شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   منتدى الحديث (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=448)
-   -   الحلقة الثانية من مبحث القول الراجح في معنى قوله تعالى ( و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=245412)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 02-29-2016 06:49 AM

الحلقة الثانية من مبحث القول الراجح في معنى قوله تعالى ( و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )
 
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيرا

فقد ذكرنا في المجلس السابق أنه حتى يمكن معرفة أقرب الأقوال إلى الحق والصواب ، لابد من خطوات ثلاثة نسير عليها :
(( الخطوة الأولى)) وتتضمن أمرين :
« الأمر الأول » معرفة الصحيح من أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين في تفسير هذه الآية .
« الأمر الثاني » معرفة صحة نسبة هذا القول إلى الجمهور .
(( الخطوة الثانية )) معرفة المعنى الظاهر والمتبادر من هذه الآية (( و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ))
(( الخطوة الثالثة )) الترجيح بناءً على ما سبق .
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=362795


وحيث إننا قد انتهينا بعون الله وتوفيقه من بيان الأمر الأول من الخطوة الأولى وهو : ((معرفة الصحيح من أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم في تفسير هذه الآية .))
إلا أنني أحببت أن أضيف إلى هؤلاء المفسرين نخبة أخرى طيبة ممن شارك في تفسير هذه الآية
وقد يسر الله لي أن وجدت من هؤلاء :

29- عبيدة بن عمرو السلماني
حيث جاء في تفسير القرآن من الجامع لابن وهب (2/ 40) قال بن وهب :أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حازم قال: سمعت محمد بن سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عبَيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ منها}، قَالَ: وَأَخَذَ عبَيْدَةُ ثَوْبَهُ فَتَقَنَّعَ بِهِ وَأَخْرَجَ إِحْدَى عَيْنَيْهِ.))
وإسناده صحيح
وأخرجه أيضاً يحيى بن معين في جزئه بسند صحيح عن محمد بن سيرين عن عبيدة ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)) قال: الثياب.


30- سعيد بن جبير
عند بن أبي حاتم في تفسيره عند هذه الآية قال : ((حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يَعْنِي: «الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، فَزِينَةُ الْوَجْهِ الْكُحْلُ، وَزِينَةُ الْكَفَّيْنِ الْخِضَابُ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَرَى مِنْهَا غَرِيبٌ غَيْرَ ذَلِكَ»
وهذا إسناد ضعيف
1- فيه بن لهيعة والجمهور على تضعيفه
2- وهو ممن يدلس وقد عنعن في هذا الإسناد
وقد قال بن حبان في المجروحين (2/ 11): ((كان شيخاً صالحاً ، ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه.)) وَقَال أيضاً: ((قد سبرت أخبار بن لَهِيعَة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجوداً وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيراً، فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى، عن أقوام رآهم ابن لَهِيعَة ثقات فالتزقت تلك الموضوعات به)) أهـ
3- وعطاء هنا فيما يبدو هو عطاء بن دينار الهذلي
فإن كان عطاء بن دينار فقد ((قال أحمد بن صالح: (عطاء بن دينار من ثقات أهل مصر وتفسيره فيما يروي عن سَعِيد بن جبير صحيفة، وليست له دلالة على أنه سمع من سَعِيد بن جبير.
وَقَال أبو حاتم : (صالح الحديث إلا أن التفسير أخذه من الديوان، فإن عَبْد الملك بْن مروان كتب يسأل سَعِيد بن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن، فكتب سَعِيد بن جبير بهذا التفسير إليه فوجده عطاء بن دينار في الديوان، فأخذه فأرسله عن سَعِيد بن جبير.)) انظر تهذيب الكمال (20/68)
وإن صح هذا الأثر فهنا أنبه على أنه قد يتوهم متوهم أن سعيد بن جبير قصد بالزينة في هذه الآية ((الوجه والكفين )) وهذا بعيد جداً ، بل قصد سعيد بن جبير أن الزينة هي الكحل والخضاب اللذان يوضعان على الوجه ولهذا فسر مقصوده بقوله : ((، فَزِينَةُ الْوَجْهِ الْكُحْلُ، وَزِينَةُ الْكَفَّيْنِ الْخِضَابُ )) وسيأتي مزيد توضيح لمعنى الزينة في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى

31- أبو إسحاق السبيعي
وذلك كما مر معنا في روايته لأثر بن مسعود عندما فسرها بن مسعود رضي الله عنه بقوله (( الثياب )) حيث زاد معمر : ((قال أبو إسحاق: ألا ترى أنه قال:( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) .

