شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة المتنوعة ------------ رمضان (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=298)
-   -   رمضان شهر البر والتقوى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=270626)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 06-06-2016 06:26 PM

رمضان شهر البر والتقوى
 
رمضان شهر البر والتقوى


الشيخ صلاح نجيب الدق





﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1]، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.

أما بعد:
فإن الله تعالى جعل لنا مواسم للخيرات؛ فالسعيد مَن اغتنمها، ورفع رصيده من الحسنات، والشقي مَن حرَم نفسه خيرها، ومِن هذه المواسم المباركة: شهر رمضان؛فهو شهر البر والتقوى، والتوبة، وشهر مواساة المحتاجين، وشهر تنتظره قلوب الذين آمنوا؛ ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم،فأقول وبالله تعالى التوفيق:
سبب تسمية شهر رمضان:
سمي (رمضان) بهذا الاسم؛ لأن العرب لَمَّا نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سمَّوها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام شدة الحر ورَمَضِه،فسُمِّي به؛ (النهاية لابن الأثير جـ 2 صـ 264).

معنى الرَّمَض:
الرَّمَض والرمضاء: شدة الحر،والرَّمَض: حَرُّ الحجارة من شدة حر الشمس؛ (لسان العرب - لابن منظور جـ 7 صـ 160).

رمضان شهر التوبة النَّصُوح:
يجب على المسلم العاصي أن ينتهز شهر رمضان ليتوب إلى الله توبة صادقة؛قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [التحريم: 8].
وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25].
وقال سبحانه: ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39].

شروط التوبة النصوح:
قال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: التوبة واجبةٌ مِن كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط:
أحدها: أن يُقلِعَ عن المعصية.
والثاني: أن يندَمَ على فعلها.
والثالث: أن يعزم ألا يعودَ إليها أبدًا.
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصحَّ توبته.


وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعةٌ: هذه الثلاثة، وأن يبرَأَ مِن حق صاحبها، فإن كانت مالًا أو نحوَه، ردَّه إليه، وإن كانت حدَّ قذفٍ ونحوه، مكَّنه منه، أو طلب عفوه، وإن كانت غِيبةً استحله منها،ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب مِن بعضها صحَّت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي؛ (رياض الصالحين للنووي صـ 24: 25).

علامات قَبول التوبة النصوح:
(1) أن يكون العبد بعد التوبة خيرًا مما كان قبلها.
(2) أن يبقى الخوف مصاحبًا للتائب، ولا يأمن مكر الله طرفة عين.
(3) انخلاع قلب التائب، وتقطُّعه ندمًا على ما فرط في حق الله،وهذا على قدر عِظَم الجناية وصِغَرها.
(4) الإكثار من الاستغفار والدعاء في الأوقات الفاضلة إلى الممات؛ (مدارج السالكين لابن القيم جـ 1، صـ 206: 208).

رمضان شهر الصيام:
للصوم فوائدُ كثيرةٌ في الدنيا والآخرة، يمكن أن نوجزها فيما يلي:
1- الصوم سبيل تقوى الله تعالى في السر والعلانية:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

2 - الصوم سبيل الجنة:
روى الشيخانِ عن سهل بن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة بابًا يقال له: الرَّيَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم))؛ (البخاري حديث 1897/ مسلم حديث 1152).

روى البخاري عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنةٌ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَله، فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ، والذي نفس محمدٍ بيده، لَخُلُوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربَّه فرح بصومه))؛ (البخاري حديث 1904/ مسلم - كتاب الصيام حديث 163).

قوله (جُنةٌ): وقايةٌ.
قوله (يرفث): يتكلم كلامًا فاحشًا.
قوله (يصخَب): يَصيح.
قوله (سابَّه): شتَمه.
قوله (لَخُلُوف): تغيُّرُ رائحة الفم.
قوله: (كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به).

سُئل سفيان بن عيينة عن قوله: (كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم؛ فإنه لي)، فقال: إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عز وجل عبده، ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم، ويُدخِله بالصوم الجنة؛ (شرح السنة للبغوي جـ 6 صـ 224).

ويحكى عن سفيان بن عيينة أيضًا في قوله: (الصوم لي)، قال: لأن الصوم هو الصبر، يصبِر الإنسان عن المطعَم والمشرَب والنكاح، وثواب الصبر ليس له حسابٌ، ثم قرأ: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]؛ (شرح السنة للبغوي جـ 6 صـ 224).

قال الإمام ابن حجر العسقلاني - رحمه الله -: أي أجازي عليه جزاءً كثيرًا من غير تعيينٍ لمقداره؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ 4 صـ 108).

قال الإمام النووي - رحمه الله -: اختلف العلماء في معنى قوله: (الصوم لي)، مع كون جميع الطاعات لله تعالى، فقيل: سببُ إضافته إلى الله تعالى أنه لم يعبُدْ أحدٌ غيرَ الله تعالى به؛ فلم يعظِّمِ الكفارُ في عصرٍ من الأعصار معبودًا لهم بالصيام، وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود والصدقة والذِّكر وغير ذلك، وقيل: لأن الصوم بعيدٌ من الرياء؛ لخفائِه، بخلاف الصلاة، والحج، والغزو، والصدقة، وغيرها من العبادات الظاهرة، وقيل: لأنه ليس للصائم ونفسه فيه حظٌّ،وقيل: إن الاستغناء عن الطعام من صفات الله تعالى، فتقرب الصائم بما يتعلق بهذه الصفة، وإن كانت صفاتُ الله تعالى لا يشبهها شيءٌ، وقيل: معناه: أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابه، أو تضعيف حسناته، وغيرُه من العبادات أظهَر سبحانه بعضَ مخلوقاته على مقدار ثوابها، وقيل: هي إضافة تشريفٍ؛ كقوله تعالى: ناقة الله، مع أن العالَمَ كلَّه لله تعالى؛ (مسلم بشرح النووي جـ 8 صـ 29).

قوله: (والصيام جنةٌ): معناه: سترةٌ ومانعٌ من الآثام، ومانعٌ أيضًا مِن النار؛ (مسلم بشرح النووي جـ 8 صـ 31).

قال أبو بكر ابن العربي - رحمه الله -: إنما كان الصوم جُنةً من النار؛ لأنه إمساكٌ عن الشَّهوات، والنار محفوفةٌ بالشهوات، فالحاصل أنه إذا كفَّ نفسَه عن الشهوات في الدنيا، كان ذلك ساترًا له مِن النار في الآخرة؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ 4 صـ 108).

قوله: (فلا يرفُث) المراد بالرَّفَث هنا الكلامُ الفاحش، وهو يطلق على هذا، وعلى الجِماع، وعلى مقدِّماته، وعلى ذِكره مع النساء، أو مطلقًا، ويحتمل أن يكون لِما هو أعمُّ منها.

قوله: (ولا يجهل)؛ أي: لا يفعَل شيئًا من أفعال أهل الجهل؛ كالصِّياح والسَّفَه؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ 4 صـ 108).
قوله: (فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَله)، إن شتَمه إنسانٌ فلا يُكلِّمه؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ 4 صـ 104).
قوله: (إني امرؤٌ صائمٌ)؛ أي: إن صومي يمنَعُني مِن الرد عليك.
قوله: (لَخُلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك)، المعنى: إن خُلُوفَ فم الصائم يقرِّبُ العبدَ الصائم إلى الله تعالى أكثرَ مِن حُبِّكم لتقريب المِسكِ إليكم؛ (طرح التثريب - للعراقي جـ 4 صـ 96).
قوله: (وللصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)، قال العلماء: أما فرحته عند لقاء ربه فبما يراه من جزائه، وتذكُّر نعمة الله تعالى عليه بتوفيقه لذلك، وأما عند فطره فسببُها تمامُ عبادته؛ (مسلم بشرح النووي جـ 8 صـ 31).

3- الصوم وِقاية من النار:
روى الشيخانِ عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن صام يومًا في سبيل الله، باعَد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا))؛ (البخاري حديث 2841/ مسلم حديث 1153).

4- الصوم وقاية مِن الشهوات:
روى الشيخانِ عن عبدالله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءةَ فليتزوَّجْ، ومن لم يستطِعْ فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاءٌ))؛ (البخاري حديث 4779/ مسلم حديث 1400).

5- الصوم كفَّارة ومغفرة للذنوب:
روى الشيخانِ عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدم مِن ذنبه))؛ (البخاري حديث 1901/ مسلم حديث 760).

روى مسلمٌ عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضانُ إلى رمضان - مكفِّراتٌ ما بينهن، إذا اجتنب الكبائر))؛ (مسلم/ الطهارة حديث 16).

روى مسلمٌ عن أبي قتادة قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عَرَفة، فقال: ((يُكفِّرُ السنة الماضية والباقية))، قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: ((يُكفِّر السنة الماضية))؛ (مسلم حديث 1162).

روى الشيخانِ عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تُكفِّرُها الصلاة، والصيام، والصدقة))؛ (البخاري حديث 1796/ مسلم حديث 144).

المقصود من هذا الحديث أن كل ما يصدُرُ مِن العبد من أخطاء في حق أهله أو ماله أو جيرانه، وما أشبه ذلك من الصغائر - تُكفِّرُها الصلاة، والصوم، والصدقة.

6- طِيب فمِ الصائم عند الله تعالى:
روى البخاري عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفس محمدٍ بيده، لَخُلُوفُ فمِ الصائم أطيبُ عند الله مِن ريح المِسك))؛ (البخاري حديث 1904).

بركاتُ السحور:
روى البخاري عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تسحَّرُوا؛ فإن في السَّحورِ بركةً))؛ (البخاري حديث 1923).

يمكن أن نوجز بركات السحور في الأمور التالية:
1- تتجلى بركة السحور في الدعاء في الثلث الأخير من الليل؛ حيث: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلةٍ إلى السماء الدنيا (نزولًا يليق بجلاله وعظمته)، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ مَن يسألني فأعطيَه؟ مَن يستغفرني فأغفرَ له؟ حتى يطلع الفجر))؛ (البخاري حديث 7494).

2- تتجلى بركة السحور في إدراك صلاة الفجر جماعة في المسجد.

3- تتجلى بركة السحور في كونه يقوِّي المسلمَ على الصوم.

4- يَكفي في بركة السحور اتباعُ سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما يترتَّب على ذلك مِن عظيم الأجر مِن الله تعالى يوم القيامة؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 166).

رمضان شهرُ تلاوة القرآن وزيادة الحسنات:
قال الله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].

القرآن الكريم هو كلام الله الذي تكلَّم به حقيقة.
قال سبحانه: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164].
وقال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 6].

والله تعالى يتكلم كلامًا يليق بجلاله وعظمته، مِن غير تشبيه أو تمثيل، أو تكييف أو تعطيل، وتلاوة القرآن أيسرُ طريقٍ للحصول على الحسنات.
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].
وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29].

(1) روى الشيخانِ عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الماهر بالقرآن مع السفرةِ الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاقٌّ له أجرانِ))؛ (البخاري حديث 4937/ مسلم حديث 798).

(2) روى مسلمٌ عن أبي أمامةَ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرَؤوا القرآنَ؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابِه))؛ (مسلم حديث 804).

(3) روى الترمذي عن عبدالله بن مسعود: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنةٌ، والحسنة بعَشْرِ أمثالها، لا أقول: الم حرفٌ، ولكن أَلِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2327).

(4) روى الشيخانِ عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَثَل الذي يقرأ القرآن وهو حافظٌ له مع السَّفَرة الكرام البررة، ومَثل الذي يقرأ وهو يتعاهَده وهو عليه شديدٌ فله أجرانِ))؛ (البخاري حديث 4937/ مسلم حديث 798).

(5) روى مسلمٌ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اجتَمَع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارَسونه بينهم، إلا نزلَتْ عليهم السكينة، وغشِيَتْهم الرحمة، وحفَّتْهم الملائكة، وذكَرهم الله فيمن عنده))؛ (مسلم حديث 2699).

(6) روى أبو داود عن عبدالله بن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقال لصاحب القرآن: اقرَأْ وارتقِ ورتِّلْ كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلَك عند آخر آيةٍ تقرَؤُها))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 1300).

قال أبو سليمان الخطابي: جاء في الأثرِ: أن عددَ آي القرآن على قَدْرِ درَجِ الجنة، فمَن استوفى قراءةَ جميع آي القرآن، استولى على أقصى دَرَجِ الجنة؛ (شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 435).

(7) روى ابن حبانَ عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافعٌ مشفَّعٌ، وماحِلٌ (أي خَصمٌ) مُصدَّقٌ، مَن جعله إمامَه قاده إلى الجنة، ومَن جعله خلف ظهره ساقَه إلى النار))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترغيب للألباني حديث 1423).

(8) روى ابن ماجه عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلِينَ من الناس))، قالوا: يا رسول الله، مَن هم؟ قال: ((هم أهل القرآن (أي حفَظَتُه العاملون به)، أهل الله وخاصَّتُه "أي: أولياؤه المختصون به"))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني، حديث 178).

السلَف الصالح وتلاوة القرآن في رمضان:
كان بعضُ السلف الصالح يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليالٍ، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عَشْرٍ، منهم أبو رجاء العُطاردي، وكان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها، كان الأسودُ يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان، وكان النَّخَعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وفي بقية الشهر في ثلاث، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة، وكان للشافعي في رمضان سِتُّون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وعن أبي حنيفة نحوه،وكان قتادة يدرس القرآن في شهر رمضان،وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعامُ الطعام.

وقال ابن عبدالحكم: كان مالكُ بن أنس إذا دخل رمضان نفَر مِن قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، وأقبَل على تلاوة القرآن من المصحف.

وقال عبدالرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبَل على تلاوة القرآن، وكانت عائشةُ رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس نامت، وكان زبيد اليامي إذا حضر رمضانُ أحضر المصاحفَ وجمع إليه أصحابَه؛ (لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي صـ 318: 319).

فائدة مهمة:
ثبت عن بعض السلَف الصالح بأسانيدَ صحيحةٍ: أنهم كانوا يختمون القرآن في أقلَّ مِن ثلاثة أيامٍ، منهم عثمان بن عفان، وتميمٌ الدَّاريُّ، وسعيد بن جبير، وعلقمة، ومجاهد بن جبر، والشافعي، والبخاري، وغيرهم.

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: هذا وأمثاله من الصحيح عن السلف محمولٌ إما على أنه ما بلغهم في ذلك حديثٌ، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكَّرون فيما يقرؤونه مع هذه السرعة؛ (تفسير ابن كثير جـ 1 صـ 119: صـ 122).

ثواب خَتْم القرآن مرة واحدة:
ذكَر بعض أهل العلم أن عدد حروف القرآن 340740 حرفًا، ومن المعلوم: أن مَن قرأ حرفًا من القرآن كان له به عَشْرُ حسنات، فكم يكون ثواب المسلم إذا ختم القرآن مرة واحدة في رمضان؟، واللهُ يضاعف لِمَن يشاء، فلنحرص على أن نختم القرآن أكثر من مرة في هذا الشهر المبارك.

أخي الكريم، إذا لم تختِمِ القرآن الكريم في رمضان ولو مرة واحدة، فمتى تختمه؟!

شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار:
روى الشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل رمضان، فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسُلْسِلَتِ الشياطينُ))؛ (البخاري حديث: 3277/ مسلم حديث: 1079).

رمضان شهر قيام الليل:
قليلٌ جدًّا مِن المسلمين مَن يصلي بالليل والناس نيام، فإذا اعتاد المسلم أن يصليَ التراويح في المسجد، كان مِن السهل عليه أن يعتادَ على قيام الليل سائرَ العام، وقيام الليل في رمضان فرصةٌ عظيمة لإدراك ليلة القدر، التي يعدِلُ ثوابُ قيامها عبادةَ أكثرَ مِن ثلاثٍ وثمانين سنة، وذلك فضل الله يؤتيه مَن يشاء.

روى أبو داود عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدم من ذنبه))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث: 1222).

روى البخاري عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم مِن ذَنْبه))؛ (البخاري حديث 2014).

رمضان شهر إجابة الدعاء:
الدعاء سلوى المحزونين، ونجوى المتقين، ودأب الصالحين، فإذا صدر عن قلب سليم، ونفس صافية، وجوارحَ خاشعة - وجَد إجابةً كريمةً مِن ربٍّ رحيم،الدعاء هو العبادة، ولا يستطيع المسلم أن يستغنيَ عن دعاء خالقه سبحانه؛ فالدعاء دليل إظهار العبودية والخضوع لله تعالى وحده؛ لذا كان مِن أشرف العبادات، والله يجيب دعوة عبدِه إذا دعاه مخلِصًا في السرَّاء والضرَّاء.

قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
وقال جلَّ شأنه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
وقال سبحانه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

روى البيهقيُّ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 3030).

أخي الكريم، إذا لم تلجَأْ إلى الله بالدعاء وأنت صائم في رمضان، فمتى تدعوه؟!

رمضانُ شهر الصبر:
الصبر لا يظهر في شيء من العبادات كما يظهر بصورة جلية في الصوم؛ حيث يمنع المسلمُ نفسَه عن الأكل والشرب وسائر المباحات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس طوال شهر رمضان؛ولهذا كان الصومُ نصفَ الصبر، وجزاء الصبر الخالص لله تعالى جنَّةٌ فيها ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذن سمِعَتْ، ولا خطَر على قلب بشَر؛قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].

المُسلِم الذي استطاع أن يصبر عن الطعام والشراب وسائر المباحات ساعاتٍ طويلة أثناء الصوم، يستطيع - بفضل الله - أن يمنَعَ نفسه عن شُرب الدُّخَان وغيرِه مِن سائر المحرمات باقي العام.

فضل أداء العمرة في رمضان:
روى الشيخانِ عن عبدالله بن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عمرة في رمضان حجةٌ))،وفي رواية لمسلم: ((عمرة في رمضان تقضي حجَّةً معي))؛ (البخاري حديث 1782/ مسلم حديث 1256).

فهنيئًا لك يا مَن قدر الله تعالى لك أن تعتمر في رمضان لتنال هذا الأجر العظيم من رب العالمين.

رمضانُ شهر الاعتكاف:
الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، ومِن السنَّة أن يعتكف المسلم العشر الأواخر من رمضان، ولا شك أن مَن اعتكف هذه الأيام ابتغاءَ وجه الله سوف يدرك فضلَ ليلة القدر.

روى البخاريُّ عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله، ثم اعتكف أزواجُه مِن بَعدِه؛ (البخاري حديث 2026).

قال الإمام ابن رجب الحنبلي - رحمه الله -: الاعتكاف قطعُ العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قوِيَتِ المعرفة بالله، والمحبة له، والأُنسُ به - أورثَتْ صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال؛ (لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي صـ 349).

الحكمة مِن الاعتكاف:
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: لما كان صلاحُ القلب واستقامتُه على طريق سيره إلى الله تعالى متوقِّفًا على جمعيَّتِه على الله، ولمِّ شَعَثِه بإقباله بالكلية على الله تعالى؛ فإن شَعَثَ القلب لا يلمُّه إلا الإقبالُ على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب وفضول مخالطة الأنام وفضول الكلام وفضول المنام مما يزيده شَعَثًا، ويُشتِّته في كل وادٍ، ويقطَعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يُضعِفه، أو يعُوقه ويُوقِفه - اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ مِن القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرَعه بقَدْر المصلحة، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكافَ الذي مقصودُه ورُوحه عكوفُ القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخَلْوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخَلْق، والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذِكره وحبُّه والإقبال بدلها، ويصير الهم كله به، والخطَرات كلها بذِكره، والتفكُّر في تحصيل مراضيه، وما يقرب منه، فيصير أُنسُه بالله بدلًا عن أُنسه بالخَلْق، فيعده بذلك لأُنسه به يوم الوحشة في القبور، حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظمُ؛ (زاد المعاد - لابن القيم - جـ 2 صـ 86: 87).

رمضان شهرُ تهذيب الأخلاق:
يجب على المسلم أن يكون دائمًا حسَنَ الخُلق، وخاصة في شهر رمضان؛ فإن حُسن الخُلق له منزلةٌ عظيمة عند الله وعند الناس.

روى البخاريُّ عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام جُنةٌ، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يجهل، وإنِ امرؤٌ قاتَله أو شاتَمه، فليقل: إني صائمٌ مرتين))؛ (البخاري حديث 1409).

وروى الترمذي عن أبي الدرداء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما شيءٌ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلقٍ حَسنٍ، وإن اللهَ لَيُبغِض الفاحشَ البذيء))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 1628).

روى الترمذي عن علي بن أبي طالب: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة غُرَفًا ترى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها))، فقام أعرابي فقال: لِمَن هي يا رسول الله؟ قال: ((لِمَن أطاب الكلام، وأطعَم الطعام، وأدام الصيام، وصلَّى لله بالليل والناسُ نيامٌ))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 1616).

هذه الخِصال كلها تكون في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصيام، والقيام، والصدقة، وطِيب الكلام؛ فإنه يُنهَى فيه الصائمُ عن اللَّغو والرَّفَث؛ (لطائف المعارف لابن رجب صـ 312).

رمضان شهر حفظ أعضاء الجسم عن المحرَّمات:
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

ينبغي للمسلم أن يجعَل مجالسه مع إخوانه مملوءةً بذِكر الله، والتفقُّه في دِينه، وخاصة في شهر رمضان المبارك، ويجب عليه أن يتجنَّب الحسد، والغِيبة، والنميمة، والكذِب، وشَهادة الزور، والخداع، والغش، والنظر إلى المحرَّمات، وغيرها من سائر المحرمات؛ لأن هذه المعاصي تأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطَبَ.

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لم يدَعْ قولَ الزور والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه وشرابَه))؛ (البخاري حديث: 1903).

رمضان شهر الإحسان إلى الفقراء:
الإحسان إلى الفقراء وصيةُ ربِّ العالَمين؛ قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261].

وقال جل شأنه: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].

وقال سبحانه: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

وقال الله تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10، 11].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم جَوَادًا كريمًا، يؤثِر المحتاجين من الصحابة على نفسِه وآل بيته، وكان يعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفقرَ.

روى البخاريُّ عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير، وكان أجودُ ما يكون في رمضانَ حين يلقاه جبريل، وكان جبريلُ عليه السلام يلقاه كل ليلةٍ في رمضان حتى ينسلخ يعرِضُ عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآنَ، فإذا لقيه جبريلُ عليه السلام كان أجودَ بالخيرِ مِن الرِّيح المُرسَلة؛ (البخاري حديث 1902).

فما أجملَ أن نقتديَ بالنبي صلى الله عليه وسلم فنبذُلَ مِن أموالنا للمحتاجين من الفقراء والأيتام، خاصةً في شهر رمضان.

روى مسلمٌ عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نقَصَتْ صدقةٌ من مالٍ))؛ (مسلم حديث 2588).

الصدقات هي سبيلُ البركة في الأموال، والصحة، والذرية، وزيادة حسنات العبد.

رمضان شهر إفطار الصائمين وتأليف قلوب المسلِمين:
لا تنسَ - أخي الكريم - أن تساهمَ في إفطار الصائمين، بقَدْر استطاعتِك؛ فإن في ذلك أجرًا عظيمًا.

روى الترمذيُّ عن زيد بن خالدٍ الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن فطَّر صائمًا كان له مِثلُ أجره، غيرَ أنه لا ينقص مِن أجر الصائم شيئًا))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني 647).

هذا الثوابُ الربَّاني يحصل عليه المسلمُ الذي يساهم في إفطار الصائم، سواء أكان هذا الصائم غنيًّا أم فقيرًا.

فبادر - أخي الكريم - بإحياءِ هذه السنَّة المباركة؛ فإنها سبيلُ الحسنات، وتأليف القلوب بين أفراد المجتمع المسلم.

رمضان شهر الانتصارات وعزة المسلمين:
مِن بركات شهر رمضان: كثرةُ انتصارات المسلمين على أعدائهم، وقد كان لهذه الانتصارات أثرٌ عظيمٌ على أحداث التاريخ الإسلامي؛ ففي رمضان كانت غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، ومعركة القادسية التي انتصر فيها المسلمون على الفُرس، ومعركة عين جالوت التي انتصر فيها المسلمون على التتار، وفتح عمُّورية، وبلاد الأندلس، وكان تحرير سيناء في العاشر من رمضان المبارك.


وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالَمين.

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.







المصدر...


الساعة الآن 05:57 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM