طالب العلم والتمذهب
 

رأيت السبب الرئيس عند غالب من يذمون التمذهب والمتمذهبين: هو مطالعتهم لكتابات وتحريرات وتحقيقات شيخ الإسلام وقدوة الإنام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام.
وكذا خريجه المهدي محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي.

وفات هذا المطالع اللوذعي أنهما إلى الأصحاب من الحنابلة يُنسبان، ولمذهب أحمد يَنتسبان.
نعم خالفا المذهب في مسائل فكان ماذا؟
وهذا هو الإمام المزني - وهو من هو في المذهب الشافعي - خالف شيخه إمام الدنيا المطلبي في مسائل.

المهم هو أن هذا الطالب الزكي والمطالع الذكي لما رأى تحررهما من الالتزام بالمذهب، ونصرتهما للدليل وردهما على المخالف ... انبهر بهما وأخذ على نفسه ألا يتبع المذهب أيضا، بل يدور مع الدليل حيث دار، ويتبع الأثر ومشكاة الأنوار.

ولم يدر الفدم أنهما لم يفعلا ذلك إلا بعد أن مضى جل عمرهما في الطلب وتحصيل علوم الآلة والمقاصد وحفظ آلاف الأحاديث الصحيحة النبوية مع إتقان العربية التي هي أصل العلوم.
وأضف إلى ذلك الزهد التام والبعد عن الحرام، بل وترك كثير من فضول المباح.
فانقضت حياتهما وقفا على العلم وتحصيله.

فكيف لطالب لم يمض على طلبه للعلم سوى سنوات معدودات أن يدعي التحرر من المذهب،
بل ربما نادى على نفسه بالاجتهاد المطلق. وقد رأيتهم والله!

تنبيه:
ليس هناك مسلم عاقل يريد بقوله أو فعله مخالفة ظاهر القرآن ولا صحيح السنة،
لكن لم تعلم أدلة القوم فرميتهم بمخالفة الكتاب والسنة، ومن جهل شيئاً عاداه.

والمطلوب هو أن يسلك الطالب جادة العلم بدراسة المتون والتدرج فيها.
فإن فهم الفروع وأتقن الأصول، مع معرفة وتمييز لصحيح الحديث من غيره، وإلمام باللغة وعلومها،
فعندها إن ظهرت لك مسألة في المذهب ورأيت فيها مخالفة صريحة للسنة، فقد قال الإئمة الأربعة وغيرهم: إذا صح الحديث فهو مذهبي.
فتأخذ بالحديث، مع حفظ قدر الأئمة وفضلهم،
ودونك رسالة: " رفع الملام " لشيخ الاسلام.

وختاما: قال الحافظ محمد المرتضى الحسينى في ألفيته:
فما حوى الغايات في ألف سنة *** شخص، فخذ من كل فن أحسنه
بحــفظ مـــتــــن جـامع للـراجح *** تــحـلـه عـلـى مـــفــيــد نــاصــح
ثــــم مــع الفرصة فابحــث عنه *** حــقــق ودقــق واستــــمـد منه
لــكــن ذاك باختلاف الـــفـــهــم *** مــخــــتــلـــف، وباختلاف العلم
فالـمـبـتـدي والــفـــدم لا يطيق *** بــحـــث بـــعلــم وجــهه دقيق

المصدر...