مع العلم أن هذه الأقوال التي جمعتها لأهل العلم ممن فسر هذه الآية هي بقدر الطاقة والاجتهاد ما أمكنني ولا أدعي الكمال في عملي لكن هذا هو الذي يسره الله لي
ويمكن أن تكون شريحة كبيرة يتوصل من خلالها إلى معرفة ما هو أقرب الأقوال للصواب وأشهرها عند السلف .
وحتى يتضح المراد ننتقل إلى :
((الأمر الثاني من الخطوة الأولى )) وهو معرفة صحة نسبة هذا القول إلى الجمهور
هل الجمهور مع القائلين بأن الزينة المستثناة من الظهور هي الوجه – وأخص الوجه - ؟
أو أن الجمهور مع القائلين بأن الزينة المستثناة من الظهور هي ما عدا الوجه ؟
دعونا ننظر ونقارن بناءً على ما سبق

فقد ذكرنا في المجلس السابق أن عدد الذين أمكن العثور على أقوالهم في تفسير هذا المقطع من الآية من الصحابة والتابعين وتابعيهم هو 30 مفسراً
وهم :
1- عبدالله بن عباس رضي الله عنهما
2- عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
3- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
4- عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها
5- أنس بن مالك رضي الله عنه
6- أبي هريرة رضي الله عنه
7- المسور بن مخرمة رضي الله عنه
8- الحسن البصري رحمه الله تعالى
9- محمد بن سيرين رحمه الله تعالى
10- عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى
11- سعيد بن جبير رحمه الله تعالى
12- عكرمة مولى بن عباس رحمه الله تعالى
13- مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى
14- عامر الشعبي رحمه الله تعالى
15- قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله تعالى
16- الضحاك بن مزاحم رحمه الله تعالى
17- إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى
18- محمد بن شهاب الزهري رحمه الله تعالى
19- مكحول الدمشقي رحمه الله تعالى
20- عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي رحمه الله تعالى
21- جابر زيد رحمه الله تعالى
22- أبو الأحوص رحمه الله تعالى
23- أبو صالح ماهان رحمه الله تعالى
24- عبدالرحمن بن زيد بن أسلم رحمه الله تعالى
25- أبو الجوزاء رحمه الله تعالى
26- عبدالوارث مولى أنس بن مالك رحمه الله تعالى
27- أبو صالح مولى أم هانيء رحمه الله تعالى
28- زياد بن أبي مريم رحمه الله تعالى
29- عبيدة السلماني
30- أبو إسحاق السبيعي

وحتى لا يتشعب الموضوع كثيراً ، ويؤدي إلى تكرار ممل ، لا بد من حصر الأقوال ثم فرزها وتوزيعها إلى مجموعات يسهل على القاريء معرفة الصواب إن شاء الله تعالى
فنقول وما توفيقنا إلا بالله :

(( أولاً )) القائلين بأن الزينة المستثناة في الآية هي الوجه – ولا زلت أخص الوجه –
1- عبدالله بن عباس رضي الله عنه على التفصيل الذي ذكرناه
2- عبدالله بن عمر رضي الله عنه
3- الحسن البصري رحمه الله تعالى
4- الضحاك بن مزاحم رحمه الله تعالى
5- مكحول الدمشقي رحمه الله تعالى
6- الأوزاعي رحمه الله تعالى
هؤلاء هم الذين صح عنهم هذا القول ، وبقي اثنان وهما :
7- سعيد بن جبير رحمه الله تعالى ولم يصح عنه هذا القول .
8- عائشة رضي الله عنها ولم يصح عنها هذا القول
9- زياد بن أبي مريم رحمه الله تعالى أشار إليه بن أبي حاتم في تفسيره بدون إسناد

إذن مجموع القائلين بهذا القول تسعة مفسرين .
فإن استثنينا قول عائشة رضي الله عنها لعدم صحة الإسناد إليها
وقول سعيد بن جبير لعدم صحة الإسناد إليه .
وكذا زياد بن أبي مريم لعدم معرفتنا بصحة ما نسب إليه .
بالإضافة إلى بن عباس رضي الله عنهما لوجود نقاش حول الاستدلال بقوله
لصفى لنا خمسة مفسرين .
وعليه فعدد القائلين بأن المستثنى من الزينة في هذه الآية هو (( الوجه )) خمسة مفسرين من مجموع ثلاثين مفسراً


ننتقل الآن إلى : (( ثانياً )) القائلين بأن الزينة المستثناة في الآية هي ما عدا الوجه
1- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقوله ((بالثياب)) و((الجلباب)) و(( الرداء ))
وإسناده صحيح
2- أنس بن مالك رضي الله عنه بقوله ((الكحل والخاتم)) بدون إسناد

3- أبو هريرة رضي الله عنه وفسرها بـ :(( القلب والفتحة)) والإسناد إليه منقطع

4- المسور بن مخرمة رضي الله عنه وفسرها بــ((القلبين، والخاتم، والكحل )) وإسناده ضعيف

5- عائشة رضي الله عنها وفسرتها بــــ(( القلب والفتخة )) وهو الصحيح والمشهور عنها

6- عكرمة مولى بن عباس رحمه الله تعالى وفسره بــ((الْكُحْلُ وَالْخَاتَمُ وَالثِّيَابُ)) وهو الصحيح عنه ، وأما تفسيرها بــ((الْوَجْهُ وَثُغْرَةُ النَّحْرِ)) فلا يصح

7- عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى وفسرها بــ((الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ : الْخِضَابُ وَالْكُحْلُ.)) وهو الصحيح عنه . وأما تفسيرها بـ((الكفبن والوجه )) فلا يصح عنه .

8- مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى وفسرها بــ((الخضاب و الكحل والخاتم والثياب ))
وإسناده صحيح الصحيح عنه

9- محمد بن سيرين رحمه الله تعالى وفسرها بــ (( الثياب )) بدون إسناد

10- إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى وفسرها بــ((الثِّيَاب)) وإسناده صحيح

11- عامر الشعبي رحمه الله تعالى وفسرها بــ((الْكُحْلُ والخضاب وَالثِّيَابُ)) وإسناده صحيح

12- قتادة بن دعامة السدوسي بقوله : ((الكحل، والسواران، والخاتم. ))
وإسناده صحيح

13- محمد بن شهاب الزهري بقوله : (( يُرَى الشَّيْءُ مِنْ دُونِ الْخِمَارِ , فَأَمَّا أَنْ تَسْلُخَهَ فَلاَ.)) وإسناده صحيح

14- جابر بن زيد بقوله : ((هِيَ كُحْلٌ فِي عَيْنٍ ، أَوْ خَاتَمٌ فِي خِنْصَرٍ)) بدون إسناد

15- أبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي بقوله : ((الثِّيَابُ)) وإسناده صحيح

16- أبو صالح ماهان بقوله : ((الثِّيَابُ )) وإسناده حسن

17- عبدالرحمن بن زيد بقوله : ((من الزينة: الكحل، والخضاب، والخاتم، هكذا كانوا يقولون ، وهذا يراه الناس)) وإسناده صحيح

18- أبو الجوزاء بقوله : (( الثياب )) بدون إسناد

19- عبدالوارث مولى أنس بن مالك بقوله : ((الْكَفُّ وَالْخَاتَمُ.)) وإسناده ضعيف

20- أبو صالح مولى أم هانيء بقوله :((الْكُحْلُ وَالْخَاتَمُ وَالثِّيَاب)) وإسناده حسن

21- عبيدة السلماني
حيث طبقها عملياً إذ ((أَخَذَ عُبَيْدَةُ ثَوْبَهُ فَتَقَنَّعَ بِهِ وَأَخْرَجَ إِحْدَى عَيْنَيْهِ.)) وإسناده صحيح وفي رواية أخرى قال هي : (( الثياب ))

22- سعيد بن جبير حيث قال «الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، فَزِينَةُ الْوَجْهِ الْكُحْلُ، وَزِينَةُ الْكَفَّيْنِ الْخِضَابُ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَرَى مِنْهَا غَرِيبٌ غَيْرَ ذَلِكَ» وإسناده ضعيف

23- أبو إسحاق السبيعي حيث أيد تفسير بن مسعود بأنها الثياب ، مستدلاً بأن هذا هو الاستعمال القرآني للزينة . وإسناده صحيح

إذن مجموع من قال بأن الزينة المستثناة في هذه الآية ثلاثة وعشرون مفسراً ، بأسانيد متفاوتة ما بين صحيحة أو حسنة أو ضعيفة أو بدون إسناد .

وعلى ذلك يمكن تقسيم هذه الأقوال من حيث القبول والرد إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : (( من صح عنه ذلك )) وهم :
1- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
2- عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما
3- عكرمة مولى بن عباس رحمه الله تعالى
4- عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى
5- إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى
6- عامر الشعبي رحمه الله تعالى
7- قتادة السدوسي رحمه الله تعالى
8- الزهري رحمه الله تعالى
9- أبو الأحوص رحمه الله تعالى
10- أبو صالح ماهان رحمه الله تعالى
11- عبدالرحمن بن زيد رحمه الله تعالى
12- أبو صالح مولى أم هانيء رحمه الله تعالى
13- عبيدة السلماني رحمه الله تعالى
14- أبو إسحاق السبيعي رحمه الله تعالى
إذن مجموع من صح عنهم أربعة عشر مفسراً ، أي أكثر من نصف المجموع الكلي

القسم الثاني (( ما كان الإسناد إليه ضعيفاً)) وهم :
1- أبو هريرة رضي الله عنه
2- المسور بن مخرمة رضي الله عنه
3- سعيد بن جبير رحمه الله تعالى
إذن مجموع القسم الثاني وهو الضعيف من حيث الإسناد = ثلاثة مفسرين .

القسم الثالث : (( ما روي عنه بدون إسناد )) وهم :
1- أنس بن مالك رضي الله عنه
2- محمد بن سيرين رحمه الله تعالى
3- أبو الجوزاء رحمه الله تعالى
4- عبدالوارث رحمه الله تعالى
و مجموع هذا القسم ممن لم يرد فيه إسناد = أربعة مفسرين ، وهذا القسم يتوقف فيه حتى يعلم إسناده ودرجة قبوله .

من خلال استعراض هذه الأقوال جميعها مقبولها ومردودها والبالغ عدد أصحابها ثلاثين مفسراً - مما أمكن الوقف عليه بحسب الطاقة - المتعلقة بتفسير هذه الآية.

نجد أن مجموع ما صح عنه ، و مما دار في حيز القبول = تسعة عشر مفسراً ،
وكان مجموع ما دار في حيز الرد قد بلغ أحدى عشر مفسراً .

فلو جئنا إلى الفرز الأخير ، بعد استبعاد ما حكم بضعفه ، لوجدنا أن :

القائلين بأن الزينة المستثناة هي الوجه هم خمسة مفسرين من مجموع تسعة عشر مفسراً

بينما مجموع القائلين بأن الزينة المستثناة هي ما عدا الوجه = أربعة عشر مفسراً

عندها يتبين لنا بجلاء أن جمهور المفسرين هم على القول بأن الزينة المستثناة في هذه الآية هي ما عدا الوجه – ولا زلت أخص الوجه لأن معترك القول فيه - مع تنوع عباراتهم الدالة دلالة واضحة على أن المراد هو غير الوجه كالثياب والخاتم والكحل والجلباب ...ونحو ذلك .

وحتى يزيد الأمر وضوحاً
أحب التنبيه إلى أمر في غاية الأهمية وهو أن قول بن أبي حاتم مثلا : ((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: «وَجْهَهَا وَكَفَّاهَا، وَالْخَاتَمَ» . وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالضَّحَّاكِ، وَعِكْرِمَةَ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَزِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ نَحْوُ ذَلِكَ)) وهكذا قول كثير من المفسرين
لا يعني بالضرورة أن ما ذكرهم من أهل العلم أنهم وافقوا بن عباس في هذه الثلاثة المعاني مجتمعة بل بعضهم وافقه في الوجه فقط وبعضهم وافقه في الكفين فقط وبعضهم وافقه في الوجه والكفين معاً وبعضهم وافقه في الخاتم فقط ))
ويوضح ذلك أن ابن عمر رضي الله عنه فسرها بالوجه والكفين فقط، ولم يرد تفسيره لها بالخاتم ، ومع ذلك أضافه ضمن القائلين بأن المراد =(( الوجه والكفان والخاتم ))

وهكذا عندما ذكر بن أبي حاتم تفسير بن مسعود رضي الله عنه فقال : ((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «الثِّيَابُ» ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَأَبِي صَالِحٍ مَاهَانَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ، وَأَبِي الْجَوْزَاءِ وَإِبْرَاهِيمَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ نَحْوُ ذَلِكَ))
فابن مسعود لم يفسر الزينة قط بأنها الوجه ، بينما فسرها الحسن البصري بالوجه والثياب معاً ، ومع ذلك اعتبره بن أبي حاتم موافقا لابن مسعود لكونه فسر الزينة بأنها الوجه والثياب فشاركه في بعضها، وهو الثياب .
ولعل هذا ما جعل بعض أهل العلم المتأخرين يقول بأن تفسير بن عباس هو قول الجمهور ، وليس الأمر كذلك .
بل الأمر كما رأيت فالغالبية ممن فسر هذه الآية إنما فسرها بغير تفسير بن عباس رضي الله عنهما .
بل الحقيقة أن قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم القرشي المدني في غاية الوضوح حيث قال عند تفسير هذه الآية :﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ من الزينة: الكحل، والخضاب، والخاتم، هكذا كانوا يقولون وهذا يراه الناس.))
فقوله : (( هكذا كانوا يقولون ، وهذا يراه الناس ))
توكيد لتفسيره ، إذ إن ما قاله ، هو عينه ما كان يقوله علماء بلده المدينة ، و لاسيما أن جده أسلم كان مولىً لعمر بن الخطاب وكان فقيهاً ، ووالده زيد بن أسلم كان أيضاً من أئمة العلم والحديث ، وكانت له حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
بل كان عبدالرحمن بن زيد نفسه متميزاً بعنايته بالقرآن مع اهتمامه البالغ بلغة العرب ، على سوء حفظه كما مر معنا
فقوله ( هكذا كانوا يقولون )) أي علماء بلده ويأتي في المقام الأول من علماء بلده أبوه وجده ثم أهل المدينة ،
وقوله : (( وهذا يراه الناس )) بيان أنه يحكي واقعاً عايشه في مجتمعه - لا يحتاج له مزيد ضبط- وهو أن المرأة تخرج أحياناً متقنعة أو متنقبة فيرى الناس الكحل في عينيها من خلال فتحتي النقاب ، وهكذا الخضاب والخاتم ، إذا احتاجت لخلع القفازين ، أو انحسر عنه ما كان يغطي كفيها ، كالعباءة ...ونحوها ، مثلاً .

وعليه فالذي يظهر أن الزينة المستثناة في هذه الآية هو ما عدا الوجه والكفان
وهو قول الجمهور وهو الصواب .

وإن مما يزيد الأمر وضوحاً ما سنتكلم عنه في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى حول :
(( الخطوة الثانية )) وهي معرفة المعنى الظاهر والمتبادر من هذه الآية (( و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ))
فانتظرونا ..
وفق الله الجميع لكل خير

المصدر...


الساعة الآن 02:58 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM