تحقيق حول كتاب مسألة في الكنائس لابن تيمية، للشيخ الدكتور محمد حاج عيسى الجزائري.
 

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا تحقيق علمي عن نص الشروط العمرية المرفق بآخر رسالة مسألة في الكنائس لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لشيخنا الدكتور محمد حاج عيسى الجزائري أبي عبد الله حفظه الله، نسأل الله أن ينفع به..

قال حفظه الله:

تحقيق علمي رقم 3: ورد إلينا سؤال عن عبارة في مسألة الكنائس لابن تيمية المطبوعة بتحقيق علي الشبل، وهي قوله "أعز الله أنصارها بمحمد وآله"، إذ هي صريحة في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وآله.
وبعد تأمل تبين لي أن هذه العبارة واردة في ورقة ملحقة بفتوى ابن تيمية وليست منها تضمنت الشروط العمرية، وطبعة رشيد رضا فصل فيها بين الفتوى التي تنتهي بقوله "والله اعلم" وبين تلك الفقرة بعنوان بارز، ولم ترد أصلا في طبعة مجموع الفتاوى، وخاتمة الفتوى فيها:"والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم".
وعندما تقرأ فتوى ابن تيمية تجدها منسجمة مع نص الاستفتاء مترابطة الأفكار ومتناسقة المعاني ، ولم يكن بحاجة إلى إيراد ملحق بتفاصيل الشروط العمرية؛ لأن موضوع الاستفتاء متعلق بالكنائس، ولو احتاج إليها لأوردها في صلب الفتوى.
وإذا عدنا إلى هذه الفقرة التي تتضمن العبارة المشكلة ودققنا في عباراتها نجد أشياء تؤكد نفيها عن ابن تيمية:
1-إن الكاتب توهم أن هذه الشروط جاءت في الأحاديث النبوية، وهذا وهم لا يصدر عن عالم.
2-وقرر ذلك بقوله:" وهذه الشروط التي وردت فيها الأحاديث النبوية شرفها الله وأعزها". وهذه جملة غير تامة.
3-وذكر حديثا لا أصل له منسوبا للنبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الجزم:"اليهود والنصارى خونة لا أعان الله من ألبسهم ثوب عز". وهو حديث لم يظهر إلا في القرن التاسع (وسنفرده بمقالة).
4-واستعمل أسلوبا ركيكا لا يليق بابن تيمية وتكفي للدلالة على ذلك عبارة:"أعظمَ جهادا لدينه ولأعدائه"، فالجهاد للدين خطأ، وازداد الخطأ قبحا بالعطف على الأعداء.
5-ثم جاءت عبارة التوسل الذي لا يجيزه ابن تيمية وألف في إبطاله.
6-وفي الأخير أدخل لفظ السيادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك من عادة ابن تيمية أيضا.
فهذه الشروط ألحقت بالفتوى لمناسبتها لها فحسبت منها، ولا يعترض بثبوتها في المخطوطات، لأن النسخ المعتمدة متأخرة عن عصر ابن تيمية بقرنين على الأقل، ولا يستبعد أن يكون بعضها فرع عن بعض، (تأخر النسخ يحتاج إلى مقالة) (باختصار)

المصدر...