمور والمحافظة عليها ومنع الاعتداء عليها وهي: 1 - المحافظة على الدين. 2 - المحافظة على النفس. 3 - المحافظة على العقل. 4 - المحافظة على العرض. 5 - المحافظة على المال. وإن هذه الأصول قد جاءت جميع الشرائع السماوية للمحافظة عليها وبنيت عليها العقوبات كلها في الإسلام. فلما كانت هذه الأمور من المصالح المقررة الثابتة فقد قرر القرآن الكريم والسنة والنبوية الشريفة عقوبات تضمن صيانتها وحفظها وزاجرة عن الاعتداء عليها مؤدبة إلى درء المفاسد عن المجتمع البشري ومحققة لمصلحته. وفيما يلي سوف أبين ما شرعه الله تعالى من عقوبة على كل جريمة تمس أحد هذه الأمور الخمسة السابقة. وهذه العقوبات تنقسم إلى قسمين: 1 - قسم يسمى بالحدود والقصاص وهي الجزاءات والعقوبات النصية التي حددها القرآن الكريم والسنة النبوية تحديدا دقيقا. 2 - وقسم يسمى بالتعزيرات وهي الجزاءات والعقوبات التفويضية التي فوض فيها الأمر للأمام أن يعاقب عليها بما يراه رادعاً لفاعلها وزاجراً لغيره. أما الحدود فهي تحتوي على عقوبات الردة، والزنا، والقذف، وشرب الخمر، والسرقة، والحرابة. والآن نذكر نبذة بالإيجاز عن كل حد فيما يلي: • عقوبة الاعتداء على الدين بالارتداد: تعريف الردة: إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان، إذ الردة عبارة عن الرجوع عن الإيمان، فالرجوع عن الإيمان يسمى ردة في الشرع[1]. فالمرتد هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر في الاصطلاح الفقهاء[2]. ولقد اعتبر القرآن الردة من أشد التضليل، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ﴾[3]، وذلك لأن العقيدة الدينية من الضروريات الإنسانية التي أجمعت الشرائع السماوية كلها على وجوب المحافظة عليها. ومن ثم شرع الإسلام أشد العقوبات عليها في الدنيا وهي القتل زيادة على ما ينال المرتد من عقاب شديد في الآخرة. والعقاب الدنيوي لهذه الجناية هو القتل، وقد ثبت بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من بدل دينه فاقتلوه»[4]. وهذا القتل الذي قرره الرسول صلى الله عليه وسلم جدير بهذه الجناية الشنيعة إذ بقاء المرتد بين العباد مفسدة لهم ولا خير يرجى في بقائهم، لأن الله تعالى لا يسوغ لأهل الأهواء أن يعبثوا بالدين أو يتخذه لهواً ولعباً. ويبين القرآن الكريم عقوبة المرتد في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [5]. فجعل الله تعالى عقوبة المرتد حبوط أعماله، والمراد به زوال آثارها وثوابها المرتب عليها شرعاً وذلك يشمل آثارها في الدنيا والآخرة. ولقد قرر القرآن ذلك في عدة آيات، نذكر منها قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [6]. فالمرتد تزول عنه خصائص الإسلام من حرمة النفس والمال والعرض والصلات عليه بعد الموت والدفن في مقابر المسلمين وغير ذلك من الأحكام التي تناله بعد ردته. (له تتمة في مقالات قادمة). [1] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لإمام علاء الدين الكاساني الحنفي، 7/ 134، ط: الثالثة 1406هـ، 1986م دار الكتب العلمية. بيروت. [2] المغني، لابن قدامة، 12/ 264، دار عالم الكتب للطباعة والنشر، ط: الثالثة، 1417هـ، 1997م. [3] سورة النساء. آية 137. [4] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، ص: 1193، رقم الحديث: 7922. [5] سورة البقرة. آية 217. [6] سورة المائدة. آية 5. المصدر... |
الساعة الآن 02:59 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
mamnoa 2.0 By DAHOM