07-15-2015, 11:22 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 358,792
|
|
(07)الدعوة إلى الإسلام في أوربا-نشاط المنتسبين إلى الإسلام في أوروبا:
إذا رجعنا إلى الأصناف المنتسبة إلى الإسلام [عدلت عن كلمة "المسلمين" إلى كلمة "المنتسبين إلى الإسلام" لأن بعض الجماعات التي تدعي الإسلام، ليست من المسلمين كالقاديانيين الذين أفتى علماء المسلمين بأنهم فرقة خارجة عن الإسلام.] التي وفدت إلى أوروبا أمكننا معرفة اتجاهاتها، وهي تختلف اختلافاً كثيراً، ويمكن حصرهم التقريبي في الأصناف الآتية:
1 ـ الجاليات الإسلامية:
فالجاليات الإسلامية التي وفدت إلى الغرب، من أجل اكتساب لقمة العيش، كما مضى، أغلب أفرادها جهلة غير ملتزمين بالإسلام، ولهذا فهم أحوج إلى من يدعوهم إلى العودة دينهم والتمسك به، وكثير منهم شوهوا صورة الإسلام، بسبب تصرفاتهم المخالفة له، وللأخلاق التي جاء بها وتواضع الناس على حسنها، كالصدق والأمانة.
فتجد بعضهم يحتالون على القوانين الغربية، بالكذب والغش، يتمارضون بدون مرض، ويحاولون أن يرشوا الأطباء ليأخذوا منهم تقارير تثبت ذلك، ليتخلصوا من القيام بأعمالهم الوظيفية، وقد اشتهر ذلك عند الأوربيين وأصبحوا لا يثقون في كثير من المسلمين، كما أن كثيراً منهم يتعاطون - مع زعمهم الإسلام-ـ ما حرمه الله عليهم، ويتركون ما أوجبه، فصاروا بذلك فتنة للذين كفروا؛ لأنهم رأوا فيهم قدوة سيئة، بدلاً من القدوة الحسنة، وقد ذاب كثير من أبناء الجاليات الإسلامية في المجتمعات الغربية.
ولكن عدد الذين عادوا إلى الإسلام والتمسك به من أفراد الجاليات الإسلامية، قد زاد في الفترة الأخيرة، بسبب وجود بعض المراكز الإسلامية النشطة وبعض الدعاة المتجولين والمستقرين. ويدخل في حكم الجاليات الإسلامية العاملة، اللاجئون السياسيون والذين شردتهم الحروب في بلدانهم، أو ظلم حكامهم، إلا أن هؤلاء قد يوجد من بينهم مثقفون بحسب تخصصاتهم.
2 ـ الجماعات الحركية:
المقصود بالجماعات الحركية: الهيئات المنظمة ذات المناهج الشاملة، الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مستقية ذلك من فهمها الشامل للإسلام بأنه منهج لحياة البشر كلها.
وأبرز هذه الجماعات:
( أ ) جماعة الإخوان المسلمين:
وهي التي أسسها الإمام الداعية "حسن البنا" رحمه الله في مصر، ثم انتشرت في كل أنحاء الأرض.
(ب) الجماعة الإسلامية في باكستان:
وهي التي أسسها الإمام "أبو الأعلى المودودي" رحمه الله في شبه القارة الهندية، ولها فروع مستقلة من الناحية الإدارية والتنظيمية في الهند وبنغلاديش وغيرهما.
وهاتان الجماعتان متقاربتان في الأفكار والمناهج في الجملة، ومنتشرتان في أوروبا والبلدان الغربية كلها، إلا أن جماعة الإخوان أكثر انتشاراً، وأتباعها من كل فئات المجتمع: أي من حملة كل التخصصات، ومن العمال والتجار وغيرهم، وكثير من المسلمين يتعاطفون معها ويستفيدون من نشاطاتها في المحافظة على دينهم وتربية أبنائهم، ويشاركون في تلك النشاطات بما يقدرون عليه، وإن لم ينخرطوا في سلكها من الناحية التنظيمية.
ولما كانت هاتان الجماعتان ـ الإخوان المسلمون، والجماعة الإسلامية ـ أنشط الجماعات الإسلامية، و تدعوان إلى تطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقاً شاملاً في حياة الأمة الإسلامية، وتقوم مناهجهما على التربية العملية في كل طبقات الأمة، وتدعوان إلى الإسلام بالطرق السلمية التي لا تستعمل العنف، وتتغلغلان عن طريق العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي في الأمة، فإن تأثيرهما قد انتشر في أقطار الأرض، وأصبح أتباعهما في كل الشعوب الإسلامية وغيرها في تنامٍ مستمر، وفي ذلك ما يجعل وصولهما إلى حكم الشعوب الإسلامية بالإسلام الذي حرمها منه محاربوه، قريب المنال.
لما كان الأمر كذلك بالنسبة لهاتين الجماعتين، اشتدت محاربتهما من قبل العلمانيين في الشعوب الإسلامية، ومن قبل قادة الغرب على حد سواء، وأعانهم على ذلك ذووا الأهواء والذين ضاقت آفاق عقولهم من المنتسبين إلى العلم عن مصالح الأمة العليا التي تحقق لهم العزة والكرامة، فرموهم جميعاً عن قوس واحدة، كلٌّ في مجاله، ولكن الدعوة سائرة، رغم كل العقبات، ورغم تنوع محاربيها!
وقريب من هاتين الجماعتين - في الجملة - أعضاء حزب السلامة التركي، وأعضاء حزب ماشومي الإندونيسي، أتباع الدكتور "محمد ناصر" رحمه الله، ولكن عددهم قليل نسبياً، وكذلك حزب التحرير، مع ما عنده من شطحات، وهم قليلون أيضاً.
وقد ذكرت نبذة عن كل من الأستاذ حسن البنا، والأستاذ المودودي في كتاب الجهاد في سبيل الله ـ حقيقته وغايته ـ في مبحث: نماذج يقتدي بها السائرون، وذكرت معلومات واسعة عن الدكتور محمد ناصر في الأجزاء الخاصة برحلات إندونيسيا من سلسة "في المشارق والمغارب"، وقد أخذت تلك المعلومات في لقاءات متكررة معه رحمه الله، ولا زال أتباعه يقومون بالدعوة إلى الله، في إندونيسيا.
وغالب أعضاء الجماعات الحركية، هم من الطلاب الذين تخرجوا في جامعات الغرب وبقوا في الدول الأوربية، أو الذين مازالوا طلاباً وكونوا لهم اتحادات طلابية في الجامعات أو في مراكز إسلامية، ويوجد بينهم أعضاء من أفراد الجاليات الإسلامية أيضاً.
وتمتاز هذه الجماعات واتحاداتها بدقة التنظيم وقوة الانضباط والتعاون، والقدرة على استيعاب الشباب بأنواع النشاطات التي تجذبهم، كالمخيمات والنوادي الرياضية والثقافية والاجتماعية والإعلامية وغيرها.
مجالات نشاط الجماعات الحركية:
ويحاولون أن يقوموا بواجباتهم في الدعوة إلى الإسلام ـ مع كثرة ارتباطاتهم وأعمالهم الوظيفية والدراسية والأسرية ـ في ثلاثة مجالات:
المجال الأول: التوعية والتربية الداخلية أي في أسرهم وأعضاء جماعتهم، في المراكز والمساجد والمخيمات والمساكن.
المجال الثاني: التوعية في صفوف الجاليات الإسلامية كذلك.
المجال الثالث: نشر مبادئ الإسلام بين غير المسلمين.
والذي ينقص هذه الجماعات أربعة أمور:
الأمر الأول: قلة العلماء وبخاصة المتفرغين لهم، وهذا يؤثر عليهم من وجهين:
الوجه الأول: ضعف تقدمهم في التفقه في الدين، تفقهاً مبنياً على قواعد علمية.
الوجه الثاني: الجهد الذي يضطرون إلى بذله في القراءة بأنفسهم في بعض الكتب ليفهموا الإسلام، ولكن كثيراً منهم أصبحوا عندهم معلومات جيدة بسبب الممارسة والاجتهاد، وبسبب الدورات التي يقيمونها في أوقات مختلفة، يقدم لهم فيها بعض العلماء الذين يستقدمونهم من البلدان العربية وغيرها، دراسات قوية في العلوم الشرعية.
الأمر الثاني: قلة المراجع الإسلامية الميسرة المفيدة التي تمكنهم من استيعاب مبادئ الإسلام، ويشكون من عدم تجاوب بعض المؤسسات الإسلامية التي يطلبون منها مدهم بالمراجع الإسلامية.[المراجع أصبحت في عصر الإنترنت سهلة ميسرة]
الأمر الثالث: قلة وجود أماكن يستقرون فيها لمزاولة نشاطهم، فأغلب الجماعات تستأجر شققاً صغيرة من أقوات أسرهم، ومع كون ذلك يجحف بهم من الناحية المادية، فإنه يحول بينهم وبين الاستقرار، إذ يضطرون إلى الانتقال من مكان إلى آخر، إما لقلة المال الذي يضطرهم إلى استئجار شقق أرخص في أماكن أبعد من المكان الأول، وإما لضيق المكان وحصولهم على مكان أنسب منه، وذلك يسبب لهم عدم الاستقرار.
وقد لا تتمكن بعض الجماعات من إيجاد مقر لنشاطها، لغلاء الأماكن وقلة ذات اليد، وقد وجدت جمعية إسلامية أُنشأت في عام 1987م في مدينة "هلسنكي" عاصمة "فنلندا" لا يوجد لها مقر، [في وقت زيارتي لهم] ولذلك كانت تزاول نشاطها وتعقد اجتماعاتها في منازل أعضائها، والمنازل هناك ضيقة، أو في بعض المطاعم التي يديرها بعض المسلمين.
ومما يؤسف له ما بلغني من أن هذه الجماعة قد وجد بين أفرادها نزاع بعد عام واحد من إنشائها، مع قلة المسلمين في هذا البلد وحاجتهم الماسة إلى تربية أولادهم الذين ذاب غالبهم في المجتمع الكافر ولعل الله قد وقاهم شر الخلاف.
الأمر الرابع: قلة العاملين في حقل الدعوة والتربية الإسلامية، وذلك يجعل العبء ثقيلاً على أفراد ترهقهم الأعمال، وتبدد نشاطهم وتضعفه، وقد يصاب بعضهم بالملل والسآمة بسبب ذلك، ولهذا تكون أبواب العمل مفتوحة أمامهم، لا يستطيعون استغلالها، سواء فيما يتعلق بعملهم الداخلي، أو بالعمل الخارجي، وأغلب العاملين متطوعون من الطلاب أو من الموظفين، ومع ذلك ينفقون على نشاطهم من نفقاتهم الخاصة.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|