بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أسعدكم الله في الداريْن ، وتقبل - عز وجل - منا ومنكم صالح الأقوال والأعمال ، وثبتنا وإياكم على قوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وأعاد علينا وعليكم هذا الشهر المبارك أعوامًا مديدة وأزمنة عديدة ونحن متمسكون بديننا ، وفي صحة وعافية وأمن ورخاء ، وأمتنا ترفل في ثياب النصر والعزة والتمكين .. إنه عز وجل قريب مجيب .
---✺✺✺---
( ثمان ) سُنن صحيحة من سُنن العيد
➊ التجمل :
عن نافع - مولى ابن عمر - ( أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَلْبَسُ فِي الْعِيدَيْنِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ ) أخرجه البيهقي في «سننه الكبرى ، م : 6143» ، وصحَّح إسناده ابن رجب في كتابه «فتح الباري شرح صحيح البخاري ، 8/414» ، وابن حجَر أيضًا في «فتح الباري ، 439/2» .
وذكر ابن قدامة في كتابه «المُغْني ، 274/2» عن الإمام مالك - رحمه الله تعالى - أنه قال : ( سمعت أهل العِلم يستحبون الطِّيب والزينة في كل عيد ) انتهى .
➋ الاغتسال قبل الخروج لصلاة العيد :
وعَنْ نَافِعٍ ، أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - ( كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى ) رواه الإمامُ مالك في «الموطأ ، م : 2» ، وإسناد صحيح جليل .
وعن سعيد بن المُسَيَّب - رحمه الله تعالى - أنه قال : (سُنَّةُ الفِطْرِ ثلاث : المَشْيُ إِلَى المُصَلَّى ، وَالأَكْلُ قَبْلَ الخُرُوجِ ، والاغتسال) رواه الفريابي ، وقال الألباني في «إرواء الغليل ، 104/3» : "إسناده صحيح" .
➌ أكلُ تمراتٍ وِتْراً قبل صلاة عيد الفِطر :
عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - أنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ، ويأكلهن وِتراً ) رواه البخاري في صحيحه برقم : «953» .
➍ مخالفة الطريق في الذهاب إلى المصلى والرجوع منه :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - ، قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ ) رواه البخاري في صحيحه برقم : «986» .
➎ التكبير للعيد منذ الخروج من المنزل حتى صلاة العيد :
أخرج ابنُ أبي شيْبة في «مصنفه ، م : 5621» عن الزهري - رحمه الله تعالى - ، ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يخْرِجُ يَوْمَ الفِطْرِ فَيُكبِّر حَتَّى يَأْتِي المُصَلَّى ، وَحَتَّى يَقْضِي الصَّلاةَ ، فَإِذَا قَضى الصَّلاةَ قطَع التَّكْبِيرِ ) ، قال الألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة ، م : 171» : ( إسنادُه صحيح مرسل ، له شاهد موصول يتقوَّى به ) انتهى ، وقال أيضًا : ( وفي الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهرًا في الطريق إلى المصلى ، وإن كان كثيرًا منهم بدؤوا يتساهلون بهذه السنة ، حتى كادت أن تصبح في خبر كان !! ، وذلك لضعف الوازع الديني منهم ، وخجلهم من الصدع بالسنة والجهر بها ) انتهى ، وقال : ( وممَّا يحسن التذكير به في هذه المناسبة أن الجهر بالتكبير هنا لا يُشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض ، وكذلك كل ذِكر يُشرع فيه رفع الصوت ) انتهى .
وأما صفة صيغة التكبير التي تُقال من غروب الشمس ليلة العيد حتى صلاة العيد فقد أخرج عبد الرزاق عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أنه قال : ( كبِّروا الله .. الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيرًا) ، قال الشيخ المحدِّث "عبد العزيز الطَّرِيفي" : ( إسناده صحيح ) ، وقال - حفظه الله تعالى - : ( لا يثبُت عن النبي ﷺ صيغة تكبير معيَّنة في العيد ، والثابت إنما هو عن الصحابة ، ولا حرج من التكبير بأي صيغة ) انتهى .
➏ صلاة العيد في مُصلى في الخلاء :
عنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - ، ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْعِيدِ ، وَالْعَنَزَةُ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَإِذَا بَلَغَ الْمُصَلَّى نُصِبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يُسْتَتَرُ بِهِ ) رواه ابن ماجه برقم : «1304» بإسناد صحيح على شرط البخاري ، وصححه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه ، م : 1084» ، و " صلاة العيد في المُصلى هي السُّنة ، وقد فضَّلها النبي ﷺ على الصلاة في مسجده " .
➐ الاستماع للخطبة :
عن عبد الله ابن السائب - رضي الله عنه - قال : حَضرَت العِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَصَلَّى بِنَا العِيد ، ثُمَّ قَالَ : ( قَدْ قَضَيْنَا الصَّلاةَ ، فَمِنْ أُحِبُّ أَنْ يَجْلِسَ لِلخُطْبَةِ فَليَجْلِسْ ، وَمِنْ أُحِبُّ أَنْ يَذْهَبَ فَلِيَذْهَبْ ) رواه ابن ماجـه برقم : «1290» ، وإسناده صحيح رِجاله ثِقات ، وصححه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه ، م : 1073» .
❽ التهنئة :
عن جبير بن نفير - رضي الله عنه - قال : ( كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ إِذَا اِلْتَقَوْا يَوْمَ العِيدِ يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ : تَقبَّلَ اللهُ مِنَّـا وَمِنْـكَ ) أخرجه المحاملي في «كتاب صلاة العيدين ، 2/129/2» ، وقال الألباني في «تمام المنة ، ص : 354- 355» : ( إسنادُه صحيح ) .
---✺✺✺---
سُننٌ مختلَفٌ في ثبوتِها عن النبي ﷺ :
① المشي إلى المُصلى :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا ، وَيَرْجِعُ مَاشِيًا ) رواه ابن ماجه برقم : «1285» ، وحسَّنه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه ، م : 1078» ، وقال عنه العيني في «عمدة القارئ ، 6/410» : ( إسناده ضعيف جدًّا ) .
ورُوِي نحوه من حديث سعد القرظ المؤذن ، ولكنه حديث ضعيف مُجمَع على ضعفه .
وعن أبي رافع مولى رسول الله ﷺ ، أنه قال بأن النبي ﷺ : ( كَانَ يَأْتِي الْعِيدَ مَاشِيًا ، وَيَرْجِعُ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ» رواه ابن ماجه برقم : «1300» ، وهو حديث ضعيف مُجمَع على ضعفه .
وقال النووي في «المجموع شرح المهذب ، 5/10» عن أسانيد هذه الأحاديث : ( أسانيد الجميع ضعيفة ، بيِّنة الضعف ) انتهى مختصرًا .
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال : ( مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى العِيدِ مَاشِيًا، وَأَنْ تَأْكُلَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ ) أخرجه الترمذي برقم : «530» ، وحسَّنه ، ولكن قال عنه النووي في «خلاصة الأحكام ، 2/821» : ( اتفقوا على ضعفه ) .
ولكن قال الترمذي عقِبه : ( والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم : يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشيًا ، وأنْ لا يركب إلاَّ مِن عذر ) انتهى .
② صلاة ركعتين بعد الرجوع من صلاة العيد :
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : ( كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لا يخرجُ يومَ العيدِ حتَّى يَطعمَ ، فإذا خرجَ صلَّى للنَّاسِ رَكعتَينِ ، فإذا رجعَ صلَّى في بيتِهِ رَكعتَينِ ، وَكانَ لا يصلِّي قبلَ الصَّلاةِ شيئًا ) رواه ابن خزيمة في صحيحه برقم : «1469» ، وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في «بلوغ المرام ، م : 138» ، والألباني في «إرواء الغليل ، 3/100» ، ولكن قال عنه ابن باز في «حاشية بلوغ المرام ، ص : 321-322» : ( الأظهر أنه ضعيف ) ، وقال عنه ابن عثيمين في «شرح بلوغ المرام ، 2/404» : ( كثير من الحُفَّاظ ضعَّفوا هذا الحديث ) انتهى .
ومما يدل على ضعفه ما رواه البخاري في صحيحه برقم : «964 و5883» عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبيَّ ﷺ صلَّى يومَ العيدِ ركعتَينِ ، لم يُصَلِّ قبلَها ولا بعدَها .. ) وفي رواية أخرى له برقم «989» عن ابن عباس أيضًا ( أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ يَوْمَ الفِطْرِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا وَمَعَهُ بِلاَلٌ ) .
إعداد وترتيب الفقير إلى عفو ربه تعالى /
( أبو أيوب ) محمد بن صالح بن محمد السَّوِيد
غفر الله له ، ولوالديه ، وللمسلمين
القصيم - بريدة
ليلة عيد الفطر ، من عام (1436هـ)
والحَمدُ لله رَب العالَمين
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك