شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   العلوم و التكنولوجيا --- كل جديد ---- في كل المجالات (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=313)
-   -   الطب الأكدي (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=246010)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 03-01-2016 11:21 AM

الطب الأكدي
 



الطب الأكدي










د. عبد العزيز اللبدي














-الأكديون شعب عاش متزامناً مع السومريون في جنوب ما بين النهرين، وكان هناك نبادل ثقافي وحضاري بين الشعبين، مما يوحي بأن مستوى الطب كان متماثلاً عند الشعبين. وقد برز الأكديون بعد استيلاء سرجون على العرش وإنشائه أول لإمبراطورية في العالم القديم مهما كانت حدودها.
- لم يختلف تصنيف الأطباء والآلهة عند الأكديين عن السومريين ولكنه كان متشابهاً، مع اختلاف أهمية أحد الأنواع حسب الظروف الإقتصادية والروحية، فمثلاً ازدادت دور البارو في البداية ثم أثبت الأسو نفسه في التشخيص والعلاج،نتيجة ازدياد الخبرة وتحسين الأداء.
- ازداد الاهتمام بالأعراض المرضية التي تظهر على الجسم والتفصيل فيها.ووصفوا جميع الأعضاء الخارجية وعرفوا أمراضها، زلم يهتموا بالأعضاء الداخلية لعدم قيامهم بتشريح الجثث.
- سبب المرض هو غضب الآلهة وهو عقاب الآلهة على أخطاء الإنسان بحقها أو حق المجتمع، والشفاء يأتي من عند الآلهة، ولهذا السبب كان للكهنة دور كبير في إرضاء الآلهة والشفاء.
- أصبح هناك تخصص بين الآلهة في أنواع الأمراض.فالمسؤول الأول هم الآلهة العليا، ثم الآلهة الفرعية هي التي تعطي الأوامر للشيطين، أو آلهة العالم الاسفلي لإحداث الأمراض.
-مكانة الطبيب( الأسو) بدأت تحتل الصدارة بين ممارسي المهنة الطبية.وكان الآسو يستعمل في أدويته: الأعشاب والمعادن والحيوانات.
- اهتم الأكديون بتشخيص الحمل والولادة ومعرفة الجنين.

ان المتتبع لتاريخ ما بين النهرين يلاحظ :
1-التداخل الحاصل بين المدن القديمة السومرية والأكدية على وجه الخصوص وتقارب تاريخ ظهورها، مما يؤدي إلى تداخل حضاري واضح.
2-إن وجود كلمات سامية كثيرة في الطب السومري دليل على هذا التداخل للحضارتين.
3-إن استمرار الكتابة واللغة السمرية لمدة طويلة عند الأكديين والبابليين يؤكد أنه لم يوجد أية نظرة عدائية أو غيرية للثقافة السومرية، خاصة مع تداخل الآلهة والأساطير اللاهوتية لدى هذه الشعوب.
بل إن ول ديورانت يقول في كتابه قصة الحضارة " إن العلاقة التي بين اللغتين البابلية والأشورية وبين اللغة السومرية لتشبه العلاقة بين اللغتين الفرنسية والإيطالية من جهة وبين اللغة اللاتينية من جهة أخرى"(1)


تقع أكد في وادي الرافدين إلى الشمال من بابل وإلى الجنوب من بغداد، وقد كانت في صراع مستمر مع بقية الدول المدن المحيطة ومن ضمنها سومر إلى الجنوب.فقد كانت حضارتيهما متزامنة ، وكانوا على نفس المستوى الثقافي والمعرفي. يقول ل.ديلابورت " فإذا أردنا الذهاب أبعد من ذلك، فإن الوثائق المعاصرة تعوزنا تقريباً بحيث نضطر اضطراراً إلى أن نلجأ إلى روايات الخلف المتداولة، أما السومريون والأكديون ( ربما وفد الأولون من الجبال الواقعة إلى شرق دجلة والآخرون من سوريا) نسوا فيما بعد المناطق التي وفدوا منها في الأصل واعتقدوا أنهم أصل هذه البلاد ونشأؤا في وادي الفرات أصلاً".(2 وهذا يدل أن أصل الشعبين موغل في القدم، وإن عرف السومريون الكتابة قبل غيرهم، ولكننا نستطيع ملاحظة تشابه الآلهة والديانة، وقصص الخليقة والإله والإنسان عند الشعبين.
لقد برز الأكديون في التاريخ بعد أن استطاع سرجون الأكدي التغلب على ملك سومر وعلى المدن الممالك التي كانت سائدة في الجوار، واستطاع أن يقيم أوسع امبراطورية عرفها التاريخ القديم،امتدت من الهند إلى الجزر البريطانية واستمر حكم العائلة 179 سنة منذ 2725ق.م. وقد انتشرت الحضارة الأكدية عبر هذا التوسع إلى العالم القديم. ويذكر وادل دخول العصر البرونزي إلى بريطانيا من قبل العموريين قبل عهد سرجون أي نحو 2800ق.م. (3)
يقول وادل" ولقد بينت أن علامة الكأس Cup mark المحفورة على مسلات ما قبل التاريخ القريبة من القصدير ومناجمه في الجزر البريطانية هي بخط سومري مقدس جنائزي قديم يعود إلى الفترة السرجونية. الأكثر من ذلك أوردت دليلاً يظهر أن أرض القصدبر التي يشير إليها سرجون هي Cornwell وبذلك كانت جزأً معترفاً به من إمبراطورية سرجون قبل امتلاك منس العرش على الإمبراطورية، ومن أراضيها الغربية ما تزال أرض أيرين الغربية بادية للعيان"(4)
" بذلك يتضح أن أرض يوراني في- نهاية أرض الغروب- في الغرب الأقصى التي يتغلغل إليها بسفنه، وحيث لاقى هناك حتفه المأساوي بلسعة دبور، كانت ايرين Erin أرض أقصى الغرب في أوروبا وأن هذا القبر بقي على قمة ،-Knock many – أي تل ماني في مقاطعة Tyrone حيث الإسم ماني يبدو أنه يحفظ أسم الآري العظيم الإمبراطور العالمي والأدميرال الشهير مينا، أو مانج حتى يومنا هذا، وأن ما يدعى قبر منس في أبيدوس تبين أنه ليس قبره بل نصباً تذكارياً.(5)


الشكل(1) الإمبراطور سرجون الأكدي
كانت الأحوال الصحية في أكد تعيش في نفس المستوى الصحي الموجود في جنوب العراق، حيث يفرض الدين النظافة ويعتبرها أساس الصحة. وبدأت المجاري في الإنتشار كما في سومر."على أن تلك الشعوب قد أدركت منذ القرون الثلاثين ق.م. وربما قبل ذلك بكثير أهمية الصحة لحياة الإنسان وصارت تبدأ أحاديثها ومكاتباتها بالدعاء إلى الآلهة لتمنحهم العافية وتقيهم من شرور الأمراض قبل أن يلجوا إلى بحث الموضوع الذي هم بصدده"
كان سبب الأمراض دائماً ميتافيزيقياً، نتيجة غضب الآلهة،أو من صنع الأرواح الشريرة، والتي تتلقى الأوامر بإحداث الأمراض،" والذنوب التي تسبب الأمراض كثيرة ومتنوعة منها القتل والسرقة والبصاق في ماء النهر الذي يرتوي منه الناس، وتناول الطعام من ماعون وسخ، والكذب وعدم احترام دور العبادة وسدنتنها"(6 )وعرف الأكديون أهمية النباتات في علاج الأمراض المختلفة، كما عرفوا علاج الكسور والجراحات الحربية التي ساعدتهم على إضافة معلومات تشريحية جديدة.

آلهة الطب:
كان هناك ثلاثة أنواع من الآلهة أ- آلهة علوية وهي ليست السبب المباشر للأمراض، ولكنها قد تصيب بيدها لإحداث المرض.
ب- آلهة ثانوية، وهي قد تتدخل مباشرة، ولكنها تحيل إحداث المرض إلى الآلهة السفلية، وقد تصيب بيدها أيضاً.
ج- شياطين، أو آلهة سفلية وهم المسببين الحقيقيين للأمراض بناء على أوامر من الآلهة العليا.
وقد أحصينا الآلهة الطبية الواردة في كتاب بخور الالهة (7)فكان عددها 54 إلهاً، منها تسعة من آلهة العالم الأعلى الأكدية، وسبعة من آلهة العالم السفلي الكبيرة، وستة وعشرون من الآلهة الثانوية الشيطانية من العالم السفلي واثنا عشر من شياطين العالم السفلي. وكان هناك تخصص واضح ؛ فعشتار مسئولة عن الصحة والحمى والصداع والأسنان والذراع والعين والمراق والبطن والأمراض الجنسية وأمراض الأطفال، والزهرة مسئولة عن السرة والقضيب . وكان أمر المرض يصدر من الآلهة العليا إلى آلهة العالم السفلي الكبيرة التي تأمر الآلهة الشيطانية والشياطين بإحداث المرض.والشيطان لامستو مسؤولة عن الجنون وحمى الأطفال والبطن والشحوب.(أنظر الشكل 2 )
الشكل(2) الشيطان"لاماشتو" المسئولة عن الجنون وحمى الأطفال والبطن والشحوب. Alte Chirurgie, Detlef Rüster, Verlag Volk und Gesundheit Berlin 1985, P. 32


الأطباء:
لقد كان الأطباء يشبهون ما عند السومريين الأسو والأشيبو والبارو ،ولكن الباروالذي كان يقوم بالتشخيص والعرافة، كان مهماً لأن ملاحظاته لم تكن تقتصر على المريض، أو المرض بل يقوم أيضاً بدور العراف وإعطاء الإنذار حول الحكم النهائي لنتيجة المرض.وكان يعتمد في ذلك على مشاهداته في المحيط والبيئة ثم مشاهدة النجوم وأحشاء الحيوانات،والقرابين والطيور والظذواهر الطبيعية كالرعد والبرق والمطر وغيرها.
ولكن أهمية الأسو، أو الطبيب بدأت تزداد أيضاً نظراً لتراكم الخبرات العملية حول الأمراض وأسبابها المادية، كذلك لنجاحه في معالجة الكثير من الأمراض بالوسائل الطبيعية ، أي بالأعشاب والوصفات الطبية الموصوفة منه."وإن مكانة الطبيب بدأت تحتل الصدارة، وعرف أيضاً أن السبب في ذلك هو اعتماد الطبيب على الأمور المادية في ممارسته للمهنة، فهو يبني الإنذار على ما يراه في المريض ولا شيء غير ذلك، ولقد أثبت هذا الأسلوب أنه أكثر نجاحاً من دور الكاشف الذي يعتمد على أمور أثبتت التجارب أنها ليست ذا علاقة بالواقع أو بصحة المرض"(8)


وكان العراف يعتمد على ملاحظاته المرئية والمسموعة، ويبدأ بممارسة مهمته فور استدعائه لعلاج المريض فكلما يشاهده أو يسمعه يكون له أثر في العلاج والإنذار، سواء على الطريق أو في بيت المريض أو المريض نفسه، مثلاً" إذا شاهد في الطريق كلباً أسوداً أو خنزير أسود فإن المريض سيموت"،إذا طار من خلف دار المريض صباحاً نسر فإن هذا المريض سيموت"، " إذا شبت نار عن يمين رجل فإنه سيحقق رغبته، وفيما يتعلق بالمرض فإنه سيموت"، أو "إذا سمع صرير في الباب الذي يرقد المريض خلفه فإن المريض سيموت"(9) وما زال هذا النوع من التطير معروفاً حتى وقتنا هذا في البلاد العربية.


وقد ساهم جميع أنواع الأطباء في رفع الروح المعنوية للمريض، وخاصة العراف الذي كان يعتمد أيضاً على السحر والشعوذة، كما حصلت أيضاً اختراقات عند التخصصات المختلفة، فنجد وصفات طبية عند العراف، أو نجد تمائم عند الطبيب، حيث يجيز كل لنفسه استعمال ما يشاء لمصلحة المريض. يقول ول ديورانات"وليس بعيداً ألا يكون العلاج بالسحر إلا استخداماً ينطوي على كثير من الدقة، ولعل هذه المركبات الكريهة كان يقصد بها أن تكون مقيئات،ولعل البابليين حين كانوا يقولون أن المرض ينشأ عن غزو الشياطين جسم المريض عقاباً على ما يرتكبه من ذنوب لا يقصدون بقولهم هذا ابعد من القول من قولنا نحن أن المرض ينشأ عن غزو البكتيريا لجسم المريض بسبب إهماله الإجرامي، أو عدم نظافته، أو نهمه، وقصارى القول أن من واجبنا ألا نكون واثقين كل الثقة من جهل أسلافنا"(10)


واهتم الأكديون أيضاً بتشخيص الحمل وإنذاره، كذلك بمعرفة جنس الجنين، وكان المجتمع قد اجتاز الانقلاب الذكوري. وقد وجدت الكثير من التشخيصات والإنذارات وما زال الكثير منها متداولاً في أيامنا، مثلاً:
"إذا وجدت في جبين أم المستقبل بقعة لامعة بيضاء، فإن الجني الذي تحمله سيكون بنتاً، وستكون غنية"
"إذا كان أنف أم المستقبل متورماً بارزاً، فإن الجنين الذي تحمله ولد".
" إذا كانت حلمتا ثدي أم المستقبل منكمشتين فإنها لن تتم أجل حملها، فإذا زال هذا عنها، فإنها ستتم حملها، وإذا كان هذا قاتم السواد فإنها حامل بولد، وإذا كان أحمر اللون فإنها حامل ببنت، وإذا كان أبيض اللون فإن حملها طبيعي" (11) وهناك نصوص تتحدث عن صحة الوليدبعد ولادته وبعد أن يصبج طفلاً.


ونحن نجد في الوثائق الأكدية اهتماماً خاصاً بتسمية جميع الأعضاء الظاهرة وملاحظتها عند تشخيص الأمراض فقد ذكر( الرأس، الصدغ،العين، الأنف، اللسان، الأذن،الوجه، الرقبة، البلعوم، الحنجرة، الصدر، الثدي، الخاصرة،الظهر، البطن، الأحشاء، الفخذين، الإليتين، الإست، القضيب، البول، الخصية، الإربية، الأقدام)ويظهر اهتمام قليل بالتشريح الداخلي للجسم.(12)
ونجد عند الأكديون قائمة طويلة من الأعشاب الطبية؟







المصادر :





المراجع:
(1) ديورانت، قصة الحضارة ج 2 مجلد1شرق الأدنى . ترجمة محمد بدران- الإدارة الثقافية- جامعة الدول العربية 1971 ص:43)
(2) ول.ديلابورت، بلاد ما بين النهرين .ترجمة محمد كمال، الهيئة المصرية العامة للكتاب الألف كتاب الثاني 283 ، 1997 ،ص. 25.
(3) أ. وادل: الأصول السومرية للحضارة المصرية،ترجمة زهير رمضان، الأهلية للنشر والتوزيع –عمان 1999ص.41
(4)أ.وادل: المصدر السابق ص.108-109
(5) أ. وادل المصدر السابق. ص. 111
(6) كمال السامرائي،مختصر تاريخ الطب العربي، الجزء الأول –ص.52،54دائرة الشؤون الثقافية والنشر، بغداد 1984 ، منشورات وزارة الثقافة والإعلام ، سلسلة دراسات.
(7) خزعل الماجدي : بخور الآلهة ، الأهلية للنشر والتوزع –عمان 1998 ص.159-162
(8) عبد اللطيف البدري، التشخيص والإنذار في الطب الأكدي، منشورات المجمع العلمي العراقي1976 ص.4.كذلك بخور الآلهة لخزعل الماجدي ص 152.
(9) خزعل الماجدي: بخور الآلهة، المصدر السابق ص.153و154
(10 )ول ديورانت قصة الحضارة ج 2 مجلد1شرق الأدنى . ترجمة محمد بدران- الإدارة الثقافية- جامعة الدول العربية 1971 ص:254)
(11) عبد اللطيف البدري: التشخيص والإنذار في الطب الأكدي. المصدر السابق، ص 138-139 .
(12) خزعل الماجدي : بخور الآلهة ، الأهلية للنشر والتوزع –عمان 1998 ص.154.








المصدر...


الساعة الآن 05:07 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM