شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   العلوم و التكنولوجيا --- كل جديد ---- في كل المجالات (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=313)
-   -   تنويع زوايا النظر في أمور الحياة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=231455)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 02-08-2016 08:55 AM

تنويع زوايا النظر في أمور الحياة
 
تنويع زوايا النظر في أمور الحياة
د. مطيع عبدالسلام عز الدين السروري





إنَّ تنويع زوايا النظر لأي موضوع، والبحث عن زوايا جديدة للنظر في الأمور بشكل عام - له طرق مُتنوعة، وفوائد عديدة للإنسان لمواجهة المشاكل الحالية والمستقبلية لديه أو عند غيره، باختِصار: تنويع زوايا النظر يوسِّع مدارك الإنسان.

مقالنا هذا يقترح ويناقش أربع طرق يُمكن النظر إليها على أنها مِن طرُق تَنويع زوايا النظر، ونَختِم المقال بالنظر لفوائد تنويع زوايا النظر من خلال تجربتنا الشخصية.

وضْع الإنسان نفسه مكان الآخرين هو نوع من تنويع زوايا النظر:
كلما كان عند الإنسان قدرة على وضع نفسه مكان الآخرين، ازدادت قدرته على النظر مِن زوايا مختلفة، وبالتالي تزداد قدرته ليس فقط على حل مشاكله ومشاكل غيره؛ وإنما أيضًا على تقدير الآخرين وأوضاعهم، وتفهُّم وجهات نظرهم.

إن تقبُّل وجهات نظر الآخرين والتفكير فيها يُمكن أن يزيد من قدرة الشخص على فهم الحياة بشكْل واسع، وفي المحصلة النهائية لفت انتباه الآخرين لما يراه، أو التماس العذر لهم إن لم يَروا ما يراه؛ فقد يَرونه في يوم من الأيام، وربما قد يرى هو في يوم من الأيام في وجهة نظرهم ما يظن أنه يفهمه، وهو - في الحقيقة - غائب عنه، فكلُّ شيء وارد الحدوث، وتلك هي الفائدة العظيمة.

النقاش نوع آخر من تنويع زوايا النظر:
إن النقاش يفتَح مجالًا للنظر من زوايا مختلفة، وإن كانت هذه فقط فائدته، فأنعِمْ بها من فائدة، ليس المُهمُّ أن تُقنعني أو أُقنعك، المهمُّ أن أفهم وجهة نظرك، وما تُريد قوله، وأن تفهَم وجهةَ نَظري وما أريد قوله، فقد يذكر بعضُنا بعضًا يومًا ما، وتكون تلك هي الفائدة الحقيقيَّة من النقاش.

القراءة أيضًا لها دورها المؤثِّر بلا شك في تنويع زوايا النظر:
القراءة لها دور كبير في تنويع زوايا النظر للأمور؛ فالقراءة هي الاستماع لـ/ والتفكير في رؤى الآخرين وتجاربهم وطرُق تفكيرهم، والقراءة تفتح مدارك الإنسان بشكل لا يُمكن تبسيطه.

باختصار: القراءة هي تلقِّي واستيعاب خبرات الآخرين بشكل لا يُقدَّر بثمَن، قد يظن الإنسان أنه يَنسى ما يَقرأ، ولكني أؤكد له أن قراءاته لا تذهب سُدًى، فسوف تُسعفه في الوقت المناسب حتى بدون أن يُدرك ذلك، وبإمكان الإنسان التأكُّد مِن هذا بمُراقبة تصرُّفاته، وسيجد أن قراءاته تفتح له نوافذ للرؤية ما كانت لتكون لولا القراءة، الأمر فقط يَحتاج قليلًا مِن التمعُّن وتركيز الذهن في شؤون الحياة المختلفة.

تقليب النظر في المشاكل الشخصية هو نوع من تنويع زوايا النظر أيضًا:
كنتُ عندما لا أستطيع أن أجد حلًّا لمشكلة طويلة المدى تُواجِهني (عملية أو دراسية أو عائلية... إلخ)، ينتابني الضيق، وأحيانًا يكون شديدًا، ومع مرور الأيام، ومع استمرار إصراري على حلِّ المشكلة من خلال تقليبها والنظر فيها من عدة زوايا (وهذا طبعًا مصحوبٌ بالدعاء والتوكل على الله، وطلب العون منه سبحانه وتعالى)، يأتي بعضُ الحلِّ، وتنفرج المشكلة قليلًا، فأستمرُّ في تقليب الأمور والنظر للمشكلة على ضوء ما استجدَّ مِن حلٍّ، وعلى ضوء الطرق القديمة، إلا أن الضيق يَنتابني مرة أخرى، فأعمل على تأجيل النظر فيها لبعض الوقت مع الاستمرار في التأمل فيها بشكل غير مباشر، وطلب العون من الله أن يُلهمني الصواب فيما أعمل، وهنا يأتي بعض الحلِّ أيضًا، وتنفرج قليلًا أيضًا، ويستمرُّ العمل، ويستمرُّ قدوم الحل تدريجيًّا وبشكْل جزئي في كل مرة، حتى ألمح صورة الحل مرة واحدة، وهنا تنفرج المشكلة تمامًا بفضل الله سبحانه وتعالى، وعندما أُعيد النظر في ما مضى، أرى أن طريقتي في رؤية الحل كانت تبدأ بعيدةً، ثم تقترب وتَقترِب مع المحاولات المستمرة، حتى يتَّضح الحل.

فائدة تنويع زوايا النظر:
الذي خرجتُ به مِن مُراقبتي لنفسي ولغيري في مواقف مختلفة هو أنَّ النظر لحلِّ أيِّ مُشكلة أو قضية من زاوية واحدة يُطيل وجود المشكلة، وعند الاستِعداد لتقبُّل النظر من زاوية أخرى يَجعل المشكلة تَنفرِج ولو قليلًا في البداية، وكلَّما كانت القدرة على النظر من زاوية أخرى تزداد وتتجدَّد (لأنه ليس من السهل التخلي عن النظر من زاوية يرتاح لها الإنسان، وكذلك يَصعب إيجاد زاوية أخرى للنظر من خلالها بالسرعة المطلوبة)، أقول: كلَّما كانت زاوية النظر تزداد وتتجدَّد، كلَّما قَرُب واتَّضحَ الحلُّ في كل مرة، حتى يَقفز الحلُّ فجأة في ذهن الإنسان.

في بعض الأحيان كان الحلُّ متوفرًا في رؤية سابقة قد توصَّلت إليها، ولكني لم أكتشف فعالية النظر من تلك الزاوية إلا بعد وقت طويل، وبعدما تركتُ النظر مِن تلك الزاوية، وعند تقليب الأمور يَحتاج الإنسان أن يُعيد النظر في بعض مُقترحات الحلول السابقة، وبتوفُّر رؤى لاحقة يتَّضح أحيانًا فعالية بعض زوايا النظر السابقة، وتكون هي الحل، ولكن لماذا لم أَكتشِف أن ذلك هو الحل عندما نظرتُ له أول مرة؟ المشكلة كانت تكمن في عدم القدرة على ربط الأمور بعضها ببعضٍ في تلك المرحلة، ولكنْ عندما توفَّرت أجزاء أخرى أظهرت فعالية تلك الرؤية السابقة وعندما تمَّ تقليب الأمور مرة أخرى حدَث ربط.

إنَّ عبارات مِن مثل: "إنَّ المشكلة ليس لها حلٌّ"، "مُستحيل أن يكون هذا هو الحل"لا لا.. هذا كلام فارغ"، "هذه طريقة لا تنفَع معي" - عبارات مثل هذه تسدُّ الطريق أمام إمكانية حدوث حلٍّ لمشاكل الإنسان؛ لأنَّها تُغلق عليه تنويع زوايا النظر؛ ولذلك يُمكن استِبدالها بقول العبارات التالية بشكل جدِّي: "سوف أُمعن النظر في هذا"، "ربما يكون كلامك صحيحًا، سأُفكِّر فيه"، "ألا يُمكن أن يكون الأمر هو في طريقتي الحالية التي لا أفكر حتَّى في تغييرها؟"، "دعني أجرِّب مع بعض الحذر"، "سوف أتقبَّل أيَّ فكرة حتى وإن كانت تبدو مُستحيلةً أو غبيَّة أو غير منطقيَّة"، مثل هذه العبارات الأخيرة تعمل كمفاتيح لزوايا نظر جديدة.

إن تنوع زوايا النظر للأمور هو مفتاح حلٍّ لكثير من مشاكل الإنسان، وجعل حياته أسهل بإذن الله، وهذا التنويع يَحدث من خلال وضع النفس محل الآخرين، ومن خلال النقاش (وهو تفكير جماعي)، وكذلك من خلال القراءة، وأيضًا من خلال التفكير الشخصي، وغيرها مما لا يَحضرنا هنا، بلا شك.






المصدر...


الساعة الآن 07:08 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM