شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=350)
-   -   التحذير من مطالبة تسوية المرأة بالرجل (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=264961)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 04-05-2016 08:46 AM

التحذير من مطالبة تسوية المرأة بالرجل
 
التحذير من مطالبة تسوية المرأة بالرجل


الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل





الحمد لله نحمدُه، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعدُ: فيا عباد الله:
اتَّقوا الله - تعالى - واعرفوا يا مَن تُكابِرون حكمةَ الله في خلقه، واحذَرُوا الاعتراض والمكابرة والعِناد، فقد شُغِلَ الكثيرُ بالحديث عن المرأة، وعن وَضْعِها في الحياة، وكأنَّ الإسلام قد أهملها وأهمل واجباتها، وأنَّ مَن أتى في هذا القرن من المتشدِّقين يريد أنْ يرفع من شأنها وينتصر لها ويُقرِّر حقها!

إنَّ المرأة في الإسلام لم تُهمَل ولم تُنقَص حقَّها، إنها شقيقة الرجل، والقاعدة الثابتة في بناء المجتمع، ولكنْ خلقها الله على ما خلقها عليه وخلق الرجل على ما خلقه عليه لحكمةٍ، ولكلٍّ منهما خَصائصُه وطبائعه التي لا تستقيم الحياة إلا بها، ولا هضم لحقِّ واحدٍ منهما، وكلٌّ منهما مُكمِّل للآخَر.

والمطالبة بمشاركة المرأة للرجل في عمله ظُلمٌ لها، والمطالبة فإقامة النوادي لها وممارستها الأعمال الرياضيَّة فيها ابتذالٌ لها، وحَطٌّ من كرامتها، وخُروجها إلى الأسواق واختلاطها بالرِّجال تسليطٌ على عفَّتها، وما يُقال من أنَّ لديها الفراغ الكثير ولا بُدَّ من شغله بأعمالٍ تُخالِف طبيعتها وعاداتها فذاك الفراغ لم يحدث إلا بتركها لأعمالها الخاصَّة، والملائمة لطبعها وعادتها والتي تُعَدُّ ممارستها لها من سَعادتها وسَعادة مجتمعها، فما دامَ أنها تخلَّت عن تربية أولادها، والإشراف على شؤونهم للخادمة المستوردة من الخارج، أو المربِّية - كما يقولون - فلا شكَّ أنَّ جزءًا من وقتها سيكون فراغًا، وما دام أنها ترَكتْ أعمال بيتها للخادم والخادمة، وبعثت بالوليمة لتطبخ خارج المنزل عند الطباخ - كما يسمونه - فلا شكَّ أنَّ جُزءًا من وقتها سيكون فراغًا، وما دام أنَّها أرسلت بملابسها للخيَّاط، إنْ لم تكن ذهبت بنفسها ليقيس عليها ويفصل ملابسها ويخيطها فلا شَكَّ أنَّ جزءًا من وقتها سيكون فراغًا.

إنَّ المصيبة التي دخَلتْ علينا هي مصيبة التقليدات، قياس امرأتنا على امرأة الغرب، أو حتى على امرأة بعض البلاد الأخرى التي يرى السُّذَّج أنها مُتقدِّمة، قياسٌ مع الفارق.

إنَّ دِيننا قد نظَّم حَياة المرأة، ولنا عادات تتَّفق مع دِيننا الحنيف لا توجد لدى الكثير من البلاد الأخرى؛ فأولادنا لا بُدَّ أنْ يتربوا في أحضان أمهاتهم وبين أبويهم؛ ليجدوا الحنانَ والشفقة، وليخرجوا أقوياءَ صالحين في سُلوكهم، مستقيمين في أخلاقهم، عزيزين في نفوسهم؛ حتى ينفعوا أمَّتهم.

كما أنَّنا في مَآكِلنا ومَشارِبنا ونفقاتنا في بيوتنا وولائمنا نختلف عنهم، فغالب أكْلهم خارج بيوتهم، في المطاعم والمقاهي، وإنْ أكلوا في بيوتهم فغالب أكْلهم معمولٌ خارجَ بيوتهم، وإذا أحضر أكَل كلُّ واحدٍ على حِدَةٍ، وهذا خِلاف تعاليم الإسلام.

أمَّا نحن فعاداتنا أنْ يُصنَع الطعامُ في بيوتنا؛ سواء كان الأكل خاصًّا لأسرة البيت، أو وليمة لبعض الضيوف والمناسبات، ولا شكَّ أنَّ المرأة حين تتولَّى ذلك وتصلحه وتُدِير إصلاحه، يُعَدُّ لديها من المفاخر التي تعتزُّ بها وتسعد بها، فتلك من مظاهر الكرم وإكرام الضيف وسعادة الأسرة، وكثيرًا ما تجمع هذه المناسبات الأقارب والأصحاب، وفي ذلك صلةٌ للرَّحِم ووفاءٌ للأصدقاء، وما أجمَلَها من عادات وأنفعها من صلات! بخِلاف أولئك الذين لا يعرفون هذه العادات الطيِّبة والخِصال الحميدة، فكيف تُقاس نساؤنا بنسائهم، ويُفرَض على نسائنا عادات وتقاليد تميت العزَّة والكرامة من نفوسهن، وتفتُّ في أعضادهن، وتضعف أجسامهن، وتُحدِث الفراغ لديهنَّ؟ ثم بعد ذلك نبحث عن شاغِلٍ لهذا الفراغ الذي أوجَدْناه بالتقليد الأعمى، لتشغله بما لا يتَّفِق مع عاداتنا السليمة وتقاليدنا الصحيحة.

إنَّ عمل المرأة في بيتها من تربية أطفال، وإدارة أعمال، وإعداد طعام وشراب، وخياطة ملابس، ومقابلة زوج عند حضوره من عمله، وحسن تبعُّلٍ له - لَمِن أسعد حَياة المرأة، كما أنَّ لها الثواب الجزيل على ذلك في الآخِرة.

في الحديث عن أسماء بنت يزيد الأنصارية - رضي الله عنها - أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أصحابه، فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - بعَثَك إلى الرجال والنساء كافَّة فآمنَّا بك وبإلهك، إنَّا - معشر النساء - محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم - معاشر الرجال - فُضِّلتُم علينا بالجُمَع والجماعات، وعيادة المريض، وشُهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله - عزَّ وجلَّ - وإنَّ أحدَكم إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مجاهدًا حفظنا لكم أموالكم، وعزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أفنشارككم في هذا الأجر والخير، فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: ((هل سمعتم مقالةَ امرأةٍ قطُّ أحسن من مقالتها في أمرِ دِينها من هذه؟)) فقالوا: يا رسول الله، ما ظنَنَّا أنَّ امرأة تهتَدِي إلى مثل هذا، فالتفت النبي -صلى الله عليه وسلم- إليها فقال: ((افهَمِي أيَّتها المرأة وأَعلِمي مَن خلفك من النساء أنَّ حُسن تبعُّل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته، واتِّباعها موافقته يعدل ذلك كلَّه))، فانصرفت المرأة وهي تُهلِّل حتى وصَلتْ إلى نساء قومها من العرب، وعرضت عليهنَّ ما قاله لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ففرحن وآمنَّ جميعهن))[1].

فما أسعدنا رجالاً ونساءً بتعاليم دِيننا إذا طبَّقناها، فلسنا في حاجةٍ إلى تقليد غيرنا؛ فدِيننا كامل لا نقصَ فيه، وصالحٌ لكلِّ زمان ومكان، ومتفق من الفطرة السليمة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
قال الله العظيم: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعَنِي وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنه هو التواب الرحيم.

أقول هذا وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



واعلَموا أنَّ الكثير من الناس يخدع نفسه، ويتجاهَل الحكمة والواقع حينما يُطالِب بمُساواة المرأة للرجل في كلِّ شيء، فلو كانت المطالبة بالمساواة في الأعمال الصالحة التي يعمَلُها كلُّ جنس، كانت مطالبه وجيهةً، مع أنها لا تحتاجُ إلى مطالبة، فالله - سبحانه وتعالى - هو الذي يجزي كلَّ جنسٍ على علمه، ولا فرْق في ذلك بين الرجل والمرأة؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 195]، وقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].

فالجميع في دِين الله سَواء، كلٌّ يُجزَي بعمَلِه، لا فرْق في ذلك بين الرجل والمرأة، ولكنَّ المطالبة في المساواة ممَّن يخدعون المرأة بالتظاهُر لها بأنهم في صفِّها وينكرون الحقيقة والواقع، ويتجاهَلون وضْع المرأة وطِباعها وما خلقها الله عليه لحكمة، تلك المطالبة بأنْ تكون المرأة كالرجل في مُزاوَلة كلِّ عمل، مع الفارق في البنية والتكوين، والطبائع والعادات، والعواطف، ذلك إنكارٌ للحقائق والواقع، والله - سبحانه وتعالى - هو العالم بعباده وبقدراتهم ونوازع نفوسهم، وهو الذي خلق الرجال، ومنحهم ما يَتلاءَم مع دورهم في الحياة، وخلق النساء ومنحهن ما يَتلاءَم مع دورهن في الحياة، ولا تستقيم الحياة إلا بالاعتِراف بالحكمة الواضحة في كلِّ ما تقع عليه العين.



[1] انظر: الدر المنثور: (2/153).









المصدر...


الساعة الآن 08:05 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM